❤️السادس عشر❤️

1.3K 42 4
                                    

♥️السادس عشر♥️
اللهم صلّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.💜♥️
**********
خرجت من بيتها قاصدة ً الطريق العمومي، عندما لمحتهما واقفانِ كانت لتتراجع لولا تشبثها بأخر فرصة لها قبل رحيله،
ربما تستطيع نيل الصفح قبل مغادرته، قلبها يحدثها أنها لن تره قريبًا وربما لن تره من الأساس..
وقفت على مقربةً منهما صامتة، نظر إليها هيما بسخرية قبل أن ينتقل ويقف بجانبها تاركًا حمزة الذي يجاهد رغبته في النظر إليها وتجاهُلها
(بت رايحه فين.؟)
تعمدت مراسلة الآخر بنظراتها قبل أن تميل ناحية هيما وتُعلِمه (معايا درس)ثم أردفت تاركةً نظراتها تحمل منه زادًا(أنتوا ماشيين.؟)
قال هيما ساخرًا وهو ينظر للحقائب(لا رايحين نصلي فسيدي عبدالرحيم)
قالت بنظرة متوسلة (اديني رقمك يا إبراهيم)
ضحك قائلًا (مبديهوش لبنات حلوة الشيطان شاطر) لوت فمها بإمتعاض من كلماته، ليتراجع قائلًا(هفكر)
أتت الحافلة فاستعدا ثلاثتهم للصعود، تعمد إبراهيم التأخر ليتجاورا ففرصة صغيرة قد تصلح ما أفسدته تلك الغبية، فنظراتها الملهوفة تجاهه توشي بأنها قد تفعل.
لم يبالي حمزة وجلس بجانبها، باردًا غير مهتم ممسكًا بهاتفه يتصفح لينقضي الوقت ويتفرقا.
رفعت هاتفها وحاولت لآخر مرة مستنفذة كل فرصها معه (ازيك يا حمزة.؟ ألف سلامة عليك)
رفع رأسه متنهدًا يائسًا من عنادها، أجابها بصوت خفيض (تمام متشكر)
(بجيت أحسن.؟)
كتب تلك المرة (الحمدلله)
سألته بتوسل (مش هتسامحني.؟ جلبي حاسس مش هترجع جريب فسامح يمكن منتجابلش تاني)
قبضة باردة اعتصرت قلبه ليجيبها بضيق
(ربنا الي بيسامح.. إنتِ مسامحتنيش يوم ما سيبتك عايزاني أسامح فورد.؟)
(حجك يا حمزة أنا غلطت بس إنت جلبك كبير) سخِر داخله (زي سني كِده)
أجابها ناهيًا الحوار (ربنا يصلح حالك يا سكينة)
(كان نفسي نتصالح في حا....)
قطعت استرسال حديثها وأحرفها، ليتنهد ويهمس قلقًا (في إيه يا سكينة..؟)
أجابته تلك المرة بخفوت (مفيش خلاص)
وصلت الحافلة مركز قنا، ترجل ثلاثتهم، أخذت هي طريقها وهما طريقهما، توقفا في المنتصف، استدار  وعاد إليها قائلًا بقلق وخوفًا من أن يتسبب لها بمشكلة مع هشام (هنوصلك ونمشي عادي.؟ )  ابتسمت ماسحة دموعها تومئ بقبول تخبره بلطف (عندك إنت عادي)
تذكر قولها لهشام بأنه أخيها الكبير، مال فمه بإبتسامة متهكمة قبل أن يُشير للسيارة التي توقفت فصعدت بعدما ودّعته بنظراتها، تعلقت نظراته بها في قلق غير مسبوق، وقف يشيعها بقلبٍ منفطر، نظراته تحفر صورتها تلك على جدران قلبه كأنه سيراها لآخر مرة كما همست،تنهد حينما وصله صوت هيما المستاء (يلا يا حمزة هنتأخر)
لهج لسان حمزة بغمغمة لا يعرف كيف عبرت حدود شفتيه، كأن أحدهم لقنه إياها (استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه)
استدار عائدًا يسير بشرود، استقل سيارة أخرى لتوصلهما محطة القطار.. تذكر أمر مرضها فعبس بضيق واختناق، من المؤكد أن عمته انشغلت به ولم تفعل، ومع رحيله ستنسى وتلتهي خاصة أن عمار لن يطاوعها ويذهب معها.. نفخ مُحبطًا والقلق داخله يتشعب ويعشش داخل صدره،مازال يحمل همها رغم ما حدث فكيف الفكاك.
********
نهضت ورد من رقدتها باشةً تهتف بفرحة (حمزة وابراهيم جم يا منى جومي افتحيلهم)
عبست منى غير مصدقة قولها، فجادلتها (مجالوش إنهم جايين يا ورد)
ركضت ورد بلهفة تجاه باب الشقة وخصلاتها الطويلة تتطاير حولها بعدما فُك قيدهم، رن جرس الباب فقالت بإنفعال حماسي وهي تمسك بمقبض الباب (جولتلك وصلوا جلبي حس بيهم)
مازالت منى لاتصدق قولها حتى سمعت صوت ابراهيم الصاخب (إزيك يا خالتشي)
ضمته ورد ونظراتها تلاحق ولدها،تريد الشبع حد التخمة من ملامحه بعد جوع دام لأيام وقلق مزق راحة قلبها، وقف ينتظر بصبر بعدما سلّم على خالته، اقتربت منه فضمها متلهفًا لأمان ذراعيها، قبّل رأسها بتقدير وحنو ثم ابتعد يهمس بإبتسامة خلابة خصها بها(أزيك يا أمي عاملة إيه وحشتيني) ابتعدت تحيط وجهه بكفيها تتفرس في ملامحه الشاحبة، تقرأ ما خُفي عنها (ألف سلامة عليك يا حمزة تتجطع يد الي عمل فيك كِده يا حبيبي) مال برأسه  في فشل مُشفقًا عليها من معرفتها بما حدث، فضربته بخفة هازئة (فاكرني مش هعرف.؟)
لثم رأسها بعدة قبلات طويلة وهو يقول من بين كل قبلة وأخرى (لا أنا عارف بس بستعبط عليكي، علشان يبجا الموضوع مجرد شك عندك مش يقين)
سألته بإهتمام (إنت كويس ياحمزة بخير يا حبيبي)
همس لها وهما يدخلا للصالة (اتكتبلي عمر جديد يا ورد،) قالت ثقة بالله ويقين (هيبجا أحلى من الي فات)
أشار لها بمشاكسة (هصدج وهفضل مستنى)
هتف هيما بتعب وتكاسل وهو يتمدد فوق الآريكه (جبولي أكل أنا تعبت وجوعت فالصعيد)
عاتبه حمزة وهو يجلس بالقرب منه (دي راضية زغطتك زي دكر البط، حد بيجوع عند عمتي)
سألت ورد بامتنان ومحبة خالصة (ازي راضية والبنات، فيها الخير الغالية مجصرتش)
أومأ حمزة موافقًا كلماتها (كويسه بخير، سابتنا نمشي بالعافية)
أشارت لهما ورد (جوموا يلا ارتاحوا شوية وبعدين اتكلموا،) نهضا يستندان على بعضهما، طقطق هاتف هيما فسحبه مُفتشًا، ابتسم حين قرأ فسأله حمزة (مالك انبسطت.؟)
أجابه هيما (دي سكينة بتطمن علينا)
رفع حمزة حاجبه متعجبًا يسأله (خدت رقمها.؟)
قطب هيما قائلًا بكبرياء وهو يُلقي بجسده فوق الفراش بهلاك وتعب (هي كان ناقص تبوس إيدي علشان أديهولها فصعبت عليا وكتبتهولها)
قال حمزة متجاهلًا، مقررًا ألا يفتح موضوعها ثانيةً ولا يذكرها بخيرٍ أو شر فلتذهب لحالها (طيب تمام ابجا اطمن عليها من وجت للتاني)
قال هيما مستحسنًا ليغيظه (هعمل كدا أصلًا)
سحب حمزة ملابسه البيتية من خزانته، واتجه ناحية الباب يوبخ هيما (جوم انضف بعدين نام)
لوّح هيما بإرهاق (لااا هنام)
أشفق عليه حمزة وانسحب خارجًا من الحجرة.
اغتسل وصلى الفرض ثم غادر يبحث عن والدته وجدها بحجرتها طرق الباب ودخل بعدما أذنت له.
دخل الحجرة مُغلقًا خلفه الباب ثم تمدد فوق الفِراش واضعًا رأسه فرق فخذيها مغمضًا عينيه وقد نال راحته أخيرًا بعد عناء. ودخل واحة أمانه بعد ضياع في غابات الخوف والحزن.
ظلل نظرتها الحزن حينما وضعت كفها فوق رأسه الحليقة، لكنها حمدت الله وابتسمت هامسةً (شوفت سكن ياحمزة.؟) انتفض رافعًا رأسه لها فابتسمت، ليسألها بلهفة (مين سكن يا ورد.؟ مين فيهم.؟ فوجت لجيت راضية يبجا سكن منها.؟ بس هي مين.؟)
ابتسمت بحنو بدد وحشة أفكاره وطرد تشتته بعيدًا، أعاد رأسه لموضعها فوق فخذها فهمست له ورد تاركة ً صوتها الدافيء يتغلغل لروحه (جلبك هيعرفها)
همس متحسرًا بشتات وضياع (مش عارف محتار)
همست تطمئنه(لما يجي الأوان مش هتحتار وجلبك هيدلك وتشوفها زي ما بتندر الشمس)
سألته بفطنة (ليه احترت ياحمزة.؟ ماهي سكينة خلاص ومفاضلش غير مودة، ليه شكك متحولش يقين.؟)
واجهته بسؤال لم يخطر له على بال وكأنه مازال يملك الحق في سكينة التي هربت من قفصه، رفع لها رأسه يتأملها هامسًا (جصدك إيه.؟)
ابتسمت تطمأنه كعادتها (سيب كل حاجه لوجتها وإنت هتفهم وتعرف وريح دماغك من التفكير نصيبك جاعد محدش هياخده)
فتح عينيه متنهدًا مشتت الفكر، يطرح أفكاره بنفس الوهن والتوهة لا يرحم نفسه من التفكير محاولًا مع والدته ربما يسقط منها القول ويرتاح (لو كانت هي كانت بجت ليا مش لغيري، لو كانت هي مكانتش بعدت عني مش كِده يا ورد.؟ .)صمتت فأيقن من فشله ورغبتها في عدم البوح
لكنه سألها متذكرًا الأخرى والحزن يطحن روحه (ليه كنتِ بتحبي سكينة أكتر ياورد.؟ اشمعنا هي.؟)
ابتسمت توضح له (علشان شبهك جلبها زي جلبك بتكملوا بعض) أردفت بصوت متهدج (أبوها كان أجرب ولاد عمي لجلبي كان بيحبها جوي وياما وصاني عليها، الدنيا خدتني وأنا نسيت لغاية ما جه ووصاني تاني وملجتش أحسن ولا أغلى منك يحفظ الأمانة ويصونها..)
تنهيدة قوية خرجت متحطمة باليأس وهو يهمس لها(عملت الي جدرت عليه يا أمي)
ركنت أمنيتها العصية فرق رف الإهمال هامسةً(كان نفسي ميحصلش كل دِه يا حمزة)
طمأنها بإبتسامة مخطوفة من فوق أرصفة الوجع (نصيب كل حاجه نصيب ربنا يسعدها)
تذكر كلماتها عنه لزوجها واحساسها بأنه أخًا كبير ويفوق عمرها مما يجعلها لا تفكر فيه، فاستكان داخله الندم وانزوت حسرته على ضياعها بعيدًا، هدأت نفسه من اضطراباتها وأغمض عينيه بعدما سحب تحت رأسه وسادة راحمًا والدته من ثقل رأسه، نام تحيطه عنايتها وتدثره همهماتها..
في اليوم التالي بعد رحيل خالته وأولادها
نهض حمزة أثر رنين الهاتف واتجه ناحية باب الشقة، فتحه ليجد هند أمامه، ابتسم لها بترحاب شديد وهو يدعوها للدخول (ازيك ياهند تعالي اتفضلي)
(ازيك ياحمزة طمني عليك وعلى أحوالك وصحتك)
أجابها وهو يوجهها لمكان الجلوس بأدب (الحمدلله بخير، تعبتي نفسك ليه.؟)
قبلت رأس ورد وسلمت عليها وهي تخبره (أمال هتعب علشان مين.؟)ثم أردفت وهي تجاور ورد في جلستها (ازيك يا خالتي ورد عاملة ايه.؟)
ابتسم ورد بنظرات متألقة لامعة وهي ترحب بها(بخير يا هند تسلمي)
جلس حمزة على مقربةٍ منها، رمت هند نظراتها تجاهه قائلة (بجيت أحسن ياحمزة.؟)
نهضت ورد لتضايفها، وحمزة يقول بإمتنان(الحمدلله بخير)
طأطأ رأسه بخزي وهو يعتذر لها متأسفًا (أنا آسف ياهند للي حصل في المكان)
ابتسمت هند وهي تخبره بنبرة قوية رنانة (هو تعبي لوحدي ياحمزة.؟ دا تعبنا كلنا وإنت أكتر واحد بتتعب وتشيل)
رفع نظراته يخبرها بعدما حمحم مجليا صوته (الله يكرمك، أنا السبب أكيد والمقصود بالي حصل فبعتذرلك والله هتكفل بكل حاجه)
عاتبته هند وهي تشبك حاجبيها في ضيق (في إيه يا ابني فداك المحل المهم إنك بخير وسلامة، نعمل بكره غيره وأحسن) تنهد مبتسمًا بتكلف، رغم برد كلماتها الرقيقة المواسية إلا أنها تعد نقطة هبطت في قعر جحيم عقله، نيران حزنه على خسارة اصدقائه لا تنطفىء تأكله ملتهمة كل ما تطاله من راحته.
خرجت ورد بالضيافة تنظر لصمتهم المكلل بالحزن في آسف، قدمت لهند العصير وجلست تعتذر هي الأخرى (معلش يا هند ربنا يعوضكم خير)
هتفت الأخرى متضايقة (في إيه.؟ إيه يعني مكان يروح كفاية إنه بخير.. نعمل غيره وغيره أنا هزعل ليه ولا حتى حسن.. من يوم ما بقينا شركاء ياحمزة واحنا اتعاهدنا نبقا عالحلوة والمرة مع بعض أيد واحدة.. وبفضل الله وتعبك ياحمزة بقينا من أحسن المطاعم وفتحنا فرع والثالث...و لسه مع بعض وهنعمل الأحسن)
ربتت ورد على ركبة هند تدعو لها بإمتنان(ربنا يكرمك ياهند ربنا يرزقكم من وسع)
بينما ظل هو صامتًا ابتسامة متزنة يرسمها فوق ثغرة مقيد اللسان متخم بالمشاعر المتضاربة، رغم قوة الكلمات لم يترمم وجعه ولا عُبئت فراغات حوائط قلبه المتصدعة من كثرة الهم.
ثرثرت معها ورد كثيرًا جدًا وبقيّ هو منعزلًا عنهما بأفكاره وهمومه، أمسك بهاتفه وكتب على صفحته
(كُنت قاصد يومها اقولِّك ضَي عيني .. ليه جَمَعتي الكلمتين من غير فواصل؟!)
- أدهم الزهيري
كعادتها مودة كانت موجودة تتلقف كلماته كأرضٍ جدباء، قرأتها و كل مرة كانت ملامحها تنقبض بألم وحزن، نادت أختها لتقرأ على مسامعها كلماته (سكينة)
أجابتها وهي تمسك بكتابها منشغلة (نعم)
قالت وهي تلعب بقلمها بين أناملها (شوفتي حمزة كاتب إيه.؟)
رفعت رأسها عن الكتاب متلهفة لقراءة ما يجعل أختها منشغلة هكذا بما كتب، لكنها أجادت التخبئة وقالت بلا مبالاة (عادي يكتب الي يكتبه أنا مش صديقة عنده)
كورت مودة شفتيها وهي تسألها (ليه.؟)
قلبت سكينة صفحات كتابة بعشوائية واضطراب كتبته مودة داخل دفاتر عقلها المتيقظ لانفعالات اختها، قالت سكينة وهي تنهض مقرر الهرب كعادتها(عادي مش مهتمة يا مودة)
فاجئتها مودة بقولها التالي (هو إنتِ مروحتيش ولا مرة لحمزة جبل ما يمشي ليه.؟)
زجرتها سكينة بنظراتها قبل أن تغادر وهي تقول (إنتِ روحتي كفاية)
هبطت درجات السلّم بشرود تمسك بين كفيها كتبها، دخلت المندرة الصغيرة وجلست أرضًا مفترشةً كتبها، تذكرت بإمتعاض هشام حين أخبرته بتخلفها الدائم عن امتحاناتها فاتهمها بالكسل والدلال الفارغ، حاولت شرح ما يحدث لها لكنه تجاهل كلماتها وقال لها أن الأمر لا يهمه من الأساس هي فقط تتدلل وليست بالمستوى العقلي المؤهل لدراسة الثانوية العامة، حتى أنه حاول إقناعها بالتحويل أو التوقف فلا حاجةً لهما بالدراسة من الأساس يمكنها التوقف وترك كل شيء لأنه يرتب لسفرها معه بعد حفل زفافهما.. يومها صمتت بخيبة عظيمة احتلتها، ضاق صدرها وكادت أن تهاجمها إحدى نوباتها الغريبة فتعللت وتركته هاربة من كل شيء
هو وأفكاره وخيبتها فيه، كل شيء، عادت لواقعها متنهدة، فتحت كتبها وواصلت المذاكرة علها تَفلح تلك المرة وتقطع السبيل على أفكار هشام التي رمتها في بئر مظلم من الهواجس والظنون.
تفقدت جيب بجامتها فلم تجد هاتفها، رجّحت أنها قد نسيته بالأعلى فخرجت مرتقية السلم..
دخلت الحجرة لتجد مودة مكانها ممسكةً بهاتفها تقلبه بين كفيها وعلامات الدهشة والذهول مرتسمةً فوق ملامحها المسودة بالكأبة..
شبكت حاجبيها متسائلة وهي تخطو ناحيتها (تلفوني يا مودة.؟)
فزعت مودة ونهضت تتهمها مباشرةً(إنتِ كنتي بتكلمي حمزة يا سكينة..؟)
بهتت، اختفت حيوية ملامحها وطاردها الضيق كخفاش أسود، لم ترحمها مودة وأردفت تسكب من دلو قهرها أسئلة كثيرة متتابعة كونت بها حلقة ضيقة حول رقبة الأخرى التي ما زالت متفاجئة تلملم شتاتها في سلة القوة. (كنتِ بتروحي البيت.؟ وإداكي المفتاح.؟ الفستان كان هو الي جايبه..؟)
رمشت مودة متذكرة خيبته حين رأها بالفستان وإحباطه الواضح، اتسعت عيناها على جسد أختها المهزوز بالمفاجآة والصدمة.
كتمت مودة فمها بكفها تمنعه الإسترسال لتوضح سكينة بتوتر بالغ(مش زي ما إنتِ فاهمة يامودة)
صرخت فيها مودة وهي تقترب لتدفعها بقوة في كتفها (ها بتجوليله وحشتني يبجا إيه.؟ عيزاني أفهم إيه لما تجوليله افتقدتك.؟كنتِ عاملة نفسك مش طيجاه فالأول)
حاولت سكينة الحديث لكن هجوم مودة كان الأقوى والأسرع (بتكدبي بتجوليلي اشتريتي الفستان.؟ لو بتعملي حاجه صح هتكدبي ليه.؟)
دفعتها سكينة وقد فُك قيد مشاعرها وانفعالاتها، صرخت بشراسة وحش كونته أزماتها الماضية (بس، مبكدبش وحمزة زي عمار بالنسبالي دلوجت)
مودة كانت الأدهى والأكثر فطنة وحيطةً(دلوجت.؟ وجبل كِده)
مسحت سكينة جبهتها مهتزة، لاتدري بماذا تنطق وأي مرافعة يمكنها أن تقوي موقفها أمام مودة فتصمت وتطلق سراحها مُعلنة براءتها، كيف تخبرها أنه كان حائط أمانها، العزيز لقلبها، تعلقت به حقًا لولا ظهور هشام لأحبته وغاصت في نهر عشقه راضية بالغرق رافضةً النجاة وأنها كانت تتراجع دائمًا لأجل خاطرها،من بعد والدها هو من اهتم لأجلها وهو من كان يسمعها بقلبه قبل أُذنيه وإن أدعيّ غير ذلك
يرشدها دون سؤال، يهتم دون حاجه.. هو سراجها الذي انطفأ بنفخة من حظها الغابر، بئر أسرارها الذي كلما ضاقت دنياها رحلت عنده وهمست له فكتم واحتفظ.
نظراته كانت تفرش طريقها بالطمأنينة، تحاوطها بعناية فتغوص في واحة الأمان خاصته.
صرخت بها مودة فانتفضت، وقد أوشك عالم الظلام أن يستدعيها (إيه ما تردي.؟)
يا ليتها حذفت رسائله ليتها ما احتفظت بها، كانت تدخرها ككنز ثمين في هاتفها تعود إليه كلما قست عليها نفوسهم وأحكمت الوحدة قبضتها على عنقها، تُذكر نفسها أنها يومًا امتلكت صديقًا تمنت لو استبدلت العالم به، تمنت لو ما أضاعته وبقيّ لها، لكن الحياة أبت إلا أن تهزمها وتسلبه منها ومع توالي أزماتهما فقدته وفقدت روحها، وقررت أن لا عودة ولتحتفظ بالذكريات وتلك التي تقف متبجحة الآن كانت سببًا رئيسيًا في ابتعادها عنه وصلابة رأيها في عدم المغفرة والعودة والتمسك برأيها، اختارت هزيمتها لتنتصر أختها وتفوز به.
مسحت جبهتها دون تبرير، أي تبرير الآن سيدينها سيكتب في دفاتر خطاياها ثم تجف أحبار القلم.
تقهقرت للإنسحاب فامسكت بها مودة غير متخلية ولا متنازلة هزتها بقوة نابعة من غضبها المستعر(كنت شاكة، وهو زيك مت... .)
انتبهت لها سكينة من دوامتها، أفاقت مصدومة تسألها(زيي إزاي...) تخبطت في مقصد مودة، توسلتها بنظراتها التوضيح لكن مودة انتقامًا منها احتفظت بالحقيقة التي لا تعيها أختها داخلها، ابتلعت تفسيرها في جوفها المعذب بنيران الخديعة،بصقت مودة كلماتها وهي ترمقها باستحقار (في إيه تاني مخبياه يا سكينة ها، أنا خلاص مش هأمنلك تاني ولا هصدجك ولا عايزه أكلمك .؟)
قالت سكينة بدموع منسابة كشلال (ماشي براحتك مش هتفرج كتير مفيش جديد، إنتِ امتى كلمتيني ووجفتي جنبي فحاجه طول عمرك ليكي حياتك وبس أهم حاجه محدش يجرب منك، العالم حواليكي يولع حتى وإنتِ ساكته وخلاص)
نهرتها مودة بغضب تُسكت كلماتها وتخرس تمردها وثورتها (أيوة اتحججي واجلبي الطربيزة عليا علشان تهربي زي عادتك)
انتفضت سكينة تصرخ بهستيريا (مبتحججش، غوري فداهية يا مودة إنتِ وظنك حمزة عندك اهو اشبعي بيه سيبتهولك علشان ترتاحي، لو أنا خاينة وواطية مكنتش جبلت هشام ولا وافجت عالصلح وسعيتله بنفسي كنت كملت للأخر) قالت مودة ببرود ونظرة ماكرة (أيوة طلعي الي جواكي يا سكينة والي معرفوش)
نفخت سكينة بغيظ منها قبل أن تجذب هاتفها بعنف وتخرج صافعة الباب خلفها بقوة، ثم ركضت للأسفل عائدة للمندرة.. دخلتها وأغلقت خلفها ارتمت أرضًا تنازع وقد ضاق صدرها وعُقد لسانها، خيالًا أسودًا يحتضنها ويكمم فمها، تحاول الصراخ فلا يخرج صوتها تقاتل لاتدري حقيقًا أم صنعه خيالها في لحظة انهيار كل ما تدركه الآن أنها تتعذب، ترفس بقوة متملصة منه لكنه يزيد من الضغط عليها، يضغط صدرها بقوة عظيمة كأن جبلًا أرسى قواعده فوقه، ذراعيها مكتفان بسلسلة غليظة ناعمة كثعبان أسود، تثور وتئن، تتملص وتضرب بقدميها، غينيها تغرب بعيدًا فلا ترى إلا سواد يحيطها بقيت على حالها حتى عادت لوعيها تنظر ما حولها بتوهة، كأنها جاءت من عالم آخر.. اعتدلت جالسة تسند ظهرها لحافة الآريكة لتدعم بقوتها وثباتها جسدها الواهن المرتعش..
ألم عظيم بجسدها وكأن مطارق حادة انهالت عليها منذ قليل.. استوعبت ما هي فيه قليلًا.
فنهضت مستندة على ما حولها تشعر بالعطش الشديد..
ركضت للمطبخ القريب فتحت صنبور المياه واقتربت تشرب بنهم وظمأ غريب كأنها سارت أيام في صحراء جرداء.. وبعدها جلست أرضًا متنهدة لاهثة تئن من شدة الألم في جسدها..تتأوه بخفوت دامعة العينين في كدرٍ وهم ووحشة، فتحت البراد القريب منها أخرجت من الطعام ما نالته يداها والتهمته بشهية غريبة وشراهة أغرب، أفاقت وقد أنهت الكثير من الطعام غير مصدقة أنها فعلت..
تركت الأطباق فارغة ونهضت من جلستها بجسد واهن متراخي وأعصاب منفلته لا تعينها على شيء.. تسير ببطء وروح محطمة لاتدري ماذا يحدث لها، دخلت المندرة وارتمت فوق الحصير المفروش، سحبت عباءة والدها تشممتها ثم تدثرت بها و نامت نوم عميق تتخلله الكوابيس المتكررة
*******
جلس سعد بداخل حجرته مُكدرًا كئيبًا يرثي حاله وضياع وديعته، يقيم العزاء في سرادق روحه المظلمة، لو ترك لنفسه العنان لبكى وانتحب كالثكالى.. دخل والده الحجرة وخلفه والدته، انتفض من جلسته واقفًا نظراته الغائمة بالحزن تتعلق بهما في استفهام غير منطوق، هتف والده بصرامة (إنت الي عملت كِده يا سعد..؟)
شبك حاجبيه يستفهم منهما وهو يراقب وقفة والده المتحفزة ونظرات والدته المزعورة (ضربت حمزة وكسرتله المحل)
جلس سعد مرة أخرى بإستهانه وهو يجيبه بلا مبالاة (لا مش أنا)
صرخ به والده في غضب مشتعل كالحرائق في نفسه (كداب مفيش غيرك يعملها)
قال لوالده بإستهانة (مش كداب ومش أنا الي عملت)
اندفع رفعت وأمسكه من تلابيبه يوقفه أمامه قائلًا (جاعد معووج ليه.؟ ما تجف وتتكلم عدل زي ما بكلمك)
تأفف سعد بضيق من ذلك الهجوم عليه ثم قال بهدوء (واجف أهو يا بوي... إنت سألت وأنا جاوبتك)
ضيق رفعت عينيه فوق ملامحه الباردة قائلًا من بين أسنانه (مش جولتلك متهببش حاجه وتبطل غشومية، كل حاجه ليها وجتها)
قال سعد بإنفعال (معملتش حاجه )
هزه والده قائلًا من بين أسنانه بغيظ من فعلته غير محسوبة العواقب(لاااه إنت وأنا تأكدت يا واد أمك)
صاح سعد بغضب متخليًا عن كتمانه، دافعًا غضبه من قمقمه المحبوس داخله (أيوه عملتها وياريته مات.؟ مش هو دِه الي عايزينه ولو طولت كنت كلته بسناني بعد الي هببه دِه)
صرخ به والده وهو يدفعه بعنف(يا أبو مخ تخين مش جولتلك استنى شوية دلوجت كله هيجول إحنا)
صرخ وهو يدفع كفي والده عنه مختنقًا (مجدرتش اصبر) ثم وجّه نظراته لوالدته الواقفة تخشى العواقب (ارتحتي يا أما أهي البت راحت جعدت أجولك اتجوزها وإنتِ تعاندي)
هتف والده بسخرية (كل دِه علشان سكينة.؟ وجعدتك فالأوضه كيف الحريم علشانها ليه البنته جطعت)
تضايق سعد من كلمات والده وسخريته من مشاعره فقال دون انتباهٍ أو حذر (ما أنا ابن الوز وابن الوز عوام يا بوي.. ولا إنت معملتش أكتر من كِده )
بهتت ملامح والدته من تلك المجاهرة، اسود وجه نفيسه وأظلمت نفسها بالكآبة والحقد، تنفست ورفعت رأسها بكبرياء غير عابئة.
صفعه والده بغضب أعمى بينما لتندفع نفيسه وتفصل بينهما وقد احتد الخصام بينهما في عنادٍ وكِبر،صرخ سعد (عملت الي عملته وأعمل أكتر جولتلهم موتوه)
على صوت صراخه المنفعل وإنفلاته بالحقيقة دخل الجد الحجرة طرق بعصاه في تحذير وتنبيه، دفعه والده للحائط والتفت يستقبل عواصف والده.
قال الجد بهدوء وحذر وعينيه تطلق رصاصات قاتله(بجا ولدك هو الي عملها يا رفعت.؟ )
حاول التبرير (يا بوي...)
هتف الجد بغضب مستعر (مفيهاش يا بوي... اقترب منه ببطء ووقف أمامه وقد أخرج سلاحه من جيبه ووجه فوهته لرأس سعد الذي ارتعب بشدة (بتكري على واد عمك.؟ عايز تموته يا سعد وضيعت تعبه وشجاه)
كتمت نفيسة فمها بحذر، محملقة في وجه ولدها أما رفعت فاقترب مهادنًا (عيل وغلط يا بوي وخدته الحمية)
لم يعبأ الرجل بكلماته ومازاد شراسته نظرات  سعد التي تحولت من الفزع  للعناد والقسوة
ترك الجد سلاحه بحسرة وخذلان، زمجر كأسد مطعون غُدر به ورفع كفه يصفعة عدة صفعات متتالية، حاولت نفيسة التدخل صارخةً في رفضٍ وفزع ليمنعها رفعت بفطنة يحتاجها الموقف (اكتمي يامرة)
بإشارة حذر رفعت ولده من انفلات غضبه والرد على صفعات جده بما قد يكلفهم الكثير، فتصلب جسد سعد واستقبل غِضّبة جده بصبر حتى انتهى ووقف لاهثًا يأمره (تلم خلجاتك وتغور مش عايز أشوف وشك هِنا تاني)
شهقت نفيسة برعب متفاجئة من قرار الجد الذي نزل فوق رأسهما كالصاعقة، حاول رفعت التدخل (مش هيكررها يا بوي وإنت ضربته أهه)
دفع الجد والده قائلًا بتحذير شديد اللهجة (مش هيكررها؟ ليه هو هيعملها تاني علشان أفرغ طبنجتي فجلبه وجلبك العِفش)ثم أردف بقوة (لو ولدك ممشاش هتغور إنت كمان معاه وملكمش حاجه عندي)
خرج الجد من الحجرة يتوعدهما تبعته الجدة قائلًا بصوت أشبه بالصراخ (بترمي واد ولدك يا عامر.؟)
استدار زاعقًا فيها (واجتله كمان) استرسل بحدة (خليهم يغور فداهية ولو عايزه تغوري معاهم بالسلامة هو مش أحسن من واد الغالي الي اتغرب وسابلهم  كل حاجه ودلوجت عايزين يخلصوا منه)
ولولولت نفيسة داعية بحرقة (منك لله يا ورد إنتِ وولدك ربنا ينتجم منكم)
ضربها رفعت فوق رأسها منبهًا (اكتمي يا واكلة ناسك مش ناجصك)
توسلته غير عابئة بفعلته (كلم أبوك الواد هيروح فين.؟)
دفع ذراعها في نفور قائلًا(يشوفله مكان هو بت ياك، خليه يتأدب جزاة عملته الي زي وشه ووشك، زين مجتلوش)
اندفع سعد يلملم ملابسه في حقيبة صغيرة، لا يعي ولا يهتم بما يدور حوله يكفيه أن ماحدث لحمزة قد أثلج صدره وإن لم يفعلها وانتظر لظل يتلظى وحده في جحيم القهر حتى أرداه الهم قتيلًا.
ترك رفعت المكان منسحبًا لحجرته بينما بقيت نفيسة مكانها باكية تضع كفيها فوق رأسها مولولة.
**********'*
احتضن هشام عمه بمودة قائلًا (حمدالله على سلامتك يا عمي)
أجابه حسان وهو يتفرس ملامحه ويدقق فيها بعناية (ازيك يا هشام يا ولدي ماشاء الله كبرت وبجيت شبه عمك)
ابتسم هشام له ليردف حسان متنهدًا وهو يجلس بجانبه حول طاولة صغيرة في مقهى عام (كني اتنجلت من عالم لعالم)
تأمله هشام وهو يقول (نورت ياعمي دلوجت تتعود)سأله حسان بحنو وحنين تشبعت به نظراته(كيفك يا ولدي.؟ وكيفها مرتك وخواتها وورد.؟) نطق اسمها بآهة محمومة وشوق مستعر كالنيران داخله
تعجب هشام مستنكرًا سؤاله (لسه بتسأل عليها بعد الي حُصل)
تنهد حسان بقلة حيلة قائلًا (اتمنيت السنين تنسيني بس كانت بتعاندني، زي كل حاجه فيا لساني الي سأل عاندني وأنا الي حلفت ميت يمين مش هسأل ولا هدور تاني بس لجيتني بسأل )
صارحه هشام بالحقيقة في آسف(وهي مش عايزه.؟ وعمرها هي وولدها ما هيصفولنا)
أجابه حسان بخنوع (حجها وأنا راضي بس من حجي أسأل عليها من بعيد لبعيد واطمن..)
تهدج صوته بالبكاء وهو يصارح هشام (خوفتها تموت بعده وملحجش أشوفها وأجولها تسامحني وأنا عارف إنها عمرها ما هتسامح بس..)
توقف مبتلعًا غصته، مديرًا له رأسه يسأل بإهتمام بينما يتأمله هشام بإشفاق (ازي مرتك.؟ أوعى تفرط فيها)
ابتسم هشام قائلًا (كويسه..)
سأله حسان بقلق (هجدر أشوفها.؟)
أجابه هشام بإحباط وامتزج بغيظه وهو يخبره (سكينة طيبة وجلبها أُبيض بس بتحب  عمتي ورد جوي وحمزة)
همس حسان بحنين وابتسامة راقصة فوق شفتيه الجافتين (ومين ميحبش ورد.؟)
ابلغه هشام زافرًا (حمزة هنِا)
هتف حسان بلهفة غلبته جعلت هشام يقطب في غرابة من أمر عمه (صُح يعني أجدر أشوفه)
تعجب هشام من أفعال عمه فسأله(عايز تشوفه ليه.؟)
لانت ملامح حسان وارتخت عضلات وجهه قائلًا (عايزه أشوفه لإنه حته منها، ومش عايز لإنه حته من حكيم ونبتة عشجهم، محتار ومجسوم نصين وكل نص يشد فالتاني)
هز هشام رأسه غير مقتنع بتلك المشاعر،عمه لم يكن عاطفيًا هكذا من قبل.؟ ولا بهذا الوهن.. كان صلبًا قاسيًا لكن الآن يجلس أمامه رجل حارب حلمه وطارده، حارب نفسه والهوى فانهزم وعاد ينكس رأياته يبحث بين الأطلال عن ذكرى مُلقاه ليزيل عنها الغبار ويحتضنها .
أمسك هاتفه يحاول الاتصال بها، حين أجابته دللها كعادته ثم قال وهو ينظر لعمه (في حد عايز يكلمك ويطمن عليكي)
قطبت متسائلة (مين دِه)
أعطى الهاتف لعمه الذي رفض وامتنع خوفًا من ثورتها ورفضها، لكنه أصرّ بغرابة شديد لحاجةٍ في نفسه، تناول حسان الهاتف وأجاب بتردد (ازيك يا بت الغالي)
تساءلت في حيرة وهي تتأمل صورته الظاهرة على شاشة الهاتف (مين.؟)
أجابها بإبتسامة (فكري زين...)
ظلت دقائق تتأمله مفكرة وما إن استردت ذاكرتها المسلوبة، حتى شهقت بإنفعال مرددةً اسمه محطمًا من بين شفتيها (عمي ح س ان.؟)
صمت منتظرًا رد فعلها، لم يدم انتظاره طويلًا، لأنها أنهت الاتصال فورًا.
أعاد حسان الهاتف لهشام الذي سأل (إيه.؟)
قال حسان بقلة خبرة (معارفش سمعت صوت خبط وبس)
تناول هشام الهاتف وحاول الإتصال بها مجددًا وسؤالها لتجيبة بقوة (أنا جفلت وإياك تكررها تاني)
زعق في غضب (بتعلي صوتك عليّ وتجوليلي أعمل إيه ومعملش إيه..؟)
أجابت متأففة (الموضوع دِه مفهوش جدال مش عايزاهم يكرهوني أكتر من كِده)
صارحها بما في نفسه (خايفة مين يكرهك يا سكينة ها.؟ ويهمك إيه وإنتِ أيام وتكوني فبيتي.؟)
صرخت به في حدة (كلهم، هروح بيتك أيوة بس مش هخسرهم)
صاح في غضب ورعونة لا يمتثل لتهدأة عمه له (بجا كِده والله لتتأدبي على عملتك دي يا حيوانة)
استنكرت قوله مفزوعة (أنا حيوانة.؟ إنت بتجولي أنا كِده.؟)
قال بغيظ (خايفة على زعل حمزة ومهمكش أنا.؟ وجليتي أدبك والله ما هعديهالك، وهشوف هتعلي صوتك تاني كِيف )
أغلق الاتصال وتركها تستوعب ما يحدث وهجماته الكلامية الذائبة في التوعد والتحذير، رمى هاتفه و عمه يطالعه بهدوء وعتب قائلًا (ليه كِده يا ولدي سيبها دِه حجها تخاف على زعل أهلها)
صمت هشام يزفر بقوة ليرجوه حسان (هدي روحك يا ولدي وبلاش العصبية والحمجة دي الحريم مبتحبش كِده متخبش خيبة عمك)
ضحك بحشرجة أثارت السعال، لينشغل هشام بما حدث لاعنًا متوعدًا حماقتها،لن يمرر لها فعلتها.
#انتهى

ملاذ قلبي سكن Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang