♥️الاربعون❤️

1.4K 70 34
                                    

🌹الأربعون 🌹

صَلُّوا‬⁩ ⁦‪عَلَى‬⁩ ⁦‪مَنْ‬⁩ عَلّمَنَا اَلْحُبَّ
وَآخَى الْقَلْبُ بِ اَلْقَلْبِ
وَفتَحَ لِلْخَيْرَاتِ كُلُّ دَرْب
صَلُّوا‬⁩ ⁦‪عَلَى‬⁩ ⁦‪مَنْ‬⁩ يُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّتِي أُمَّتِي
اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد💜
**********
سألها بإهتمام وهو يعبث ببعض الأوراق أمامه مانحًا لها نصف وعي (سكن عملتي إيه النهاردة؟  )
أجابته وهي تتربع فوق الفِراش تبرد أظافرها بعناية (اتعلمت أكلة جديدة من الشيف حمزة ورحت الجيم وكوافير مع هند)
قاطعها متسائلا يوليلها جل اهتمامه بعدما جذبت انتباهه بكلماتها (نعم كوافيرليه بجا يا ست الحسن والجمال؟) قوله جلب الابتسامة لثغرها الوردي ونبرته الصادقة منحتها التأكيد لا السخرية،أخبرته وهي تنفخ فوق أظافرها (عادي روحت مع هند)
قال برضوخ وهو يعود لعمله من جديد (ماشي يا بت عمتي فهمت دي طب والجيم)
عاتبته برقة وهو تظلل أظافرها بعناية(الله رياضة يا حمزة!)
هتف مستسلمًا (ماشي بس خلي بالك من نفسك وكل حاجة بالراحة يا سكن جوليلي ذاكرتي؟)
قالت تراوغه وتتدلل عليه (لاااه بس لو ناوي تتابع معايا وتذاكرلي من بكره هلتزم)
ابتسم قائلا وهو يتابع ما تفعله (بتلوي دراعي يعني)
مطت شفتيها وأخبرته بضيق حقيقي وصدق لا مكرًا منها؛ ولااستحضارًا لغيرته (حضرت حصة أون لاين للمستر بتاع هيما)
هز رأسه بإستحسان وهو يرفع كوب النسكافية المجاور له ويرتشف منه مُردفًا (ممتاز)
مال فمها بإستهزاء وهي تخبره (لااا مش ممتاز)
سألها وهو يتابع تنقل كفيها بين أغراضا ووضعها مستحضرات العناية ببشرتها (ليه؟)
كورت شفتيها مفكرة ً فيما ستقول قبل أن تخفض بصرها وتهرب من أسر نظراته قائلة ( المستر ضايجني بكلامه فمش هحضر تاني)
قطب يسألها متحفزًا ببعض الضيق  (ليه عمل إيه ؟)
حكت له بصدق معربةً له عن ضيقها من تغزله فيها ونفورها الشديد من طريقته  (كل شوية يجولي هو الصعيد فيه جمال كِده؟ ولو قفلت الكاميرا يجول اهي الدنيا ضلمت)
انفعل حمزة واشتعلت حدقتاه بغضب شديد جعله يقاطعها رافضا سماعها وإكمال الحديث (بس بس وجعته سوده هو وهيما إياكِ تحضري تاني)
مطت شفتيها وهمست بنفور (لااه ده مستحيل مبحبش الناس دي )
تبدل حاله في لحظة مما نطقت به والذي كان مشروبًا من غيرةً تجرعه ليتقلب بعدها في جحيمه الخاص الذي يحجبه عنها ببراعة ويتبدل ميزاجه للأسوأ، يطرق بقلمه في توتر بينما هي تتابعه بإندهاش جعلها تسأله في خوف (أنت زعلت مني؟)
مسح وجهه بكفه مستغفرًا قبل أن يطالعها بإبتسامة باهتة مطمئنًا لها محتويًا خوفها(وأنتِ ذنبك إيه يا حبيبي)
مال فمها بعدم استحسان وهي تهمس له بعتابها الرقيق(حبيبي مش طالعه رايجة يا شيف)
اتسعت ابتسامته من قولها، هرب من جحيم أفكاره لجنة حبها يهمس لها بهواه في تأثر(ومين حبيبي غيرك بس يا سكني)
ضحكت تؤكد صدق مشاعره تلك المرة (رايجة المرة دي يا شيف مطبوخة بمزاج)
غمزها بشقاوة قائلا وهو يميل بجزعه مانحًا لها أروع نظراته (لما سكن مترويجش المزاج  مين يروجه جوليلي؟ )
تركت ما بيدها وثبتت نظراتها على صورته وهمسها التالي ترافقه تنهيدة (عيونك وحشوني يا حمزة، محرومة منهم أنا، ومن البصة فيهم ومن كلامهم الي بيتجالي مخصوص مببجاش محتاجة غير أبصلهم)
اغمض عينيه قليلا ثم فتحها على صورتها هامسًا بعاطفة تشتعل دومًا لأجلها ( سيبيني أكمل شغلي الله يهديكِ، لسانك لا نافع حلو ولا عفش فكل الحالات ضايع أنا)
لملمت خصلاتها بطوق مزخرف وهي تخبره بإستمتاع (وهو المطلوب متكملش وترجع)
تذكرت بعد صمت مشحون بالتفكير (عارف إني فاضلي جلستين مع الشيخ)
قال متهربًا من الحديث في هذا الموضوع الذي يجلب الهم لنفسه ويحيطه بالكآبة (على خير يا سكن)
جذبت انتباهه بمصارحته شعورها ومشاركته خوفها (حمزة أنا خايفة وكان نفسي تكون جنبي زي ما كنت دايما فأوحش لحظات حياتي)
تلونت نظراته بالذنب وهو يخبرها بإحتواء (أنا جنبك دايما متخافيش كله هيعدي وتبجي بأحسن حال)
تخطت الحديث وهي تمسح دموعًا تسللت من بين جفنيها،لونت نبرتها بالمرح   قائلة (نفسك فأيه دلوجت حالًا يا حموزتي؟)
تفهم هروبها وتخطيها الحديث فركل هو أيضا الأمر وأخبرها وهو يفكر بإبتسامة متألقة (بصراحة؟)
هزت رأسها بطفولية تؤكد عليه (أيوة بصراحة)
كتم ضحكاته وهو يخبرها بخبث مقلدًا طريقتها التي جلبت الضحكات لفمها (مش هتزعلي ولا تتعصبي وتجوليلي بتجول إيه يا دكتور البهايم إنت)
أكدت من بين ضحكاتها (لااااه جرّب وشوف)
شملها بنظرة خاطفة وهو يبتسم لحماسها وشغف الانتظار بعينيها، ركنت نظراته عند ثغرها وقال ما يناقض احساسه ورغبته (أحط راسي على رجل ورد وأنام، بجالي كتير منمتش نومة حلوة)
تقلصت ابتسامتها بخيبة وإحباط وهي تكرر متهكمة مصدومة (تنام على رجلين أمك؟  )
صحح لها بإستفزاز وهو يكتم ضحكاته (لا رجلين ورد)
صرخت بجنون من تلاعبه بها(هتفرق يعني يا فصيل)
أراح ظهره للكرسي يتمطأ بكسل ونظراته تمهد طريقًا مفروشًا بالأماني لشفتيها (والله هو دِه الي أنا عايزه)
ابتسمت في خبث وإدراك وهي تكشفه وتعري رغبته (عنيك بتجولي كلام تاني)
أغمضهما يجلي نظرة الشوق بهما هامسًا (صاحبها كداب يبجا هي كمان)
تأففت بصوت عالي من طريقته وتعمده ذِكر ما قد كان، ليعتدل معتذرًا (خلاص اهدي بهزر معاكي جوليلي عيني جالتلك إيه)
أحمرت وجنتاها بخجل لذيذ أربكه وهي تهمس (جالولي الي نفسي فيه أنا كمان يا حمزة وعيزاه دلوجت وهموت عليه )
ضيق عينيه فوقها مراوغًا (اها بس برضو ايه مفهمتش؟)
طالعته بنظرة فهم له، وكشف لدواخله قبل أن تطاوع رغبته وتهمس بإشتياق وخجل ( عايزة بوسة يا حمزة من الي بتطيّر فراشات فمعدتي)
خبأت وجهها المشتعل خلف كفيها هاربةً منه بينما حمحم هو بإضطراب مكشوف، إلتقط كوب النسكافية وارتشف منه غير مستحسنًا مذاقه بعد تذوقه لكلماتها، شعر بمرارته في حلقه فتركه واستعاد ثباته يخبرها بتغاضي وهروب وهو يرفع ساعة معصمة لعينيه ملتقطًا منها الزمن (بجولك إيه جومي اجهزي مش هتنزلي المطعم؟)
هتفت بتصميم وهي تواجهه تلك المرة بنظراتها في تحدي (بس أنا عايزة بوسة يا حمزة)
ابتسم رافعًا يديه في تبرئة لنفسه (معاذ الله هو أنا بتاع كدِه برضك يا بت عمتي)
رفعت حاجبها بغيظ ممصمصةً في سخرية وقولها يُعلن تهكمها مما نطق به وتملص من فعله (دا أنت كنت بتبوس واقع وأحلام يا شيف)
اتسعت عيناه في دهشة من سخريتها، وارى عنها ابتسامته قائلا (أنا؟ محصلش)
أعلنت قرارها وهي تتجه للجهاز تغلق الكاميرا قائلة في عناد وتحدي (طب معاذ الله كدِه أنا مبتكشفش على حد والي عايز يشوفني يثبتلي أنه مشتاقلي الأول)
قهقهه مستمتعًا بمشاكستها، محبًا لمرحها وشقاوتها التي تسطو على قلبه (براحتك أنا عادي)
نفخت بسأم وضيق من عناده وغروره قبل أن تتوعده (ماشي يا دكتور البهايم)
هتف بنبرة رائقة وهدوء يستفزها(سلميلي على أمي)
هتفت بضجر (ما تسلم عليها أنت يا بتاع عايز أنام على رجل أمي)
قهقهته بصوت عالي أغاظتها أكثر من بروده لتغمغم بنبرة باكية (ماشي يا حمزة  مش هعديها) ارتفع صوتها بجمود (سلام هند بترن هلبس وامشي)
أجابها بعاطفة (سلام يا حبيبي خلي بالك من نفسك وأبجي طمنيني وكلميني من هناك سلام)
قالت بفظاظة (ماشي هشوف سلام) تركت الهاتف جانبًا وهي تنفخ في حرقة منه تحولت لدهشة وهي تسمع صوت قبلاته التي ختم بها اتصاله، عادت للهاتف وأمسكته بأنفاس متسارعة تسأله (حمزة أنت عملت إيه؟)
قال بإدعاء كاذب للجهل وعدم المعرفة وهو يتثاءب (معملتش حاجه مش جولتي سلام)
قالت بنبرة محذرة (حمزة) لكنه واصل ببرود التحدي
استحلفته بلهفة (بالله يا حمزة أنت مش بعتلي بوسة دلوجت)
زفر في مراوغة مدعيًا الجدية في نبرته (لا إله إلا الله هي حصلت تتبلي عليا يا سكينة وكمان بتتخيلي كدا حالتك محتاجة دكتور)
ابتسمت تلكمه بقولها (ما أنت كتر خيرك بعتلي تقى)
صمت متوقفًا عن الكلام في صدمة كشفها تلعثمه وخوفه من المواجهة (أنتِ عارفة؟)
ضحكت قائلة بفخر (من أول يوم يا حبيبي)
سألها بتوجس وهو ينهض من جلسته في قلق وترقب (ومزعلتيش؟)
هتفت برضا ونبرة عادية لا مبالية (لاااه عادي يا حمزة كتر خيرك أزعل ليه أنت عايز تطمن عليا وتساعدني)
اندهش من طريقة تفكيرها فقال(بتشتغليني يا سكن؟  ولا إيه)
أكدت بعفوية وصوتها يبتعد ويقترب مع تحركها في أنحاء الحجرة (لاااااه والله يا حبيبي أنت مغلطتش) ضغط خصلاته وهو يعاود الجلوس من جديد في راحة واطمئنان، لتردف هي بمكر (شوفت عدتهالك اهو؟)
طلب منها في حسم (لما ترجعي لينا كلام طويل يا سكن)
صمتت مفكرة قبل أن توافقه الرأي مرحبةً بقراره في ثقة  (وماله أرجع بس و معاك للصبح يا شيف اسأل وأنا أجاوب)
هتف بإعجاب وفخر (اتغيرتي يا سكن وحلاوتك زادت)
شاكسته وهي تضع حقيبتها على كتفها (طب بالنسبة للبوسة)
قال بضحكة خلابة (لما تكبري شوية يا بابا لسه بدري، الحاجات دي عيب على الي فسنك)
لم تستسلم لاستفزازه وتثور من كلماته بل هتفت في غرور وتحدي (هنشوف يا شيف، الطبخة الرايجة الحلوة عايزة نار هادية مش كده برضك؟ )
أكد مستمتعًا بكلماتها التي تغزو قلبه وتفرض سيطرتها وتحكماتها عليه وتطوع دقاته لصالحها(كدِه يا جلب الشيف)
(يلا سلام يا حمزاوي خلي بالك من نفسك)
(سلام يا حبيبي في رعاية الله وحفظه)
*****************
في المطعم أوصلتها هند وبعدها استأذنتها المغادرة بعدما جاءها اتصال هام، سلمتها لإبراهيم وغادرت على وعد بالعودة.
جابت المطعم بنظراتها المنبهرة تراه في كل ركن فيه فتبتسم بطفولية، جاء حسن من خلفها مرحبًا بإبتسامة واسعة وبشاشة (إيه النور دا كله، المطعم كله نوّر والله)
استدارات تستقبل ترحابه ببسمة واسعة ونظرات لامعة مازالت تعتنق صورته من  خيالها العامر بصوره الكثيرة
(ازيك يا أستاذ حسن)
عاتبها بمرح وابتسامة مُشعة (أستاذ إيه بس؟)
صححت القول مشاركةً له مرحة (خلاص شيف حسن)
عقد ساعديه أمام صدره قائلا (يا ستي حسن عادي والله)
أخفضت رأسها بحياء امتزج بحرجها وهي ترفض بأدب  (لا مينفعش)
راقب تلون محياها بالخجل وتهرُّب نظراتها منه فهتف راضيًا ( ماشي شيف شيف)
سألها باهتمام وهو يشملها بنظرة  سريعة(هند عملتلك يونيفورم؟)
زاد ارتباكها وتوترها من سؤاله المرافق لنظراتها المستكشفة لها، لتخبره ببعض الضيق (لاااه حمزة هو الي عملي بس أنا عايزة أشوف حاجته الي بيشتغل بيها؟)
طلبت برجاء وحياء دون أن ترفع نظراتها إليه، ليشير ناحية حجرة جانبية (دي أوضة حمزة الخاصة تقدري تروحي وتشوفي الي عيزاه)
هزت رأسها شاكرة (تمام شكرًا)
انسحبت من أمامه متجهة للحجرة المعزولة عن المكان نوعًا ما، أخرجت من حقيبتها مفتاحًا وأدخلته لينفتح الباب وتدخل مغلقة خلفها.
أضاءت الحجرة ووقفت توزع نظراتها فيها بإبتسامة وشغف حتى استقرت نظراتها على صورة كبيرة معلقة على الجدار يظهر فيها حمزة بزيه الخاص وبجانبه فتاة جميلة ترتدي نفس الزي جوارهما العديد من الأشخاص لا تعرف هويتهم.
لملم الحزن ابتسامتها وهي تدقق النظر في الصورة وتختنق للحميمية التي يحتضن بها حمزة الواقفة جواره، نبض قلبها بقوة وقد أدركت أن تلك الجميلة ماهي إلا مرام.
قبضة باردة اعتصرت قلبها العاشق في غيرة،فاقتربت أكثر تتأمل الصورة بدقة  وفضول قطعه عليها هيما بطرقاته السريعة.
