꧁الثامن والثلاثون꧂

1.3K 61 36
                                    

🌷الثامن والثلاثون🌹
صَلُّوا‬⁩ ⁦‪عَلَى‬⁩ ⁦‪مَنْ‬⁩ عَلّمَنَا اَلْحُبَّ
وَآخَى الْقَلْبُ بِ اَلْقَلْبِ
وَفتَحَ لِلْخَيْرَاتِ كُلُّ دَرْب
صَلُّوا‬⁩ ⁦‪عَلَى‬⁩ ⁦‪مَنْ‬⁩ يُنَادِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّتِي أُمَّتِي
اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد💜

****
فض الرسالة بسرعة وهو يبتسم بسخرية يردد كلماتها المكتوبة بتهكم، ضغط زر الاتصال وانتظر حتى أجابته بهدوئها المعهود الذي شابه بعض الخجل الرقيق من رسالتها المبعوثة له، ليفاجئها كعادته (في إيه يا مودة؟ شِعر إيه الي بتبعتهولي دا ناقص تكتبلي جواب حب وترميهولي في العربية)
بهتت ملامحها وسألته بإرتباك وإحراج (معجبكش؟)
ابتسم قائلا وهو يهز رأسه (حلو) ثم أفاق هاتفا فيها بقوة (أنا راجل أفعال الرسايل دي تتبخري بيها تعمليها حجاب،أنما أنا  تحضنيني تبعتيلي فويس بضحكة خليعة)
أبعدت الهاتف فاغرة الفم بذهول مما يتفوه به، ليردف مغيظا لها أكثر (تبوسيني لما نتقابل وتقوليلي وحشتني ياسيد الناس)
خرجت عن هدوئها وهتفت (نعم أنت كده عايز روقة بجا)
ابتسم متنهدًايخبرها بهيام مفتعل ليغيظها (الله على بقا بتاعتك برطمان مش اتضرب فوشي يا ناس بعدين بتجولي فيها لو بقيتي روقة هضربلك تعظيم سلام )
عضت أناملها غيظًا منه وهتفت بغضب (ماشي يا زين تصبح على خير أنا أصلا غلطانة)
تنهد بهيام وهو يخبرها بإبتسامة لامست نبرته فخرجت مرحة متجاهلًا ما قالته (الله على زين الي طالعه من بوقك عصير برتقال بالجزر)
انتبهت تسأله مهتمة (اشمعنا برتقال بالجزر؟) مازال يبهرها بردوده وتعليقاته الغريبة المتضافرة مع تشبيهاته الأغرب
قال بضحكة بعدما نجح في جذب انتباهها إليه وعودتها للحديث (أصلي بحبه زيك كدا يا ميمو؟)
ابتسامة لطيفة زينت ثغرها في ابتهاج خاص لتهمس في خجل متهربةً منه (تصبح على خير)
زعق وهو يزفر بقلة صبروقد تبدلت نبرته وحل وثاق صبره (الله! مفيش واحدة وأنا بحبك يا زين)
قالت في تحدي وغيظ من جنونه الذي يورثها القهر أحيانًا (لااااه سلام)
قال بإمتعاض شديد واستفزازلها (سلام يا صاحبي) أنهت الاتصال وعادت لفراشها تمددت في استعداد للنوم لكن قبل أن تفعلها حاولت الاتصال بسكينة للاطمئنان عليها لكنها لم تُجب فنامت داعية الله لها بصلاح الحال.
****"**********
في الصباح نادت راضية عليها بنبرة مندهشة ونغمة متوترة (مودة يا مودة)
تعجبت مودة من غرابة نبرة والدتها والدهشة والارتباك في ندائها فخرجت من المطبخ تُجيبها (خير يا أما مالك؟)
ما إن لمحت سيارته بالخارج أثناء خروجها عرفت سر دهشة والدتها فعادت للمطبخ وغسلت يديها وهندمت نفسها ثم خرجت، لتستقبلها والدتها قائلة (همي يا بتي شوفي جوزك واجف بره مرضاش يدخل)
استنكرت ملامحها تآلفًا مع نبرة صوتها (أُمال جاي ليه بدري كِده ومن غير ما يجولي جبلها كمان)
دفعتها والدتها قائلة (شوفيه يابتي يمكن حاجه مهمة على ما أعمله كباية شاي)
هزت مودة رأسها بالموافقة ونظراتها تهرب لباب المنزل المفتوح بشرود يشوبه بعض الضيق،تحركت بعدما تأكدت من انضباط ملابسها ورتبت حجابها خرجت من عتبات المنزل لتجده يقف متكئا بجزعة على باب السيارة منتظرًا لها وما إن لمحها قادمة حتى اعتدل يستقبلها بإبتسامته الجذابة، أقتربت تسأل بقلق واضح على ملامحها (خير يا زين في حاجه؟)
كرمش ملامحه يبثها استياءه من سؤالها الغريب ومقابلتها غير المرضية(إيه المقابلة الناشفة دي؟ هي دي صباح الورد)
ابتسمت بإضطراب وهي تمد كفها مرحبةً بوجوده رغم قلقها (صباح الخير يا زين معلش جلجت لإنك مجولتليش وكمان أول مرة تيجي كدِه الصبح)
حرك أنفه مشتمًا الروائح التي ظهرت وعبقت المكان حوله حين اقتربت منه، تهرب من الإجابة في مراوغة ومكر (شامم ريحة فانيليا كنتِ بتعملي إيه يا ميمو؟)
ابتسمت في خجل وهي تجيبه بعفوية (كيكة)
قال مستحسنًا وهو يسحبها ناحيته لتقف جواره (حماتي بتحبني كان نفسي أفطر كيك والله)
ضمت شفتيها بخجل وهي تخبره بنظراتها الهاربة دائما من قوة نظراته وجرأتها (حالا تطلع وأجبلك)
أمسك بكفها يضمه فسحبته في خجل وإحراج وهي تتطلع حولها بتوتر، ليرفع حاجبه في غيظ قائلا (إيه أنا مش كتبت الكتاب ودفعت وكلفت)
أوضحت بلوم بوجنتين متضرجتين بالحمرة الشهية (إحنا في الشارع يا حضرة الضابط)
وقف متخصًرا يطالع الفضاء حوله ساخرًا من قولها متهكمًا منه(آه صح النخلة الي واقفة دي تقول إيه علينا)
رفعت نظراتها الحادة إليه في عتاب وضيق ليبتسم ويقترب منها خطوة هامسًا (حسيت إني زعلتك امبارح فقولت أول حاجة يا واد زين تعملها الصبح تصالحها وتفطر معاها دي برضو مراتك قرة عينك)
رفعت نظراتها إليه تتبين ملامحه لتعرف مدى صدقه وجديته ليبتسم لها مؤكدًا وقد فهمها، قطعت راضية حديثهما بمنادتها مودة التي استأذنته وغارت لتأخذ منها كوب الشاي،..
جاءت به قائلة (ادخل يا زين)
أجابها برزانة وتفهم (عارف عمار مش قاعد ومش وقت جيتي بس)
تناول كوب الشاي قاطعًا كلماته فرفعت نظراتها مستفسرة ليردف بإبتسامة وهو يرفع كوب الشاي مرتشفًا منه (بس قولت أجي اتصبح بوشك الحلو يا ميمو وأشوفك زعلان وغضبان مني ليه يا برتقال بالجزر أنت؟)
ضمت الصينية الصغيرة لصدرها محتمية بها من خجلها ليخرج من جيبه ورقة مطوية ويمنحها لها مرفرفًا بأهدابه في وداعة مفتعلة ساخرة، رفعت نظراتها مستفسرة ليحرك كتفه قائلا (افتحيها بعد ما أمشي)
سألته وهي تتناولها منه (فيها إيه؟)
ارتشف مرة أخرى وهو يخبرها بإبتسامة وترقب لرد فعلها (جواب حب بما إنك بتحبي الحاجات دي)
اتسعت ابتسامتها وزاد خجلها وتوردها، ضمت الورقة بين أناملها بقوة وهي تخفض بصرها متهربةً،ممتنة لمحاولاته الدائمة لأجلها وتراجعه عن أفعاله الغريبة  أنهى شايه ومنحها الكوب شاكرًا وهو يتأمل ملامحها الجميلة (شكرًا يا ميمو)
غمغمت بما لم يسمعه فسألها عن حال سكن لتجيبه بخيبة (مبتردش بس إن شاء الله خير)
فتح باب سيارته في استعداد قائلا (خير)
شكرته دون أن تمنحه نظراتها (شكرًا يا زين على وجفتك معاها)
ابتسم قائلا (في الخدمة أنا لعيونك يا مودة)
شعرت بحرارة الخجل تتصاعد وقلبها يدق بعنف مستجيبًا لكلماته واهتمامه (سلام بقا)
استوفقته رافضة مغادرته (خليك ناكل الكيك سوى)
ابتسم قائلا بلطف (خليلي نايبي هجيلك تاني لما تطمني على أختك)
لاحظ ضمها للورقة فابتسم أكثر وأردف (وأنت يا مجرم قلبي لو فضلت معاك أكتر من كدا هنسى المجرمين الغلابة الي في الحبس)فغرت فمها ببلاهة تمرر على عقلها كلماته وتشبيهاته الغريبة 
فضحك وسارع بدخول سيارته قائلا (ادخلي البيت يلا) فاقت من بلاهتها
تومئ برأسها في طاعة قاد سيارته ملوحًا بكفه في وداع تحت نظراتها الامعة التي توهجت بشمس جديدة.
ما إن غادر حتى دخلت مهرولة للمطبخ، وضعت ما بيدها ووقفت تفض رسالته بقلب تتواثب دقاته في لهفة عجيبة، فتحتها أمام عينيها بشغف وليد اللحظة وصنيعة لقائه، لتجد رسمة بدائية لقلب كبير يخرج منه سلاحًا يوجه رصاصاته لقلب صغير، قطبت بغير فهِم وخيبة من تلك الرسمة الغريبة، لتسارع بقراءة ما خطه أسفلها
(رصاصات قلبك الطايشة التي لا تبالي وهي بترشق فقلبي الذي لا يحتمل)
(بحبك يا روقة المستقبل يا بركة دعا الوالدين )
توسعت عيناها بذهول وهي تردد كلماته بقهر واستنكار لتكرمش الورقة وتزمجر في غضب صارخة (عااااااااا..)
رن هاتفها بنغمة خصصتها له فسارعت بإلتقاطه والإجابه ليأتيها صوته اللامبالي
(عجبتك صح؟ أنا عارف)
زفرت بقوة حابسة غضبها داخل فقاعات الصبر والثبات ليسألها مستفهمًا سبب صمتها ونفسها السريع(ايه متضايقة ليه؟إيه كنتِ عايزة القلب الصغير ولا الرصاص فشنك)
عضت شفتيها في غيظ مكتوم لتتماسك وتجيبه بسخرية (لا ازاي تحفة انبهرت)
كتم ضحكته من طريقتها ونبرتها التي تجاهد لتخرج صحيحة من بين زفراتها الحادة التي تسيطر بها على غضبها الحارق وتضبط بها خروج أنفاسها .
مازحها (متتعوديش بقا ها)
سخرت منه (لا مش هجدر جلبي ممكن يقف من الجمال متكررهاااااش) قالتها ممطوطة شبه صارخة بتهديد.
ليبتلع قهقهته ويقول مؤكدًا (بقول كدا برضو أكتر من جواب تروحي مني وأنا مقدرش)
نادتها والدتها فقال متفهمًا (سلام شوفي أمك عايزة إيه)
أنهت الاتصال، كاتمة داخلها (سلام)
رمت الهاتف وخرجت ملبية نداء والدتها في طاعة مفكرةً فيما يفعله ويقوله.
*****"*****
منذ عادت من عند عمها وهي تغلق على نفسها مستغلة وجود إبراهيم للتخفيف على ورد،حيث يمكنها بحجرتها الانهيار بحرية لا تبكي بل روحها تنزف، تذوب كليًا وتتوحد مع عذاب قلبها ووجعه، تتصنع القوة والثبات أمام ورد وتشاكسها بعقل مشوش وقلب مكلوم وحين تنزوي وحيدة، وتختلي بأفكارها السوداوية المقيتة تدخل معها في صراع عنيف لاتقوى على مجابهته فتخضع لها وتنهار باكية بحرقة، كلما تعالى الصوت وانفلت زمام الوجع دفنت وجهها في وسادتها وبكت حتى تعبت وأشفق عليها النوم من معاناتها فهرب بها بعيدًا لعالم ليس فيه سواه هو عزيز قلبها، لكن طال غيابه كثيرًا فتجافى جنبيها عن المضجع، لن يطيب لها نوم ولا يهنأ لا بال حتى تطمئن.
طرق إبراهيم الباب بلطف وقد تبدلت نبرة صوته وتغيرت نغمتها الحزينة (بت يا سكن)
مسحت دموعها بسرعها ولفت حجابها حول خصلاتها وهي تجيبه بصوت حافظت على قوته (أيوة يا إبراهيم في حاجة)
قال بمرح على غير المعتاد لم تلتفت له فما في قلبها يشغلها عن كل شيء(تعالى بره شوية معلش)
همست برضوخ وهي تحاول جاهدة إيقاف سيل دموعها الجارف (حاضر)
عاد إبراهيم لجلسته جوار ورد يتأمل الشاشة غير مصدق نظراته، يعبّر بعفوية عن اشتياقه لابن خالته (وحشتنا يا كبير الدنيا من غيرك ولا حاجة)
ابتسم حمزة ابتسامة واسعة وعينيه تنهب من والدته ما تطاله بحنين بالغ واشتياق كبير فرض سطوته على نظراته فأغرورقت بالدموع(وحشتيني يا أمي)
كلما غلبتها دموع الفرح طردتها بسعادتها وفرحتها بعودته سالما، قالت بإشتياق شديد (واه يا حمزة ربنا ما يغيبك يا ضنايا ولا يوجع جلبي فيك)
تأسف وهو يلتقط من ملامحها الوهن والإرهاق الذي لم يخفى على نظراته الخبيرة بها (سامحيني غصب عني يا ضي عيني)
ابتسمت لتطمئنه، وهي تتأمله من جديد حامدة الله ألف مرة (عذرك معاك يا حبيبي غمة وانزاحت)
هتف بوجع ونبرته المتحشرجة تمتزج بالخجل والفرح، عُجنت بهما ليخرج قوله حلو المذاق مبهج لقلبها (وحشني حضنك يا ست الكل وتاج راس حمزة)
شاكسهما إبراهيم الذي احتفظ بهدوئه وامتنع عن الحديث ليترك لهما الحرية والمساحة في التنفيس عما يشعران به والاطمئنان (خلاص يا عمهم هعيط والله)
خرجت سكن متهادية في خطواتها بطيئة السعي تجاه طلبهما لها، منهكة العزيمة وضائعة الأفكار، وقفت مكانها متسعة العينين تشهق بعدم تصديق حين وصلها صوته الحنون الدافئ الذي لملم ما تبعثر داخلها، أغرورقت عيناها بالدموع وهي تهمس بذهول (دا صوت حمزة)
لما تكرر حديثه وامتلأ المكان بدفء صوته ارتعشت كل خلية في جسدها واستيقظت حواسها من ثباتها العظيم همست بضحكة غير مصدقة (أيوة حمزة هو حمزة)
ليأتي سؤاله هو الملهوف تلك المرة ينير روحها بزينة الفرح ويلبسها حلة السعادة (فين سكن اتأخرت ليه؟  عايز أشوفها وأطمن عليها زيكم علشان ارتاح)
ركضت متعثرة حتى وقفت أمامهما
ارتفعت نظراتهما إليها يجيبانها على سؤالها الذي انطلق كالسهم من نظراتها وهي تشير بسبابتها تطلب تأكيدا،  بهجة ورد وتألُق نظراتها وضحكة إبراهيم كافية لتتأكد، أبلغ إجابة لتعرف أن عزيز قلبها وجدته السيارة وخرج من غيابات الجب سالما.
أفسح لها إبراهيم المجال في دعوة لم تؤخرها، ركضت بساقي اللهفة حتى جلست جوار ورد تطالع الشاشة التي بين أناملها بلهفة وأنفاس ثائرة في جنون، رفعت نظراتها لورد مغمغمة بصوت ملأته الدهشة وغمرته السعادة (حمزة يا ورد حمزة)
ربتت ورد على كتفها في حنو، استأذنهما هيما ليترك لهما حرية الاختلاء به والحديث، فمنحت ورد الكمبيوتر اللوحي لسكن ونهضت مودعة له تغلق خلفه الباب جيدًا.
مال حمزة قليلا بجزعة يود لو اخترق الشاشة ليضمها لصدره ويشبع شوقه لها ويوقف دموعها التي تجاهد لتمنعها لكنها لا تفلح، كلما تشوشت رؤيتها سارعت بمسح عينيها لتتابع تأمله بتلك العاطفة، تأملته بإمعان شديد وجوع وهي تهمس بخفوت متوسلة له(اتكلم يا حمزة اتكلم)
لم يكن بأقل منها شوقا وتوقا لتلك اللحظة، ضمها بنظرة خاصة متوهجة لثم ملامحها الي أفتقد وهو يهمس بعاطفة وابتسامة ضياؤها غلب شمس كلماته (سلام لعنيكِ وكل ما فيكِ يا سكن)
نطقها على مهل كأنه يُطعمها حروفه منتظرا رأيها فيها بعدما طهاها على موقد أشواقه الحارة،عينيه ضمت وربتت دللت وبثت الغرام واعترفت بالفقد المميت لها
تسربت الراحة لأوردتها أخيرًا فها قد عادت لموطنها، أنهى تأمله لكل إنش من وجهها الذي اشتاق وبعدها سألها بإهتمام (إيه الي فوشك دِه يا سكن؟)
تذكرت نكبتها في أخيها،و ما حدث وآثار ضربه لها الذي لم يكن لجسدها فقط بل اخترق روحها، روحها التي تعرت ووهنت بإختفائه فكان الألم أضعافًا مضاعفة.
أطلقت تنهيدة حارة قبل أن تغطي وجهها بكفيها وتنفجر في بكاء عنيف أسقط كل حصونه وبعثر مقاومته...
ساوره الشك وهاجمه القلق من فعلتها العفوية، أن يكون مكروهًا قد أصابها في غيابه. هتف  بلهفة مملوءة بالجزع فماذا حدث ودفعها لهذا البكاء الذي يمزق روحه الآن (سكن في إيه يا بابا اهدي)
استفزتها كلمته فأبعدت كفيها وصرخت به (متجولش بابا)
منحها نصف ضحكة وقال رغم قلقه الذي يتصاعد (خلاص طيب اهدي مش هتكلم)
هتفت بطفولية وشهقاتها لا تتوقف (لا اتكلم متسكتش)
هتف بها يرجوها بلطف محتملًا انفجارها بصبر وتفهم يغدق عليها من عاطفته دون قيود (طب اسكتي أنتِ يا سكن واتكلمي عشان أسمع صوتك أنا وأشوفك وأملي عيني منك يمكن جلبي يشبع)
هدأت قليلا مبعدة كفيها تتأمله غير مصدقة، حينما تداركت الأمر داخلها وأحست كم أفتقدته طوال تلك المدة انفجرت في البكاء مرة أخرى.
عادت ورد التي رحلت تصلي شكرا لله، تأملتها بإشفاق وحنو قبل أن تجاورها وتضمها مهدأة (في إيه تاني؟  مش اطمنتي وهو اهو جدامك بخير)
هتفت ومازالت تخفي وجهها الباكي خلف كفيها (كان فين؟  وغاب ليه؟  مفيهوش حاجه صح وكويس)
ابتسم حمزة وهتف بها (بطلي بكا وشوفي بنفسك هو كويس وفيه حاجه ولا لاه ؟)
هدأتها ورد بصوتها الحنون الدافئ قائلة (جومي اغسلي وشك وتعالي وهو هيجولك كل حاجه)
وجهت نظراتها للشاشة غير مكتفية منه، متحيرة لا تريد النهوض وتركه دقيقة واحدة فشجعها وهو يسترخي فوق مقعده ويرفع ياقة قميصة متشمما فيتأفف بعدها وتبتسم هي، راقته ابتسامتها فقال (يلا جومي عايز اجوم استحمى ريحتي طلعت وكمان وارتاح شوية)
نهضت متثاقلة لا تحب أن يغيب عن عينيها، غادرت ركضًا وعادت مسرعة، المياه تقطر منها لعدم صبرها ووقفها لتجفيفها وتركه.
تممدت فوق الآريكة واضعة رأسها فوق فخذي ورد في تعب ومازالت تتأمله، بدأ في السرد، أخبرهما أنه تعرض لحادث تسبب في سوء فهم فتم احتجازه ومما صعب الأمر هو ضياع جواز سفره وأوراقه في الحادث فبقي محتجزا حتى حصلوا على أوراقه وتأكدوا من صحة أقواله ومعلوماته.
(سكن) همس بها لا يروقه صمتها يعاتبها على حرمانه من سماع صوتها الذي يحب بحماسه وجنونه ولهفته.
انتفض  جسدها وتلك النبرة المملوء بالشجن تحاوط اسمها بلهفة تتذوقه قبل النطق، تعبر مخترقة كل خلية في جسدها فينتعش ويعاد للحياة من جديد
أغمضت عينيها قبل أن تجيب مرتجفة قلبها يرفرف، دقاتها تعلو وتصم أذنها، هل هو.؟ هل عاد حقًا..  عينيها توسعت بلهفة نظراتها تتباطئ عليه حين وقف واستقام بجسده أمامها،  جابت خرائط جسده وملامحه بتأني تسلك طرقًا جديدة وعرة في عودة للشعور به من جديد وبعوته ليس فقط لحياتها بل لقلبها، ترسم حدودًا أخرى لشوق عصف بقلبها أيامًا وليال.. تمنح عينيها الغوص في عينيه لتشفى جراحها وتردم آبار دموعها التي ما نضبت ولا جفت منذ غيابه عنها.
همست بلوعة شديدة وعينيها تتثاقل تجيبه على سؤاله غير المنطوق وتوضح سبب صمتها(مش مكفيني منك طلة وشوفة يا حمزة، عايزة أحضنك وأتدفى بوجودك)
طالعها لا يقل شوقًا ولهفة، يجدد عهد العشق بحفر صورتها على جدران قلبه، الشوق يعصف به ويطالبه بتلبية مرسال هواها في الحال، بالعودة إليها وترك كل شئ .. ونبذ غضبه وحزنه وعتابه والإرتماء بين ذراعيها دون حساب أو خوف.
همس بصوت متحشرج هاربًا من نظراتها التي تخضعه، وتفتت ثباته (هانت يا سكن)
نبرته عميقة توازي عمق افتقادها له ووحشة لياله دونها، فأجابت بفقد ينبض بين أضلعها كلما نظرت إليه(ربنا يردك بخير ويجرب اللجا يا حمزة)
ثرثر بعدها مع والدته بكثرة رافضًا هو الآخر تركهما وإنهاء الحديث، يريد الشبع منهما حد التخمة
ليتوقف عن الحديث ويسأل والدته بدهشة واستنكارونظراته تطوف على ملامح سكن  (سكن نامت! )
ربتت ورد فوق رأسها بحنان موضحة له بعطف (نوم راحة يا حمزة،  بجالها أيام يا حبة عيني مبيغمضلهاش جفن ليل نهار تبكي، لما شافتك ارتاحت واطمنت ونامت)
هز رأسه بتفهم وداخله يتألم حزنًا على تلك الحالة التي أوصلها لها رغمًا عنه،تابع الحديث مع والدته وبعد دقائق أنهى الاتصال على وعد بالعودة بعدما ينال قسطًا من الراحة.
بعد مرور ساعتين فرقت بين جفنيها، تنظر لما حولها بعينين مثقلتين بالنعاس
سكنت قليلا مفكرة قبل أن تتذكر ما حدث وتنتفض جالسة تهمس(حمزة)
بحثت بعينيها عن الكمبيوتر اللوحي فوجدته مغلقا تناولته واتجهت للداخل منادية تستفسر (ورد ورد)
أجابتها ورد من داخل المطبخ (تعالى يا بتي أنا هنا)
وقفت أمامها قائلة ببلاهة (ورد أنا كلمت حمزة صح؟  وهو رجع ومكنتش بحلم)
هزت ورد رأسها بإبتسامة رائقة تؤكد لها كلماتها بمرح (أيوة رجع وكلمتيه)
نقرت فوق الجهاز مفتشة عنه فقالت ورد (اغسلي يدك وتعالي ناكل لجمة تلاجيه نايم خلصي وبعدها يكون صحي وكلميه)
نفخت سكن مستسلمة لما قالته ورد فهو بحاجة للراحة ليفيق وتعود إليه حيويته المفقودة، وضعت الجهار وغادرت لتغسل كفيها ثم عادت لتساعد ورد في إعداد الطعام،  هتفت ورد برأفة (طمني خيتك وأمك يا سكن)
قضمت قطعة جزر وملامحها تنكمش في اعتراض (لاااه لما يكلمني تاني واتأكد واطمن تاني وتالت ورابع علشان يجيني نفس اكلمهم)
تبسمت ورد ضاحكة من قولها، قبل أن تتكلم قاطعها رنين الجهاز فقفزت سكن تجاهه أمسكت به وفتحته تستقبل صوته الحنون الذي قال (السلام عليكم)
أغمضت عينيها متنهدة تستقبل صوته الدافىء الحنون وتتركه يتغلغل داخلها ليشفى سقيم روحها ويرممها بعد ما كان (مغمضة عينك ليه يا بت عمتي؟)
سألها بمشاكسة ففتحتهما وأجابته بلوعة العشق وناره التي تكويها (عايزه صوتك يدخل لروحي يطمنها ولقلبي يدفيه، قلبي الي بيعشجك ليه حج فيك،وروحي الي اتوجعت فغايبك ليها حج مش بس عنيا  )
تنهد بصمت، ابتسم وهو يشبع شوقه بتأملها والمرور ببطء على كل ما فيها.
سألته ورد بإهتمام (أكلت ياحبيبي ونمت زين؟)
أجابها براحة (الحمدلله يا حبيبتي)
كرر سؤاله ثانيةً وهو يتفحصها بإمعان (مش هتجوليلي إيه الي فوشك دِه يا سكن؟)
ضحكت تخبئ توترها وراوغته قائلة (لااااه لما تجولي وحشتيني وافتقدتك يا مرتي يا جمر وجتها هجولك)
أراح ظهره للكرسي خلفه بإسترخاء وهو يقول مُرحبا بالمشاكسة معها (خلاص مش عايز أعرف براحتك)
ضحكت قائلة بجدية  (وهو المطلوب إنك متعرفش)
فكر قليلًا ثم اعتدل وقال بنظرة ثبتها فوقها مغتنمة منها قدر الشوق لها (وحشتيني يا حلوة)
دق قلبها بقوة ملتمسًا صدق قوله الذي تآلف مع نظرة عينيه لها ، وحرارة عاطفته
راوغت رغم أحساسها بما نطق وما زالت آثاره في نظراته (مش مصدجاك)
حرك كتفيه مستهينًا يخبرها ببرود وتنهيدة حزينة (ماشي)
واجهته رغم نظرات اللوم التي كانت لها بالمرصاد من ورد وحثها على التراجع (شوفت الفيديو يا حمزة بتاع زهرة)
ارتبك وتبدلت ملامحه للقلق العظيم، اعتدل في ترقب وهو يحثها المواصلة(وبعدين)
أرخت جفنيه متهربة من نظراته المثبتة عليها قائلة بندم شديد (أنا آسفة ليك يا حمزة كله بسببي أنا)
تنهد في صمت قبل أن يقول وشعوره القديم يعاود التسلل واقتحام صدره (ولا أنتِ ولا هو بسببك يا سكن، هوني عليكِ وعليّ)
سألته بقلق وهي تأبي النظر لعينيه (سامحتني يا حمزة؟ ولا جلبك لسه شايل)
قال بغصة مازالت تؤلمه (جولتلك أنا سامحتك يا سكن، جلبي عمره ما يشيل منك ولو تجصدي الي فات فسبيه لوجته لسه عايزين نتكلم كتير ومحتاج أفهم منك حاجات اتجالت)
همست بموافقة ورضوخ (حاضر يا حمزة الي تشوفه ويرضيك ياحبيبي)
نهض واقفا يخبرها بجدية (جومي اتعشي وأنا نازل شغلي)
رفعت نظراتها إليه أخيرا متحررة من قيود ندمها وآسفها، توسلته بوهن (خليك يا حمزة انهردا معاية نرغي عايزة احكيلك حاجات كتير)
ابتسم لكلماتها التي أعادته لذكرى حديثهما ولقائهما، صداقتهما جلس مرة أخرى مستسلما فهو أيضا جائع للمزيد منها (حاجات كتير جوي جوي يعني تستاهل منزلش )
ضحكت بمرح وهي تفتح ذراعيها مؤكدة بطفولية (كتير جوي)ثم سألته بلهفة وانتظارلرفع رايات تسليمه(سكن متستهلش يا دكتور؟)
أجاب وهو يعاود الجلوس يحدثها بقلبه لا بلسانه (ومين غير سكن الغالية تستاهل؟)
*************
تنفست بإرتياح شديد لعدم تأخرها على الحلقة، جلست على الطرف بجانب الفتيات منتظرة قدوم الشيخ،الذي تأخر قليلًا على غير عادته ففتحت مصحفها وشرعت في المراجعة حتى سمعت صوتًا يعلو بالسلام (السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة)
رفعت نظراتها تتبين صاحب الصوت لتجد واحدًا آخر بملابس عصرية وخصلات مصففة بعناية شديدة، لامعة ملفتة، همست بإرتياح لاهية عن مروره بجانبها (الحمدلله شيخ تاني لا وكمان أحلى من الي قبله استغفرالله العظيم)
ابتسم رغم غصته، شعر بالضيق لأجل إطرائها وإعجابها المنطوق دون مراعاة، جلس أمامهن بتأدب يغض بصره في حياء هاتفًا بكلمة البداية التي كانت خطبة قصيرة نالت إعجابهن وأبهرتها هي التي تعلقت نظراتها به لحظةً مشككة، تدقق النظر في ملامحه بعجب شديد وحيرة جعلتها تميل وتهمس للزميلة المجاورة (هو دِه شيخ جديد؟)
أجابتها الفتاة بإبتسامة معاتبة (سلامة الشوف يا عاليا دِه الشيخ سليم)
دققت النظرفيه هامسةً(وإيه شجلب حاله؟)
ثم همست بإستحسان وهي تطرد الأفكار من رأسها بهزة رتيبة وهمس خافت (كدِه أحسن، يلا الله يسهله بجا)
استمعت إبرار لهمسهما فابتسمت بفخر واعتدلت في جلستها بغرور وهي ترقي أخيها بهمسها الخافت وتدعي له.
كلماتها لم تبرح مسامعه تترد داخله فتشتته وتربكه، كلما حاول عاد بذهنه مجددًا تتأرجح مشاعره ما بين السعادة والضيق الشديد حتى جاء دورها فزاد توتره وانقلب حاله داهمه النسيان وتفرقت حروفه في ثورة حتى أنه أخطأ أكثر من مرة وكل مرة كانت تستوقفه هي وتصحح له بعجب كبير من حالته مما دفعها لتقول بمرح وضحكة مكتومة  (احفظ كويس يا شيخ ومتجيش الحلقة غير وأنت مُتقن)
هز رأسه في موافقة مبتسمًا يؤكد قولها بسماعة وانتعاش (حاضر يا آنسة أوعدك مش هاجي غير وأنا حافظ كويس)
انتهت الحلقة بغير رضى منها ولا منه،هي تشعر بالندم لحديثها معه ببساطة وهو لأجل ما يحدث له في وجودها وخروج الأمر منه عن زمام التعقل والثبات.
وقفت بالخارج تبحث عن حذائها حتى وجدته وبعدها تذكرت ما تريد شرائه من طلبات للعشاء الليلة فزوجة أخيها تقضي على كل شيء من المؤكد ستعود وتجدها قد التهمت هي وضيوفها كل شىء لذا فكرت أن تُحضر بعض الأشياء لتصنع لها ولجدها عشاءًا فاخرًا تدلل به نفسها
وقفت جوار أبرار وقد سبقت أخيها للشراء أمام البقالة الكبيرة المتواجدة أمام المسجد، لاحظت شرود أبرار وعودتها للخلف ممسكة بكيس بلاستيكي يحتوى على حبات من البيض تخفض رأسها لحقيبتها تفتش فيها بإنشغال وقلق لاهية عن السيارة القادمة بسرعة لاتتناسب مع المكان ولا تناسب الزحام في شارع ضيق ملئ بالمارة..
قفزت خطوة للخلف في قلق وهي تنبهها صارخة فيها (حاسبي)
فرفعت أبرار رأسها عن الحقيبة باحثة عن مصدر الصوت ومعرفة مقصده وهل يعنيها هي بذلك التحذير، تأففت عاليا بضيق وهي تندفع لتسحبها بسرعة البرق من ذراعها ساخرة بحنق (بجولك حاسبي تجومي تبصي تتأكدي) اصطدمتا بحائط خلفهما
أصدرت السيارة صريرًا عاليًا مرعبًا جذب انتباه الجميع فعنفوا السائق بشدة وبعدها اقتربوا من الفتاتين للاطمئنان عليهما، فغرت أبرار فمها ببلاهة تنقل نظراتها بين عاليا والجميع حولها وصدرها يعلو ويهبط بإنفعال جنوني وخوف جاب الارتعاش لجسدها مما جعل عاليا تشفق عليها وتلين من ناحيتها، أقتربت وضمتها في حنان مهدئة لها (محلصش حاجة الحمدلله)
انفجرت بعدها أبرار في البكاء من شدة الصدمة والرعب فابتعدت عاليا عنها لتحضر لها زجاجة مياه ومن بعدها عادت وأجلستها على كرسي قريب وقدمت لها المياه في لطف زائد وهي تمنحها الطمأنينة (خدي اشربي واهدي)
أمسكتها بكف مرتعش مهزوز فسارعت عاليا بدعمها ومساعدتها ضمت كفها المحيط للزجاجة في مؤازرة ورفعتها لفمها مشجعة (سمي الله واشربي)
جاء سليم راكضًا انحنى متجاهلًا عاليا مشغولًا بأخته التي ما إن اقترب ولامست  نبرته المذعورة مسامعها حتى همست بإستنجاد(سليم)
انحنى وقبّل رأسها في لطف وحنو جذب انتباه عاليا فوقفت مشدوهة تراقب معاملته أخته بإهتمام وذهول، تستمع لعباراته المواسية ودلاله لها وحنانه الطاغي في التعامل معها، صبره على بكائها ومشاركتها الفزع والحزن بملامحه ومشاعر أبوته.
انتبهت عاليا لما تفعله ووقوفها هكذا فانسحبت بخجل تاركةً لهما، تفكر بإهتمام في علاقتهما الغريبة التي لم ترى مثلها في عائلتها ومحيطها كله، الألفة بينهما والتفاهم والحب…
وهناك كانت أبرار تخبره وهو يمسح دموعها (عاليا هي الي لحجتني وشدت إيدي)
لفظ اسمها مدللا بنبرته الذهولة (عاليا؟!)
قطب مندهشًا وأخته تسرد عليه التفاصيل وكيف ضمتها وعاملتها برفق ووقوفها جوارها حتى جاء هو..
رفع رأسه ينظر حوله بأمل،قلبه رغم الإنشغال بفزعه يناديها شكرًا وحبًا، علها تأتي وتطيب نفسه بلقياها لكنها كانت قد اختفت من محيطه.
اشترى لها ما كانت تريده وبعض الحلوى كترضية لها، ثم لف ذراعه حول ذراعها وغادرا، عاتبته أبرار بمرح (هتوجف حالي يا سليم هيجولوا مخطوبة)
قهقه قائلا وهو يدللها بنظراته قبل كلماته (أحسن علشان أنا عايزك تفضلي معايا متتجوزيش)
قالت بسعادة وفخر ملأ كلماتها (الناس بتبصلنا أكيد فاكرينك جوزي وبينقوا عليّ وأنت بالوسامة دي)
طالعها بطرف عينيه متنهدًا يسألها وفكره كله مشغول بمعذبته ورأيها فيه (أعجب يعني هلاجي الي ترضى بسليم ابن الناس الطيبين)
أكدت بفخر شابه بعض الغرور (أحنا الي منرضاش بأي حد)
همس ودقاته ترتفع في غرام أرسى دعائمه في قلبه (وأنا مش عايز أي حد)
أدارت رأسها له مضيقة عينيها في استفسار (سليم مخبي عني حاجه؟)
هز رأسه يؤكد لها بإحباط امتزج بحرجه وخجله(أيوه)
اتسعت عيناها انبهارًا بوقوع أخيها في الحب لهذه الدرجه وانهيار صموده حتى ذل في كلماته وتباسط وصرّح (مين دي يا شيخ أعرفها)
لفظ اسمها منغمًا بتنهيداته الهائمة (ومين غيرها عاليا عالية المقام)
كأنه استدعائها حين نطق اسمها، ظهرت أمامه من العدم ووقفت بالقرب منهما تنتظر سيارة أجرة.
همست أبرار ببراء وطفولية نظراتها تتعلق بعاليا تراها الآن بنظرة أخرى ليس لأنها أنقذتها لكنها حبيبة أخيها وهذا سبب كافي لتحبها.
تركت ذراعه واتجهت ناحيتها في مبادرة منها تفتح له الأبواب المغلقة وتطرق فوق الموارب منها، وقفت أمامها شاكرة ببشاشة وهي تمد كفها رافعة راية السلام (متشكرة يا عاليا على الي عملتيه)
خجلت عاليا وشعرت بالإحراج الشديد فمدت كفها مرحبة بلطف وهي تهمس (الشكرلله مفيش حاجة)
في الطريق لوجه أبرار التقت نظراتهما، هو بترقبه القاتل وخوفه وهي بخجلها وعجبها منه، أخفضت نظراتها في أدب مبتسمة فطار فرحًا وحلق هائمًا لا يصدق، همس وهو يغض مستغفرًا (جلبي بجلبك اتوصل ياعالية والضحكة بداية مراسيل الهوى)
مالت عاليا تجاه أبرار تهمس في أذنها بضحكة مكتومة، فغرت أبرار فمها وأدارت رأسها من صحة ما قالته لتكتم أبرار ضحكاتها وتستأذنها.
استقبل مجيئها بلهفة، لتنقل أبرار نظراتها بين وجهه ويده قائلة (عاليا بتجولك البيض اتكسر وبقا شكشوكة أرميه)
رفع الكيس البلاستيكي أمام نظراته ليكتشف أنه حمل طوال طريق حبات البيض المكسورة، قهقهه فجذبت ضحكته انتباهها فراقبته بطرف عينيها مبتسمة
أبعد الكيس يريد منحها نظرة شاكرة على تلك السعادة التي منحتها له اليوم لكنها كانت قد اختفت في غمرة شروده وقهقهاته.
#انتهى

ملاذ قلبي سكن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن