" 22 "

802 48 0
                                    


أوقات بحس إنك سكة سفر طويلة ، حكاية من حكاوى جدتى زمان ، بس الفرق إنك ملكش نهاية ، مفيش نهاية ترضى غرور بنت زيى ، لسه ماسكة فـ إيدها ضحكة للأياام تضلل عليها يوم ماتمطر وجع
هو إنت ازاى كبير كده ؟ وازاى بعيد كده ؟ وازاى صعب كده !
تعرف ؟
أنا مينفعش معايا غير راجل صعب ، متعجبهوش أى بنت ، راجل عارف امتى يرخى كفوفه وامتى يضم بيهم ، يكون فاهم إن بنت زيى محتاجة حضن واسع وسع الدنيا علشان يساع جسمها الضعيف ، يساع رعشة إيدها وهى بتتكلم مع غريب ويساع ارتباكها وخوفها اللى من غير سبب ومن غير مبرر
- نروح الكلية بكره ؟
- نروح
شوفته كتير وعمر قلبى ماادق ، عمرى مااحسيت إن ممكن طريقه يلمس طريقى ، عكس مااكنت متخيلة إنى قلبى هيدق وأرتبك
- صباح الخير
- صباح النور ، أنا لبست وخارجة
أول سنة عدت فـ الكلية عادى ، كنت أعرفه ، وبشوفه ، أسماء كانت بتتكلم عنه زى ماابتتكلم عن أى ولد ، بس فـِ حاجة جوايا كانت متأكدة إنه غير أى ولد ، أقصد غير أى راجل ، هو مينفعش يتقال عليه ولد ، والله مش عارفة امتى بقيت تايهة فيه كده ، معرفش أول مرة بدأت أفكر فيه ، بس فاكرة أول مرة قلبى دق لما شوفته ، وأول مرة سمعت صوته ، وأول مرة اتمنيت إن موقف يجمعنا
- مش حابة تحكيلى حاجة ؟
- حاجة إيه ؟
- أحمد مثلًا
اتعصبت عليها - انتى السبب عـ فكرة ، كلامك عنه قدامى هو اللى عمل كده ، انتى السبب ياأسماء ولو فـ حاجة هزعل منك بسببها هتكون دى ، علشان أنا مش مرتاحة ومش عاوزة كده ، أنا تعبانة ومتضايقة ، مش عاوزة أبقى كده
- أنا كنت لسه هحكى عن موقف عنه
ضحكت وأنا قلبى واجعنى - ارحمينى بقى
سكتت شوية وبعدين مسكت إيدى - هو كويس ، انتى متضايقة إنك بتحبيه ليه ؟
- انتى عبيطة ؟ أسماء الإحساس ده مش مريح زى ماانتى متخيلة ، انتى فاهمة يعنى إيه بتحبى شخص مفيش بينكم طريق تطمنى مثلًا إنه بيحبك ، أو شيفاه تعبان ومش قادرة تطمنيه ، أو أبسط حاجة مش عارفة تتكلمى معاه ، الحب اللى كده مش حلو
- أنا هعرفلك إذا..
- أنا مش عاوزة أسمع صوتك لآخر السنة ، متعمليش حاجة ، دى مشكلتى وأنا هحلها
- طب نطلع الرحلة ؟
- فين ؟
ابتسمت - اسكندرية
- نروح ، طالما اسكندرية نروح
وإحنا خارجين شوفته ، مبصش ناحيتى ، مسكت إيد أسماء ومشيت ، حركة إنى أمسك إيد اللى جمبى دى بتخرج بطريقة لا إرادية لما بخاف ! أو لما بزعل !
كان باقى يومين عـ الرحلة طبعًا مروحتش الكلية فيهم ، وفـ اليومين دول فكرت فـ كل حاجة غيره ، أنا مش ضعيفة وفـ لحظة ممكن أنسى كل اللى حصل ده عادى
- أسماء هو أحمد طالع الرحلة ؟
سكتت شوية - لأ يااحبيبى مش طالع
أنا مكنتش حباه يكون معانا بس معرفش ليه اتضايقت !
الرحلة كانت عبارة عن يومين ولحد دلوقتى مش عارفة أسماء قالت إيه لماما وأقنعتها إنى أنام يومين بره البيت
أول مااطلعنا الأتوبيس سمعت صوته ، كإن حاجة ضربت قلبى بالقلم عـ وشه ، وقفت شوية كإنى توهت مش عارفة أطلع ولا أنزل
بصيتلها وسكت فاتكلمت - والله بحسبه مش هيطلع
- انتى بتخمنى !
شتا واسكندرية وبحر وهتكمل لو مطرت ، معرفش سر حبى للشتا ، يمكن لإنى اتولدت فيه مثلًا ، بس عامة هو يتحب
وعينى جت عنده بدون قصد وكالعادة مش باصصلى ، أول يوم معرفتش أهرب من أسماء وأقعد قدام البحر لوحدى ، وعـ ماأقدر حاولت أكون بعيدة عنهم ، أقصد عنه
تانى يوم المفروض إننا كنا هنمشى الساعة ٨ بالليل من هنا ، الساعة ٤ خرجت من غير شنطة أو موبايل ، النوت بتاعتى وقلم بس ومشيت ، كنت حابة أكون لوحدى ، أنا أصلًا طلعت الرحلة دى علشان القعدة دى بالذات
الدنيا كانت صافية وهادية وقتها ، كتبت كتير أوى وفـ الآخر اكتشفت إنى كتبت عنه
معرفش ازاى بس لاقيت العشا بتأذن ، العشا مش المغرب ، وقفت بسرعة علشان أمشى لاقيته واقف من مسافة ، كان قاعد ومأخدتش بالى منه ، وقف كإنه اتفاجئ من وجودى
اتحركت خطوة وبعدين وقفت لما معرفتش أمشى من أى طريق ، مشيت وخلاص ، مش عارفة دخلت شوراع كتير ، حتى اسم المكان اللى كنا فيه مش عارفاه والشنطة مش معايا إنى اسأل عـ مكان الموقف وأروح لوحدى ، سألت حد عن الساعة وقالى ٨ وربع ! ، وقفت من التعب وكمان حسيت إنى ببعد عن المكان اللى معرفهوش أصلًا ، أنا لو روحت وقولت لماما هخرج تانى ممكن تقتلنى
فجأة لاقيته واقف بعيد ، ممكن بيدور عليا علشان شافنى أو ممكن تايه هو كمان ، بس معتقدش إنى فرحت فـ مرة قد ماافرحت إنى شوفته فـ الوقت ده ، كإنك فـ مكان واسع متعرفش فيه حد وفجأة ظهر طريق متعرفش غيره
لما شافنى قرب ، كان معلق الكاميرا فـ رقبته
وقف ساكت شوية فاتكلمت أنا - أنا توهت ومش عارفة..
- مشيوا
- عرفت ازاى ؟
- روحت ملقتش حد
- طب اتصل عـ حد طيب
رفع إيديه الاتنين - مش معايا حاجة غير الكاميرا
قعدت عـ الأرض ، رجلى وجعتنى من المشى ومقدرتش أقف وشكلها ليلة طويلة كمان ، قعد جمبى - متقلقيش هنروح
- ازاى ؟
قام ومشى وأنا مشيت وراه ، قعد فـ نفس المكان اللى كنا فيه الأول ، مفهمتش قعد ليه بس قعدت جمبه ، أنا مش عارفة غيره
كان فـِ حل إننا نوقف حد ونستخدم موبايله ونتصل عـ حد منهم وأنا مكنتش حافظة غير رقم ماما ورقمى بس
وقفت تفكير لما اتكلم - بعدتى عنهم وجيتى هنا ليه ؟
- كنت حابة أبقى لوحدى
الجو كان برد أوى ، أول مرة أخاف إنها تمطر وأدعى إنها متمطرش
- بردانة ؟
جسمى كان بيترعش - شوية
ابتسم - معتقدش هيعرفوا يرجعوا تانى
هو بالذات اتمنيت يجمعنى بيه موقف ، وهو بالذات كنت خايفة يجمعنى بيه موقف
خلع الجاكيت - إلبسيه
- لأ مش هينفع والله ، هتاخد بر..
رفع حاجبه - إلبسيه
كنت عارفة إنه هيعمل كده ، كنت خايفة وأنا بلبسه ، مش عارفة ليه كنت حاسة إنى بلمسه هو مش بلبس حاجة كان لابسها
حطيت النوت والقلم فـ جيب الچاكيت وكمه كان مدارى إيدى أصلًا
- اسمك حنان صح !
هزيت راسى ، شوية ووقف حد ، كان بعيد مسمعتش الكلام بينهم بس أخد منه الموبايل فعرفت إنه هيكلم حد ، بصيت قدامى ، كنت متطمنة أو فرحانة إن الحلم اللى دايمًا بحلم بيه اتحقق وهو إنى أكون بره فـ الوقت المتأخر ده وقدام البحر وفـ الشتا كمان
أنا عارفة إن الحب أحلى حاجة ربنا خلقها ، بس لما بيكون بين طرفين بيبادلوا بعض وكمان يكون جامعهم رابط يحل ليهم إنهم يوضحوا الحب ده ، مش فـ حالتى ولا حتى فـ حالة انعدام الرابط
لما اتأخر بصيت ناحيته لاقيته بيصورنى !
كنت هتكلم رفع إيده علشان أسكت ، وسكت فعلًا
قعد جمبى ، سألته - عملت إيه ؟
- هتنامى مكانك تقريبًا
سكت شوية وبعدين اتكلم - صاحبى هييجى الصبح
- طب وإحنا !
- مش انتى حابة تقعدى لوحدك ، عيشى بقى
لو ماما عرفت إن أسماء روحت وأنا لأ مش هتنام أصلًا
سكتنا كتير أوى ، بحر وليل وشتا وهو وسكوت ، كان مشاركنى البحر زى ماكان مشاركنى السكوت ، سكوته حلو كده ليه ! كان نفسى وقتها أوى أعرف بيفكر فـ إيه ، أنا كتير بخاف منه ، وكتير بتطمن بسببه ، والأكتر بحبه ، قبل ماأشوفه جمبى كنت بكتب فـ النوت عنه ، عن أول مرة حسيت فيها بحاجة ناحيته ، عن هدوءه ، عن إنى بخاف لما بشوفه وبرتاح لما بشوفه ، كان نفسى اسأله إنت معقد كده ليه ؟
- انتى شيفانى ازاى ؟
قلبى انتفض فجأة ، مفكرتش قبل ماأقوله - إنت بتخوف
رفع حاجبه - بخوف ؟ بتقولى كده ليه ؟
سكت شوية علشان مقدرتش أقوله إنى مبفكرش عادة قبل ماأتكلم ، وإنى فعلًا بخاف منه ، بخاف أقع فيه ، بخاف أحبه أكتر ، بخاف قلبه يدق لغيرى ، بخاف إنه بعد مااخد قلبى كله معرفش آخد جزء من قلبه ، هو فعلًا بيخوف
- مش قصدى ، أنا آسفة ، الجو برد ومفكرتش قبل مااتكلم
ضحك - وإيه علاقة البرد بالتفكير !
- عندى ليهم علاقة
هو سكة سفر طويلة أوى وأنا تعبت من الجرى ، مش هتمد كفوفك أرتاح فيهم بقى !
- أنا اعرفك ، بقرألك أقصد
- طب ليه سألتنى عن اسمى !
- حنان غير حنان سعيد
- مش فاهمة
- حنان هادية وبتخاف ، طفلة صغيرة محتاجة حد معاها يتخاف عليها ، حنان سعيد يتخاف منها
افتكرت أسماء وهى بتقولى إنى شبه أحلام مستغانمى علشان بكرهها فـ الرجالة ، أسماء ؟ روحت من غيرى ! أنا مليش صحاب من النهاردة
- عارفة كمان بحسك متناقضة
- لأ ، خايفة
- ومتعرفيش خايفة من إيه
- بالظبط
- طب إيه ممكن يطمنك ؟
- إنت
شهقت - قصدى إنت مش بردان ؟
هز راسه وهو بيبتسم
متكلمتش تانى علشان عارفة إنى هبهدل أكتر ، أنا معنديش عقل بالليل أصلًا ، شغال نهار بس
الصبح صاحبه جه ومشينا ، مكنتش عاوزة أمشى ، أو أمشى عادى بس ييجى معايا ، خلعت الچاكيت ، فضل يقولى سيبيه بس أنا لو روحت بيه أمى مش هتدخلنى البيت ، هتقولى روحى للى متجوزاه عرفى
- خاينة هانم
- خاينة إيه بقى وبتاع إيه ؟ قعدتى طول الليل معاه يااسعدية !
- متوهيش الموضوع انتى مشيتى وسبتينى
- ماانتى اللى عملالى فيها كاتبة ورايحة تكتبى قدام البحر ياامنى
- من النهاردة النوت بتاعتى هى صاحبتى
النوت !! يالهوى !! ، النوت فـ الچاكيت ! ، أكيد فـِ حاجة غلط ، لأ والله مينفعش يقرأها ، أكيد أنا هلاقيها دلوقتى مش هينفع تكون معاه
بقالى يومين بدعى إنها تكون وقعت أو إنه ميشوفهاش ، دا أنا بشوفه كل يوم وشكلى هيبقى زفت ، حكيت لأسماء وأنا هعيط ، أنا هعيط وهى بتضحك ، صاحبة زبالة
شوفته فـ الكلية مرتين ومكنش بيبص ناحيتى برضو فحمدت ربنا إنه أكيد مشفهاش ، بس هى فين !
حلمت بيه من كتر التفكير ، حلمت إنه ساب النوت ف إيدى كنا فـ الكلية ، وفجأة بقينا فـ اسكندرية قدام البحر مش عارفة ازاى ، أخدتها منه وقولتله من غير ماايسأل إنى بكتب أصلًا ومقصدش حد رغم إنى كاتبة المواقف اللى بيعملها وأى شخص يعرفه هيعرف إنى بتكلم عنه ، الحلم خلص من غير ماايرد عليا ، قلبى كان مقبوض الصبح بسبب كده
مروحتش الكلية ، روحت للمكان الوحيد اللى أتمنى كل حاجة حلوة تخصنى تبدأ فيه
كان فـِ بنت سألتنى مرة وقالتلى ليه بتقولى إن الحب مرتبط دايمًا بوجع ، فعليًا أنا مش عارفة ليه مرتبطين ببعض ، بس أنا حتى لما جربت مش حاسة بحب بس ، حاسة بوجع خفيف ، مش مرتاحة كليًا وحاسة إنى عاوزة .. عاوزة أعيط
لاقيت النوت قصادى وإيده ممدودة بيها ، قلبى وقع عـ الأرض ، حسيت بيه وهو بيتخبط ، والوجع زاد بطريقة غبية
- لاقيتها معايا ، أعتقد تخصك
خطفتها من إيده - أيوه بتاعتى
قعد جمبى - خطك وحش
مقدرتش أبتسم ، قولت بسرعة - أنا بكتب ومقصدش حد باللى بكتبه
ضحك - أيوه عارف إنك متقصديش حد
- إنت عرفت منين إنى هنا ؟
- ماهو دا آخر سطر فـ الحكاية وأول سطر فـ حكاية تانية انتى عاوزة تبدأيها قدام البحر
- مش فاهمة
بس أنا كنت فاهمة ، الحكاية اللى دايمًا نفسى ابدأها هنا معاه
- مش عاوزة تاخدى الصور ؟
- عاوزاها ، إنت جيت علشان تدينى النوت ؟
- مش هتقوليلى أنا بخوف ليه ؟
- أوقات بحس إنك سكة سفر طويلة ، حكاية من حكايات جدتى زمان ، بس الفرق إنك ملكش نهاية
قولتله الجملة دى ، كنت كتاباها فـ النوت ، وكنت عارفة إنه لما يسمعها هيفهم إنى بتكلم عنه
معرفش ليه عملت كده ، أو هستفاد إيه من كده ، هو مش عقلى مش شغال بالليل ، دا طلع مش شغال معاه هو
وقفت علشان أمشى ، كان لازم أمشى ومكنش ينفع هو ييجى ، مكنش ينفع يشوف كلامى ولا يعرف إنه عنه
اتكلم فوقفت - عارف إنك هتمشى ، وعارف إنك هتروحى تعيطى وبعدين تكتبى حاجة تقصدينى بيها من غير مااتوضحى إنها ليا ، فـ أنا أحبك أكتر وانتى تفضلى تهربى
وقف قصادى - انتى متعبتيش من الجرى ؟
أحبك أكتر !! يحبنى ! لأ أنا حبيته بس مكنتش عاوزة الحكاية تخلص كده ، مكنتش عاوزاه يحبنى علشان أنا رسمت خطة كبيرة أنساه بيها ، طب أنساه ازاى دلوقتى !
متعبتش من الجرى ؟ أنا روحى رجليها بتترعش من الوجع والله ومحتاجة أرتاح ، محتاجة أتطمن ، مش هتمد كفوفك أرتاح فيهم بقى !
مشيت علشان لأول مرة فـ حياتى متوقعش رد فعلى ، خوفت إنه يتكلم فابتسم ، لو ابتسمت يبقى أنا عارفة إنه خلاص الموضوع خرج من إيدى ، وحاليًا مش عاوزة أبتسم ، عاوزة أعيط ، أنا عارفة نفسى لو عيطت هبدأ أنسى ، مهتمتش ومشيت
نادى بصوت عالى علشان أقف - حنان !
وقفت وبصيتله ، وكلمة حنان بصوته كانت بتتردد فـ ودنى ، حنان غير حنان سعيد ، حنان هبلة وبتخاف
- ابقى افتحى النوت
حستنى عروسة بحبال بتتحرك بصوابعه ، فتحتها من غير ماأفكر
كان كاتب تحت جملة " أنا مينفعش معايا غير راجل صعب ، عارف امتى يرخى كفوفه وامتى يضم بيهم "
كتب " حتى قبل أن ألتقيكِ ، لم نكن أغرابًا "
مقدرتش أقوله " مش هتمد كفوفك أرتاح فيهم بقى ! " فابتسمت !

" حتى قبل أن ألتقيك ، لم نكن أغرابًا "

#أسميته_أحمد
#حنان_سعيد

أسميته أحمد 🍁حيث تعيش القصص. اكتشف الآن