الفصل الواحد والخمسون ج[2]

Start from the beginning
                                    

-هتفضحنا يا سبع وفراولة سمعها حاد جدًا.

اتسعت عينيها بإنزعار وجاهدت التحدث من خلف قيد راحة يده لشفتيها لكن لم تفلح إلا أنها قد أفلحت بتأجج نيران مجهولة أحرقت جسد هذا المسكين ليُسارع في إزاحة يده..

-في أيه خضتني بجد يا ليث وبعدين حد يعمل كدا .. إحنا قدام الباب، إبعد لو سمحت.

قالت رجائها الأخير بخوفٍ نابع من أعماقها خشية تأثيره الجليّ على دواخلها والتي لا تريد الخضوع له بأية طريقة.

زاد هو من قربها وطبع قُبلة طويلة فوق جبينها وأخرى شغوفة على وجنتها وتبعهما بأخريات حانية فوق عينيها، قائلًا بشغف وصبابةٌ حارقة:-
-بعشقك يا ليلى، بقيت ممحون بس معاكِ بس بسبب غرامك يا ليلا.

أغمضت أعينها تعتصرها محاولة إستدعاء قوتها وطرح تلك المشاعر بعيدة والتسلح ببرودٍ يُنقذها غير أنها لم تتدارك ولم يسعها الوقت حينما غمس وجهه بحجابها هامسًا بجُملة لا تعلم لما كان لها هذا الوقع الشديد على أوتار فؤادها، جُملة حملت جميع ما يشعر به .. مشاعر شتى، عشق، جنون، خوف، حيرة، وعذاب.
نبرة صُبغت بالألم والعذاب والعشق المجنون..

-حِبيني يا ليلى.

وتابع بنبرة صادقة:-
أنا بحبك والله يا ليلا.

موقف لا تُحسد عليه، تعاركت وثبات قلبها وأخذ صدرها يصعد ويهبط وتضايقت أنفاسها، جاهدت أن تبقى على يقظتها مُسترشدة بعقلها فرفعت يدها التي أخفت رعشتها بجدارة ثم وضعتها على ذراعه تُزيحه وهي تقول بنبرة جلية:-
-ليث إحنا قدام الباب .. لو سمحت إبعد منظرنا لو اتكمشنا هيبقى زبالة.

-فصيلة والله .. إنتِ هادمة اللذات يا قاسية.

أبعدته ثم سحبته أمام الباب قائلة بتذمر:-
-يلا أفتح الباب عايزة أنام.

أخرج مجموعة المفاتيح من جيبه ووضعها بفرجة الباب وهو يقول بضحك:-
-اصبري عليا يا ليلو بينا نقاش طويل لسه علشان نحِد من الدبش إللي بتوقعيه ده.

ترددت إبتسامة ندية على شفتيها بسبب ملامح وجهه ليجذب يديها بين يده قائلًا بإبتسامة مُماثلة لإبتسامتها:-
-يلا تعالي في إيديا يا ليلاي علشان فراولة تفرح بينا.

وفور إنفتاخ الباب وعند دخولهم تفاجئا بمن تقف أمامهم تقول بصوتٍ مُرتفع:-
-الحمد لله على سلامتكم يا حلوين، دا كله تأخير بقالي كتير مستنياكم.

جذبت ليلى يدها من يد ليث سريعًا قبل أن تلاحظ الأخرى ومُحيت إبتسامتها وهي ترى أخر من توقعت رؤيتها...
"دُنـــــــــيــــــــــا" السافلة.

                       *********************

جملة بنبرة تهفو على أذنها، ظلت تتردد داخل عقلها "حقك على قلبي يا عروق قلبي".. هذا هو حُبهم المُعتل، غرقا في صمتٍ براق وسكن الجو المُحيط بهم وفُرِض وجيب قلبهم العالي المُتحد على سماء الليل..
مسح على وجنتيها وأعمل النظر على تدبرها، إنها له فتنة بثوب إمرأة، لألف الألف هو مُستهام بها لا مفرّ فقد سمع الأصم جأر القلبُ، ورأى الأعمى الوَجْد المتدفق من وادي العين، وأحسّ الجمادُ بمشاعر تفيض بعزارة.
قربها منه أكثر لا يقدر على الصبر عن عناقها دقيقة وعن ضمها إلى موطنها..
وضع يده على خصرها بتملك يمنعها من أن تبتعد عنه إنشًا واحدًا وأخذها بين أحضانه فارتفع ذراعيها وطوقت عنقه تستجيب له برحابة صدر وشدد هو من غلق أذرعه عليها يُريد دفنها وإعتقالها خلف سجن أضلعه...
واستقرا كُلًا منهما داخل الأخر.

الصمت الباكيWhere stories live. Discover now