♥️الثالث والعشرون♥️

1.6K 57 8
                                    

♥️💜إن اللّٰه يكشف الكرب ويُخفف الضيق بكثرة
💜 الصلاة على النبي ﷺ .
💜﷽۞إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
💜 النَّبِي يَاأيُّهَاالَّذِينَ آمَنُواصَلُّواعَلَيْهِ وَسَلِّمُواتَسْليما
💜۞ﷺمحمدﷺ۞
❤️الثالث والعشرون❤️
صمتت هي الأخري شاردة،مغيبةٍ عما حولها
ليهمس مثيرًا لها، يخرجها مما هي فيه متسليًا : ((نسيت أجولك))
رفعت نظراتها إليه بروح خاوية وقلب مكلوم تسأله ((خير))
كتم ضحكته وقال ببراءة كاذبة وهو ينفذ لقلبها بنظراته المشاغبة((جمصين النوم حلوين بس مش ذوقي ولابحب الاستايلات دي)) تدرجت الانفعالات على وجهها، خجل، صدمة وغضب مشتعل لو خرج لأحرقه
نظرت إليه محملقة بإنفعال جنوني امتزج ببلاهتها لا تصدق ما تفوّه به لتهمس مستنكرة تسايره قبل أن تأخذ حقها وتعاقبه على جرأته ووقاحته معها ((ان شاء الله ايه الاستايل الي بتحبه.؟))
كتم ضحكته مستمتعًا اللحظة بما يراه منها وقال بغرور ((اديني فرصتي وهبهرك))
مازالت مصدومة تطالعه ببلاهة ليردف ((كده كده جوا أو بره هتلبسي على مزاجي أنا والي يعجبني))
انتفضت واقفة تصرخ بإنفعال  ((كمان))
هز رأسه بتأكيد متلذذًا بغضبها وانفعالها البريء ، بحثت حولها قليلًا بينما هو يراقبها بإنتشاء، لم تجد ما يرضيها من فعل سريع فمالت منحنية قبضت بأسنانها على  كتفه تبثه غيظها منه بقوة جعلته يتألم :(آه يابنت ال.
قالت متوعدة وهي ترفع رأسها بظفر بعدما انتهت: (شوف مين هيمشي معاك يا دكتور البهايم الزفت إنت )
دخلت متجهةً الحجرة تزوي ما بين حاجبيها وتضم شفتيها بضيق واضح  حيث تجلس ورد كعادتها مُختليةً بنفسها وأفكارها، جاورت ورد ملتصقةً بها؛ فسألتها ورد بإبتسامة رزينة :(حصل إيه؟ حمزة عمل إيه؟)
صمتت مُحتفظة بالإجابة لا تقدر على المجاهرة بما قاله لها وجَلَب نقمتها عليه، دخل حمزة الحجرة ممسكًا بحاسوبه يكتم ضحكاته، رمى نظراته فوقها فسألته ورد وهي تراقب ما يتبادلانه من نظرات مبهمة (عملتلها إيه ؟)
قال ببراءة متنصلًا من المسئولية (ولا حاجه حتى اسأليها كِده؟)
طالعته بشراسة، حانقةً علية ناقمة من مراوغته، فابتسم يهتف :(ها يا سكن ؟ هو أنا جولت ولا عملت حاجه يا روحي ؟)
أشاحت تكاد تنفجر من شدة الغيظ، دافعت عنها ورد مُتخذةً جانبها (حمزة متغلسش عليها)
زفر متصنعًا الحزن قائلًا :(أنا غلس يا أمي؟ ماشي تمام مش هكلمها تاني طالما بتتجمص...؟)
مصمصت ورد قائلة وهي تنهض تاركةً لهما مساحة خصوصية للتراضي (امممم طيب، أنا طالعه فوج وإياك حد فيكم يجي ورايا ولا يشتكيلي من التاني أنا راسي وجعاني)
اتسعت عينا سكن بزعر، كادت تنهض في أعقابها لكنه جلس جوارها مانعًا لها (اجعدي رايحه فين.؟)
قالت صارخةً بغضب (حمزة)
قال بحنو ولطف محتويًا غضبها بين جنبات صبره واحتوائه (روح حمزة والله)
خبأت ابتسامتها وأشاحت مبتعدةً عنه، فاعتذر لها (خلاص بهزر معاكي)
قالت بغلظة (هزارك بايخ ومش حلو)
قال بإبتسامة مهادنًا (ماشي)
تمدد فوق الفِراش قائلًا وهو يتثاءب (هنام شوية وابجي صحيني بالليل)
رفع الدثار على وجهه، فوافقت مشفقةً عليه(ماشي)
شعرت بإنتظام أنفاسه، فخرجت متسللة للتلفاز، جلست امامه تقلب القنوات بملل، فثم أغلقته مقررةً الذهاب لمنزلهم ورؤية مودة وجلب بعض أشيائها ومقتنياتها.
فتحت الباب وخرجت، دخلت منزلهم بهدوء وصعدت للأعلى حيث حجرتهما، دخلتها ترمي نظراتها في أركانها بحنين، تلك الجدران حبست داخلها صوت صراخها وبكائها وكتمته كصديق وفي، شاركتها الوجع واستمعت لبوحها بصبروهذه الأرض صُبغت ببقعة من دماء خذلانها في الأحبة، وهذه السجادة احتفظت بين ثناياها بخصلات شعرها التي اقتلعوها من جدورها انتقامًا وغضبًا، خصلاتها التي أحبت  تمتلئ بهم السجادة تعانقهم غير متخلية تشهد على ما عاشت دون ذنب اقترفته.
ازدردت ريقها وخطت للداخل متجهةً ناحية الخزانة، تناولت حقيبة صغيرة ولملمت ما تحب وتفضّل من أغراضها ومقتنياتها، من خلفها كانت مودة تراقبها بصبر وقلب منفطر
تقدمت تقطع الصمت متواصلة معها، وقفت أمام الضلفة خاصتها وقالت وهي تسحب الفستان الذي منحته لها سكن يومًا بطيب خاطرٍ(خدي دِه كمان يا سكن)
انتفضت سكينة، استدارت مندهشة تتطلع للفستان وذكراه تحوم داخل أفكارها، ابتسمت مودة تبدد عنها حيرتها وقلقها (خديه مكانش بتاعي ولا هيبجا)
وقفت سكن مصدومة، فتابعت مودة بمرح قصدته لتتخلى سكن عن جمودها وخوفها (هيبجا يجنن عليكي والله)
وضعته لها مودة في الحقيبة وساعدتها قائلة (لو محتاجة حاجه جوليلي اجبهالك تاخديها معاكي)
همست بإختصار (لااه مفيش)
أغلقت الحقيبة وشدت حزامها ووضعتها على كتفها مقررة المغادرة،وقبل أن تقترب من باب الحجرة همست مودة (ما تخليكي معايا انهردا يا سكينة ؟ مش عارفه هتمشي وهنتجابل مِتى تاني)
توقفت سكينة مكانها عاطفتها تغلب عنادها، همست بضيق (تعالي هِناك)
أقتربت منها مودة قائلة بعينان سابحتان في بركة دموع (لاااه مش بكون مرتاحه ولا إنتِ)
تذكرت أنها تركت حمزة نائمًا قد يستيقظ ويبحث عنها، فقالت مودة (لو عشان الدكتور حمزة فأنا ممكن اتصل بيه أستأذنه)
لوت سكن فمها بتهكم، قائلة (عادي الدكتور مش هيهتم ومش هتفرج جوي لما يصحى أبجا أجوله)
لكزتها مودة في عتاب رقيق (هو الدكتور من ساعة ما رجع مهتم غير بيكِ ولا فارج معاه غيرك)
زمت سكن شفتيها تهرب من خجلها وكلمات مودة، قالت مبررة (حمزة مع كل الناس كِده يا مودة ولو إنتِ ولا عاليا كان هيعمل كِده برضك)
سحبتها مودة من ذراعها وجلستا فوق الفِراش تغالطها فيما تقول (تصدجي بجاله يومين بيتصل بيا يسألني سكن بتحب تاكل إيه ؟ سكن بتحب ألوان إيه ؟ سكن إيه يبسطها ؟)
رفعت سكن نظراتها متعجبة، لتهز لها مودة رأسها بتأكيد وهي تهمس بحزن عميق (عارفة أكتر حاجه زعلتني إيه يا سكينة؟)
ارتبكت سكن وتململت، لوّن الخوف ملامحها المترقبة كلمات اختها كحكم قضائي، تنهدت مودة قائلة بأسف (إني معرفتش أرد عليه..؟ معرفتش بجد إجابة كل الأسئلة البسيطة دي)
اأخفضت سكن نظراتها تجاهد دموعها التي تبارزها في انتقام، أردفت مودة وهي تعانقها بإعتذار (أنا آسفة مكنتش أخت كويسة معاكي ولا اهتميت غير بنفسي ودراستي)
ثبتتها الصدمة دون حِراك أخذت عقلها وغيبت أفكارها، تصلب جسدها فتابعت مودة تخفف عنها (متجلجيش حمزة دلوجت عندي زي عمار يا سكن)
أبعدتها سكن عنها غاضبة تهتف (هوأنتِ فكراني جلجانة انك تكوني لسه بتحبي حمزة ومتضايجة علشان اتجوزني .؟)
أحاطت مودة كتفيها تتحدث لكن سكن قاطعتها(لو جلجت هكون جلج خوف عليكِ إنتِ، على جلبك إنتِ يا مودة ولو جدرت امنع حمزة كنت همنعه عشان جلبك إنتِ أنا مش عفشة يا مودة زي ما كلكم فاكرين)
ضمتها مودة هامسةً بتوضيح (إحنا الي طلعنا عفشين يا سكينة وحمزة بس الي يستاهل طيبة جلبك دي، إنتِ تستاهليه وهو يستاهلك)
ابتعدت تخبرها بإبتسامة (فاكرة لما جولتلك حمزة بيشبهك.؟)
هزت سكن رأسها فاسترسلت مودة (كنت فاكرة إنه فالشكل بس؟ بس طلع كمان جلوبكم متشابهة عشان كدِه اتجمعتوا وإن شاء الله متتفرجوش)
قالت سكن بوجع (بس حمزة مبيحبنيش يامودة حمزة عمل كِده عشان عمته وعشان هو شهم)
ضربتها مودة معاتبة (يا أم الغباء هو الحب إيه غير الي عمله حمزة.؟ كفاية بصته ليكِ وضحكته الرايجة الي مبتطلعش غير ليكِ تاريه كان مخبي كتير الدكتور ومحدش واخد باله)
تنهدت سكن غير مقتنعة فهم لا يعرفون حمزة وطبعه اللطيف مع الجميع، كما هو ودود مع الكل.
رن هاتف مودة فقامت متجهة للمكتب الصغير، تناولته تهتف بإبتسامة :(دِه الدكتور)
أجابته على الفور قائلة :(مساء الخير ازيك يا دكتور)
قال بقلق :(مساء الخير ازيك يا مودة.؟ سكن عندك.؟)
راوغته بمرح: (ليه هي مش عندك.؟)
ارتبك قائلًا بضيق شديد وخوف: (لاااه مش هِنا دورت عليها ملجتهاش هتكون راحت فين.؟)
اجابته مودة تكتم ضحكاتها بينما سكن تراقبها بتوتر ورفض، لا تحب إقلاقه يكفيه ما يحدث لكنها لم تستطع إيقاف مودة التي قالت (شوف يمكن فمكان، أو عند البير.؟)
أنهى حمزة الاتصال مُتجهًا للخارج (تمام)
أنهت مودة اتصاله وقفزت فوق الفِراش قائلة (خلينا نكلم عاليا تيجي تسهر معانا)
ابتسمت سكن بحماس وداخلها يتصاعد القلق كالبخار، هاتفت مودة عاليا التي تحمست للفكرة وقالت بترحاب (جايه علطول)
وقفت مودة أمام النافذة تراقب حمزة الذي يبحث عن أختها ويفتش بقلق واضح، كتمت ضحكتها وأشارت لسكينة :(تعالي شوفي كِده دكتور البهايم بتاعك هيموت من الخوف والجلج)
همست سكن داخلها بخفوت حافظت ألا يصل لمسامع أختها بعدما جاورتها تراقبه (بعيد الشر عنه)
خجلت أن تطلب من مودة مهاتفته وطمأنته فصمتت متوترة، ربع ساعة مرت لتصل عاليا وتجده أمام المنزل تائهًا، هاتفتها مودة هامسةً:(الدوك بيدورعلى مرته الهربانة عندنا)
كتمت عاليا ضحكاتها ووجهت سؤالها له:(في حاجه يا دكتور.؟)
سألها بلهفة :(سكن راحت عندكم.؟)
أجابته بثبات كاذب وداخلها ينفجر المرح كالمفرقعات  :(لااه مجاتش)
قال بيأس وضيق وهو يعود للمنزل :(ماشي يا عاليا شكرًا)
ركضت عاليا للداخل، التهمت درجات السلم حتى وصلت لحجرتهما، دخلتها ضاحكة تهتف (الدوك هتجراله حاجه تحت)
استنكرت سكن فعلتهما معه وضاقت ذرعًا بسخريتهما، اندفعت قائلة (والله لا ماشية)
سحبتها قائلتين (مش جولنا هنسهر)
أشارت عاليا للكيس البلاستيكي الضخم الذي معها قائلة: (جبتلكم حاجات حلوة كتير ناكلها)
هتفت لأختها بضيق: (هاتي الفون اشوفه)
أعطتها مودة الهاتف فتناولته وابتعدت عنهما ضغطت زر الاتصال على الفور، كان يسأل بلهفة (ايوة يا مودة لجيتيها..؟ )
أجابته مشفقة عليه :(أيوة يا دكتور أنا عندهم)
زفر بإرتياح حامدًا الله ثم هتف بغضب بعدما اطمئن عليها (مش تجولي هروح.؟ إيه الطريجة الزفت بتاعتك دي مفيش احترام للناس الي إنتِ عايشه وسطهم)
صرخت في ثورة (متزعجليش إنت كنت نايم ومرات خالي نايمة)
سخر بفظاظة من أسلوبها الهجومي (جومتي متسحبة ومشيتي)
تأففت بضيق (خلاص بجا إيه ؟)
هتف غاضبًا منها ومن فعلتها وبرودها (كمان مش عاجبك، لو بتحسي أصلاً ولا بتجدري مكنتيش عملتي كِده وسبتيني هموت من الجلج عليكي ومش عارف أعمل إيه ؟ ولا أدور عليكي فين ؟ بس هجول إيه الله يهديكِ)
أنهى الاتصال بغضب وتركها تلعنه مغتاظة من فعلته، اقتربتا منها الفتاتين سحباها للداخل وجلسن يثرثرن، يبحثن عن  فيلمًا على الهاتف وهن يتناولن ما أحضرته عاليا التي قالت (الدكتور وسكن الاتنين الحلوين في العيلة بعيون ملونة يتجوزوا والله انتاجهم هيبجا فخم أنا حاجزة من دلوجت)
لكزتها سكن معترضة بخجل (إيه كلامك دِه ؟)
رمشت عاليا قائلة وهي تدس البطاطا بفمها(غلطت ؟ طبيعي هتخلفوا ولا مش ناويين)
قالت سكن منفعلة (مفيش عيال)
حملقت فيها عاليا مصدومة (ليه بجا تحديد نسل؟ بت إنتِ بتتعاملي مع الدكتور كِيف أنا شاكة فيكِ)
تأففت سكن بغلظة من كلماتها، صرخت بها في إنزعاج (ايه الي بتجوليه دِه)
انفجرت عاليا ضاحكة تقول (يخربيتك شكلك بهيمة وفضحانا وبوج عالفاضي، الله يكون فعونه دكتورنا)
هددتها سكن وهي تشاهد الفيلم (هتسكتي ولا أجوم امشي)
امسكت عاليا بها قائلة بمهادنة(خلاص اترزعي مش هتكلم)
رن هاتف مودة فانتفضت قائلة حينما قرأت رسالته (دِه حمزة بيجولي تعالي خدي التليفون واديه لاختك)
نهضت مودة على الفور تاركة سكن بين براثن عاليا التي تسخر منهما (مش جادر يا عيني)
ارتدت مودة الإسدال وركضت للأسفل، كان حمزة ينتظرها أمام الباب فتحت له وتناولت منه الهاتف، ليمنحها حقيبة ورقية قائلًا ببعض الحرج (دِه أكل يا مودة علشان سكن لو تعبت أو جاعت وحبت تاكل تلاجيه جاهز، دي الميه الي بتشرب منها مقروء عليها عشان لو عطشت)
ابتسمت وأخذته منه ثم أغلقت الباب وركضت للأعلى فتحت باب الحجرة ودخلت فسألتها عاليا (إيه الي جيباه دِه يا بت..؟ )
خلعت مودة إسدال الصلاة وجاورتهما قائلة (أكل باعته حمزة لسكينة بيجول علشان لو جاعت بالليل تلاجيه جاهز وميه)
هتفت عاليا تغبطها (سيدي سيدي عالدلع) لكزت سكن مستفهمة (سحرتيله يا بت ولا إيه.. .؟)
ابتسمت هامسةً بخفوت تقديرًا لفعلته( هو دِه حمزاوي الجمر)شردت  كأنها تشكره على فعلته البسيطة التي أسعدتها وأشعرتها بقيمتها عنده واهتمامه بها رغم فعلتها وغضبه، تمنت لو يملك قلبها جناحين وطارت إليه، تقبّل قلبه الرائع وتضمه..
هتفت عاليا من جديد(هاتي نشوف عاملها أكل إيه الشيف حمزة ؟)
ناولتها مودة الطعام فأخرجت عاليا الشطائر وصفتهم أمامها (مغلفهم وحاطط مع كل ساندوتش كاتشب ومايونيز، ياعيني عالروجان)
قالت سكن حانقةً(كُلي وإنتِ ساكته)
رفعت الهاتف الذي رن مُعلنًا وصول رسالة، كانت متأكدة أنها منه فتسللت من بينهن تدّعي ذهابها للمرحاض، خرجت وأغلقت خلفها، جلست على أحدى درجات السلم تقرأ رسالته (لو تعبتي كلميني ، لو احتجتي أكل تاني أو حاجه اكتبيلي هفضل صاحي لغاية ما ترجعي)
أدمعت عيناها لاتجد ما ترد به عليه، فاختارت مشاكسته (نام يا حمزة متشغلش بالك)
قرأ رسالتها وصمت، زهد في الرد لأنه لو فعل لتشاجرا وذهب إليها وأحضرها عنوة غير عابيء، لكنها كتبت بإشفاق(إنت متضايج علشان جاعدة معاهم.؟ أرجع يا حمزاوي؟)
اختار هو مشاكستها وإغضابها (لا خالص دا أنا ارتحت، مترجعيش وبيتي عندك)
كتبت بعدما استحق نقمتها وغضبها(ماشي أنا أصلًا كنت هبيت من غير ما تجول ومش عايزه أرجع)
كتبتها وأغلقت هاتفها في عناد، عادت للحجرة وقد أسلمتا الفتاتين عيونهما للنوم، أفترشت هي الأرض ونامت حتى لا تضايقهم وإذا أصابتها النوبة يسهل عليها الخروج.
ظلت ساهرة يجافيها النوم ويهرب من عينيها حتى زقزقت العصافير وأعلن الصبح عن مجيئه.
أمسكت بهاتفها وتسللت للخارج، قابلت والدتها في طريقها فركضت هاربة حتى لا تصطدم بها أو تتحدثا، تنهدت راضية بقلة حيلة وتابعت ما تفعله أما هي فغادرت للمنزل وجدت الباب مفتوحًا هو يجلس بالقرب منه حاملا جهازه على فخذيه، ظلل الإندهاش نظراتها لا تصدق أنه فعلها وظل مستيقظًا في انتظارها.
استقبلتها ورد بحنان واحتواء(صباح الخير صاحية بدري ليه ؟)
تعللت قائلة وهي تنظر لهذا الجالس بصمت لا يهتم بمجيئًا في إدعاء كاذب، فقد لمحت ابتسامته الراضية فور دخولها والتي أجاد تخبأتها بعد ذلك (عادي نمت كتير)
غمغم بسخرية (كدابة وجزمة)
سالت وهي تقترب منه وتجاوره (الدكتور صاحي بدري ليه ؟)
قالت ورد ضاحكة وهي تترتشف من كوب الحليب الذي خرجت به من المطبخ (الدكتور منامش أصلًا مستنيكِ وجال مش هينام غير لما تيجي ويطمن عليكِ إنك بخير)
رمي لوالدته نظرات لائمة قبل أن يقف ويغادر للحجرة بصمت.
ذهبت سكن للمطبخ أعدت لهما كوبين من الشاي بلبن واتجهت للحجرة طرقت مستأذنة قبل أن تدخل، وجدته ممددًا يغطي رأسه بوسادة صغيرة، أغلقت الباب ووضعت الكوبين على الطاولة الجانبية واتجهت ناحيته جلست على ركبتيها أمام وجهه هامسةً برقة(حمزاوي)
أجاب متنهدًا بحرارة من أثر رقة كلماتها وتأثيرها على قلبه (نعم عايزه إيه ؟)
سألته بتوتر (هو إنت زهجت مني واتضايجت بجد؟)
رفع الوسادة وطالعها قائلًا(آه شوية ؟)
قالت بضيق تخبره (ماشي يعني أرجع عند أمي أكمل اليوم؟ )
قال مستحسنًا قرارها (يكون أحسن؟)
ضمت شفتيها ورفعت كتفيها علامة الحيرة والتخبط ليهمس وهو يمد كفه ويداعب وجنتها برقة منحتها الراحة والإسترخاء (لو هزهج هتجوزك ؟ دا أنا ربطتك بيا العمر كله ياسكن)
همست بتنهيدة معتذرةً له (أنا آسفة جلجتك عليا امبارح مكنتش أجصد والبنات هما الي عملوا فيك المجلب دِه فمتزعلش)
هز رأسه بتفهم ثم همس بإبتسامته الخطيرة التي تهلك قلبها
: ( مزعلتش عشان جاعده معاهم زعلت عشان بعيد عني وعيني مش شيفاكي وجلبي مش مطمن، مش مهم ليلة، العمر كله هتكوني ملك لحمزة بعد كدِه، أيوه كنت عايزك ترجعي بس برضو لو مبسوطة وحاسة إنك أحسن خليكِ معاهم يهمني فالأول والآخر تكوني كويسه يا سكن)
همست ونظراتها تضمه بإنبهار يعشقه منها(جلب سكن ياحمزة)
سألها وهو يعتدل واقفًا تاركًا الفِراش (ماله جلب سكن ؟ حيرني معاه؟)
تخلت عن حذرها وقالت بعاطفة لم تستطع كبحها أو تلجيمها (عايز يحضن جلبك يا حمزاوي )
سحبها من كفها وأوقفها أمامه يحيط خصرها بذراعيه هامسًا (أحضني حمزاوي هيبجا أحسن)
استطالت على أطراف أناملها تحيط عنقه بذراعيها في استجابة، عانقته بشدة وهي تهمس بعفويتها المعتادة (أحلى حمزاوي)
همس وهو يضمها بعاطفة(مفيش أحلى منك والله)
ابتعدت ضاحكة تخبره بمعاتبة رقيقة (يلا يا حمزاوي عايزه أنام منمتش )
شاكسها بمرح وهو يضيق نظراته علي وجهها المبتسم (أحسن علشان تنامي جنبي؟)
أقتربت من الطاولة تناولت كوب ومنحته له ثم أمسكت كوبها واتجهت للنافذة تطالع شروق الشمس بإبتسامة، سألها بحنان وهو يقف جوارها(تعبتي.؟)
ابتسمت تطمئنه (لاااه الحمدلله)
تنهد برضا قائلًا وقد كان الأمر يقلقه(الحمدلله، كنت مرعوب تتعبي وإنتِ بعيد، كان هاين عليّ أروح أشيلك وأجيبك)
ابتسمت له بإمتنان وعادت لتطالع الشمس،أنهت كوبها ووضعته جانبًا ليفعل مثلها ثم يفرد ذراعه ويدعوها (يلا تعالي نامي يا سكن)
أغلقت النافذة جيدًا وفتح هو مبرد الهواء وتمدد فوق الفِراش يدعوها للإقتراب (يلاااا)
فكت حجاب الإسدال وجاورته ليسألها في محاولة فاشلة (هو الإسدال دِه مش هيتغير ما أنا جايبلك بجامات كتير ؟)
أجابت بحدة (لاااه ونام)
سحب الدثار ليشمل جسديهما قائلًا برضوخ (ربنا يصبرني)
سحبها لتستقر بأحضانه، طبع قبلة فوق رأسها هامسًا (نامي هنا يلا)
استيقظ بعد مرور ساعة وجد رأسها تترك الوسادة، وجسدها يطرد الدثار عنه، ابتسم وعدّل لها رأسها وجسدها ثم دثرها جيدًا واتجه لمبرد الهواء أطفأه وعاد ليتمدد جوارها من جديد.
هذا كان دأبه منذ تزوجها يستيقظ على فترات ليطمئن عليها ويعتني بها، وبعدها يعود للنوم من جديد يشعر أنها ابنته وليست زوجته فيفعل ما يتحتم على الأب والزوج والحبيب.
استيقظت من نومها ولم تجده جوارها، فخرجت متثائبة تفتش عنه بنظراتها حتى وجدته يهبط درجات السلّم بتؤدة، طالعته بإنبهار لم تخفيه وهي تراه بجلباب صعيدي قليلًا ما يرتديه.
أحب منها تلك النظرة وافتقدها، ابتسم لعودتها من جديد، همس وهو يقف أمامها (صح النوم)
سألته وهي تتأمله بعشق (رايح فين يا حمزاوي.؟)
أزاح غرتها عن وجهها بأنامله قائلًا (معزوم على فرح)
سألته بإهتمام جديدًا عليه (فين.؟)
رفع معصمه وطالع ساعة يده قائلًا بعجالة ٍ(لما أرجع هجولك يا حلوة، كُلي كويس واشربي العصير الي عملتهولك علشان الانيميا الي عندك)
قالت مستنكرة (انيميا.؟)
لم يمنح أفكارها توضيحًا كافيًا، غادر بعدما قبّل رأس والدته وتركها تقف حائرةً مكانها.
اتجهت للمطبخ فتشت عما قصده لتجد عصيرًا أحمر اللون سكبت لنفسها كوبًا وتجرعت نصفه بإستياء وإمتعاض، لم يعجبها طعمه لذلك تركته فتشت حتى وجدت طبقًا من محشي ورق العنب مجهز لها بعناية ومغلف.
أمسكت به وخرجت تتناوله جوار ورد التي سألتها (شربتي العصير.؟)
كرمشت سكن وجهها معترضة (مش حلو)
ابتسمت لها ورد قائلة (علشان الأنيميا الي عندك)
قالت وهي تدس حبات المحشي بفمها (اش عرفكم عندي أنيميا)
أوضحت لها ورد وهي تراقبها (حمزة خد منك عينة دم وإنتِ نايمة امبارح وبعتها المعمل الجريب)
توقفت عن الطعام هاتفةً بتعجب(دِه بجد ولا إيه.؟)
هزت ورد رأسها بتأكيد، لتهتف سكن بإنزعاج (وبتصفوا دمي كِده عادي وأنا نايمة من غير ما تستأذنوني دم كلاب هو.؟)
ضحكت ورد قائلة تعاتبها (دِه جزاتوا مهانش عليه يوجعك وإنتِ صاحيه ولا تخافي)
قالت بغمغمة وهي تدس الطعام بفمها(لااه يابوي خلاص سكت كتر خيره)
التمعت عيناها بشغف قائلة (خالي كان بيعاملك كِيف )
راوغتها ورد قائلة بنصف ضحكة (زي مبيعاملك حمزة)
قالت بإحباط وخيبة وهي تطالع الطبق أمامها(إنتوا كنتوا بتحبوا بعض فالأمر مختلف )
سألتها ورد بخبث (ليه وأنتوا بتكرهوا بعض؟ )
تنهدت سكن موضحةً (لااه بس مش زيكم أكيد)
نهضت ورد من مكانها قائلة بتأفف(الله يعينك على مخك يا سكن)
ابتسمت وتابعت تناول طعامها وما إن انتهت
قررت أخذ حمام دافئ وتبديل ملابسها بقطعة مناسبة مما أحضره ، والجلوس أمام التلفاز حتى يأتي.
جاء بعد الصلاة العشاء جلس مع عمته ووالدته بالخارج قليلًا وبعدها اتجه لمنزله للإطمئنان عليها والبقاء معها وبقربها.
وجدها كعادتها أمام التلفاز تتناول البطاطا المقلية التي أحضرها لها.. صعد للأعلى وأبدل ملابسه ثم هبط ليجلس جوارها (ازيك يا حلوة)
ابتسمت وهي تطالع ملابسه(إنت جيت بدري.؟)
قال مطلقًا نظراته يتأملها بهيئتها الجديدة بعدما تخلت عن الإسدال أخيرًا (جيت وغيرت ونزلت)
سألته وهي تدس حبات البطاطا بفمها لاهية عن تأمله لها وتلك اللمعة التي احتلت حدقتيه بإعجاب  (الفرح كان حلو.؟ والعريس والعروسة حلوين.؟)
قال وهو يأخذ منها بعض البطاطا(أفهم تسألي عن الفرح، العروسة مثلا إنما العريس ليه.؟)
قالت بمرح (دِه أهم حاجه العريس ؟ لازم نعرف هو أحلى ولا العروسة؟)
سحب منها كيس البطاطا قائلًا (مخدتش بالي ولا ركزت، بس كان في بنات حلوين فالفرح كتير)
قالت منزعجة: (اشمعنا بصيت وشوفت البنات والعروسة)
قال بإيضاح يمازحها (العروسة خلاص الله يسهل للي خدها بجا إنما البنات لااه مسموح أحيانا بالنظر يمكن ربنا يكرم)
سألته بحدة من كلماته التي تعمدت تجاهلها(ما ممكن البنات ليهم أزواج ولا خطاب)
قال يحاورها بصبر(لو ليهم ميسبهمش كِده باللبس دِه ولا يرجصوا)
ابتسمت قائلة بفخر (مش كل الناس عندهم غيره على أهل بيتهم يا حمزة)
ابتسم مقتنعًا (غلبتيني.. المرة الجاية مش هبص)
ضحكت قائلة (بتضحك عليا وتشتغلني عارفه إنك مبصتش أصلًا)
سألها بمراوغة (دِه ثقة فنفسك ولا فيا؟)
استنكرت بغباء (وأنا مالي دخلي إيه ؟ أنا جصدي ثقة فيك إنت متربي سبع مرات ياحمزة)
قالتها بضحكة فسألها بصبر(إزاي وإنتِ مالك ؟ إنتِ مش مرتي)
قالت بضحكة وإستخفاف (مرتك كده وكده ، بس عادي أنا معنديش مشكلة تتجوز تاني أنا برضو يهمني تبجا مبسوط يا واد خالي)
أمسك جهاز التحكم قائلًا (تمام شوفيلي بجا عروسة حلوة ولذيذة ومتخلنيش أبص بره)
قالت سكن بمرح زائف تخبيء عنه غيرتها المشتعلة بقلبها(ماشي)
سألها حمزة بغمزة (بس إيه مفكرتش البجامة هتبجا بالحلاوة دي والله)
انتبهت أنها نسيت ارتداء إسدالها فقالت بخجل وضيق(يسلم الي جاب)
قالتها ونهضت على الفور، مسرعة للحجرة تؤنب نفسها لنسيانها، بعد دقائق رن هاتفه برقم جده، فأجاب على الفور (ازيك ياجدي)
لتفاجئه عاليا بنفسها هامسةً بحرج (ازيك يا دكتور أنا عاليا)
اعتدال قائلَا بقلق (ازيك إنتِ في حاجه.؟)
قالت عاليا وهي تتابع جدها بنظراتها العطوف(جدي تعبان شوية ياريت تيجي توديه للدكتور)
نهض على الفور متسائلًا (خير ماله.؟)
قالت عاليا بأسف (بجاله يومين تعبان ومفيش علاج جايب نتيجة، فجولت أكلمك تيجي توديه الدكتور)
ارتدى حذائه قائلًا (حاضر هاجي)
خرجت مرتديةً إسدالها فتجاهلها وصعد للأعلى أبدل ملابسه وهبط، سألته سكن بإهتمام (رايح فين.؟ في حاجه.؟)
قال لها يطمأنها بحنو (جدي تعبان رايح أوديه للدكتور واطمن عليه)
غادر بعدما هزت رأسها بتفهم وعلى باب المنزل هتف يخيرها (تيجي معايا ؟)
نظرت إليه بصمت مُفكرة تقلّب كلماته في عقلها، بينما هو يقف صابرًا يشجعها ويبثها الدعم اللازم فابتسمت قائلة (هلبس وأجيلك)
جلس منتظرًا يخبرها برفق ولين (مستنيكِ يا سكن)
بعد دقائق خرجت ترتدي ملابس مناسبة، وقفت أمامه في استعداد فنهض مبتسمًا يمنحها كفه لتتشبث به ويكون وسيلة تواصل بينهما إذا احتاج الأمر.
مدت كفها مرحبة، أمسك بها وخرج متجهًا ناحية منزل جده الذي يبعد عن منزليهما مسافة قصيرة سيرًا على الأقدام لمدة عشرة دقائق.
قضياها في صمت حتى اقتربا من باب المنزل الكبير وساحته، رأتها عاليا من الشرفة فأشارت بكفها لسكن التي ابتسمت ابتسامة متوترة لم تصل لعينيها..
حاولت الحديث وشرح ما تعانيه ويحدث لها فصمتت بخيبة غير قادرة، وضع حمزة سبابته على شفتيها يطلب بصيغة الرجاء حتى لا يؤذي قلبها ولا تظنه أمرًا وتحكمًا فيها أو ما قد يؤله لها شيطانها :(سكينة هندخل والي هيكلمك مش هتردي عليه ؟)
همست بحزن عميق تجمعت سحبه في عينيها تنذر بالهطول (وهو أنا عاد ليا كلام ولا عين اتكلم.؟ ما خلاص بجا)
قال مبتسمًا يبثها الشجاعة ويضخ القوة في أوردتها (ليكِ عين وليكِ لسان وليكِ رجل فيها جزمة تتجلع وتدي بيها الي يزعلك وحمزة وراكي) ابتسمت ليرفع أنامله يكفكف دموعها قائلًا (بس معلش أنا المرة دي الي هرد لو حصل حاجه واعتبريه رد دين) أراد فقط أن يهذب من سلوكها وتوجيهها للطريقة الصحيحة للتعامل دون صراخ، وأن ليس كل ما يقال يحتاج الرد فبعض الكلمات تستحق أن تُصفع بالتجاهل وتسقط تحت الأقدام مندثرة ، كما أنه جاء بها هنا اليوم لتعتاد الخروج والمواجهة لتستعيد صلابتها وقوتها في وجوده وتحت نظراته وفي حمايته.
هزت رأسها بتفهم، فدخل المنزل بعدما طرق الباب وجد عاليا في انتظارهما رحبت بهما بشدة وأطلقت عدة زغاريد عالية أربكت سكن وأخجلتها لكن داخلها كانت ممتنة شاكرة لتلك المعاملة، أما حمزة فابتسم لها بتقدير.
توجست عاليا خيفة من لسان والدتها وسخافة جدتها لذلك أمرتهما (اطلعوا لفوج علطول)
رفض حمزة قبل أن يُلقي التحية على جدته وزوجة عمه.
اقترب مُحييًا في كبرياء وخلفه سكن رافضة للفكرة تشعر بسخافة المواجهة الآن مع نفيسة التي حتمًا تترصد لها :(السلام عليكم ازيك يا جدتي)
قالها حمزة وانحنى يقبل كفها الذي سحبته بسرعة ولوت فمها بإمتعاض تبادله سلامه بآخر نافر (مرحب، ازيك يا واد ورد )
ابتسم قائلًا بصبرٍ وأدب (حمزة عبدالحكيم ياجدة)
أشاحت ممصمصة تقول بإنزعاج (ماشي كسبنا صلاة النبي)
التفت بنفس الابتسامة لنفيسة (ازيك يا أم سعد)
رمقته نفيسة بنظرة ساخرة وهي تهتف (مرحب يا دكتور مبروك عالجواز)
أجابها بأدب وهو يخفض بصره تأدبًا (الله يبارك فيكِ عجبال عاليا وسعد)
أجابته (فحياتك ان شاء الله)
أردفت وهي تشمل سكن بنظره هازئة (مبروك يا سكينة معلش مجولتلكيش مبروك ولا نجطتك بس هي جوازه زي الميتم عايزه عزا مش مباركه)
انفرجت شفتيها تريد الرد لكن حمزة حذرها بنظراته في رجاء خالص..)
هتفت الجدة بإستياء (جولتلك خدي سعد، يلا تستاهلي على عملتك السودة)
لم تقدر سكن على الصمت قالت بحدة وكبرياء (لو عملتي جزاتها حمزة يبجا كل الخير جه لعندي)
قالت نفيسة مستهزئةً( صُح الدكتور مكانش هيلاجي بت بنوت ترضى وإنتِ كمان بعد عملتك وطلاجك يلا مجمع إلا ووفج)
أكد حمزة بخبث (والله يا مرات عمي زين ما جولتي ما جمع إلا ووفج مين غيرك إنتِ وعمي يفهم كِده) ثم التفتت لسكن محتويًا بنظراته يعانقها موجهًا كلماته لها وحدها (بس سكينة غير وواد عبدالحكيم محظوظ مش أكتر)
لوت نفسية فمها حانقة وقد فهمت ما يرمي إليه بمكر، ابتسمت سكينة ومدت كفها تطلب كفه فمنحها لها استأذنهم (هطلع أشوف جدي بعد أذنكم)
بقيت عاليا تغمغم معاتبةً والدتها التي نهرتها وتجاهلت قولها، لتيأس وتلحق بهما.
جلس حمزة جوار جده متسائلًا (مالك يا جدي ألف سلامة ؟)
أخبره الرجل بوهن (الله يسلمك يا واد الغالي)
رمى الجد نظراته تجاه سكن الواقفة جوار حمزة قائلا (عاملة إيه يا ملكومة ؟ متزعليش حمزة)
قالت بإمتعاض وتأفف (بدل ما توصيه عليّ)
قال الجد بضحكة ملبدة (هو دِه محتاج توصية يا مخبولة دا واد حكيم، اعجلي إنتِ بس واسمعي كلامه)
شاكسها حمزة بحنو وهو يرفع نظراته لها(بيجول اسمعي كلامه)
لوت فمها بضيق واستنكار ليهتف جده بصوت واهن (الله يعينك) صمت يتنفس بقوة فقال حمزة بحنان (تعالى يا جدي عندنا لغاية ما تخف)
اعترض الجد (لاااه)
قال حمزة متمسكًا برأيه (لااه وأنا مش هسيبك هتجوم أوديك للدكتور وبعدها على بيتنا)
أيدت سكن رأيه (صح يا جدي متجعدش هنا هتعيا أكتر)
قاطعتهما عاليا وهي تدخل للحجرة (أنا جاعدة جنبه)
قال حمزة ناهيًا الحوار (لاااه هيجي ويجعد وسطنا هناك لغاية ما يخف)
تقبل الجد رأيه دون جدال فهو بحاجه للمكوث بينهم والتدفيء بمجالستهم وثرثراتهم، هنا يمكث وحيدًا لا يهتم به أحد ولا يعني شيئًا لأحد، عاليا تحاول التخفيف عنه والبقاء معه أحيانًا وأحيانًا تختفي منشغلة.
أشار لهما حمزة (اطلعوا بره هساعد  هغير جدي يغير خلجاته واجهزه للدكتور)
أطاعتا الفتاتين بتفهم، خرجتا فتعلقت عاليا بذراع سكينة متسائلة (عاملة إيه يا بت.؟)
شملت ما ترتديه بنظرة منبهرة تسأل (الدكتور جايبهالك ؟)
هزت سكن رأسها فقالت عاليا بإعجاب (جميلة كأنها متفصلة عشانك يا مضروبة)
سحبتها لحجرتها قائلة (تعالي جيبالك حاجة حلوة)
نفضت سكن ذراع عاليا ووقفت معترضةً(لاااه مش عايزه منك حاجه)
انفجرت عاليا ضحكة تخبرها (لااه مش زي الي فاتت تعالي بس)
تبعتها سكن مستسلمة، دخلتا الحجرة فاتجهت عاليا للخزانة قائلة (جبتلك شوية برفان حكاية أكيد ملحجتيش تجيبي)
تذكرت سكن الأغراض الكثيرة التي يأتي بها حمزة كلما ذهب للمحافظة فقالت (لااا حمزة جاب كتير يا عاليا خليهملك)
سحبتهم عاليا من خزانتها واقتربت قائلة برفض (لاااه جيباهملكم مخصوص وإن شاء الله يعجبوكي)
أخذتهم منها سكن على استحياء، شاكرة لها أفعالها (شكرًا يا عاليا)
ضمتها عاليا قائلة بإبتهال(ربنا يسعدك يا سكينة وتكون جوازة العمر كله متزعليش من أمي ما إنتِ عرفاها )
أومأت سكن بصمت متفهمة، لترجوها عاليا بحنو(افرحي كِده يا بت وانسي)
سمعتا صوت الباب فاستأذنت سكن قائلة (دِه حمزة هروح معاه بجا سلام)
قبّلتها عاليا على وجنتيها قبل أن تغادر، لحقت بحمزة وأمسكت بذراع جدها تساعده..
سألت الجدة التي راقبت هبوطهما (على فين.؟)
أخبرها حمزة (على الدكتور)
قال الجده بغضب ونفور (يلا من وش هباب البرك دي عشان بشوفها راسي بتُخبط)
ابتسم حمزة لكلمات جده بينما قالت سكن معاتبةً (ام رفعت الغالية يا جدي )
قال الجد بغضب (حرجة أبو الي جابوا أبوها هي ورفعت)
ضحكت سكن فقال الجد (بركة إنك مبجتيش تدافعي عنها وتلوي بوزك)
قالت سكن بخجل وهي تخفض نظراتها (بتزعل حمزة والي يزعل حمزة مدافعش عنه ومحبوش)
ابتسم حمزة برازنة، مخبئًا تأثره وانفعاله بكلماتهاجيدًا ولم يبد أي ردة فعل حتى ظنته لم يسمع ما قالت أو ربما غير مهتم.
أشأر حمزة لسكينة ما إن اقتربا من منزلهما (روحي يا سكن هاخد جدي للدكتور وأرجع بيه، جهزيله المندرة الي تحت يجعد فيها)
هزت رأسها وقد فهمت كلماته ووعتها جيدًا يريد منها أن تنقل أغراضها وتهيئ الحجرة لإقامة جده وعليه ستنتقل لحجرته بالأعلى.
******
اختار الجد الإقامة بمنزل راضية معها حفاظًا على خصوصية زوجة ابنه وحمزة وزوجته الذي يظن أنهما زوجان طبيعيان، جلس حمزة جواره حتى اطمئن عليه وبعدها غادر وتركه
استقبلت سكينة مجيئة قائلة (جدي كويس يا حمزة)
أطلق حاسة الشم خاصته قائلًا (إيه الريحة الحلوة دي..؟ )
تشممت مثله بخبث (ريحة إيه.؟ مش شامة حاجه.؟)
رفع حاجبه يرمقها بنظرة مشككةً فقد كانت هي مصدر الرائحة التي تنكرها، انحني يتشممها بشك فمالت معترضة بخجل تستنكر (في إيه.؟)
قال مبتسمًا (اهي الريحة الحلوة جاية منك بتنكري ليه.؟)
قالت بمكرمتلعثمة تتعثر في خجلها(فكرتك تجصد ريحة تانية)
لف ذراعه حول خصرها وسحبها ناحيته لتلتصق به وهمس (لا أجصد دي)
أغمض عنيه وتشممها من جديد باسترخاء معجبًا بها (حلوة جدًا جبتيها منين.؟)
ابتسمت تسأله راضية برد فعله (بجد حلوة)
قال بتسلية يقصدها هي وهو يطالعها بنظرة شغوفة، غائمة بشتى المشاعر التي أطلقها دون قيود (حلوة بس؟ دي تحفة، بس لو تصدج)
همست ببراءة (هي مين يا حمزة البرفيوم..؟)
قال بإستياء موبخًا بغيظ (واحدة حمارة جليلة فِهم)
رن هاتفها فقطبت مندهشةً، تنهد حمزة قائلًا (تليفونك دِه.؟)
ابتعدت غير متفائلة تخبره بضيق تملّك منها (أيوة بس مين هيرن.؟)
من يهاتفها على هذا الرقم الجديد الذي لا يعرف سوى عاليا ومودة وحمزة والأقربين.
جلس حمزة جوارها يشجعها بعدما لاحظ خوفها (ردي شوفي مين متخافيش)
أجابت بتردد(الوو مين.؟)
قالت الأخرى على الفور(أنا أبرار يا سكينة ازيك عاملة إيه.؟)
ابتسمت سكن سعيدة بمبادرة أبرار وسؤالها عنها(الحمدلله أخباركم وحشتوني)
تفتت قلبه وتعكرت ملامحه بالحزن والبؤس وهو يستمع لها بصبر، مقررًا عدم التدخل الآن
أجابتها أبرار بإرتباك (كويسين وإنتِ كمان طمنيني عنك.؟ سمعت إنك اتطلجتي واتجوزتي حمزة.؟)
رفعت نظراتها إليه ثم أجابتها بخجل (أيوة)
هتفت الأخرى (مبرووك)
سألت سكينة بطيب قلب(فين سما عاملة ايه.؟ مين اداكي رقمي.؟)
قالت أبرار (خدته من مودة كنت عايزه اطمن عليكي وأعرف أخبارك وأجولك حاجه مهمة)
تحفز الجالس جوارها، قالت سكن وهي تعود لتجلس جواره تستمد الأمان من وجوده بقربها، قالت أبرار (أوعديني متجوليش لحد ومتجبليش الأذى)
ارتجف جسد سكينة، تلقائيًا مدت كفها وضمت كف حمزة تطلب العون والحماية، تستمد أكسيرها من القوة وتتشبث بوجوده ولم يبخل او يكتفي بمنحها كفه بل أحاط كتفيها بذراعه محتويًا كأنه يحميها (إيه.؟ اطمني مش هجول.؟)
تنهدت أبرار براحة ثم تابعت متأسفة معتذرة (متكلميش سما تاني ولا تحكيلها حاجه عنك وابعدي عنها)
سألت سكن بتلعثم فرض سطوته على حروفها (ل... يه)
أوضحت أبرار بحزن (سما هي السبب فالي إنتِ فيه دلوجت)
انتفضت سكن واقفة مترقبة فأردفت أبرار(باعت رقم تليفونك للشباب وباعت صورك وعملت أكونت باسمك كلمت منه الشباب وسامي)
صرخت بها سكينة مرتجفة لا تصدق، تظنها حماقات منها (بتجولي إيه.؟)
تحملت أبرار مشفقة عليها تلتمس لها الأعذار قائلة (معرفتش أجف جصادها خوفت منها بس جولت أجدر أحذرك يا سكينة منها)
سألتها وهي تبتعد تاركة كف حمزة (طب طب عملتوا كدا فيا ليه.؟ أنا أذيتها فأية.؟ أنا زعلتها فأية.؟ ليه منبهتنيش.؟)
صمتت أبرار بأسف لتصرخ بها سكينة في حرقة (حسبي الله فيكم منك لله انتي وهي)
أنهت أبرار الاتصال فورًا لتعاود سكن الصراخ (متجفليش..
أغمض حمزة عينيه سالبًا نفسًا قويًا قبل أن يقترب ويضمها من ظهرها إليه يهدأها بهمسه الدافيء(اهدي يا سكن متعمليش كِده)
استدارت تشرح له بهذيان مرير أصابه بالعجز (شوف ياحمزة بتجولي صاحبتي عملت كل دِه.. صاحبتي يا حمزة  صاحبتي..
ضم رأسها لصدره يحاول تهدأتها (متزعليش ربنا هيجبلك حجك وأنا مش ساكت والله)
رفعت رأسها تطالعه مصدومة، تخبره (معملتلهاش حاجه يا حمزة والله ما عملت، مكنتش ببخل عليهم بحاجه ولا برفضلهم طلب.. ليه عملوا فيا كِده)
صرخت وهي تترك ذراعيه وتبتعد، (أنا وحشة صح.؟ مستاهلش صح.؟ أيوه العيب فيا أنا..
اكتوى بنيران كلماتها، اقترب يحاول احتواء حزنها وغضبها فدفعته بعيدًِا (ابعد إنت كمان مش عيزاك مش عايزه حد مستهلش حاجه حلوة، ابعد عني..)
قيد ذراعيها وسحبه لأحضانه عنوه ضغط رأسها على صدره وهو يهتف (إنتِ مش وحشة، إنتِ كتير عليهم.. وتستاهلي كل حاجه حلوة تتعمل علشانك)
تململت وهي تضربه بقبضتيها في هستيريا وغضب(ابعد عني يا حمزة مش عايزه حد)
هدأها دون أن يتركها تبتعد (اهدي)
استرخى جسدها قليلًا، تشبثت بملابسة باكية بحرقة عظيمه تبثه الشكوى وتصف له نيران قلبها (صاحبتي يا حمزة.. هموت، تعمل فيا كِده.؟)
جاهد لتهدأتها حتى نامت بين ذراعيه، حملها ووضعها فوق الفراش ثم دثرها وخرج يخبر مودة ووالدته بما حدث.
ها قد أجدت خطته نتائجها وثمارها لكن بطريقة عكسية، لم يرد إيلامها بهذا الشكل يكفي قلبها ما عاناه، بالكاد استطاعت تقبل الأمر والخروج من قوقعتها، وها قد انتكست من جديد لذا عليه إنهاء الأمر فورًا والمضي قدمًا في إكمال خطته والمغادرة بأسرع وقت.
#انتهى

ملاذ قلبي سكن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن