الفصل الثامن والأربعون "48"

3.5K 152 40
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
استغفروا الله
لا تلهاكم القراءة عن الصلاة

الفصل الثامن والأربعون "48"
"ذاب الجليد"

"دعني أُصلح لكَ ما أفسدته أنتَ في نفسكَ، دعني أُحب أكثر الأماكن فيكَ خرابًا، قلبك، وعينك الواشية، ويديك الوحيدتين."

_ هتفت بجنون ويكاد عقلها أنّ يهجرها بعد تلك القارعة التي سقطت على أسماعهم:-
أنا مش حامل والله ما حد لمسني والله والله إلهي أموت يارب، أنا معرفش أيه دا بس في حاجة غلط أكيد صدقني ..
صدقني أنا مش كدا، أنا هتجنن زيك والله..
محصلش أي حاجة صدقني..

وسقطت من بين يديه جاثية أرضًا وهي تهزي بجنون قاتل لعقلها، وتسابق دمعها يهطل من سحابة الصدمة التي استوطنت أعينها..

_ أنا معملتش حاجة، والله ما عملت حاجة، ليه بيحصل كدا
صدقني أنا بريئة، ليه بتحصل المصايب دي معايا
حرام كدا والله ما شوفت يوم حلو ...

وصرخت وجسدها يهتز بقوة وقد جرت البرودة في أطرافها وطفح الإصفرار على معالمها، رفعت يديها تضعهم على رأسها وتحركه بقوة وكأن مس جان أصابها.

_ مصيبة ورا مصيبة أنا معتدش مستحملة، دا فوق طاقتي
الضغط دا كتير عليا ٠٠٠٠ لا لا مش هستحمل..

بينما "مؤمن" فزلّت قدمه وتهالك على أحد المقاعد ويشعر أنّ ظهره مقصوم لا يقوى على الحراك ويُراقبها بصمتٍ مُطبق واستبد الألم به وكلماتها تُقطّع قلبه فتُسقطه مُتمزق.
الأيام مريضة وقد نقلت عدواها إليهم، شهورٌ طوال وهذي الجِراح لا تبرح عنهم تُمزق جنباتهم..
ذاك هو الحُب المُعتل بعينه..

_ تشدق يقول بصوتٍ خالٍ من الحياة:-
عايزين أصدقك كدا وخلاص، طب إزاي؟!
دا إنتِ حتى جايه بطفل كنتِ حامل وإنتِ في عمر الستاشر ومش معروف أبوه وإللي سألتك عنه بدل المرة ألف ..
وأعرف عن طريق الصدفة إنّ أبو يزيد نفسه آدم أخو صالح وإنتِ أكتر واحدة عارفة أيه إللي حصله كويس..
قوليلي أستوعب أيه!
دا أنا إللي كتير عليا دا كله..

نظرت له بنشيج وبكت بقوة كبيرة تشفق عليه وعلى ذاتها؛ جاءت تتحرك وتستقيم لكن لصدمتها لم تستطع ولم تحملها أقدامها وسقطت أرضًا بعنف لتُحاول مرة أخرى وأخذت تُحرك ذراعها الأيمن تتكأ عليه كدُعامة لتفرد طولها لكن كأنه شُلّ كما شُلّت أقدامها..

_ توسعت أعينها بصدمة، وقالت بتقطع تُتهته:-
رجلي ... مش بتتحرك ... دراعي .. مش .. قادرة أحركه..
لا .. لا .. مش قادرة..
أنا مش بتحرك ..!!!!!

_ أبَىَ عقله يُصدق تلك الصاعقة الأخرى، ووثب بذعر ينظر لها  بضربٍ من الجنون ثم اقترب منها بلهفة لترفع رأسها تنظر إليه بأعينها الغارقة بدمعها تستنجد به، وهلوست تقول من بين شهقاتها:-
أنا مش قادرة أحرك رجلي .. وكمان دراعي والله..
يعني أيه!؟
أنا كدا ... كدا ... بقيت مشلولة.!

الصمت الباكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن