الفصل الرابع والأربعون "44"

Start from the beginning
                                    

أزعنت "ليلى" لرغبتها وجلست خلف أكتافها تُدلكهم برفق مُتجنبة النظر إليه .. غيره هو الذي لم يستطع وضع عيناه بوجهه ..

_ نظف حلقه يُحاول إخراج صوته وصبغه بالجدية، وقال بهدوء: أنا هغير هدومي يا أمي وهاخد شوية حاجات وأرجع تاني علشان عندي شغل الليلة وبالمرة قولت أشوفك يا فراولة ..

_ غمغمت "فراولة" بتهكم: والله كتر خيرك يا ليث باشا .. جيت على نفسك يا حضرة الظابط، حقك علينا شغلناك..

_ تنهد بهدوء، وفرك يده من البرودة الطاغية بتلك الليلة، وقال باسمًا يسترضي أمّه وهو يجلس أمام أقدامها المُمددة يسير بيده على رُكبتيها يُدلكهم لعلمه بألمهم أثناء إشتداد البرودة، قَبَل قدميها ينحني عليهم: حقك عليا يا فراولتي حقك على عيني، أنا غلطان يا أمي بس والله بشتغل على قضية مهمة جدًا اليومين إللي فاتوا دول ومشغول جدًا ..  هخلص منها الليلة وأفضى كدا وأخد يومين أجازة أفسحكم فيهم ..

_ شعرت بنغزة ألم بقلبها، وقلق شديد يسيطر عليها، تخشى عليه من أبسط الأمور، وكيف لا وهو ما لها في دُنياها، ما واصلت دُنياها لأجله، قُرة عينها الوحيد، قالت بمرح مُحاولة أن توأد ذاك القلق: كُل بعقلي حلاوة يا ابن فراولة بس طالما فيها فُسح هسامحك يا واد بس بشرط توديني اسكندرية وحشيتني أوي يا ليث أُمك ..

_ رفع راحتيها يُقبلهم بحنان: بس كدا .. عيون ليث.. وماله إسكندرية في الشتا وماله لازم نتجنن شوية ونغامر..

لسعت يديها الدافئتان برودة كفيه لتضعهم بين كفيها الدافئتان واللتان رسما الزمن أثاره عليهما، ثم قالت بحنان: يا حبيبي يا ابني إيدك باردة أوي، أيوا يا حبيب أمك تلاقيك متلج ومكلتش حاجة..

_ سحب كفيه كيلا يأذيها ببرودتهما، وغمغم بمرح: حتة جعان دي مظبوطة، لأن أنا فعلًا واقع من الجوع ونسيت أكل النهاردة ..

_ شرعت تُبعد الغطاء عنها لتستقيم بلهفة لكن أوقفها وهو يقول: مفيش داعي يا ست فراولة أنا هحضر الأكل لنفسي استريحي إنتِ وإياكِ تقومي علشان البرد ورجلك ..

_ حركت رأسها نافية مُعترضة بقولها: لا يا حبيبي أنا كويسة خليك أنتَ مرتاح شكلك تعبان ومرهق أووي..

_ ثبتها بمكانها برفق، وقال بإعتراض أشد: أنا كويس فعلًا يا فراولتي ... حتى أنا بقيت كويس جدًا أكتر من أي وقت ..

قال الجُملة الأخيرة وهو يتطلع حيثُ "ليلى" التي بقت تُشاهد الموقف فقط مُتابعة الحوار بين الأم وولدها ..

_ شقت إبتسامة خبيثة شفتيّ "فراولة" بعدما لاحظت نظراته، بينما تحدثت تلك المرة "ليلى" مُقاطعة "فراولة" التي كانت على وشك الحديث، وقالت: خلاص يا فراولتي خليكِ إنتِ وأنا هحضر الأكل، إنتِ جسمك بردان ومينفعش تقومي، ويلا اشربي الشايّ بتاعك أنا عملتهولك بالقرونفل..

الصمت الباكيWhere stories live. Discover now