إقتباس الفصل "43"

2.4K 81 6
                                    

إقتباس الفصل "43"
رواية "الصمت الباكي"

= صباحٌ أغبش مُلبد بالظلام يتسلله بعض خيوط الضوء الأولى التي يغلب عليها العتمة، فما زالت الشمسُ بمرقدها لم تستيقظ بعد ..
وما زاد الأرجاء رُهبة الضباب الذي يلف المكان، يُلائم المكر الذي جاء به هذا "الأعور" وألقاه بوجه "مؤمن" ..

_ ابتسم بقذارة مُتناهية في القُبح، وقال: في سُمعة طلعت عني يا ابن الصياد إنّ أنا طماع ومحدش بياخد مني حاجة، أصل مش بيهون عليا الصراحة.

_ قلب "مؤمن" عيناه، ووضع يده بجيبه وهو يتأفأف بملل بينما يتكأ على دراجته الناريه، وتسائل ببرود: والمطلوب؟

_ شعر الأخر بإنتصار يغزو قلبه وقال: من غير شوشرة هتسيب الفلوس وأنا هاخدها هي والبضاعة وأرجع..
أصل بيني وبينك البضاعة دي حاجة كدا أُبهه ونادرة جدًا مش هتتكرر في السوق، فأنا لازم ألعب بيها شوية، وأنتَ أول واحد في القايمة .. حظك بقى ..

_ رفع "مؤمن" حاجبيه، وارتسمت إبتسامة على فمه، وأردف بسخرية: يعني حرامي من الأخر ونصاب وناوي على شر .. أنا جاي هنا أعزل لواحدي وأنتَ جاي بسلاحك وكلابك... 'قالها وهي يقصد رجاله' ..
دي تبقى خيانة وترصُد بقى ..

_ قال "الأعور" ببوادر غضب: لسانك يا ابن الصياد، وسميها  زي ما تسميها المهم النتيجة .. وبعدين أنا مش مضطر استخدم سلاح وكلام فاضي من ده ..
أنا عندي الأقوى .. هتنفذ ولا ..

_ أجابه "مؤمن" ببرود وهو يتمالك أعصابه: ولو قولت "لا" أيه إللي عندك؟!

_ نجح بإستفزازة، ليقول بغضب مكتوم: عندي لك حاجة أعتقد تهمك أو ممكن تكون تخصك .. لسه مش متأكد أووي، بس إللي متأكد منه أنها حاجة عاليه أووي وتتكيل بالدهب ..

_ عقد "مؤمن" حاجبيه بتعجب وهو لا يفهم مقصده، وتسائل بجهل: قصدك أيه ..

_ فرقع "الأعور" بأصابعه لأحد رجاله ليضع بيده هاتف، ليقترب من "مؤمن" بعض الخطواط وهو يعبث بالهاتف حتى وقف أمام "مؤمن" الذي يقف ثابتًا مُترقب..
لّف الهاتف ووضعه أمام وجه "مؤمن" ولم تكُن سوى مكالمة فيديو مع طرف أخر ..
ثواني قليلة وتوجهت الكاميرا لجهة أُخرى فتظهر "أسوة" المُقيدة بحالة مرزية ووجها به الكثير من الكدمات، وحجابها المُتدلي بعض الشيء ويُظهر بعضُ خصلاتها ..

تماسك أعصابه بأُعجوبة، ولم يفقد ثباته بينما هي فكأن قبسٌ من نور اقتحم ظُلمتها وهي ترى مُنقذها أمامها، وحبل نجاتها الأخير ..
إبتسامة باهتة مُرتعشة عرفت طريق فمها أعلى وجهها المُرهق المُنهمك ..
وشرعت تستنجد به وهي تنظُر إليه بلهفة لكن أطبقت على فمها يد "بتول" التي جذبتها بعنف للخلف من خصلاتها لتظل تُنازع أمام أنظاره وتتلوى وهي تُهمهم مُتألمة ..

وظل "الأعور" يراقب بإبتسامة مُتشفية، وقال بينما مازال يضع الهاتف أمام وجه "مؤمن" الجامد: أيه رأيك مش قولتلك حاجة غالية ..
هي مُقابل الصفقة، يعني تسلم الفلوس ويبقى حلال علينا البضاعة والفلوس والمقابل تُخرج هي سالمة غانمة ..
أما بقى لو مستغني عنها مش هقدر اقولك على إللي مستنيها ..

وتابع بقذارة و"مؤمن" مازال على ثباته: في تلاته من الكلاب إللي مش عاجبينك .. هي عجباهم أووي وداخله دماغهم فتبقى حلال عليهم يتسلوا بيها شوية ..
غير بقى هنستفيد بها في منافع ملهاش عدد .. تبقى حلال علينا الست الدكتورة ..

إنتفض جسد "أسوة" وظلت تتلوى عقب سماعها هذا الحديث القذر ... صدمة لم تكن بحُسبانها ولم تتخيلها
لياتيها ما هو أشد سوءًا، وتسمع كلماته التي تقسم ظهر البعير ..
توقفت عن المقاومة، وتيبس جسدها، ومُقلتيها أخذتا بالإتساع شاعرة أن قلبها دُهس أسفل قطار، وتستعد للموت بصدر رحب ..
فور سماعها لخائن الثقة، الغادر، والكاذب يقول وهو ينظر لعُمق عيناها بلا أدنى ذرة ندم أو تردد: تبقى حلال عليك، هي لا تُعنيني في شيء .. وبعدين "مؤمن الصياد" مش بيحب المُستعمل ... هي تناسب كلابك

صعقة كـ دبيب الرعد هزّت أبدان الجميع دون استثناء .. بينما عيناها تستغيث به، راجية تذرف دموع الخيبة ..
وأخيرًا إنهزم جيشها ..
ويأتي أمام أنظاره عبر الشاشة رجلان يسحبونها وما زالت أعيُنها مُعلقةٌ به بخيبة ليجذبوها للخلف وينطفيء الهاتف وتنطفيء معه مصابيح الحياة بأعيُنها ووجها للأبد ..-

الصمت الباكي ..
"أسوة المؤمن" ..

▪︎|بمِداد:- ســـارة نيـــل|▪︎
  «عاشقةُ الضــــــــــادِ»..

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
الصمت الباكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن