غوى بـ عصيانه قلبي ❤️‍🔥

By Nehal_mostafa

1.5M 90.2K 13.5K

ولأنني امرأة مسرفة في مشاعرها ، أحببتك بقلبي كاملاً دون أن أدّخر منه شيئًا لأيام الحنين والغياب والاحتياج ، ب... More

إهداء
المُقــدمة
الفصل الاول
توقيع الأبطال
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
تنوية
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل الخامس عشر ج ٢
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
حياة
الثامن عشر
التاسع عشر
العشرون
الواحد والعشرون
الثاني والعشرون
الثالث والعشرون
الرابع والعشرون
تنويه
الفصل الخامس والعشرون
اقتباس
السادس والعشرون
السابع والعشرون
الثامن والعشرون ج ١
تنويه
دردشة ♥️
التاسع والعشرون ج ١
التاسع والعشرون ج2
الثلاثون
تنويه
اقتباس
المواعيد
الفصل 31
٣٢
الفصل 33
34
تنويه
35
36
تنوييـه
٣٧
تنوييـه
38
٣٩
٤٠
تنويه
41
٤٢
٤٣
٤٤
٤٤ج ٢
٤٥
٤٦
٤٧
٤٨
49
٥٠
تنويه ☀️
٥١
٥٢
٥٣
اقتباس
٥٤
٥٥
٥٦ ج ١
٥٦ ج ٢
٥٧
٥٨
٥٩
٥٩ ج ٢
٦٠ج١
٦٠ ج٢
الخاتمـة
اقتباس
إهداء
١ج٣
الفصل ٢ ج ٣

الثامن والعشرون ج٢

14.1K 1K 171
By Nehal_mostafa

الفصل الثامن والعشرون

" الجزء ٢ من الفصل "

"رسائل لن تصل لـ صاحبها "

-استوعبـت كل مصائبي في الحياة إلا لوعة رحيلك ، ما زلت أقاتـل في مرحلة اللا تصديق ، أنه لكابوس مـا حتمـا سينتهى بـ صوتك وعيناك ، ما زلت انتظر اتصالك في مواعيدنـا اليوميـة ، مع كل رنة لهاتفي انتفض كما كنت ، ما زلت اتوهم بأن كل رقم مجهول .. هو أنت ..
أنت رحلت ، لِمَ لا يرحل شبح انتظارك المُقيـم بي !

••••••••

سيأتي نهار يُغير كل خرائط فكرك ، وقراراتك ، وأيامك ، قد تظن يومًا أن جميع مصائر حياتك بيدك وحدك ولكن فجأة قد تكتشف ضعفك وأن المرء مهما ركض في شتى الطُرق إلا أنه مسير ، قانون الاختيار خدعة ابتكرها غرور النفس البشرية .

تتوالى المصائب فوق رأسها ، كل يوم بكارثـة أثقل من الأخرى تحلُ على بُنيتها الهشة ، المتحطمة من جمة الحوادث بحياتها ، مرت عقارب الساعة على قلبها ببطء ، حتى خرج الطبيب من غُرفة العمليات ، اندفعت شمس نحوه متلهفة لأخبار أختها :

-طمني يا دكتور ، أختى جوه عاملة أيه .

وقف كريم وتميم بجوارها حتى سرق الأول مجرى الحديث :
-هي مالها يا دكتور كانت كويسة !

نزع الطبيب المسك الطبي من وجهه وقال :
-حالة تسمم ، أكلت حاجة مسممة ، بس نسبة بسيطة اللي دخلت معدتها ،وكمان لحقناها بسرعة ..

ذرفت العبرات من عيني شمس :
-طيب هي كويسة دلوقتِ !

-عملناها غسيل معدة ، ساعتين وهتفوق ، اطمنوا .

تتفست شمس الصعداء وهى تضع يدها على صدرها ، أردف تمـيم :
-في خطر على حياتها يا دكتور ؟

الدكتور برتابة قبل أن ينصرف :
-هي تجاوزت مرحلة الخطر ، بس هتبقى تحت عينيا يومين كده لحد ما نطمن عليها .

ذهب الطبيب بينما شمس التي لم تستطع التحمل على ساقيها أكثر جلست على أقرب مقعد ، تحدث تميـم إلى كريم وهو يمد له بطاقته البنكية :
-كريم انزل احجز أوضة عشان شمس ترتاح فيها ، وخلص مصاريف المستشفى ، واطلبنا غدا لانها مأكلتش حاجة من الصبح .

غادر كريم لينفذ ما طلبه بطاعةٍ ، ثم ولى تميم وجهه ناحية شمس وأخذ يربت على كتفها بحنو :
-استهدي بالله يا شمس .. هتبقى زي الفل .

كفكفت دموعها المنهمرة وقالت بقلة حيلة :
-أنا ماليش غيرها يا تميم ، نورا بنتي قبل ما تبقى أختى ، بابا وماما سابوها وهي ست شهور أنا اللي كُنت بعملها كل حاجة ، أنا مش متخيلة ، مش متخيلة اني ممكن اخسرها في يوم ، أنا مابقتش حِمل خسائر تانية .

لأول مرة تمتد أنامله لوجنتيها ويتلقى أبهامه عبرات حزنها المُتقطرة ، مسح دموعها برفق وقال بنبرة خفيضة :
-كل حاجة هتبقى كويسة ، أنا جمبگ يا شمـس ومش هسيبك مهمـا حصل .

••••••••

بداخل كُل أنثى طفلة صغيرة ، فراشة ، مجرد ما تقع على بستان ورودها تحلق هنا وهناك وكأنها ملكت زمام الحياة ، ومنحت للورد ألوانه .. قضت حياة مع الفتيات ساعات من المرح والسعادة ، أخذت تتنقل معهن في كل مكان وتركض وتمرح وتضحك كطفلة غير مكترثة بالعشرين عام الفارق بينهم .. اقترحت تاليا بحماس :

-حياة ، تعالى نجرب دي كمان .

رمقت حياة لعبة قطار الموت فانقبض قلبها ورفضت رفضًا قاطعًا :
-مستحيل يا حبيبتي ، دي مرعبة أوي ، أحنا خلينا في الحاجات السهلة ، تيجوا نركب العربيات تاني !

تنهدت داليـا بأسف :
-يا خسارة ! بابي لو كان موجود مكنش هيرفض خالص .

انكمشت ملامح حياة بقلق وتمتمت :
-أيه لازمتها السيرة دي دلوقتِ !

-أنتِ بتكلمي نفسك يا حياة !

-هااه لا معاكم ، أنتوا مش جعانين ولا أيه !

قالت حياة جملتها وهي تنكث على ركبتيها كي تبقى في مستواهم ، تمسكت الصغيرة ببنطها وأردفت بعفوية :
-أنا عصافير بطني بتزقزق من الجوع .

قبلت وجنتها بحب :
-يا روحي أنتِ ! هناكل فين بقا ؟

وضعت داليا سبابتها على ثغرها المزموم وأصدرت إيماءة خافتة :
-برجر ..

ولت وجهها لتاليـا :
-توتي موافقة ؟!

ردت بحماس :
-يس !

-اتفقنا ، يبقى برجـر .

ما كادت أن تقف وتستدير خلفها فأرتطمت بجلادها ، بحصنها المنيع ، وسور سجنها ، لحظة توقف فيها الزمن وعقلها عن التفكير ، تصلبت تعابيـر وجهها ، وأصيبت شفتيها بداء الارتعاش ، رفـع حاجبـه بملامحـه الغاضبـة :

-بتتحـديني يا حياة !

تهيج قلبـها بوجوده ، اخذت نفسًا طويلًا مع ابتسامـة مخادعة وقالت ببرود مزيف وقالت بنيرة خافتـة :
-كُنت متأكدة أنك هتيجي !

ثم جهرت بصوتها :
-مش قولت لكم يا بنات أن بابي حنيـن وهيخلص شغله بسرعة ويجي يقضـي معانا اليـوم ! ولا أيه يا بـ.. بـابي !

هلل الفتيات بفرحةٍ وهن يمدحن في ما فعلتـه حياة وكم السعادة البالغة المتدفقة من أعينهـم ، ثرثرتهم العبثـية جعلته يبتلـع ما يرقد على لسانه من شتائم ، لاحظت حياة ملامحه المكتظة بالغضب ، وقالت بقلق :
-مش نفسكـم في فشـار ، يلا نجيـب !

أفشـل مُخططها فـ الفرار منه عندما غرز أنامله في ذراعها المُتعري وقال بجفاء وبنظراته الثاقبة :
-روحوا أنتو هاتوا الفشار يا بنات ..

حدجته بتوجسٍ :
-أروح معاهم !!

ألجمها بنظرة حادة أخرستها ، ركضوا الفتيات نحو بائع الذرة وتركوها لوحدها في مواجهة الأسد ، بللت حلقها الذي جف وقال بتوسل :
-ممكن اتكلم !

جز على فكيه بامتعاض :
-أنا مش قلت لا مفيش خروج !

حاولت أن تهدئ الأمر وألا تثير عواصف غضبه ، تكلمت بصوتها الخفيض :
-ممكن نأجل أي خناق لـ بالليل ! يعني ننبسط دلوقتِ ونفرح وكأن مفيش حاجة حصلت ، ولمـا نروح هسيبك تتخانق براحتك وتنكد عليـا وكل اللي نفسك فيه !

عض على شفته بجزعٍ :
-بتستفزيني !

-خالص والله ! بس حرام تكسر بخاطر البنات ، أديك شايف هما مبسوطين أزاي ، يعني قصدي عديها المرة دي عشان ميبقاش شكلي وحش ، بليـز وافق ! وليك عليـا أول ما نروح هنقوم خناقة من اللي قلبگ يحبها .. قلت أيه !

كان أسلوبها في التحاور كطفلة لم تبلغ السبع سنوات ، خفوت صوتها ، توسلها إليه ، رقتها في تهدئة ثورتها العارمة ، تسرب وميض من الضحك لقلبه أخمد تلك النيران المتوهجة ، حتى أمطرت بغيث قُبلتها المباغتة على وجنته عندما رأت الفتيات يقتربن منهم وقالت بترجي :

-بليـز خليك لطيف قدام البنات ، بلاش تخوفهم منك أكتر من كده .. خليك طبيعي .

رفع حاجبه بإعجاب :
-طبيعي ! أفتكري أنتِ اللي اخترتي .

هتفت تاليـا بسعادة :
-بابي ، هتتغدى معانا مش كده !

داعبت حياة شعر الصغيرة وقالت بتردد :
-طبعًا يا حبيبتي وهيروح معانا المول كمان نشتري كل اللي نفسكم فيه ، مش كده يا بابي !

صاحت داليـا :
-بابي عيد ميلاد ناناه الاسبـوع الجاي ، لازم نجيب لها هدية .

ارتدى نظارته الشمسية وقال بفظاظة مزيفة :
-تمـام ، يلا بينـا .

ركضوا الفتيات خلفهم ولكنها فوجئت به يمسك بكفها رغم عنها بعد ما كانت ستسبقه الخطى ولكنه أفشـل مُخططها ، همس في آذانها قائلًا :
-حسابك بالليـل .. متنسيش !

تبسمت بقلق :
-المهم متنساش أنت ...

تحرك الجميع نحو السيارة ، أشار عاصي للسائق أن يعود للقصر ، وأخذ منه المفاتيح ، فتح الباب لبناته ثم فتح الباب الأمامي لها برسميـة ، تعجبت من فعله ولكنها صعدت بدون استفسار ، دار الناحية الأخرى وجلس بجوارها وشرع في قيادة سيارته ، بدأ الفتيات يأكلن في الفشار حتى تفوهت داليـا :

-كويس يا بابي أنك جيت ، عشان أنطي حياة محدش يعاكسها تاني ..

برقت حياة عيونها لداليـا كي تصمت ولكن أكملت تاليـا سرد الأحداث باندفاع :
-تعرف يا بابي كل حد يعدي من جمبنا كان لازم يقولها أيه القمر ده ، لحد ما زهقنـا وسبنـا المكان ومشينا .

لاحظت جمر الغضب توقد بوجهه ، فأخذت تبرر له :
-عادي يعني البنات بيبالغوا بس ، أطفال هناخد على كلامهم !

تجاهل حديثها وركز مع البنات وقال بغلٍ :
-وأيه كمان ! أحكوا احكوا ..

اندفعت تاليـا :
-بس أنا يابابي كُنت بزعق لهم وأقولهم أنتوا متعرفوش دي مجوزة مين ولا ايه ، بابي هيضربكم جامد لو شافكم .

ضرب موقد السيارة بكفه من شدة الغضب ، ألتصق كتف حياة بالبـاب وهي تغمغم :
-ليلتي سودة أنـا عارفة ...

•••••••
" بمكتب عاصي "

دخلت مديرة مكتبه إلى يسري وهي تطلع على بعض الرسائل بالحاسوب وتقول :
-مستر يسري ، بكلم عاصي بيه مش عارفة أوصله وفي إيميلات مهمة لازم يشوفها .

تناول يسري الجهاز من يدها بعد ما اطلع على الرسائل والاتفاقيات ، رفع رأسه :
-ابعتي لي كل الفايلات دي على الايميل بتاعي ..

-طيب وعاصي بيه !

-أنا هعرفـه .. أمشي أنتِ دلوقتِ .

أردف يسري جُملته الأخيـرة بعد ما رأى اتصالا تليفونيـا باسم " عبلة " انتظر حتى انصرفت الفتاة حتى رد قائلًا :
-اتفضلي يا هانـم ..

جلست أمام التسريحة وهى تتأمل التجاعيـد عن طرف عينيها إثر زوال العمليات التجميلية وقالت بضيق :
-مش عاجبني يا يسري !

-أزاي بس معاليكِ أنا في الخدمة ..

-البنت اللي اسمها حياة دي ، هي مطولة ولا أيه !

تحمحم يسري بخفوت :
-القلب وما يريد يا هانم ، وشكلها عاجبه البيـه ..

وضعت ساق فوق الأخرى وقالت بخبث :
-بس مش عاجباني ، وما دام مش عجباني يبقى ملهاش عيش في بيتي !

-والله يا هانم أنا عبد المأمور !

أومأت بمكر ثم غيرت مجرى الحديث :
-سيبك منها دلوقتِ ، وقولي أيه أخبار الشغل !

-مش خير معاليكِ ، عاصي بيه مُصر يفض الشركة مع آندرو وبنته ، ودي خسارة لينا في جميع الحالات ..

فزعت عبلة كالملدوغة وهي تفارق مقعدها :
-ده اتجنن ولا أيه!

-أهو كله من تحت راس اللي اسمها حياة دي !

رفعت حاجبها بتخابث :
-لا أنتَ تحكي لي الموضوع بالتفصيل ...

•••••••

انتهوا الجميع من تناول وجبة الغدا مع تبادل الضحكات والمرح بينهم ، ظل يراقب تصرفات حياة العفوية وهي تعتني ببناته والأُلفة العجيبة بينهن ، مسحت فم داليـا المُلطخ " بالكاتشب " وقالت بمزاح :
-نوال لو شافت العبث ده هتنيمنا في الجنينة !

انطلقت داليا مقترحة :
-بابي ممكن ميس نوال دي متجيش تاني ، وأنطي حياة هي اللي تذاكرلنـا .

أشعل سيجارته وقال بهدوء :
-بس حياة مش فاضية يا حبيبتي ..

تاليـا ببراءة :
-لا هي فاضيـة .. مش حضرتك فاضية !

-طيب وأنا مين يذاكرلي !
جملة أردفها عاصي فـ نزلت على رأسها كدلو الماء المُثلج ، أمتزجت نظرتها المندهشة مع نظرته الماكرة ، حتى قطعت  داليـا صمتهم بذهول :
-حضرتك بتذاكر زينا يا بابي ! الله بجد ! ممكن نيجي نذاكر معاكم ..

تحمحمت حياة وقالت مبررة :
-بابي بيهزر يا حبيبتي ، قصده أننا بنشتغل بالليل تبع الشركة وكده !

ثم اقترحت :
-يلا مش هنشتري فساتين عشان عيد الميلاد .. !

لم يعرف السبب وراء اتباعها والهدوء الحال بكيانه ! كان أمرًا مستحيلًا حتى مسّه طيفها ووجودها الخفيف على الروح ، فصار ممكنًا وسهلًا .. فـكم من جدارٍ جامدٍ تهاوى أمام دفءٍ صادق وحنون .

وثب الجميع للتنقل بالمـول ، كان متعمدًا أن يوازي خطواته بخطواتها ، الإمساك بيدها بدون مبرر ، ربما كان يوجه رسالة واضحة للعالم أنه تخصه ، أثناء تنقلهم ألتقى عاصي بشخص يعرفه ، فوقف وتبادل السلامات حتى قدمها له :

-دي حياة مراتي ..
ثم ولى وجهه إليها وأكمل :
-هاشم بيه مدكور ، أشطر بيزنس مان في الوطن العربي .

-بنتعلم منك يا عاصي بيه ..
رمق " هاشم" حياة بنظرة غير مريحة ثم تبسم بمكر :
-تشـرفنـا يا هانم .

بادلته بابتسامة مُجاملة ثم بعدت أنظارها المُربكة عنه ، سلم هاشم على داليا وشرع في تقبيلها ولكن فزعت حياة من تصرفه وشدت الفتاة إليها وقالت بحدة :
-سوري حضرتك ، بس ممنوع حد يسـلم على البنات بالطريقة دي !

أحمر وجه هاشم بغضب أخفاه وراء ابتسامته المصطنعة :
-سوري يا هانـم بس دول أطفال وفي مقام أحفادي !

-بس مش أحفادك !
تشبثت بيد الفتيات وقالت بصرامة لعاصي :
-هندخل المحل هنـا ، ماتتأخرش عليـنا .

لم ينكر اندهاشه بتصرفها الغامض ، وطريقة حمايتها للفتيات ، تسرب بداخله شعور المسئولية نحوهم والفخر إليها ، فاق من بحرها وعاد إلي هاشم قائلًا :
-هنشوفك أكيد في عيد ميلاد عبلة هانـم .

-الدعوة وصلتني إمبارح ، وطبعا شرف ليـا !

صافحه عاصي برسميـة ثم استأذن منه لينصرف ويلحق بعائلته ، لعق هاشم شفتيـه بمكرٍ :
-قدرك الحلو وقعك في طريقي مرتين ! استحملي يا حلوة .

-"أنتِ عملتي كده ليـه ؟!"
أتاها صوته الرخيـم من الخلف وهي تتفقد الفساتين المُعلقة بإعجاب ، أغمضت جفونها إثر الخضة ثم دارت إليه وقالت بعتاب :
-مش صح أي حد كده يبوس ويحضن البنات ! ده هيأثر على نفسيتهم بالسـلب !

عقد حاجبيه بامتعاض :
-بس ده راجل أد جدهم ، يعني عادي !

جزت على فكيها بغضب :
-لا مش عادي ! أنت مدخلتش جوه نيته عشان تعرفه ، ولو سمحت ابعد بناتك عن العك اللي أنت عايش فيه ، أنا مش هسمح لك تأذي براءة روحهم وقلبهم بالمجتمع العقيم اللي أنتوا فيه !

مجرد ما أنتهت جملتها عادت إلى تفقد الفساتين مرة أخرى ولكن الفارق هنا أن مزاجها بات معكرًا مما جعلها ترى الجميع بلون واحد ، أخذت تقلبهم بملل لاحظه عاصي في نفس اللحظة التي خطفه فستانًا فُصل خصيصًا إليها ، همس لفتياته ببعض الكلمات حتى صاحت داليـا بعفوية وهي تشير على الفستان :
-شوفي دي يا حياة ! يجنن .

اقتربت من الفستان المُعلق باندهاش شادرة في سحر ألوانه وجماله وقفت أمامه طويلًا حتى أتاها صوته قائلًا :
-هينطق عليكي !

رجت رأسها بعدم اهتمام :
-عادي ، أصلًا مش حابة اشتري حاجة أنا بتفرج بس !

-وهتحضري الحفلة بأيه ؟

انكمش وجهها بغرور أنثوي :
-مش لازم أحضر ، كفاية هديـر هتحضر .

ابتلع ابتسامته عندما لمح وميض الغيـرة معلقًا بحروف كلماتها ، أشار للفتاة بالمحل أن تحضر الفستان كي تقيسه ، مرت دقيقتين حتى جاءت المساعدة إليها :
-اتفضلي قيسي الفستان يا هانم !

-فستان أيه ! أنا مخترتش حاجـة !
أردفت حياة جملتها بإنكار حتى أشارت الفتاة إليه وقالت :
-البيـه اللي اختار .

زفرت مجبرة وتحركت نحو " البروڤا " كي تقيس الفستان ، مرت العديد من الدقائق وهو ينتظرها بلهفـة لا يعلم سببها ، خرجت المساعدة من الغرفـة فاستغل الأمر واقتحم الغُرفة ، أدلى الستار خلفه وأخذ يتأمل تفاصيل ظهرها الساحرة المُغطاة بجدائل شعرها، أحست بوجوده من رائحته والعجيب بالأمر أنها اعتادت وجوده حتى بات حضوره لا يرعبها ، دارت نحو الجهة التي بها المرآة وشرعت في تأمل نظراته إليها ، حتى ألتقطت أنظارهم بالمرآة ، خفق قلبها واشتهتها جوارحه خاصة عندما ارتدت الفستان الفاتن لجمالها !

لملم شعرها المبعثر ناحية كتفها فبرز " التاتو" المرسوم على هيئة حوت بكتفها ، هندلت الفستان من الأمام فلـم يتبقى لها سوى جراره كي ترى صورته بوضوح ، لمعت عيناه ولم يتحكم في شهوة يده للمس الحوت المقيـم بظهرها ، أبدى إعجابه به :
-جميـل الحوت المرسوم !

أخذ يداعبـه بإبهامه بلطف بدون أي إعتراض منها حتى تسللت أنامله بخفة دبت القشعريرة بكيانها ، كان يريد أن يرمي عليها نظرة فضولية ولكنه ومن غير قصد رمى قلبه بجوار حوتها ، رست أنامله عند جرار فستانها الكائن بأخر ظهرها وسحبه لأعلى برفق حتى أغمضت جفونها من شدة الأحاسيس المباغتة التي هجمت عليها للحد الذي خنق أنفاسها ..

ما انتهى من قفل الفستان فأرجع أوتار شعرها مرة أخرة بهيام ألتف حول قلبـه .. ثم طالعها بالمرآة قائلًا :

-الفستان الحلو ولا أنتِ اللي محلياه !

كانت تقاوم كي تغتال تلك المشاعر المجهولة التي تعلقت بروحها ، ضربات قلبها السريعة التي أرخت أعصابها وحطمت عنادها ، اكتفت بهز رأسها بمعاناة كي لا ينكشف أمرها أمام رجل مثله ، يعلم بخبايا وظواهر الأنثى ببراعة ، جاءت المساعدة إليها ففوجئت بوجود " عاصي " فأطرقت بأسف :
-حضرتك ممنوع تدخل البروڤا ..

تبسم بتفهم :
-متزعليـش ، بس عشان مراتي متعودة إني بساعدها في كل لبسها ، فـحسيت أنها محتاجاني !

برقت حياة بنفي وعلى المقابل تبسمت الفتاة بإحراج :
-ربنا يخليكم لبعض يا فندم بس دي تعليمات .

-فاهم فاهم ، المهم مش هوصيكي ، أحلى وأغلى حاجه عندك تطلع للهانـم .. هثق فيكي ياااااا
ثم طالع اسمها على بطاقة التعريف وأكمل :
-يا عبيـر ..

لم يمنحها فرصـة للاعتراض بل انصرف سريعًا إثر نداء الفتيات عليه ، تقدمت إليه داليـا :
-بابي تعالي شوف إحنا اخترنا أيه .

••••••••

الأمر أشبه بأحدٍ قذف حجرًا بالخطأ فـ أصاب كل جروحك المحشوة بقلبك .. تكورت حول نفسها وضمت ساقيها إلى صدرها ونطقت بسؤال يتـيم لنفسهـا :

-أنتِ عايزة أيه يا عاليـة ! ليه رجعتي مع مراد ! وليـه تصرفات العيـال دي ! أنتِ عمرك ما كنتِ كده ، ومراد شخص ناضج لو اتحمل الهبل بتاعك ده يوم ، مش هيتحمله التاني !

ثم مسحت عبراتها المنكبة من عينيها :
-أنتِ اللي نمتِ في حضنه بإرادتك لانك كنتِ مرعوبة من الوحدة ، ما صدقتي تلاقي حد يطبطب عليكِ ، طيب بتلوميه ليـه ، ما هي حاجة واحدة هتريحك ، مراد بالنسبـة لك أيه ! هل مجرد ونس لوحدتك ولا حاجة مهمـة وكبريائك ناكر ده ؟

نهضت من فراشها بتكاسـل وتذكرت أحد المحاضرات الدينية التي حضرتها:
- «إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ، هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ»

خفق قلبها خشية من غضب الله وهي تتفقد هيئتها بالمرآة :
-يا رب أنت عارف إني تايهة ، ومش عارفة أنا عايزة أيه ! أنا متأكدة أنه شخص كويس بس أنا خايفة ، خايفة اسلم له قلبي اتوجع ، يا ربي أنا مش حمل الذنب ده .. أنا اللي قررت أكمل يبقى اتحمل ، مراد رجل وله عذره ومفيش راجل يتحمل المعاملة دي ! ومش ده جزاته انه برأني قدام أهلى ..

تمددت يدها إلى رابطة شعرها وسحبتها ببطء حتى حررت خصلاتها المموجة ثم تحركت نحو الخزانـة وأخرجت فستانًا قصيرًا للغايـة وقالت مبررة :
-اتحملي نتيجة اختيارك يا عاليـة ، حتى ولو مراد مش شخص كويس وطمعان فيـا ، أنا كمان طمعانـة في سند ليا في الحياة دي ، محتاجة ولد يملى فراغ حياتي ، لازم اطلع من العلاقة دي كسبانة بدل ما اطلع منها وحيدة وارجع لمكان ما كُنت .

بدلت ملابسها وهي ترتجف ، ولكن ما تنتظره يستحق التضحية ، جلست أمام التسريحة لتضع بعض مستحضرات التجميل وتخفي آثار البكاء وهي تمرر حُمرة قلبها فداء طفلٍ تختلسه من بين أنياب الحيـاة ، عندما انهت عملها أنارت هاتفها وحدثته بنبرة خائفـة مرتعشة :
-مراد ، أنت فين !

يتبع
*

Continue Reading

You'll Also Like

728K 4.3K 14
رواية جديدة بإذن الله هتنضم لإحدى مؤلفاتي المقدمة ****** هي مغصوبة الحقوق و مُرهفةُ المشَاعِر لتمُر عليها أجمل سنوات عُمرها محرومة بلا ساتِر حرمان من...
13.2K 2.9K 32
قرأنا من الرومانسيه كثيرًا ولاكننا لم نقرأ بعد رومانسيه الرسول محمد مع حبيبته عائش❤
781K 44.4K 63
مراهقه دفعها فضولها للتعرف على الشخص الخطأ وتنقلب حياتها بسبب هذا الفضول.
655 74 13
و اخفي عنك شيئاً ليس يحكي فاصمت ثم تفضحني عيوني ..... ألا يا عين كنتى بالامس اوفي فمن علمك سرا ان تخوني . ؟ ايمكن للمرء ان يتفوه بالوداع ... وقلبه...