93.девяносто три.

71 21 25
                                    


7

.

آسفة ؟

نسيم بارد، شعر متطاير، ملابس خفيفة وشهقات متتالية.
تنفس ضئيل يخترق الصمت فيصنع ضجيجاً هي سيمفونية حزينة لأذناي.

كانت ڤيونا تجلس أمامي على حافة سطح الفندق على وشك الإنهيار بكاءًا، خفت إذا دعوتها تنتفض فتقع من هذا الارتفاع المهيب.

لذا خطوت مقترباً منها بهدوء قاصدًا ان يكون صوت خطواتي مسموعًا لها، وهذا ما حدث عندما أحنت رأسها لتزيل الدموع المنهمرة تاركة مجالاً لأخرى جديدة ان تزاحم وجنتيها.

«ڤيونا ؟»
دعوت هامسًا لتتنهد بعمق ثم أنفاس مرتعشة تغادر رئتيها، أردفت بنفس الخفوت الذي سبق: «أين كنتِ ؟»
أقف تماماً خلفها أحاول رفع يداي تحسبًا إذا فكرت في فقد توازنها عن عمد.

لا أحد ينظر لي هكذا.... لقد سبق وفكرت في الانتحار بل وأخذت خطوات جدية لتنفيذه... بحق الرب أول خطوات تقربنا كانت في مشفى لأنها حاولت الانتحار.

التفكير غي ذلك الآن بينما أقف هُنا يجعلني أشعر بالرهبة.

«هل علمتَ ما أصاب أمي ؟»
التفتت لي عيناها ذابلة، جسدها يرتجف بفعل الرياح الباردة التي تصفعنا الآن.

«هلا وقفتي أمامي ؟، وسنتحدث أقسم سنتحدث إلى حين يصيبكِ الملل مني.»
أرهقني شعور القلق عليها طوال اليوم... قلبي أصبح كالطبلة التي تُقرع بقوة فب انتظار شيء حماسي أن يحدث ولطول الفترة فلقد انثقبت الطبلة ولازال العزف مستمر.

التفتت بجسدها نحو ادداخل فأصبح وجهها يقابلني وتثني ركبتها وقدمها الأخرى تتدلى في الهواء وتقول بصوت اصابه الاختناق: «والدتي ستذهب»

«ڤيونا»
همست عاقدًا حاجباي، بحق الرب كيف يمكن التعامل في موقف كهذا ؟!

تقدمت نحوها ممسكًا يدها أحاول جذبها نحوي وقد نجحت حيث كانت لا تبدي اي رد فعل للمقاومة.

«الجو بارد هل نذهب إلى الغرفة ؟»
أشعر إني ابله... نعم نعم ابله لا يعلم كيف يتعامل مع انهيار عصبي يصيب الفتاة التي يحب.

«نوح، والدتي ستذهب، لن تذهب من مصر فقط وتتركني معك، ستذهب من الأرض كلها... لن تكون موجودة لأجلي ولا حتى من خلف سماعة الهاتف... والدتي ستموت.»
انتحبت بينما احيطها بيدي واخطو نحو الدرج المؤدي إلى داخل الفندق.

عندما أغلقت الهاتف مع ماكس... كنت غاضب للغاية... كيف تهرب مني وهو يعلم أين هي، لعنته كثيرًا ولعنت ڤيونا... لعنت مرض أمها اللعين الذي جاء به إلى هُنا، كان داخلي غضب عارم.

غضبي هذا تحول إلى حزن فتوتر ثم عاد غضباً أقوى من السابق.... حزن لأنها أرادت الاختباء مني.... حتى لا أراها تبكي والدتها!

توتر لرؤية حالها... وجزء، فقط جزء صغير داخلي كان ممتن لأنها اختفت عن انظاري فجعلتني حائراً... وهذه الصفة الأخيرة أفضل بكثير من شعور الغضب الناتج من عجزي عن تهدأتها الآن.

«هي ستكون بخير، يمكننا جعلها تسافر خارج مصر، هناك الكثير من الطرق الحديثة للتخلص من السرطان، والدي لن يعترض إذا طلبت منه مساعدة.»
اقترحت فور جلوسها في غرفتي وأثناء هربي حتى آخذ بعض الأكسجين الذي انقطع عن رئتاي في طريقنا إلى هنا.

«هي في الراحل الأخيرة، فعلت جميع ما قلته أنت منذ لحظات... جميع الأطباء أخبروها أنها النهاية، ما يحرق قلبي أني لم أكن هُناك من أجلها... طوال غشرون عامًا تواجدت من أجلي قبل حتى أن آتي للحياة والآن في آخر لحظات حياتها أنا لا أملك الجرأة حتى أذهب لتوديعها»
عقدت حاجباي في تعجب وحيرة.

«توديعها ؟!»
ذهبت أجلس جانبها على الاريكة الصغيرة المجاورة للفراش في غرفتي.

«أمي في المشفى، ماكس أخذها لأنها لم تستطع التنفس بشكل صحيح... كنت سأذهب معها في سيارة الإسعاف لكني ركضت هاربة في آخر لحظة، لم أستطع استكمال الرحلة معها وهربت كالطفلة بعيداً عنها»
في آخر جملة اختلطت حروفها وازداد بكائها فلم أستطع فهم ما تريد قوله إلا بصعوبة.

وضعت رأسي على كفي أحاول التفكير في شيء يخفف وقع تلك الفاجعة علينا لكن قُطع تفكيري بهاتفي الذي وصلته رسالة.

رسالة تحديداً من ماكس يخبرني فيها انها رحلت... رفعت رأسي أنظر لڤيونا التي تنهمر دموعها بلا أي جهد يذكر منها.


غُربة وَطن. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن