14

11K 137 48
                                    

كانت أصعب شهريّن مرت عليه بحياته ،لأن ثُوب الندم اللي لبسّه قلبه رفض ينخلع عنه ،رفض يتركه يعيّش حياته بحرية مثلما أعتاد ما يدري وش السبّب،وليه يعيش هالمُعاناة الي مازادت حياته إلا مرارة لكن الي يعرفه ،إنه خذى هالحمِل على ظهره زود عن أحماله !
لذلك من لمح موافقة وهّاج على حضُور ضِرار وأهله زارت أطَراف الطمأنينة صدره ،لعل ضِرار هالمرة ينتصر على عنادها ويقنعه تحضّر ،لأنه بآخر مرة ألتقى فيها من ضِرار كانت واضحة معاناته لهم
حتى إنه ما أخفى سبّب ضيقته لما سألوه عنها جاوب إنه منكسر قلبه عليها !
لذلّك بُرهان حاول بشتى الطُرق لإيجاد حل ،والحل الي لقاها هالمُخيم !

اليُوم الجدِيد،ببّيت البُهور
كان واقِف بوسّط الحُوش وهو يثبّت جكيته الأسود على أطراف كتفه ،واللي أطراف الغُترة الحمراء مرميّة بإهمال على ظهره،إلتفت بإبّتسامة عرِيضة للخُطوات الخافِتة اللي تقترب منه ،لصوت الضِحكة العاليّة واللي تركض ببهجة له ولسانها يلهج بِـ "وش رأيكم لبسَت أحلى فستان "
كايّد اللي رفضت رفض كاسِح غُصن بأنه يختار لها هو لبسّها أو يلبسها كان مِتكي على أطراف الشَجرة وجنبه لافي ،اللي من الصبّح وهو جالس عندهم
إلتفتو لها ومن لمحو ضحِكتها كايّد صفق بحماس
ولافي صفّر وهو يأشر لها بطفولية،أما وهَاج ميّل شفايفه بخفُوت وهو ينحني لها لما وقفت قدامه ،وقال بإبّتسامة هاديّة وهو يمرر يدينه على معصمها : بس يا غُصن الجو ماهو بجو هاللبّس ماودك ...
قطّع كلامه لما عبّست وجهها ونزلت رأسها بضيَق لافي كشَر وقال : عدو السّعادة مو قلت لكم؟
كايَد ضرب لافي على كتفه بخفة وقال : مهيَب عداوة مع السَعادة هذي ،هذي خوف من المرض أنت وش عرفك
سكت لافي بفشَلة ووهّاج تأملها للحظات ثم أبتسم وقال : لا تزعل عليّنا غُصن أبوها،وخلاص إلبسي الي تبينه أهم شيء رِضاك !
رفعت رأسها بإبتسامة وهو تنّهد بخفوت وأشر على كايَد يجيب لها جاكيت وهو ما أعترض راح على طول للغرفة
أما وهَاج وقف وهو يرتب شعرها بكفه ويثبّته بخفة
ولافِي يتأملهم بخفوت،كان مقهور بعض الشيء من وهَاج لأنه أبداً ما يتطرق لموضوع الملكة أبداً
حتى لما صارح فهد بهالشيء،سكّته فهد وهو يقول له "للظروف أحكام ،وهو الي مشتري القُرب مهب حنا الي تعنينا "
ولو إن في قلبه بعض العّتب إلا إنه عاذِره ،لأنه واضح إنه يحاول يبّني الحياة الي يبيها بكل قُوته
هذا غير حرصه الشَديد على مبّناه اللي أحترق والي أعاد إنشأه من جديد بمساعدة ضِرار لذلك ماكان لافي يتطرق أبداً لموضوع الملكة مع وهَاج ،بس مع دُجى كان هالموضوع عبارة عن نكتة وسخرية
من حضّر كايد قال وهَاج " يالله مشيّنا لا نتأخر "
ركضت غُصن بكل حماس تمكلها وهي تتخطى الأرض وتنقز بفَرحة تملك قلّب وهاج الخوف من تعثُرها فقال : بالهُون ياغصّن بالهُون ،لا تتعثرين
كملت غُصن خطواتها وهي تخرج من البّاب بحماس ،ولافي تنهد بإحباط : أترك البنت تعيّش طفُولتها يا نكدي
ألتفت له وهَاج نِصف إلتفاتة وناظره بنظرة مُضطربة وهو يقول : أنا وش الله حادِني عليك ؟ ماعندكم سيّارة تروح عليها وتفكني من شرك،ناشب في حلقي ليه ؟ ماباقي شيء إلا وتسّجل إسمك بكرت العائلة
ناظره لافِي بطرف عينه وهو يلف يدينه حول ذراع كايّد ويقول بإمتغاظ شديد : أنت وش عليك مني ،وبعدين ياكبّرك بعين نفسك من اللي قال إني متعني عشانك؟ أنا جاي أسايّر خويي ولا أنت وش علي منك
تأفف وهّاج وهو يمشي ويتخطاهم ،وكايّد كان كاتم ضحكته بسببهم ناظر للافي وقال : لاتحاول تستفزه ،والله ياويلك
ميّل شفايفه لافِي ثم أبتسم بحماس : والله ياخي أعصابه محروقة هالرجل،بسرعة يشّب نار
عشان كذا الوضع ممتع لأن عندي وهاجيّن بحياتي
مشى كايّد وهو مبتسم وقال : كنا نقول إنهم مختلفين عن بعض،وش اللي حصل
أبتسم بخفوت : كنا نظن ،ميّر الظن يخيب
ركبو السيَارة بحماس شديد ،منطلقيّن لأقصى جبّل بالشمال بعدما أصّر وشدد وهّاج عليهم كلهم يحضُرون ولا يخيبون بُرهان ورغم إن الإصرار كان من نصيَب حليمة اللي كان بنية وهّاج بهالطلعة يليَن قلبها ويحاول يخليها تتقرب من دُجى
إلا إنها رفضت رفض قاطع حتى إنها بنفس اللحظة جهزت لها ملابس وراحت للبّهاء بدون ما تتكلم
تضايَق وهاج للحظات ولكنه أحترم رغبتها لذلك ما أبدأ ردة فعل على تصرفها !
ولافِي من قاله كايَد بعدما صُلو الفجر جماعة بالمسجد إنه أمه مارح تجي معهم ترك أهله يروحون لوحدهم وقرر يروح مع وهّاج لأنه يدري إن الطلعة مع أهله بتكون هواش هم بصف بعض كلهم لأنهم بنات وفهد بيكون بصفهم لأنه يحبهم
وهو بيبقى يهاوش لوحده لذلك إختار يهاوش وهّاج هالمرة
-
بسيَارة فهد ،كان السُكون يحوفها ،رغم عدم رغبة فهد بالروحة إلا إن إصرار وهّاج وإلحاح لافي الشديد عليه أجبره يوافق وأجبره يقنع خواته ودُجى بهالجيّة ورغم عدم حماسهم إلا إنها من تسللت نسمة هواء باردة أنعشتهم وتركت الحماسّة الشديدة تسلل لقلوبهم
معاني كانت متكتفة وتناظر بضيّق للمكان وخيَال ضربت كتفها بعدم إعجاب : معاني زودتيها ترى ،خلاص لما نرجع كملي شغلك
تنهدت معاني بقهر : تعرفيني ما أحب أخلف وعدي
خيَال ميلت شفايفها وناظرت لمعاني الي جادّة فعلا : بس هي قالت عادي وحتى قالت لا تسلميني إياه "بعد إسبوعين وباقي لك يومين وكله على بعضه شماغ يعني مثل اللعبَة بين يدينك لا تكبرين الموضوع"
تنهدت معاني وسكتت وهي تناظر من الشبّاك
وبالها طوال الفترة الماضيَة حول الكيّس اللي كان بيدينها باليوم خطت فيه خطاويها للمقهى ورجعت البيت من دونه ،ولا خطَر على بالها إلا باليوم الثاني ومن رجعت للمقهى لقته مقفل وكلما حاولت تتذكر مكان نسيانه له ما يخطر على بالها !
أما عن دُجى فكانت مستندة برأسها المُثقل بالأفكار على حدود الشبّاك ويدينها تضغط على بعض بكل خفُوت شعور غريّب بقلبها يشبّه نسمة باردة
ما تدري وش سبّبه ولكن الي تعرفه إنها مستلطفته وبشدة !
-
أما بسيَارة ضرار الي تغيرت حياته كُلياً بعد اليوم الي قبّض فيه على محمد ومن اللحظات الي مستحيل ينساها بحياته هي اللحظة اللي أسّترد فيها كرامته قدام الجمع الغفيّر نفسه !
بوسط ساحة المركز برأس مرفوعة وبهامة تعدت السُحب أنزرعت الرُتبة على كتفه مثلما تنزرع نبَتة وإنرسمت الضحكة على وجهه بكُل عنفوان
بالبداية عّزت عليه نفسه وكان بيرفض الترقية ورجوعه للوظيفة لأن إهانته ماكان بالشيءَ الهين ولكن إعتذار المُدير العام بنفسه واللي أقال الرائد اللي أخذ منه رتبته وخفض رتبَة البقية وطلب كتابة محضر لكل شخص كان له يد بطرد ضِرار جبَرت بعض من الصدُوع اللي بصدره وكأنه بهذه اللحظة أسترد بعض من كرامته اللي أُنهكت !
لذلك كان سعيَد جداً خلال هالأيام وسعيَد بكل عُنفوان لتغييَر بريّق الملحوظ والي خطت أول خطاويها لخارج البيّت وما أعترضت أبداً على موضوع الخُروج لبرى البيّت بالبداية كانت متخوفة وبشدة وللأمانة مازالت خايّفة ،خايّفة ينكسر بقلبها شيء من جديد بسبب النظرات الي بتتعرض لها ولكن شعُور المجابهة الي بصدرها أجبرها على القدُوم فقاعدتها الي مابعمرها تخلت عنها بالحياة هذي"واجه الي تخافه لأجل تتغلب عليه"لأجل كذا وافقت على الحضُور معهم لأنها تبي تتخلص من خوفها ولأنها" لو إنتظرت حتى تصير جاهزة للمواجهة فبتبّقى بقية عمرها منتظرة ! لابد تجازف"
ورغم إستغرابهم من موافقتها إلا إن إستغرابهم الأكبر كان بسبَب طلب فايَزة المُلح إنها تروح معهم بالبداية ضِرار تضايَق وكان بيرفض لأسباب كثير ولكن نظرات وديّع أجبرته يهز رأسه بإيجاب بشرط ما ينسمع لها حس ولا ينعرف إنها جاءت ،بينما وقاص ماكان ينَشاف أبداً طوال هذي الإسبوعين
وهذا هم بالسيَارة يترأسها بمقعد السايّق ضِرار وبجنبه وديّع اللي ملتفت بظهره كامل على بريَق ويسولف معها بحماس وهو يضحك ويحاول يغيّر عليها جووها بيّنما ضِرار كان مبسوط ويضحك معهم
وفايَزة تناظر بخفُوت .. رغبتها بالحضور لهالجيّة كانت بعد سماع ضِرار يقول إن الكل بيحُضر .. شيء بنفسها طوعّها إنها تتعرف على عائلة أمواج .. وتكتشف كيف عايّشين وكيف عاشو طوال السنيّن هذي .. ولو للحظة زارها شعور الرغبّة بمعرفة خليفة أمواج بالأرض .. الشخص الي سلبت منه جميع الأشياء الي يحبها بفعل الحقد
من بعد إنتشار خطبة وهّاج لدُجى إستقرت الراحة بصدرها من ناحية وقاص .. مع ذلك مازال بصدرها رغبة بحضور هالمناسبّة !
-
وبعد نصّ ساعة ،إستقرت سيَارة وهَاج قدام المخيم
لافي إستقرت أنظاره على المكان بتأمُل شديد ،أبتسم بكل رحابة وألتفت لكايّد وهو يقول : خلك خلك لاتنزل بجيك
أستغرب كايَد ولبّى طلبه، ولافي نزل على عجل من السيَارة وسحب زرعة الورد الكبير بكل قوة من على الأرض وهو يضحك من قلبه أستقام بجسده وألتفت بعجل وهو يتقدم بخطوات مستعجلة بإتجاه سيارة وهَاج ومن لمحه كايّد ضحك وهو يفتح الباب وأقترب لافي وهو يمد له الوردة : قليل بحقك
أبتسم بضحكة وهو يأخذها بيده وهز رأسه بإمتنان : تسلم تسلم ياولد الخالة
نزل بعدها كايّد وغُصن على عجل وإنتشرو بالمكان بحماس شديد
بينما وهّاج نزل وهو يبتسم بخفُوت لما تأمل الجنُوبي واقف على حدُود شبّة النار وبيدينه دلة القهوة والي يضبّطها وهو يدندن بحمَاس قرب وهاج وهو يقول : عز الله أخطيّت يالجنوبي يعني ثلاثة أيام من رجعت من الجنُوب ومخفي وجهك عننا فيها ولا نشوفك إلا من دعاك بُرهان
تعزه أكثر مننا يالجنوبي ؟
أرتسمت ضحكة خافِتة على ثُغر بنيَان وقال : والله أنهد حيلي من زواج بسّام يا وهّاج أعذرني وقلت بالمرة ألاقيك هنا وإن كان أخطيت بغيابي فمنّك السماح ماهقيت إنك تعزني هالقد
ناظره وهَاج بطرف عينه وبنيّان أبتسمت وهو يناظر لشبّة النار
وبهالوقت وصلت كل السّيارات للمكان وإنتشر كل من فيها بالمخيّمين الأول الي كانت فيه أم بُرهان
والي بقى يقنعها أسبوع كامل تحضُر وتفرغ له هاليوم وهي كانت رافضة لأن عندها عزيمة
ولكن من صالح حظ بُرهان إنها تكنسّلت هاليوم لأجل كذا حضّرت رغم عدم رغبتها .ولأن سببّها "ليه أجتمع مع ناس ما أعرفهم " وهو يقول " مصيّر القلوب تتآلف يايمة "
-
وبعدما أستقر كل من الحريم والرجال بالمُخيم كان لمخيم الرجال النصيّب الأكبر من السواليف والضحك بحكم معرفتهم السابِقة ببعض وبوسط حُضن وهّاج مستقرة غُصن اللي كل الأنظار متوجهة لها بسبّب بنيان اللي نشب لها طوال الجّلسة وكل شوي يمدحها وهي بطبيعتها تستحي وتدخل بحُضن وهّاج و تغطي وجهها بجاكيته بيّنما هو يبقى يضحك ،يضحك وبشدة
في ظِل إبتسامات الكُل لحاله الجديد اللي عرفوه هاللحظات والي أبداً .. أبببببداً ما لمحو هالضحكة على وجهه طول معرفتهم فيهم جاهلين إنه يتغير تماماً لاحضرت غُصن !
ولما شدت غُصن بيدينها على ظهر وهّاج .. أبتسم بخفة ومثّل العصبية وهو يقول : بابنا مقفل عليك يا الجنوبي إلتفت لغيرنا وأبّتعد عن بنتي ترى إن شدت بيدينها على ظهري أكثر عز الله لأدفنك
رجع بنيَان ظهره للخلف وهو يميّل شفايفه بعتب : أفا يا أبو غصن هذا وأنا ماباقي مدحة ما تركتها وسّم على جمالها
كايّد ضحك بخفة وناظر لغصن : البلاء إنك تمتحن حيَاء غُصن يا بنيّان لأجل كذا بتتعّنى
أشر بنيَان على فمه بمعنى"ماعادني بمتكلم"
وبُرهان أبتسم بخفة وهو يأشر على غترته : أظن هالمدح لأجل الغترة البنية اللي من وهَاج ولا ؟
وهَاج أستغرب وبنيّان أبتسم وهو يناظر لبُرهان اللي قال له إن هالغتّرة لقاها بكيّس بمقهاه ويظن إنها من وهّاج لأنها تشبّه حيل شماغاته لأجل كذا لبسّها
وهّاج قال بإستنكار : ميّر هالغترة ماهيَب مني !
عقد حواجبه بنيَان بإستغراب وماحضر بباله إن هالشماغ ماهو بله أبداً كونه لقاه بأطراف مقهاه بدون كرت والأهم بالوقت اللي ترك فيه وهَاج المقهى
كان يظنه هديَة منه أو من هالقبيّل ولكن هالشيء خاب !

لابد يا سود الليالي يضحك حجاجكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن