الفصل الثالث والخمسون "53"

Start from the beginning
                                    

قالتها وهي تعود لتنام مرةً أخرى وتسحب الدثار فوقها، رفع حاجبيه بتعجب وتحرك خلفها وهو يتسائل بإلحاح:-
- تقصدي أيه، يعني أيه، دي شتيمه!! معناها أيه.؟

اتسعت إبتسامتها وهمست وهي تُعطي له ظهرها:-
- إيدي بقت كويسة والحمد لله قدرت أحركها.

نجحت في استفزازه فسحبها نحوه لتستدير وأردف وقبس بعينيه يُشعل أضواء جديدة لهم:-
- مش بحب الأسلوب ده، قولي معناها أيه يا عسبرة.
- قول إنتَ الأول معنى عسبرة.!
- لا والله.!
- آه والله.
- عِند دا ولا أيه.!
- إنت إللي بدأت والبادي أظلم يا كَلفي، واحدة قَبل واحدة.

حرك رأسه بإيجاب وفرد ظهره على الفراش وهو ينظر للسقف بشرود وداخله قد استراح قليلًا لأجلها، أصبح لا يُريد شيء سوى أن تبقى هانئة البال، لا يدري كيف حدث هذا..!
لكن مهلًا وهو من متى كان يُريد إذاءها، فما فعله وما يفعله للآن لأجلها .. لها فقط.

- إنت نمت.
- اممم لا، عايزة أيه.

استدارت بتجاهه ثم وضعت رأسها فوق ذراعه وأغمضت جفونها ثم همست:-
- أنا بقيت مرتاحة، بقيت عارفة أنا عايزة أيه،أنا اتشفيت من الحِيرة.

ثم صمتت وأكملت سرًا:-
- إنتَ فقط وكل العالم ضبابي، إنت وبس بقيت عايزة أبنى معاك بيت ولو من البوص بس يكون كله راحة.

غرق داخل عينيها وهو يعلم أنها أيامٌ قصيرة، يتحيّر بين أن يصنع معها ذكريات تكون هي الحلو الوحيد وسط مرّ حياته، أو أن يُبعدها عنه كي لا تتعلق به فيُحزنها ويُخيّب آمالها.

ثم تنهد وقال:-
- يا طول عِلّة قلبي!.

                         ******************

اختلس النظرات إلى ظهرها أمامه بعد أن ألقى على مسامعها ما ألقى، نهج صدره من التوتر وهو يدرك صعوبة ما هم مقبلين عليه..

بينما هي فشاردة وكأنها تُبصر أمامها ما مرّت به منذ أن رأته وقبل ذلك.
لماذا؟!.
لماذا، يعزم دائمًا أن يُصقل الهمّ والحزن بداخلها بعد ظنها أن اليّم قد التقم حزنها وذهب!

التفتت نحوه بأعين مُثقلة بالهم الذي لا يُريد الإنسلاخ عنها، قالت بحُرقة:-
- ليه ...دا كله ليه يا صالح، ليه مُصمم تجرحني وتفتح جروح الماضي.

اقترب منها، جرفها ببصره في لمحة واحدة وجاء يُمسك يدها فارتدت للخلف وهي ترفع يدها بوجهه تهزّ رأسها سلبًا وهي تهتف:-
- لا يا صالح مش قادرة، مش هستحمل لمسة واحدة .. مش قادرة يا صالح إنت بتوجعني أووي.

تمزقت مُضغة يساره بعد أن زُلّت قدمه بعد ثباتها وهو يدرك أنه سيسقط بعد ذلك في غيابات الندم.
قال بنبرة مُشفرة:-
- هنرجع البيت يا سارة وهنعيش زيّ أيّ زوجين وموضوع التلقيح الصناعي مفيش مخلوق يدرى بيه، هيبقى واضح إنك حامل طبيعي..
إللي عايزك تعرفيه إنك نور عين صالح وإن أفضل أموت ولا أئذيكِ يا سارة، كل حاجة هتبقى تمام يا حبيبتي بس ننضف من إللي حولينا، بعدين هتعرفي كل حاجة.
ومتقلقش ندى اتنقلت لمصحة وبدأت مشوار علاجها وأمك موجوده مكانها وبخير.
دلوقتي ركزي معايا وبس وعايزك بس المرة دي تثقي فيا وصدقيني مش هخزلك يا روحي.

الصمت الباكيWhere stories live. Discover now