إلتفتت تلملم انكسارها وتجمعه في نظرة حزينة إلتقطها هيما حين دخل بعد سماحها له (إيه يا شيف سكن من أولها تأخير)
مسحت دموعها مستلة من قوتها سيفًا بارزت بيه حزنها وأخضعت به الابتسامة الباهتة لتعتلي ملامحها وهي تسأل (الي في الصورة مرام يا إبراهيم؟)
هز رأسه بتأكيد مشفقًا عليها، ليقول معاتبًا برفق (بتبكي ليه دي صورة نقدر نشيلها ونحط غيرها فيها سكن)
ابتسمت ممتنة له شاكرة تفهمه ولطفه، لتستعيد حيويتها وتسأله (فين طاقية حمزة يا هيما؟)
اتجه ناحية خزانة صغيرة وسحبها هي والزي الخاص به مشيرًا لها (اهي يا ستي)
ضحكت بمرح وشقاوة وهي تسحب القبعة وتضعها فوق رأسها قائلة (صورني لحمزة يا هيما) أطاع فورًا بحماس، إلتقط الصورة وأرسلها له ليرد حمزة مازحًا (شبه الفار الطباخ استمري)
أخرجت هاتفها وراسلته  بعيدًا عن نظرات هيما لخصوصية ما ستقوله  (أحلى منك يا حمزاوي)
سألها بإهتمام (اليونيفورم جه مقاسك وريني شكله عليكي يا سكني؟)
صمتت قليلًا مفكرة بزعر احتل ملامحها وفكرة شيطانية تطرأ على عقلها، فسألته بخوف وترقب قاتل (حمزة أوعى يكون بتاع مرام)
اعتصرت كلماتها قلبه فتألم وتلوى في وجع قبل أن يسارع بالتوضيح متفهمًا بإشفاق واحتواء سبب سؤالها  ( إنتِ مين يشبهك يا سكني ولا زيك علشان تلبسي حاجة غيرك ولا حد يلبسها بعدك ، إنتِ حاجة حلوة ملهاش مثيل لا تتقارني بحد ولا حد يشبهك، كل حاجه تتعملك مخصوص ياحبيبي)
أثملتها كلماته فتطوحت همستها في لذة ورضا (بحبك يا حمزة لا جولتها لحد جبلك ولا هجولها لحد بعدك)
اقتسما لذة الشعور وخمر الكلمات، ليهمس بتنهيدة هيام (كلامك وصلني وحسيته  لمس جلبي وروحي مين يصبرني على بعدك يا سكني)
أفاق متذكرًا الصورة فقال طالبًا رضاها (سكن عايزة تشيلي الصورة الي عندك شيليها يا حبيبي واعملي الي يريحك وفي حاجة تانية عايز أجولهالك )
مممتنة لأحساسه  بها ومراعاته مشاعرها وغيرتها عليه، احتوائه وتفهمه
انتبهت متسائلة بإهتمام (ايه يا حمزاوي؟)
نصحها بجدية (متسمعيش لحد عندك، الناس الي عندك مجرد زملاء ليا محدش فيهم يعرف عن حياتي أكتر ما أنتِ تعرفي ولا أكتر من الي أنا عرفتهولهم بحدود، وأي حاجة تسمعيها أو تضايجك تعالي وجوليلي واسأليني أنا)
طرق هيما الباب مناديًا يستعجل قدومها، فقالت (يلا سلام هبدل هدومي وأروح الشغل)
شدد عليها بإهتمام خاص (متنسيش تتصوري يا سكن وأوعي ترجعي وتنامي من غير ما تكلميني)
أكدت بعاطفة (لاااه مش هعملها يا حمزاوي مش هعرف أنام من غير ما نرغي وأنا وعدتك أني الليلة بتاعتك تسأل وهجاوب يا شيف)
تنهد بولع مؤكدًا بحرارة همسها (وكل ليلة أنتِ بتاعتي يا سكني)
ضحكت بدلال خاص هامسةً برقة تشدد على حروفها (وكل ليلة بتاعتك يا حبيبي)
(يلا سلام)
(سلام)
بدلت ملابسها وخرجت تثبت قبعته فوق رأسها متزمتة من وسعها تسخر قائلة (طلعت راس حمزة كبيرة ولا إيه)
رفع هيما لها القبعة ضاحكًا (جدامي يلا هتعمليلنا فيها من أولها مرات المدير)
دخلت معه المطبخ الواسع المنظم، تتلفت حولها متفحصة المكان منبهرة بتنظيمه ونظافته وسرعة الأيادي العاملة وإتقانها، عرّفهم هيما عليها بفخر 
(مرات الشيف حمزة يا جدعان يعني بقا عندنا واسطة جامدة)
ابتسمت تهز رأسها في تحية للجميع الذين رحبوا بها بشدة وبكل مودة، مالت تهمس بخجل (فين هند؟)
أجابها هيما وهي يستعد للعمل (قالت هتتأخر شوية)
بعثرت نظراتها حولها هامسةً بإرتباك فضحته نظراتها الغارقة في التشتت (طيب هعمل إيه؟)
اقترب حسن منهما يربط مريوله في استعداد للعمل، ابتسم موجهًا هيما (يلا يا باشا على شغلك وأنا هاخد سكن مساعد)
تعلقت نظراتها الراجية بهيما الذي وقف مفكرًا قبل أن يمنحها نظرة مشجعة مطمئنة ويشير لها (روحي مع حسن) تجعدت ملامحها بضيق لا تعرف مصدره، رافضةً أن تكون مساعدًا لهذا الذي لا تعرفه وإن كان صديقًا مقربًا لزوجها لكنها لا تستسيغ العمل معه وهي لا تعرفه.
تركها هيما معه وغادر لتبقى هي ضائعة تتلفت حولها بإضطراب حتى سحبها هتاف حسن (يلا يا سكن)
اقتربت بوجل، جاورته تاركةً بينهما مسافة محسوبة ومحددة تتبع تعليماته بتيه وإرتباك، تخطئ يدها الهدف  وتتلعثم أحرفها بضياع انتبه له فتوقف عن العمل مبتسمًا  يسحب طاقتها السلبية بابتسامته اللطيفة وقوله المراعي (اهدي خالص وركزي احنا مش مستعجلين)
رفعت نظراتها الغارقة في الدموع ممتنة لتفهمه، ليرتبك وتتقلص ابتسامته الواسعة، ترك كل شئ من يده واقترب منها مطمئنًا (اهدي يا بنتي في إيه؟  عايزة حمزة يعلقنا كلنا ولا إيه؟)
ابتسمت لكلماته المرطبة، فأردف بلين(تعالي نشرب حاجة كدا وبعدين نرجع)
زمت شفتيها بغير رضا ولا قبول للفكرة، ليمازحها قائلا (لا اجمدي كدا لو شوفتي حمزة وهو بيشتغل هنا مش هتعرفيه، لو رجع واشتغلتي تحت إيده هينفخك)
لفظت اسمه في رقة وهيام كأنما تستدعيه وتطلب حضوره إليها ومساندته (حمزة)
لتأتي من خلفها فتاة بشوشة وتضرب على كتفها قائلة (مرات الشيف حمزة؟)
استدارت سكن مؤكدة بنظراتها وهزة رأسها لتضمها الفتاة قليلًا مرحبة بود ثم تبتعد عنها معاينة بإعجاب وإستحسان (الله هو الشيف حمزة ذوقه حلو كدا دايما؟)
ابتسمت سكن بتكلف مجاملة لها على كلماتها اللطيفة التي أكدها حسن بعدها بقوله ونظراته(حمزة محظوظ دايما)
مال فم الفتاة قائلة (عقبالك يا شيف)
خلع حسن مريوله قائلا بحسرة مفتعلة (لا أنا مش محظوظ زيه)
عرّفتها الفتاة بنفسها في لطف يماثل نظراتها (أنا سماح) مدت لها كفها ففعلت سكن بابتسامة مرحبةً(وأنا سكن)
لمعت عينا سماح بإعجاب صرّحت به (سكن حمزة الله! حلو جدًا)
صرفها حسن بجدية (هنرغي ونسيب شغلنا يا سماح ولا إيه؟)
تراجعت سماح خطوة قائلة (لا يا عمنا رايحه اهو)
ودعتهما ورحلت ليتحرك حسن قائلا (يلا يا ستي نشرب حاجه تهدي أعصابك وبعدين نرجع)
أومأت سكن بضيق قبل أن تسأله وهي تمر من أمام ركنين منعزلين قليلا عن بقية المطبخ (دا مكان حمزة؟)
جلس حول طاولة منعزلة قليلًا بعيدة عن الزحام وهو يشير لها لتجلس مجيبًا سؤالها (أيوة بتاع حمزة ومبيحبش حد يشتغل فيه ولا يستخدم حاجته)
تحولت نظراتها للمكان على الفور وابتسامة لذيذة تتعلق بثغرها، ليردف حسن وهو يسترخي فاردًا ظهره وهو يضع ساقًا فوق الأخرى بينما نظراته تنغرس في نظراتها مترقبًا رد فعلها على قوله التالي الذي تردد فيه قليلا(والي جنبه خاص بمرام)
انحسرت ابتسامتها وأظلمت ملامحها المشرقة من قوله، رمقها بنظرة ثاقبة متصيدة قبل أن يبدل حديثه في إشفاق وندم (ها يلا تشربي إيه؟)
قبل أن تجيبه كانت رسالة حمزة تصل إليها فتجاهلت حسن وسؤاله وسحبت هاتفها تجيب بإبتسامة تكاد تنطق فوق ثغرها جمالًا وبهاءً من روعة ما تحسه وهي تقرأ كلماته (فين الصورة يا سكن؟)
انشغلت بالكتابة له (حاضر يا حمزة)
سألها بإهتمام(بتساعدي هند؟)
اختفت بهجتها وهي تجيبه (لا حسن علشان هند جالها مشوار ومشيت)
(كويس حسن تخصصه حلويات اتعلمي منه شوية علشان تبهريني بعمايل يدك)
كلماته أعادت الابتسامة لموضعها فوق ثغرها من جديد (ماشي هحاول بس أنا عايزة حد غيره يعلمني)
انتبه يترقب ردها بقلق (زعلك ولا إيه؟)
أجابته تطمئنه (بالعكس هو كويس جدًا ومحترم بس أنا مش حابة اشتغل مع رجالة يا حمزة إلا لو الشيف حمزة بنفسه هو الي هيعلمني ساعتها ممكن)
(أنا متعب فشغلي ومش هتتحمليني)
(لما دا يحصل أنا أقرر وجتها اتحمل ولا لااه)
جاء العصير فرفعت نظراتها من على الهاتف وكذلك فعل حسن الذي انشغل هو ايضا بهاتفه لمّا شعر بإنشغالها وأحس بعزلتها بعيدًا في خصوصية.
(يلا سلام متعطلنيش)
(متنسيش الصور)
(حاضر)
تناولت عصيرها وغادرت خلف حسن تعمل بحماس ونشاط متّبعةً تعليماته بصمت واهتمام،  وكلما ترك المكان وغاب لدقائق؛ ليباشر العمل سحبت هاتفها وإلتقطت لنفسها عدة صور وأرسلتها له.
******************
بعد مرور يومين انشغلت فيهما بالعمل والخروج مع أصدقائها الجدد والذهاب لعمها بضع ساعات في اليوم لتطمئن عليه وتجلس معه مستردة عافية جسدها وعقلها،ومن بعدها تعود لتنام ويبقى هو أسير شوقه لا يكف عن السؤال والاطمئنان عليها من بعيد وأحيانا يراسلها فترد بإختصار ويعود هو لعمله منشغلًا به..
لكن الليلة اشتاقها بشدة وانشغل باله بها وهتف قلبه مناديًا لها فأمسك هاتفه وراسلها متمنيًا أن تجيب وترحم شوقه ولهفته عليها التي تحرمه النوم  
(فينك لو أعرف المطعم والناس هيبعدوكي عني مكنتش وافقت)
وصلتها رسالته المعاتبة المليئة بشوقه غيرالمحدود والذي يوقظ في قلبها ألف حنين له، لثمت بنظراتها الأحرف آلاف المرات قبل أن ترد(ومين يجدر ياخدني منك ياحبيب عيون سكن)
تنفس بإرتياح حين أجابته بسرعة عكس الأيام المنصرمة التي كان ينتظرها فيها طويلا، وضع كفه موضع قلبه يداعب نبضاته الثائرة ويهدأها وهويكتب (اتمنى يا سكن)
(طمني عنك واحكيلي عامل إيه؟) كتبتها وهي تطالع صوره المفروشة أمامها
نبرته اعتنقت السعادة، أصابها سهم الهوى فرقت ولانت، ضحك في انطلاق وهو يخبرها كتلميذ نجيب (بشتغل كتير وجليل ما باخد راحة عايز أخلص)
عاتبته مشفقة عليه (تتعب يا حمزاوي)
(مبجتيش فاضية عشان أفضالك مخصوص) قالها يناشد فيها الشوق ويعاتب فيها قلبها
اقترحت متهربة من عتابة شاعرة بالذنب تجاهه وفرط الندم (نام وارتاح لو أنا مش فاضية)
كتب بلوعة واشتياق يمزق ثباته ويأخد برأس صبره ويغرقه في بحر الشوق الهائج بصدره (بشوفك ويزيد شوجي ليكِ أكتر)
ابتسمت في خجل وتورد لذيذ(جصدك الأحلام الي مش ناوي تجولي عليها)
كتب يقاسمها الابتسامة (وليه أجولك عليها هي مجرد أحلام)
كتبت بعدما فكرت قليلا ومازال الخجل العذب يلفها بشاله الرقيق (عشان احججهملك يا حبيبي)
ضحك بإستمتاع منتشيا يتذكر احلامه (أنهم يتحججوا حلم برضو)
أرسلت له تسجيلا بصوتها الرقيق الدافئ (غششني يا حبيبي وشوف بعدها هيتحججوا ولا لاه)
وضع كفه موضع قلبه وهو يتنفس بعمق من فرط تأثره بسماع صوتها الذي يمس شغاف قلبه برقته ونعومته (هفكر)
(جبتلك حاجات كتيريا سكن يارب تعجبك) كتبها وانتظر لهفتها الطفولية
(وريني يا حموزتي)
أرسل لها العديد من الصور التي ما إن طالعتهم حتى انتفضت لاعنة تزم شفتيها بغير رضا وملامحها تعلن عدم إعجابها واستحسانها (ايه ده يا دكتور البهايم)
(معجبوكيش) كتبها بقلق
لتضغط زر الاتصال بسرعة، جاءها صوته ناعسا فابتسمت بإشفاق،
(احلى مسا على الشيف وعيونه الحلوين حبايبي)
عاتبها بحنو (سبيني اكمل شغلي ياسكن وارحميني شوية)
ضحكت برقة ودلال ليسألها(الهدوم معجبتكش)
قالت من بين أسنانها بغلظة وتهكم (حمزة لما جبتلي الهدوم فقنا جولت مراعي بس شكلك كدا هتغلبني)
قطب بعدم فهم، لتزعق بغيظ (بجامات بكم ورجبة دي تديها لأمك هتعجها)
وبخها بضيق (أمي يا جليلة الرباية)
ثماعتدل جالسا يستفسر بمكر من إنزعاجها (وأنتِ متلبسيهاش  ليه)
تأسفت وهي تضرب جبهتها (حمزة حجك عليا والله بجد كنت غبية أنت صح يا حمزة، مني لله ازاي اتهمتك الاتهامات الغريبة دي وأنت جايبلي بجامات بكم)
استوعب وفهم مقصد كلماتها الذي استمع له بصبر حتى وبخها ضاحكا (يا بت ال.....
ضحكت من رد فعله فقالت بفخر (استنى أنا هوريك الي بجيبه يا دكتور البهايم يا أبو بجايم بكم)
أرسلت له الصور بعضها صورا لها وهي ترتديها وبعضها عادية، اتسعت نظراته وهو يقلّب فيها، اختلط الإنبهار بإعجابه وهو يغمغم بحرقة (منك لله يا بعيدة)
سألته وهي تكتم ضحكاتها (ها إيه رأيك)
سألها بتأثر وتشتت وصدمة غيبت إدراكه (رأيي فأيه ولا إيه ولا إيه)
زعق بعدما تخلص من تأثير ما يراه (متتصوريش تاني ولا تبعتيلي)
هزت كتفها بإستهانة وبرود (عادي براحتك)
(وامشي يلا رايح أنام) ركلها بطريقته الفظة لكنها تلقتها كاتمة ضحكاتها هامسة بغنج (أحلام سعيدة يا حموزتي مش هوصيك)
غمغم ويمرغ وجهه في الوسادة مغتاظًا من مكرها الذي بدأ يعيه ويفهمه ويقضي على ثباته (ماشي وليكِ يا بت عمتي)
*******
في قنا داخل منزل راضية، انفرد زين بمودة بعدما طلب منهما ذلك رغبة في الحديث معها ببعض الخصوصية..
جلست مودة مجاورةً له في المندرة الصغيرة بعدما تركت الباب مفتوحًا في إشارة محذرة منها بألا يتمادى، فامتثل لرغبتها في سخرية منه واكتفى بأن
سحب كفها وضمه بكفه قائلا ببسمته الهادئة وملامحه الثابتة التي تعجز عن فك شفراتها أحيانًا (خلصتي حاجتك يا ميمو)
تعلقت نظراتها بكفها المستكين بين أناملها وحركة إبهامه لباطن كفها وهي تهمس بخجل زادها بهاءً وجمالًا في عينيه (زين حمزة عايز يجبلي الفستان هدية؟)
سقطت نظراته على كفها يستمع ما لما تقوله بصبر وهدوء أربكها وألقى بها في أرض الخوف طريدة الترقب، انتظرت حتى رفع نظراته إليها قائلا بنبرة تناقض ملامحه وابتسامته التي تخبئ شعوره بالضيق كغلاف (لاااا)
جادلته بهدوء ورفض لقراره (ليه دي هدية، وأنا مش عايزه أكسفه دِه زي أخويا )
ترك كفها معلنًا بذلك غضبه وعدم تقبله الأمر واستعداده لنتائج الجدال التي يعرفها مسبقًا (أنا عايز أكسفه وحقي)
امتعضت من طريقته الفظة وأسلوبه في إنهاء النقاش، فانتفضت واقفة تعقد ساعديها في عزم مقررةً(مش هجدر أكسف واد خالي وأختي وأجولهم لااااه)
رمقها بنظرة غامضة وابتسامة مستفزة باردة خالية من المشاعر (أنا أكسفه وأجوله عادي هو مش ابن خالي)
قست نظراتها الموجهة إليه غير مرحبةً بكلماته ولا طريقته، فصفعهما بأخرى متحدية متجاهلة فأشاحت ترد له بضاعته (ولو حصل دِه هيزعلني يا زين ويزعل حمزة  وأنا يعز عليّ زعل حمزة)
عض باطن شفتيه في غضب مستعر داخله أطلق زمامه عنادها وكلماتها التي لا تلقي لها بالًا، هب واقفًا مثلها يسألها من بين أسنانه ببسمتة الساخرة ونظراته المستهينة (وإيه كمان يا مودة؟  حاسس عندك كتير هيتقال مرتباه ومصممة عليه)
توترت من قراءته أفكارها ومعرفته بها لهذا الحد، قايضته بنظرة مهزوزة ضائعة فمنحها نظرة قوية وعزم لا يفتر وخيبة تتوشح بالتهكم، ابتلعت ريقها الذي جف في اضطراب لم تخطئه نظراته واستطردت (نأجل كل حاجة لغاية ما يجي حمزة ويحضر هو وأختي)
مط شفتيه مستمعًا بصبر يقلب كلماتها في عقله ويتلذذ بإنتظارها لقوله، ليرفع رأسه ويسألها باستهزاء ملأ ملامحه (ولو اتأخر حمزة؟ أو حصل أي حاجة، حضرتك مرتبة ميعاد محدد هتبلغيني بيه ولاهستنى إذنك)
ختم قوله بنظرة تهكمية منتظرًا إجابتها التي تدور الآن بنظراتها في الحجرة مفتشةً عنها أو عن أي إجابة تسعفها. أجابت بتلعثم وشفتيها تنال نصيبًا من تشتت أفكارها بضغطات متتالية جذبت نظراته (عادي نستنى، هو كل حاجة جات بسرعة أصلًا)
حك مؤخرة رأسه وهو يردد خلفها بموسيقى ساخرة (جات بسرعة، جات بسرعة)
ليقف بصلابة أمامها مراقبًا توترها وهو يلقي بكلماته على مهل وبرود جمّد الأخرى  (وأنا مشترتش يا مودة وكل الي قولتيه دا كأني مسمعتوش وأقولك ولا كأني جيت من أصله واتعكنن عليا كالعادة)
شملها بنظرة مستخفة غاضبة وهو يرفع كفه قائلا بتحية (سلام يا مراتي)
خطا للخارج في ببطء وهدوء يناقض البركان المشتعل داخله، تخطى عمار وراضية وخرج تتبعه هي التي فاقت أخيرًا من غيبوبتها الفكرية وذهولها تلاحقها نظرات والدتها المرتبكة، أمسكت بذراعه تمنعه دخول سيارته قائلة بحدة (استنى يا زين دي مش طريجة)
نظر لكفها المحيط ساعده بحاجب مرفوع قبل أن ينفضها عنه قائلا بمراوغة (طريقتي ولا طريقتك)
تهربت واستنكرت سؤاله بغرور (طريجتك طبعا)
فتح باب السيارة ودخلها ملوحًا بثلجية وعدم اهتمام (تمام)
منحها نظرة غامضة وهو يقود سيارته ويرحل غير عابيء بوقوفها ولا نظراتها الحزينة التي بها أطياف راحلة إليه من رجاء.
عادت للداخل تراقبها نظرات عمار دون اهتمام بالسؤال أو التدخل لمعرفة ما حدث بينهما حينما انفرد بها زين بناء على طلبه للتحدث معها، بينما اضطربت خفقات راضية بقلق وهي تتابع رحيل مودة العاصف للأعلى والذي خلّف في قلبها خوفًا لا يُقاوم، خاصة وهي تراها أصبحت أكثر شرودًا ووهنًا وتيهًا.
****************
وفي اليوم التالي
راسلت سكن حمزة تستأذنه
(حمزة ينفع أكلم زين؟)
(ليه..؟)
أوضحت له لا تخفي شيئًا عليه
(بصراحة رافض أي هدايا مننا ومودة زعلانه، جولت أكلمه ولو تحب تسمع المكالمة مفيش مانع)
رفض قولها وعدم ثقتها فيه وفي نفسها موضحًا بصبر
(لا طبعا يا سكن، لو هرفض هرفض غيرة عليكي يا حبيبي مش عدم ثقة أبدًا، إلا دي ياسكن أنا عارف تربيتك وأدبك)
تهللت شاكرةً له حبه واحتوائه اللامحدود
(تسلملي يا حمزة) ثم مازحته بشقاوة ومكر
(بس أنا بشك فيك عادي)
ليحذوا حذوها في مشاكسة اعتاد عليها معها
(عشان جزمة يا حياتي)
اختصرت الحديث لإنشغالها بحالة أختها ونفسيتها السيئة منذ ما حدث
(طيب هكلمه الخنيق دا وأرجع أحكيلك)
كتب بتفهم (براحتك يا حبيبي)
على الفور كانت تنقر فوق هاتفها مفتشتة عن رقمه الذي سجلته، ضغطت زر الاتصال وانتظرت حتى جاءها صوته جامدًا خشنًا خالي من الرفق مما جعلها تشفق على أختها منه وعذرتها فيما تقول، لاتعرف لماذا قارنت بينه  وبين حبيبها ورفقه ولينه في الكلام.
ابتسمت بشوق كاد يجرفها عن هدفها لولا بقايا من ثبات وسيطرة على مشاعرها أصبحت تجيدها
(ازيك يا حضرة الضابط أخبارك إيه وعامل إيه؟)
حك ذقنه مفكرًا، يفتش في ذاكرته عن صاحبة الصوت حتى ابتسم بإدراك مجيبًا (ازيك يا سكينة عاملة إيه وأخبارك إيه؟)
ابتسمت بمجاملة مرحبة بإدراكة لها ومعرفته صوتها(ازيك أنت وأخبار الوالدة)
أجابها بخشونة منتظرًا أن تدلو بدلوها وأفكاره تركض لأخرى التي لو صدق ظنه فيها لن يغفر لها (الحمدلله، الدكتور حمزة بخير والوالدة)
أجابت بجدية ورزانة خالية من الاندفاع (الحمدلله)
سألها دون صبر، واندفاع أحرجها (خير في أي مشكلة معاكي؟)
تسلحت بالحدة وهي تهتف بجدية وضيق من طريقته الفظة (لااااه مفيش وربنا ما يجيب مشاكل ولولا مودة ولسانها مكناش احتجناك فمشاكل يا حضرة الضابط)
ابتسم بخشونة وهو يستمع لها متداركًا فظاظته التي لم تمررها له، تغاضى بصبر
شاعرًا ببعض الحرج من اندفاعه وعلظته في الرد (خلاص بقا مقصدش أنا تحت أمر خالة العيال والله)
قوله لم يبدل نبرتها، أو يلقى صدى بنفسها،بل تابعت بجفاء ونبرة حادة (رفضت ليه هديتنا لمودة؟)
سألها بعصبية واستهزاء ملأ نبرته (هي اشتكتلك؟)
أجابت من بين أسنانها وهي تكتم تأففها الضجر من طريقته (لااااه هي رفضتها من غير ولا كلمة ففهمت إنك الي رفضتها)
قال في استهزاء وتلاعب (دعكتي الفانوس قالك إنه أنا ولا إيه يا خالة العيال  )
ابتسمت موضحة غير منجرفة لجدال غير محمود العواقب بطريقته تلك، متغاضية عن سخريته اللاذعة (دي أختي الوحيدة وكنت حابة أهاديها حاجة مميزة كفاية إني مش هحضر، الفستان مش هنشترية أنا ومرات خالي بنعمله بنفسنا هدية تستاهلها مودة بنختار كل تفصيلة فيه زي ما بتحلم ومقولناش علشان نعملهالها مفاجآة وهي مبسوطة فليه تكسر فرحتها وخاطرها؟)
مسح وجهه مقتنعًا مُعجبًا بما تقوله وسردته بكل حب وحماس على مسامعه، فأخبرها بإختصار (الفستان تبعي أنا وهديتي ليها، هي قالت حمزة هيجيبة ليها وأنا مش حابب وبما إنها فقرة صراحة  فأنا بكل صراحة مكنتش حابب جوزك يجيب حاجة لمراتي على ذوقه تلبسها  )
كتمت صرختها داخلها وتنفست بعمق قبل أن تعترض مسرفة في الحدة معه لعدم وزنه كلماته قبل النطق (حمزة مش أي حد قبل ما يكون جوزي هو ابن خالنا وأخونا، لما عرف دفع خامات الفستان كهدية لكن لا شافه ولا اختار حاجة فيه هو ماله أصلا بعدين أنا وضحتلك الجصة كلها)
ضيق نظراته بتفكير في منطقية قولها، لكنه انتهج الحدة والصرامة في الرد (أنا حر عايز اختاره معاها يضايقكم دا فحاجة؟)
اغمضت عينيها شاعرة القهر والغضب، لتفتحهما قائلة برضوخ (براحتك طبعا أنت حر وآسفة لإزعاجك)
قال بنبرة حيادية المشاعر (تمام ولا يهمك)
أنهى الاتصال بإستهانة غير مهتم، لينقر فوق هاتفه ويراسلها بحدة رغم وضوح كلمات أختها ويقينه أنها لم تشكوه لأحدٍ (بتشتكي لأختك وبتبعتيها تكلمني؟)
أجابت بعد دقائق بإتزان وثقة (أنا رفضت هديتهم وبلغتها متكملش علشان أنت رافض وعايزتجيب على ذوجك فحرام تعبها وفلوسهم تترمي بجلة تقدير مني)
ضرب بقبضته فوق المكتب لاعنًا
تبا فهي تلومه وتوبخة بمواربة،  ليكتب بعصبية (بقولك إيه متوجعيش دماغي، لو زودتي هلغي فكرة الفستان أصلا وأجي أخدك من بيتكم كدا)
  جادلته بإستهزاء ورفض(وأنا هروح معاك وجتها؟) كتب بغطرسة (غصب عنك أنتِ مراتي وأنا حر)
اتخذت قرارها في ثبات وتبلد في المشاعر (يبجا كل واحد من طريج يا حضرة الضابط فرصة سعيدة أنا عايزة اتطلج)
تلبست الضحكة المستهينة غضبة فخرجت متهكمة تخفي جحيمًا خلفها لو اطلعت عليه لولت من فرارًا (كان بودي أقولك أنا أسعد بس أنا زين والله)
أنهت المراسلة ونظراتها تبحر في عمق الحزن وتلقى أهوال عذابه منغمسة في ظلامه الدامس الذي غيب أفكارها، رمت الهاتف وجلست أرضًا منفجرة في البكاء،  بعدما تراكم كل الحزن داخلها وصنع جبالا راسية كتمت أنفاسها وغيرت خرائط نفسها فما عادت تعرف لأفكارها وجهة ولا لقلبها مرسى، مُعذبة بظنونها ووحدتها القاتلة، سئمت العقل وقراراته والجدية وجحيمها الخانق، كرهت أن تبقى صلبة قوية تسند نفسها تحتاج للإتكاء قليلًا لتلتقط أنفاسها وتستعيد تصحيح وجهات خرائطها، هي بكل تلك الصلابة والحزم تريد أن تستريح قليلًا ، تريد أن تغمض عينيها دون قلق وتفكير مطمئنة البال.
مسحت دموعها وأمسكت بهاتفها تحاول  الاتصال بأختها وعاليا في مكالمة جماعية تلقي بأوزارها عليهما، أجابت سكن وكذلك فعلت عاليا التي هتفت (اهلا بالحزانة بإذن الله تكون مكالمة عدلة يا فجر منك ليها)
أعلنت مودة عدم تماسكها وخذلان نفسها القوية لها وبدأت الاتصال ببكائها المستغيث لهما وتخليها عن واجهة الصلابة في تعب.
هتفت عاليا بذهول (مودة بتبكي الجيامة هتجوم ولا إيه؟)
تغاضت عن سخرية عاليا وقالت بضعف (جولتله يطلجني معدتش جادرة اتحمل)
أدركت سكن بفطنتها أن زين لم يدخر جهدًا لمضايقتها عقابًا على حديثها معه
فتنهدت قائلة (اهدي يا مودة مفيش حاجة مستاهلة كل البكا دِه وفهمينا في إيه؟)
سردت مودة ما قاله لها وجلب سخطها لتبتسم سكن بوجع قائلة (عادي ما أنا اهو اتجوزت من غير حاجة يا مودة احنا موعودين، زعلانة عشان هتتجوزي من غير فرح ولا من طريجته؟)
أوضحت لها مودة (أنتِ عارفة ميهمنيش كل دِه ولا فرق معايا طول عمركم أنتِ وعاليا الي بتتخططوله وترتبوله ويهمكم وأنا عادي المهم أكون مع حد بحبه ويحبني)
هزت سكن رأسها مؤكدة القول (صُح واهو اتجوزت ومتجوزتش) قالتها بنبرة يشوبها البكاء والحنين لتهتف بأمل يحيا بين جنباتها (وجولت تعوضي وتحججي أنتِ وعاليا الحلم وأدي إنتِ أوت فاضل عاليا)
سخرت عاليا بقوة (ابعد يا فجر ابعد يا نحس دا أنا غلبانة والفرح والفستان أهم حاجة عندي)
سحبت سكن نفسًا عميق ثم قالت برزانة حديثة العهد (بصي يا مودة كلمته وكان ذوج خالص واتجبل كلامي و جال عايز أجبلها حاجة على ذوجي أنا تلبسها وأشوفها فيها كدِه حجه وعداه العيب)
تعلم أنها كاذبة لكنها أرادت التخفيف عنها وتجميله في عينيها وعدم الإثقال على قلبها بإخبارها طريقته الفظه وكلماته التي كانت تلكمها دون رحمة خاصة أنها تشعر أن مودة بدأت تميل له وربما هذا ما يجعلها تبكي هكذا بسب نزاع نفسها بين رغبتها في إتمام الأمر ورفضها لتعامله وطريقته الجافة وإن كان يحاول أحيانا مراضاتها وهذا يحسب له.
كذبتها مودة بشك (متخبيش علي لو الي بتجوليه صُح مكانش كلمني وجال الي جاله بالطريجة دي)
هتفت عاليا مشفقة عليهما (خلاص يا مودة متبكيش لو فيه خير ربنا يتممها مفيش ربنا يبعده عنك وعن جلبك)
ثم وجهت سؤالها لسكن (وأنتِ هتجولي لحمزة متى إن عمك هو الي بيعالجك ولا هتستني لما تيجي تنوحي زي أختك)
تأففت مودة حانقة من طريقة عاليا (أوووف منك نشوف فيكِ يوم يا بعيدة)
هتفت عاليا بضحكة مبتورة متوجعة (شكلكم هتشوفوه)
قالت الفتاتان في نفس واحد (طبيتي يا عاليا؟)
مصمصت قائلة (أحنا وش ذلك؟  دِي كريمة اللئيمة جيبالي عريس وخالك موافج وسعد وربنا يستر)
سألتها مودة بقلق (دِه كويس يا بت؟)
هتفت عاليا بهم عظيم وضيق (كويس منين دِه صايع وشكله غريب)
زفرت سكن بيأس وقلة حيلة وهي تنعي حظهم (دا إيه النحس الي أحنا فيه دِه؟)
لتخرج عاليا من حزنها سريعًا وتتخطاه قائلة بنبرة مندهشة وحروف ممطوطة (نحسسس لينا ليكِ لاااه دا أنتِ بتموتي فحمزة وهو ناجص يتنفسك مع الهوا)
صرخت فيها سكن (الله أكبر جاية تنجي غوري من وشي)
أنهت سكن الاتصال مغتاظة منها ليسألها عمها الذي جاء للتو بينما هي تنتظره منذ مدة (خير يا بتي؟)
اعتدلت في جلستها قائلة (مودة متخانجة مع زين وعايزة تتطلج)
قال بآسف شديد (ليه كفانا الله الشر)
هتفت سكن وهي تتلاعب بهاتفها مفكرة فيما قالته لها عاليا عما يخص عمها وكيف ستخبر حمزة وماذا عن رد فعله، والموضع الجديد لعمها في قلبها، كيف ستبتعد عنه لو أجبرها على فعلها، خائفة هي أن تقع بين اختيارين كلاهما مر.
قالت بإختصار شديد (زين شديد شوية يا عم ودماغ لوحده)
ليوضح عمها بثقة (بس محترم وواد ناس وهيصونها وطالما اتجوزها يبجا رايدها وجلبه ميال ليها)
همست بأمنية ورغبة شديدة (ياريت ياعم مودة طيبة وتستاهل واحنا ملناش ضهر ولا سند)
مازحها عمها بعينين دامعتين وهو يدقق النظر فيها (بتسبجي بالفرجة يا بت صالح)
فهمت مقصده وما يرميه إليها من معنى فسارعت مبررة بآسف (مجصدش والله)
ثم طأطأت رأسها معبرة عما يجيش داخلها (دا أنا شوفت فيك أبوي يا عم ونفسي مودة تجابلك وتعرفك)
منحها نظرة مستكفية قائلا بقناعة (كفاية عليا أنتِ، مش كل الجلوب زي جلبك اللخضر يا سكن)
مسحت دموعها قائلة بإمتنان نبع من قلبها (مش عارفة من غيرك أنت وعمتي كنت هعمل إيه فالدنيا دي)
أمسك بالمصحف قائلا (كله مجدر ومكتوب يا بتي وأنا فطريجك لحكمة وسبب)
هتفت بمزاح وهي تضيق نظراتها فوق وجهه المتغضن
( احنا مش هنطلع العفريت الي مغلبنا دِه يا حسان بدل ما يرجع حمزة ويخربها معاه تاني)
أردف حسان من بين ضحكاته يشاكسها هو أيضا (في عفريت منهم فلسانك برضك)
شاركته الضحك مؤكدة (صُح بس دِه هسيبه لحمزة عشان أمنية حياته يطلعه هو وخليك أنتِ في التاني وشكلك كدِه مش عارف يا حسان وهتخليه يجيب باجي شلته ويمرمطوني)
واصل حسان الضحك قائلا (خلاص هانت)
مال ثغرها مشككة فيما يقول (ربنا يستر شكلك شيخ أي كلام أصلا)
توقف عن الضحك وطالعها بجدية وحزن قائلا (عايزه الحج يا سكن زعلان إني بعدها مش هشوفك تاني ولا هجدر أجيلك وأكلمك)
أدمعت عيناها من صدق كلماتها وعاطفة الأبوه التي يغدقها عليها واحتوائه لها في أشد لحظات حياتها شتاتا وتوهة، همست بصوت متهدج (عندي أمل حمزة يسامح ويوافج يخليني أشوفك ياعم وأكلمك)
قال بكلمات مواسية لها ولنفسه (خير يابتي المهم اطمن عليكي وأشوفك مرتاحة وفرحانة)
تساقطت دموعها فمسحتها وهي تلومه (خلاص ياحسان بتبكيني ليه بعدين اطمن العفريت اهو عاجبه الحال وجاعد)
ضحك متأثرًا بقولها وهو يربت على رأسها بحنو ورفق مبشرًا لها (هيطلع متخافيش)
دعت مبتهلةً لله في تضرع وخشوع (يارب يا عم يارب)
********
وفي منتصف الليل
هاتفته تستأذنه (بكره هروح مع هند مركز تجميل ماشي؟ )
استنكر قولها وقرارها (ليه؟  هتعملي فيه إيه يا جادرة؟)
قالها بغيظ لترمقه بطرف عينيها في رفض لطريقته قبل أن تنفخ ببرود (عادي دا الطبيعي)
حذرها قائلا وهو يعتدل مفصحًا عن جديته فيما يخص قراره الذي سيلقيه عليها (تمام بس في محذورات يا سكن، وحاجات متتعملش مهما حصل)
ضيقت عينيها مستفهمةً (إيه هي؟)
تابع بنفس الجدية الثقيلة (هكتبهملك) ثم أردف بتهديد جاد (اعرفي إنك لو عاندتي و طنشتي كلامي هخلي يومك أسود يا سكن)
نفخت بسأم من تهديده وحدته، قبل أن تهتف بإمتعاض شديد واستهزاء  (جلبي حاسس هيبجا أخري أدخل مع هند أسلم واتفرج)
بلل جفاءه بإبتسامة خاطفة يحيطها تأكيده المعلن لما قاله (لا اطمني هسيبلك كام حاجه تفرحي بيهم)
سألته وهي تضع كفها على خدها في بؤس (والباجي؟  في حاجات لازم هناك؟)
استعاد وجه الحزم مشددًا بغلظة حتى لا تستخف بالأمر (تتعمل في البيت اهي ورد معاكي والي ميتعملش مش مشكلة)
مطت شفتيها معارضةً قراره (لاااه مشكلة)
هتف بعصبية من جدالها (لاااه وأنتِ هتعملي لمين يا حيوانة؟)
انتفضت نظراتها تلمع بحماس وهي تخبره بما تنوي فعله (حمزة هعمل تاتوه على ظهري وبريسنج)
انتفض واقفًا يستنكر في فظاظة واستخاف (نعم ياروح أمك)
جعدت أنفها في سخط قبل أن تسأله من بين أسنانها(أيوة مالك مفيهاش حاجة؟)
صرخ فيها بعصبية (لااه مفيش أكتر من تنظيف بشرة أو ماسكات )
قالت مستهزئة (وشعري..؟)
قال بتأكيد وهو يعاد الجلوس (شعرك لاااه)
عقدت ساعديها برفض وتزمت من قراره التعسفي (ياحمزة عايزة أجصه أو أصبغه)
هتف بحدة منهيًا الجدل (لاااه برضو لما أرجع)
زفرت مستغفرة قبل أن تهتف (وأنت مالك أصلا)
قاطعها بصرامة (اخرسي الكلام خلص)
قررت بحماقة وغضب (طب أجفل أنا اتخنقت)
عض شفتيه متماسكًا يبتلع كلماته الغاضبة منها قبل أن يسبقها بالفعل وينهي الإتصال هو.
خرجت من حجرتها لتجالس ورد التي ما إن رأت وجهها حتى غمغمت (سترك يارب)
جلست جوارها بتوتر وجهها محمر في غضب مكتوم، لتسألها ورد مستسلمة (اتعركتوا ليه؟ اشجيني)
قصّت عليها سكن ما حدث فقالت ورد بهدوء (حجه  دا بيغير عليكي)
استنكرت (دول ستات)
عادت ورد لكتابها قائلة بهزة كتف (براحته أنتِ ملكه وهو حر)
قالت بحنق (جالي لما يرجع ممكن يعملي الي عيزاه)
ابتسمت ورد بفخر مستحسنة قوله (عداه العيب واد بطني)
سألتها بغيظ(يعني أنتِ كنتي توافجي خالي يعملك ويبوظ)
أجابت ورد بابتسامة هادئة (ما يبوظ وماله حاجته وتخصه، من يوم ما عرفك وهو بيتعلم كل حاجه عشانك حتى تسريحات الشعرفمتخافيش الي ريداه هيتعلمه ويعملهولك هو)
عقدت ساعديها مشيحة برفض غير مقتنعة، لتستطرد ورد بخبث
(بكره تطلبي أنت ودّه وروجته واهتمامه وتجولي اعملي يا حمزة)
وقفت منزعجة غير راضية تهتف بمزاح (ماهو ابنك لازم تدافعي عنه)
شيعت ورد مغادرتها بالضحكات، والتوبيخ واللوم (دي أخرتها برضك دا أنا بدافع عنك أكتر منه يا ملكومة)
عادت سكن ما قطعته من مسافة وضمتها بتنهيدة مستسلمة (هعمل إيه بموت فيكِ أنتِ ودكتور البهايم ولدك)
*********
في اليوم التالي
كان يومًا غريبًا جدًا قلبها يغوص داخل صدرها بتعب غريب ونغزة كخنجر في منتصفه مما جعلها تصمت طوال الوقت وتنعزل رغم محاولات حسن المستميتة لإخراجها من تلك الحالة والعزلة وقد شعر بها، حسن الذي اعتادته في الآونة الأخيرة وتقبلت أحيانا العمل معه في عدم حضور هند كما تقبلت سخافات البعض وتحملت الكلمات الكثيرة المبعثرة التي تخص مرام والمقارانات التي لا تنتهى والحديث الخافت في ظهرها، حتى جاءت القشة التي قسمتها..
استدارات على سحبة قوية لمريولها امتزجت ما بين الغضب والتوسل والزعر..
عينان دامعتان متوسلتان لفتاة صغيرة تعرفها جيدًا بل تحفظ تفاصيلها عن ظهر قلب، تبدلت ابتسامتها لعبوس وهي تنزل لمستواها، هتفت مرام الصغيرة (أنتِ سكن مش كدا؟)
ابتلعت سكن ريقها بتوتر ملحوظ وارتباك واضح وهي تهز رأسها هامسةً بشحوب (أيوة إزيك يا مرام)
كان الاسم ثقيلًا جدًا على لسانها فوق ذلك شعرت أن لسانها المتلعثم الآن حمل الاسم لسنوات فوق عاتقه، سنوات حُفرت داخل قلب حبيبها وفوق جدرانه. أربعة أحرف صنعوا لها جحيمًا خاصًا منذ جاءت للعمل هنا.
تساقطت دموع الصغيرة ببراءة وهي تضم كفيها لصدرها متوسلة (بابا قالي إنك هنا فهربت من المدرسة وجيت علشان أكلمك)
ارتج قلبها بقوة لكنها تماسكت وسألتها بإبتسامة (عايزة إيه؟)
رفعت الصغيرة كفها ومسحت دموعها متوسلة (ماما وزهرة قالولي إنك أنتِ الي خليتي حمزة ميكلمنيش تاني وبعدتيه عني وحبستي زهرة)
التقطت الصغيرة أنفاسها وواصلت تحت نظرات سكن التي أغرورقت بالدموع تشاركها الحزن وتتقاسم معها الشوق لحبيبها (ممكن ياطنط تخليه يكلمني مرة واحدة بس لإنه وحشني)
طأطأت سكن رأسها بحزن، تتمزق بين كل الرغبات وتُعذّب بكل الهواجس، طال صمتها ونزاعها فهمست الصغيرة برجاء (بعد إذنك قوليله يكلمني)
واصلت الصغيرة معترفة ببراءة (كنت بكرهك الأول فخلاص مش هكرهك والله وخليني أكلم حمزة وهو بس الي كان بيهتم بيا وبيسأل عني هو صاحبي الوحيد أرجوكي يا طنط)
أغمضت سكن عينيها سامحة لشهقاتها بالإنفلات ولدموعها بالتحرر والهرب من أسر جفنيها، جلست على ركبتيها في مستوى الصغيرة منهكة ً، ضمتها بقوة وحنان اندهشت له الصغيرة وتيبس له جسدها بصدمة..
ابتعدت سكن عنها هامسةً بحنان وتفهم وهي ترفع أناملها وتمسح لها دموعها (ماشي هخليكِ تكلميه دلوجتي متبكيش)
صمتت تتأمل الصغيرة الشبيهة بأختها كأنها نسخة مصغرة وتابعت بشبه هذيان (كل ما أخده بتشديه مني،  مش طايلاه ولا ماليه قلبي ويدي منه والله، وبتعذب أكتر منك)
فاقت من هذيانها واختلاط أفكارها على صوت هيما العالي (دي بتعمل إيه هنا؟)
نهضت سكن واقفة تواجهه، لتشهق الصغيرة بفزع وتختبئ خلف سكن بإستنجاد وزعر.. أمسكت بها سكن في قوة وتحدي وهي توقف استرسال هيما بكفها (إبراهيم سيبها متخوفهاش)
سلط سهام غضبه وإنزعاجه للصغيرة التي توارت مرتجفة خلف جسد سكن في حماية، عارض هيما دفاعها ورفض بقاء الصغيرة (سكن سبيها تمشي)
سحبتها سكن من خلف ظهرها بإبتسامة، وأمسكت بكفها في تحدي له قائلة (خلاص يا هيما جلبك أبيض سبهالي شوية)
قاطعها بحدة مدركًا عواقب ما تفعله، وإن كان إنسانية منها (يا سكن...
لكنها قاطعته هي تلك مرة وهي تتخطاه ممسكةً بالصغيرة مغادرةً بها لحجرة حمزة الخاصة.. تحت نظرات حسن التي كانت تتابعها بإعجاب شديد.
دخلت الحجرة وأغلقت خلفهما أجلست الصغيرة على الكرسي بحنو بعدما خلعت عن ظهرها الحقيبة ووضعتها جانبًا ثم فتحت الثلاجة الصغيرة الجانبية وتناولت منها بعض العصائر والحلويات وقدمتها لها بابتسامة حنون، ثبتت مرام نظراتها على الحلوى مترددة لتشجعها سكن بلطف (خديهم دول من حمزة)
ابتهجت الصغيرة وتناولتهم بلهفة، لتجلس سكن أمامها وتُخرج هاتفها النقال وتنقر فوقه واعدةً لها (هتكلمي حمزة)
خلف الابتسامة جحيم تقلبت فيه وحدها، ضمير يرقص منتشيًا مصفقًا بإعجاب لما تفعله من إنسانية بينما الغيرة تنتقم منها لفعلتها وتحرق روحها بنيرانها وقلب عاشق يبكي في الزاوية بين ظلام دامس ومخاوف تصرخ في أذنيه كوحوش مرعبة.
جاء صوته رائقًا يخصها هي  (سكني)
منحت الهاتف للصغيرة دون رد وانتظرت، أخذته الصغيرة بلهفة شديدة، ونقرت فوقه  بسرعة غير مكتفيةً بصوته تريد رؤيته..
ما إن التقت المُقل والتقمت نظراته هيئة الصغيرة حتى سحب الأمان ذراعيه من حول قلبه وتركه لبرد المفاجآة وأعاصير التخبط والترقب.
صرخت الصغيرة بشوقها وضحكتها الطفولية التي كانت صرخات في أذن الجالسة منكمشة (حمزة حبيبي)
ابتسم رغمًا عنه في لطف يبادلها تحيتها رأفةً بقلبها وخاطرها (ازيك يا مرام يا حبيبتي)
عضت سكن أناملها متلوية، كلمته تدوي بعنف داخلها، تفجر براكين من حزن وحسرة.
(وحشتني يا حمزة أووي)
ابتسامة مجاملة يزين بها ملامحه وكله ترقب للقادم، عقله مع صغيرة أخرى وألف سؤال يشتته عن مواصلة الحديث مع مرام يريد الاطمئنان عليها هي أولا ويفهم.
(وأنتِ كمان يا حبيبي)
رحمته الصغيرة من أفكاره وظنونه وقصت عليه (أنت وحشتني فهربت من المدرسة وجيت أكلم طنط علشان تسمحلي أكلمك وأشوفك وهي طلعت طيبة مش زي ما قالتلي زهرة إنها شريرة ووحشة، جابتلي حلويات كتير وخلتني أكلمك وأشوفك)
ابتهج لإطراء الصغيرة، وقلب حبيبته الذي لا يضاهيه قلبًا، خبأ غضبه من كلمات زهرة وأوضح (سكن مش شريرة ولا وحشة دي أحلى حد في الدنيا يا مرام وأجمل بنت )
اعتدلت من انكماشها وقد منحتها كلماته قوةً وغذتها بالثبات فمسحت دموعها وانتظرته نصيبها من كلماته وصوته ومحبته.
(اديني سكن يا مرام) ترددت الصغيرة برفض ليترفق بها (خليني اكلمها وهكلمك تاني)
منحتها الصغيرة الهاتف بذمة شفاة نافرة فتناولته سكن منها ووقفت مبتعدة به بينما انشغلت الصغيرة بالحلوى.
(يسلملي جلبك ياسكن، يطلب ويتمنى وروحي فداه) نبرته عاشقة حد النخاع سقطت  بردًا سلامًا على قلبها الموجوع.
صمتت تستجمع قواها تتجرع أكسير حبه لتحيا من جديد بعدما ذبلت وماتت على يد ذكرى لأخرى.
لامها على فعلتها التي جلبت قلبها الألم (ليه عملتي الي هيزعلك؟  ليه وافجتي وأنتِ زعلانه كدا)
همست بغصة (عشان كنت زيها زمان بتمنى كلمة منك أو طلة... ويبجا جدامي وبأذني بدل ما يبجا من ورايا يا حمزة)
وجهه امتقع بغضب وخزي من ظنها فيه و كلماتها،لماذا يخدعها؟ويهاتف الصغيرة من خلف ظهرها وهل تظن أنه قد يفعلها بعد كل هذا؟ زفر مسيطرًا على غضبه وانفعاله من سوء ظنها  ثم أردف (تمام يا سكن كلامك وصلني أديني مرام)
أعادت الهاتف للصغيرة وبعدها خرجت لتجد حسن يتكئ بجزعة منتظرًا لها بجانب الحجرة، مسحت دموعها وابتسمت متسائلة (اتعطلت كتير؟)
بادلها الابتسامة هامسًا وهو يتأمل ملامحها بإشفاق وحزن (لا خالص مرام مشت؟)
أخبرته بإبتسامة مهزوزة (لا بتكلم حمزة شوية)
تخطاها حسن متجهًا للحجرة، دخل وبقيت هي بالخارج لا تقوى على الحركة.. أخذ حسن الهاتف من بين أنامل الصغيرة بإبتسامة صفراء وأنهى الاتصال دون اهتمام أو مراعاة وبعدها سحبها وأوقفها أمامه قائلا (يلا روّحي علشان متتأخريش)
وقفت سكن على باب الحجرة معارضة قوله مستنكرة فعلته (حسن سيبها لو سمحت)
استدار حسن واضعًا سبابته فوق شفتيها محذرًا مقاطعًا (اششششس
تراجعت بحرج، تقهقرت لخارج الحجرة وتركته يفعل ما يريد.
وضع الحقيبة خلف ظهر الصغيرة ووجهها للخارج (يلا بقا)
صمتت مرام بزعر، أطاعت خوفًا وخشية حى وصل بها للخارج ووقف أمام عامل آخر قائلا (سعيد وصلها للبيت)
توسلته الصغيرة بطفولية وبراءة (ممكن أسلم على سكن؟)
انحنى حسن في مستواها هامسًا (أنتِ تسيبي سكن خالص وتروّحي)
هزت رأسها في رعب من نظراته وهمساته شبه محذرة، فسلمها للعامل ووقف يتابع رحيلها حتى اختفت وابتلعها الزحام.
عاد للمنتظرة له في مكان العمل، تحدث متجاهلا ما قد كان (بقولك إيه يا سكن احنا رايحين سينما انهردا كلنا ما تيجي معانا)
صمتت قليلا مفكرة بتردد قبل أن تحسم أمرها موافقة (ماشي موافقة أنا كان نفسي أروح سينما من زمان بس حمزة مكانش راضي)
ابتسم قائلا وهو يحرك الطعام بإحترافية (أنا هوديكي ولا تزعلي) 
******

ملاذ قلبي سكن Where stories live. Discover now