" 6 "

1.1K 61 1
                                    

          
- شبه الملايكة
- ملامحها هادية فعلًا
سكت الصوتين فجأة ، بس كنت سامعة حركتهم وكإنهم بيتنقلوا فـ الأوضة ، سمعت حركة أوراق
- لسه صغيرة عـلى وجودها هنا
- هى هنا من شهرين ، جسمها رافض يقبل أي دوا
الصوت الأول قرب منى تانى - وإيه اللى مزعلك وخلاكى مخاصمة الدنيا بتاعتنا كده يااست حنان ؟
- غالبًا اللى بيدخل حالتها دى مبيخرجش منها
- علشان رافض الخروج منها
- إحنا بشر ياادكتور أحمد ، ومتنساش إن كلنا بندور عـ الراحة
سكتوا شوية وبعدين سمعت صوته تانى
- بس هى لسه صغيرة أوى
شوية وسمعت صوت أسماء ، الممرضة اللى معايا هنا من وقت مااجيت ، الوحيدة اللى برتاح لما بسمع صوتها ، رغم إنى فعلًا مش عاوزة أرجع تانى ، بس صوتها بيوصل لحنان اللى جوايا ، حنان بتبتسم لما أسماء بتكون هنا
بيقولوا إنى فـ غيبوبة من شهرين ، بس كان لازم يقولوا إنى بنيت عالم تانى من شهرين ، أنا لابسة فستان أبيض زى ماكنت بحلم دايمًا وحواليا شجر وزرع وعصافير وورد أبيض وفراشات ، هنا العالم حلو لدرجة إنى ندمت عـ الـ ٢٠ سنة ضيعتهم فـ دنيا مليانة كره وحقد ، الناس هناك مش حلوين ، المفروض اتخلقنا أرواح نقية بس لما نزلنا الأرض هنا كله اتسابق ازاي يوجع أكتر
حسيت بإيد أسماء بتحركنى ، همست - عاملة إيه دلوقت ؟
سمعت صوته - إنتى بتكلميها ؟
- صوتى واصلها ، أنا عارفة إنها متقبلة وجودى
ضحك - طب قوليلها إنى محتاج أكلمها
صوته شبه أمواج خوفت لما سمعته أول مرة ، قومت بفستانى الأبيض ووقفت ورا شجرة كبيرة فـ الدنيا بتاعتى علشان صوته ميوصليش
- لو خلصتى ياأسماء ، سبينى معاها
أنا كنت خايفة ، عارفة إن مفيش حد هيقدر يمسنى بسوء ، محدش هنا ، محدش موجود فـ العالم الواسع بتاعى فمحدش هيقدر يسببلى وجع ، بس كنت خايفة
فستانى اتهز لما سمعت صوت الباب بيقفل
قعد جمبى واتكلم بهدوء - مش عارف هتتقبلينى زي مس أسماء ولا لأ ، بس أتمنى فعلاً ، أنا الدكتور أحمد بس بما إننا بقينا صحاب فأنا أحمد
المفروض إن حالتك معايا لشهرين ولو منجحتش هتتسحب منى ، فقدامك شهرين كاملين تختارى منهم أى يوم وتفتحى عيونك
حنان كانت خايفة ، حطيت إيدى عـ ودنى ، أصواتهم بتإذينى
- أنا هقوم دلوقت ، أنا بس كنت عاوز أقولك إن الدنيا مش وحشة وإنها فيها ناس كتير لسه بفطرتهم ، أقصد لسه جواهم خير
ضحكت بصوت عالى ، وجريت ورا الفراشات ، أول يوم دخلت العالم الأبيض بتاعى فـِ فراشة كبيرة قالتلى إنى بعد فترة هيكون ليا جناح زيها ، وهقدر أطير ، أوقات بتمنى الناس كلها تدخل العالم ده بس أنا عارفة إنهم هيإذوا الكائنات هنا
كنت بعافر سنين إنى أبعد جدار الخوف عنى وعلشان أضعف من إنى أضحك من غير ماامسك قلبى مقدرتش أبعده
- حنان ، إنتى سمعانى ؟
صوته بقى مألوف زى صوت أسماء ، أنا بس بقيت أتضايق من كتر كلامه ، مش بيبطل يتكلم ، بيفضل يحكى عن حاجات بتحصله من أول مابيصحى لحد مابينام ، أنا بقيت حاسة إنى مشتتة هنا وهناك ، أوقات بتمنى أفتح عيونى وأقوله أسكت وكفاية كلام بقى مش عارفة ألعب مع صحابى هنا من صوتك فااسكت ، بس لو فتحت مش هقدر أرجع هنا تانى وأنا مش عاوزة أسيب هنا
كنت ماسكة وردة لونها أبيض لما حسيت إيد مسكت إيدى ، مكنتش إيد أسماء ، الوردة وقعت من إيدى ومقدرتش أجرى بعيد - أنا معاكى ، متخافيش
هنا كل حاجة حلوة بس مفيش ونس ، يعنى أقصد لو قدرت أدخل أسماء ودكتور أحمد هنا ، أقصد وأحمد هنا ونقفل باب الدنيا بتاعتنا
- حنان
صرخت لما لقيته جمبى ، كان أطول من عمر قضيته هناك وبيبتسم - إنت هنا ازاي ؟
- ماإنتى رافضة تخرجى
- أنا مش عاوزة أكون هناك ، أنا مش عاوزة أرجع
- خلاص هفضل هنا
- ومش عاوزة حد هنا ، دا العالم بتاعى أنا بس
- إنتى لو مش عاوزانى هنا مكنتش هقدر أدخل ، أنا دخلت لإنك عاوزة كده
مسكت طرف الفستان وأنا متضايقة
بس مقدرتش أفهم إذا كنت متضايقة علشان وجوده فعلًا ، ولا متضايقة علشان كذبنى وهو عنده حق
- بقالك قد إيه متكلمتيش مع بشر ؟
- إحنا مش بشر ، إحنا دلوقت أرواح ، العالم ده للأرواح بس ، الجسم بيفضل بره
- تعرفى إنى من وقت ماشوفتك وأنا كنت بتمنى أسمع صوتك !
- تسمعه ليه ؟ قصدى شوفتنى ليه ؟ لأ أقصد إنت هنا ليه ؟ يعنى ..
ضحك - هى الأرواح بتتكسف عادى ؟
سبته ومشيت ، كنت بفكر إن العالم دلوقت يشبه للوقت اللى سيدنا آدم وستنا حوا كانوا موجودين فيه ومفيش غيرهم بشر ، العالم واسع ومفيش غيرنا
بصيتله تانى - أعرفك عـ صحابى ؟
- طب أعرفك إنتى الأول  !
- يااسلام ؟ أومال جيت هنا ازاي لو متعرفنيش
- أعرف إن اسمك حنان ، عندك ٢٠ سنة ، بتخافى من الضلمة والأماكن العالية والأماكن الضيقة ، بتخافى من اللون الأحمر رغم إنه بيبقى حلو جدًا عليكى ، أعرف كمان إنك بتكذبى وفرحانة إنى جيت ، مش لإنك مستنية أي شخص يجيلك ، لإنك مستنيانى أنا
كنت واقفة متنحة ، لأ كنت واقفة خايفة ، قرب منى - وأعرف كمان إنك خايفة دلوقت
سند على شجرة - بس فـِ حاجات تانية عاوز أعرفها
- أنا مش بخاف من الضلمة
- بجد ؟
- صحابى كانوا بيظهروا فـ الضلمة بس ، وقت لما بكون لوحدى ، أول ماابقفل باب أوضتى وأطفى النور ، فـِ الوقت ده بس كنت بلاقى نفسى ، كان بيبقى مسموحلى أعيط وأضحك واصرخ والعب حتى ، انا عمرى ماخوفت من الضلمة بس أتمنى العالم يكون منور دايمًا ، أتمنى الشمس متنامش أبدًا
- أنا همشى دلوقت
إتخضيت - هتمشى ليه ؟
- مش عاوزانى أمشى ؟
- أيوة خليك
- هجيلك تانى
وفجأة اختفى ، زى مافجأة ظهر وفيروز بتغنى " يااريتك مش رايح يااريت " ، ممكن نضيف لأصحابى واحد كمان ، بقى شجر وسما وورد وفراشات وأحمد
نسيت أقوله إن محدش غيره قدر يدخل هنا ونسيت كمان أقوله إنى مسمحتش لغيره يدخل هنا
حسيت إنى مش لوحدى وإنى طبيعى يكون عندى أصدقاء ،  المشكلة إنه مش شجر ولا ورد ، أقصد مش حاجات مستحيل تإذى ، أنا مكنتش خايفة منه ودا شيء مخوفنى
سمعت صوت أسماء وهى بتقولى صباح الخير ، أنا بعرف إن فـِ يوم جديد ابتدى من " صباح الخير " اللى بتقولها
العالم بتاعى دايمًا فيه ضوء ، دايمًا منور ، علشان كده مش بفرق بين صبح وليل
قعدت جمب شجرة مستنية أحمد يجى ، هو قالى إنه هيجى وأحمد مش شبه البشر اللى بره علشان يكذب
- مستنيانى بقالك كتير ؟
ابتسمت - لأ ، مش مستنياك
- مش عيب نكذب ؟
- كنت مستنياك ، أنا كنت مستنياك من وقت ماامشيت امبارح
- وأنا مستنيكى مسافة عمر يااحنان
حركت جفونى بسرعة ووقفت باصة لعيونه وساكتة
- مش هتعرفينى عـ صحابك ؟
قولت بسرعة - أنا مليش صحاب غيرك
شهقت - لأ قصدى  ..
- مفيش هنا غيرنا صح  !
- الدنيا بتاعتى مكنش فيها غيرى ، ودلوقت إنت جيت
ابتسم - يعنى كنتى مستنيانى  !
ضحكت - مسافة عمر باين
- بتعملى إيه هنا بقى ؟
- بلعب ، بضحك ، بغنى ، تعرف ؟ أنا بحلم بالعالم ده من عشرين سنة ، بحلم بالدنيا وهى هادية ونورها فيه لسعة برد ، الدنيا هنا كانت نقصاك
- واثقة فيا ؟
- مليش غيرك
- وهناك مش هيكون ليكى غيرى ، الناس مش كلها وحشة ، بس لازم يكون فـِ فئة كده علشان نفرق بينهم وبين اللى فيهم خير
وقفت - أنا مش هبلة علشان أسيب الدنيا بجمالها هنا وأرجع هناك
- بتعرفى تغنى ؟
بصيتله باستغراب - إحنا بنتكلم فـ إيه ؟
ضحك - إنتى نرفوزة أوى
نسيت كنت متضايقة ليه أول مااضحك ، وكنت هقوله
- ضحكتك عالم لوحدها ، دنيا تانية تشبه لأياام التسعينات بهدوءها وجمالها
- لأ مش نرفوزة
- أنا همشى دلوقت
- هتجيلى تانى ؟
- لأ
قلبى اتقبض - لأ ليه
- تيجى معايا ؟
- متعملش كده بالله
ضحك - خلاص هجيلك
واختفى ، أول مرة من شهرين أعيط ، كنت نسيت يعنى إيه دموع ووجع وعياط ، بس أحمد ميشبهش حد ، أحمد جنة والجنة مفيهاش وجع
" حلّ عشقٌ فـِ السويداء وقد صار جزءًا من فؤادى بالصميم
يااشقيق الروح لا تبرح دمى فعروقى تشتهى فيها تُقيم "
فضلت أغنى " يااشقيق الروح لا تبرح دمى فعروقى تشتهى فيها تُقيم " وكانت طلب أكتر من أغنية
مكنتش فرحانة ومستمتعة باللى حواليا ، كان فـِ حاجة ناقصة ، حاجة كبيرة لدرجة خلتنى أقعد حاضنة ركبتى وبعيط على فقدانها ، فـِ شيء جوايا كانت بيطمنى ، شيء بيقولى إنه ميشبهش البشر اللى بره ، مش بيكذب وهيرجع
حسيت بأسماء بتحركنى وبتدخل فـ إيدى حاجة ، سمعت منها كلمة " صباح الخير " فعرفت إنه يوم جديد وإنه هيجى
- صباح الخير
وقفت وأنا بضحك زي الهبلة - كنت عارفة إنك هتيجى ، وإنك بس كنت بتخوفنى
- أقعدى عاوز اتكلم معاكى
قعدت قدامه زى تلميذة ، ابتسمت - اتكلم
- بكره آخر يوم ليا فـ المستشفى ، بكره مهلة الشهرين هيخلصوا ، أنا راهنت إنى هقدر أساعدك مش عاوز أخسر
- مش مهم ، افضل معايا هنا
صوته ارتفع - أفضل فين ؟ إحنا بشر ، والمفروض نتعامل مع البشر ، مينفعش منتوجعش ، مينفعش نحط قلوبنا فـ صناديق ونقفل عليها علشان محدش يمسها بسوء
- أنا مش عاوزة
- الطبيعى نتوجع ، نضحك ، نعيط ، نقوم ونقع ، دى دنيا مش جنة
- أنا مش عاوزة
- لازم يكون فـِ لون أسود علشان الأبيض يبان ، هتحسى بقيمة الفرحة ازاي لو مفيش وجع قبلها ، لازم يكون فـِ ضد علشان المعنى يوضح
- أنا مش عاوزة
- وأنا مش هقدر 
- خليك بالله
- هتفوقى بكره
عيطت - مش عاوزة ياأحمد ، إنت فاهم بره فـِ إيه ؟ فاهم إنت عاوزنى أسيب إيه علشان إيه ؟ هنا مفيش كره ياأحمد ، مفيش أطفال بتموت فـ حرب ، مفيش اغتصاب ودم وقتل ، كل حاجة هنا لونها أبيض وهادية ، هناك مفيش حب ، هنعيش ازاي من غير حب ؟
شاورت عـ اللى حواليا - أنا مش هقدر أسيب هنا ، جربت هناك مرة ومش هرجع
- إنتى مش عايشة
- عيشت لما إنت جيت فتمشيش
مسك راسه - إنتى ازاي صغيرة كده  !
أخد نفسه بهدوء ومسك إيدى - مش إنتى واثقة فيا ؟ أوعدك هحميكى ، أنا معاكى وجمبك ومش هسيبك
- بس إنت هتسيبنى دلوقت
ساب إيدى وبعد خطوة
- متمشيش ، هنا مش هتحتاج تحمينى من حاجة
بِعِدْ خطوة - أحمد والله هنتإذى بره ، مش هنعرف نعيش وإحنا لازم نعيش ، أنا عاوزة أعيش
بِعِدْ خطوة - الدنيا هنا هتضيق لو مشيت ، إنت كده بتقتل العالم الوحيد اللى أعرفه ، أنا مُت هناك ، مش عاوزة أموت هنا كمان
اختفى وسابنى والدنيا فجأة ضلمت ، أول مرة الليل يظهر وأنا بخاف من الضلمة ، حنان كانت بتكذب ، حنان بتخاف من الضلمة ، حنان بتخاف لما بتكون لوحدها
حضنت نفسى وبكيت ، مش لو كان حضنك هنا مكنتش عيطت  !
أسماء قالتلى " صباح الخير " بس مكنش صباح ، الليل فضل ماسك فـ إيدى وهو غايب فالصبح رفض يطلع
سمعت صوته بيكلمها ، إستنيته يجى هنا ومجاش ، أسماء خرجت وهو فضل ، بس فرق بينا عالمين ، فرق مابين وجع وضحكة
- فتحى عيونك
إنت مش هتيجى ؟ مش هشوفك ؟ إنت قولت مش هتسيبنى ، إنت بتكذب زيهم ؟
- مش قدامى غير ساعة يااحنان فوقى بالله
مش هسيب هنا ، مش هينفع أسيب هنا
لمس إيدى - فوقى بقى
كان ممكن نخلق عالم تالت لينا وبس ، عالم تكون راضى عنه ومتسيبش إيدى فيه أبدًا
سمعت صوت تانى - مش يلا ياادكتور أحمد ؟
لأ مش يلا ياادكتور أحمد ، لأ مش هيمشى ، لأ
- مش عاوز أسيبك متسبنيش وفوقى
حسيت بإيده بتتسحب من إيدى ، لأ استنى ، أنا هكبر ومش هكذب تانى والله متمشيش ، بس نعيش هنا ، هناك مش هنعرف نعيش
الهوا كان بيقل وصوته بيتردد " فتحى عيونك " وكل حاجة هنا ماسكة إيدى
سمعت صوت قفل الباب ، قعدت بفستانى الأبيض فـ ركن مكنش يساع غير جسمى ، بصيت للسما ومعيطش ، كنت فاكرة إنى اتخلصت من القعدة دى والوجع ده
أي مكان فيه بشر لازم يسيب مكانه نغزة تشق الروح
أسماء مبقتش تقول " صباح الخير " والليل هنا من إسبوع ، والدنيا الواسعة إتحولت لحضن صغير مش لقياه ففضلت واقفة فـ البرد أبكى ، شوفت غيابك عمل إيه  !
- بتفكرى فيا ؟
شهقت وكنت هقع - أحمد !
- كنتى بتفكرى فيا ، صح ؟
- لأ
- مش قولنا مرة عيب نكذب ؟
- إنت هنا ازاي ؟
- للأسف وعدت وكان لازم أرجع
- مش هتمشى تانى ؟
- والله أبدًا
- وهنعيش هنا على طول ؟
بص للسما وكإنه بيفكر - تفتكرى سيدنا آدم وستنا حوا أخدوا وقت قد إيه على مااكل البشر دى اتولدت  !
ضحكت ، مسك إيدى وهو بيضحك - ماهو مينفعش نعيش لوحدنا كده ، تفتكرى هناخد وقت قد إيه ؟
سمعنا صوت أسماء بره وهى بتقول - دكتور أحمد كتب ورقة قبل مايحقن نفسه ويدخل فـ غيبوبة إننا ننقل سريره جمب سرير حنان

" حتى قبل أن ألتقيك لم نكن أغرابًا "

#أسميته_أحمد
#حنان_سعيد

أسميته أحمد 🍁Donde viven las historias. Descúbrelo ahora