الفصل الثالث

2K 51 6
                                    

ملاذ قلبي سكن.. الفصل الثالث
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد

💕💕💕💕💕💕💕💕💕💕💕
نهضت سكينة من نومها متأففة، منزعجة تسأل مودة الصامته بجمود(في إيه.؟ أخوكي بيجعر ليه عالصبح وجارفنا وفاكر نفسه عبدالحليم)
رمقتها مودة بنظرة طويلة هادئة، مُفكرة برزانة قبل أن تنطق ببطء (علشان عمك وابن عمك تحت يا سكينة)
انتفضت سكينة من نومها، قفزت واقفة تسأل  بعدم تصديق (عمي مين وابنه مين.؟)
تلكأت نظرات مودة على ملامح أختها بتركير قبل أن تخبرها (عمك عزام وابنه هشام)
ركضت سكينة لخِزانتها جذبت ملابسها وحجابها، تستعد لتهبط وتنال من أحضان عمها نصيبًا، لتحذرها مودة (متنزليش يا سكينة عمار منبه علينا محدش فينا ينزل ولا يجابله)
قالت سكينة بلهفة (عمار يحكم عليكي إنتِ مش، أنا هنزل وهشوف عمي)
شعرت مودة بالقلق نهضت من جلستها متجهةً ناحيتها تمنعها (بلاش يا سكينة عمار وأمي مش هيفوتوهالك متنزليش)
تجاهلت سكينة التحذير، وتابعت إرتداء ملابسها قائلة بحسم (هنزل كدا كدا خدت على الضرب بس أشوفه وأشم ريحه أبويا فيه ويحصل الي يحصل)
قالتها بشجن جلب التأثر لملامح مودة فلانت وأشفقت عليها، إرتباط أختها بوالدهما يزداد ولا يقل رغم وفاته.
اندفعت لباب الحجرة فتبعتها مودة متوسلة (يا سكينة إعجلي)
نفضت سكينة كف أختها وفتحت الباب مقررة الهبوط للأسفل في إصرار.. ركضت من شدة لهفتها وحنينها لكنها تعثرت وسقطت متأوهة بألم فوق الدرج، أطلت برأسها تطالع الموجودين من سور الدرج متبينةً ليصلها صراخ والدتها (الي بينا دم مشربتوش الأرض يا عزام، يدنا اتحنت بيه.. والي راح مكانش رخيص دا أغلى الغاليين)
توسلها عزام بنبرة لينة (فاتت سنين يا راضية، وحجكم خدتوه بزيادة كفاية خليني أشوف البنات)
هتفت راضية بوجع ودموع حبيسة (مِتى السنين بتنسي.؟ دا الوجع كنه إمبارح.. امشي ومتفتحش بيبان اتجفلت)
تدخل ابنه هشام مُراعيًِا حالة والده الصحية، مُشفقًا عليه (خليه يشوفهم يا مرات عمي وهنمشي)
هتف عمار الذي احترم وجود والدته وكلماتها (لاااا والبنات مش عايزين وامشوا يلا ومتكرروهاش)
نهضت سكينة التي كانت تتابع الحوار بلهفة، أنفاسها تتعثر داخل صدرها من شدة التحفز، هبطت راكضة تعلن وجودها بقرارها (أنا عايزه أشوف عمي)
انتقلت النظرات إليها في صدمة أحاطتها حتى وصلت لعمها مندفعة لأحضانه تعلن اشتياقها وحنينها له، ضمها الرجل بذراعيه في لهفة باكيًا بينما تشاركه هي البكاء المكتوم حتى لا تفوت على قلبها الانغماس في الحزن وعدم الإحساس بريح والدها والشبع من عمها الذي وجدت بين ذراعيه الحانيتين عزاءً لها وتنفيسًا عن شوقها الكبير لوالدها
(وحشتني يا عمي)
همست بها قبل أن يفيق عمار من الصدمة ويقيد ذراعها بقبضة حديدية ويجذبها بعنف صارخًا (امشي يا سكينة من جدامي وحسابك بعدين على عملتك المهببة دي)
بقيت كفها متشبثة بجلباب عمها ودموعها تنساب في ألم، ذاكرتها تُعيد عليها مشاهد مُكررة، تكشف لها الستار عن وجع كامن داخلها وفقد لا تتحمله (سيبني أشم فيه ريحة أبويا يا عمار الله يخليك)
قالتها بوهن، متوسلةً بحرارة ومازال هو يحاول السيطرة عليها وتخليص كفها من جلباب عمها الذي بكى كطفلٍ صغير..
أمسك هشام بكفها وضمها في حنو قبل أن يفك قبضتها ويبعدها خوفًِا عليها من بطش أخيها وحمايةً لها من تبعات ما تفعله.
بينما انهارت راضية في جزع تخشى حربًا أخرى ستندلع بين صغارها بعد قليل.. وليتها تستطيع الإستنجاد بحمزة، لكن الآن هو الوحيد الذي لن تستطيع إخباره ولا طلب مساندته.. بكت بحرقة أم ولهيب المكلوم، تتبع نظراتها فتاتها التي تعافر لأجل العودة لعمها وابنها عمارالذي يبطش بقسوة ليردعها..
حاول عمها إيقافه (سيبها خلاص هنمشي)
ليستدير عمار ويدفع عمه ذو الجسد الواهن فيهتز ويختل توازنه، مما دفع هشام لان يلتهم الخطوات في ركضة ويسند والده وبعدها يعود لعمار صارخًا في غضب مجنون (ما تحترم نفسك)
(محترم غصب عنك واتفضل غور يلا إنت وأبوك)
لكم هشام فك عمار في غيظ وضيق، ليبادله عمار اللكمات ويبدأ شجار عنيف بينهما..
حاول العم إنهاء النزاع بعدما استعاد توازنه
ليبعده هشام عنه عازمًا ، حاولت سكينة النهوض لمساعدة عمها لتكون ركلة عمار لها بالمرصاد والذي إمتلأ غلًا من ناحيته مُدركًا أنها وبسبب عنادها جزءًا من تلك المشاجرة وعاملًا أساسيا فلو أنها التزمت حجرتها ما حدث كل هذا.
وقعت فاقدةً الوعي بعدما اصطدمت  جبهتهابحافة الدرج، صرخت راضية بإسمها في فزع وخوف وهي تركض ناحيتها.. لملمت جسدها بين أحضانها تتوسلها الإفاقة.
لينسحب هشام بعدها أهدى تلك المسكينة نظرة حزينة، همس والده بحنو (استنى لما نطمن عليها يا ولدي)
سحب هشام والده قائلًا يحاول النجاة من تلك المهزلة قبل أن يحدث أكثر من ذلك (بعدين يا بوي)
لامته والدته ببكاء وهي تضم رأس فتاتها لصدرها وتمسح عنها الدماء (ليه كِده يا ولدي)
لوّح عمار متأففًا منزعجًا (مش هيجرالها حاجه)
هبطت مودة الدرج متخلية عن حذرها حينما وصلها بكاء والدتها وصراخ أخيها، شهقت مفزوعة حين رأت جسد أختها مُلقى ووجها تغرقه الدماء..
أشار لها عمار بقسوة وهو يتناول شاله وعباءته (فوجيها يا مودة وحطيلها شوية بيتادين)
حملقت فيه مودة غير مستوعبة ما يهذي به وبروده ولا حالة والدتها التي تدمي القلب..
حينما غادر وأغلق أراحت راضية ظهرها للحائط هامسةً بإنهاك ومازالت تحتضن رأس صغيرتها (حمزة)
لم تفهم مودة مقصد والدتها، لكن سرعان ما هتفت وطالبتها بصوتٍ عالٍ (نادي حمزة بسرعة يا مودة)
هزت مودة رأسها بفهم، نهضت تنتزع نظراتها من جسد أختها انتزاعًا، لا تقدر على تركهما وحدهما لكنها مرغمة، متفهمة أنه وحده حمزة من يستطيع نجدتهما الآن.
إرتدت عباءة والدتها السوداء وخمارهاوركضت للخارج تبحث عنه مستنجدة.
******
جاء حمزة مُلبيًا في سرعة،ساعد مودة في نقل سكينة لأقرب حجرة.. ضمد جُرحها حامدًا الله كونه بسيطًا سطحيًا.. أفاقت سكينة لدقائق لم تتقبل فيها الواقع وعادت لنومها وملاذها الآمن حيث هي بصحبة والدها وخالها تشكو لهما قسوة المقربين وبشاعة القلوب.
سألهما حمزة ونظراته تسقط فوق ملامح سكينة المتعبة (حصل إيه.؟ وليه عمار عمل كِده فيها.؟ وإزاي سبتيه عمل كِده يا عمتي.؟)
توجهت نظراته لعمته التي تشارك سكينة الفِراش في إنهاك، فضح كذبها تلعثمها (مفيش خناجة زي كل مرة ما إنت عارفهم)
ضيق عينيه فوق ملامحها بشك، لكنه لامها بقوة وتعنيف حاد (ليه بتسيبيها توصل لكِده يا عمتي.؟ وتسمحي لعمار يعمل فيها كِده.؟)
غمغمت سكينة ورأسها تتحرك يمينًا ويسارًا، مما استرعى انتباه الجميع
(أبويا... سيبوه.. محدش ياخده)
غمغمتها جعلت والدتها تبكي بحرقة وصوت مسموع، أما مودة فطأطأت رأسها بحزن، محتميةً بصمتها وإبتعادها..
زفر حمزة بضيق وحزن على حاله تلك الفتاة.
إقترب منها منحنيًا يستكشف حرارتها وجرحها لتصله غمغمتها الخفيضة التالية (حمزة لاااالااا.. . ليه حمزة.؟) انتفض معتدلًا لا يصدق ما وصل لمسامعه، نظراته تتسلط على وجهها بفضولٍ وترقب جعل مودة تسأل في قلق (في حاجه يا دكتور حمزة)
ارتبك من سؤالها، منحها نظرة غائمة بالمشاعر قبل أن يعود لتلك النائمة وهو يُجيبها بتوتر (لا مفيش)
فرّقت سكينة بين جفنيها ببطء، تحاول عينيها اعتياد الضوء الساطع، حتى فتحتهما بوهن متألمة، كان أول من رأت هو بإبتسامة لطيفة تنازع لتظهر من بين ركام جموده.
ثبتت نظراتها عليه بشرود ومازال تأثير الحلم الذي رأته عالقًا بنفسها وينطبع على روحها.

ملاذ قلبي سكن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن