الفصل الثاني والستون "62" ج2

Start from the beginning
                                    

كانت أعينها جاحظة وأذنها لا تصدق تزحزح هذا الحجر الصوان وألقى بكلمات الأحبة، لكن ما تلّبثت إلا يسيرًا ثم اندمجت معه في لحنه الذي عزفه بإحتراف على أوتار قلبها، نعم هو كان ينوي الضغط على شغاف حبه بقلبها وجرفها بدوامة يُنسيها فيها من تكون غير أنه هو الآخر مستهام وعاشق إلى اللاحدّ فجرفته الدوامة هو الأخر وأطبق على خصرها يضمها نحوه وأصبح كيده في تضليل..
مرّغ أنفه على كل شبر بوجهها وهي طوقت عنقه بترحيب .. لا ضرر سأقتص لضعفي لك هذا بعد ذلك..

بعد قليل حاولت الإبتعاد بعدما ذهبت غيمة الإشتياق بعيدًا بعض الشيء وهي تُمسك على قلبها ألا يطير..
تنحنحت بخفوت وقالت باستنكار مغموس بالدلال:-
- أنا كنت لسه معاك .. لحقت أوحشك.!

مسد وجنتيها برقة وحنان وقال بخشونة وكأنه يردد أخبار الطقس أو إحدى تصميماته وليس كلمات الغزل الشغوف:-
- إنتِ بتوحشيني وإنتِ في حضني يا عسبرة..

توهج الياقوت بوجنتيها وأخفضت رأسها فرفعه إليه ليغرق في أندر أنواع الزمرد بأعينها ثم لثم جبينها وقال بصدق:-
- أوعي تحني راسك أبدًا .. الراس دي اتخلقت علشان دايمًا تبقى مرفوعة للأبد..
هترجعي الملحق تذاكري علشان إمتحانك بكرا لغاية ما الناس دي تمشي وأجيلك .. تمام..

لم تستطع أمام كم هذه المشاعر إلا أن تُحرك رأسها إيجابًا فهي تحتاج أن تنفرد بقلبها قليلًا لإستعاب بعض الأمور..
خرجا من الغرفة وترك يدها بعدما زاد في مُحيط صدمتها بُحيرات أخرى ورفع يديها مقبلها بعمق وقد قرر في سريرة نفسه أنه سيبوح بما في قلبه لها سيروي لها من هو "مؤمن"!
سيخبرها بما يموج به قلبه وأنه عاشق للزمرد الكامن بأعينها..
حان الوقت ليندمجا إلى الأبد ويُعلن ملكية قلبها وروحها وجسدها ويغمرها بفيض من حبه وهوسه بها الذي لا يرجو الشفاء منه..

جلس مرةً أخرى لتلتفت الرؤوس نحوه متأمله هيئته وقد عاد الهدوء لقلبه، قال بنبرة قوية:-
- شرفتونا..

نظر مصطفى لوالده نظرة ذات معنى فتنحنح عاصم وقال بجدية:-
- إحنا جينا النهاردة علشان نطلب إيد الآنسة صفية لأبني الدكتور مصطفى على سنة الله ورسوله..

ابتسم مؤمن إبتسامة جانبية وهو يشعر بحسّ الغرور والثقة المغموس بها كلمات عاصم وهو يضغط على "الدكتور مصطفى"، فقال بوجه جامد يلفه الغموض:-
- خير الشباب .. الدكتور مصطفى أنا أعرفه كويس شغال معايا من فترة طويلة .. شاب مجتهد وشاطر في مهنته جدًا .. والآنسة صفية إنسانة على أخلاق عالية وهو مش هيلاقي أفضل منها زوجة..
أنا المسؤول عنها تقدر تقول أخوها الكبير، لأن في البداية أحب أعرفكم إن صفية ملهاش ألا هنا وبس سُكان القصر هما أهلها علشان متتفتحش النقطة دي تاني .. ورأيها هو المهم وعلى حسبه هيكون القرار..

كان مؤمن قد ضغط على "شغال معايا" حتى مع غرور عاصم لم يُرد قول "شغال عندي" لأنه من رافضين هذا المبدأ..
أُعجبت أميرة بكلمات مؤمن وهي ترى الأصالة والطيبة التي غرزها قاسم وجميلة تنبع من كلماته الرزينة، ابتسمت له بإعجاب وعندما لاحظ بسمتها الحنونة المُحبة بحق له لم يستطع إلا أن يُهديها مقابل ملامحها التي تحمل بعضها ملاكه..
فبغير إنكار أميرة يكنُ لها حب وإحترام لم يتغير بداخله من الصغر..

الصمت الباكيWhere stories live. Discover now