6

18.9K 205 145
                                    

الصمّت يعم أركان المكان .. كان صوت تنفُسهم الوحيد الي ينسِمع .. نظرات عدم التصدِيق بعيونُهم
يعني وآخيراً بعد فرقاه بيلّم حضوره حُزنهم ؟
كانت تناظره أمه بهدوء يخالطِه برود وكأنها موقنة بأنه بأي لحظة بيبتعد من جديد
ولكن الإصرار بعيونه ماكان بالشيءّ القليل .. كان يناظر لسفرة الفطور بنظرات غرِيبة عليه .. كم له من لقمة هنيّة ؟ وكم له من سفرة تحفُها يدين أهله ؟ حرمت نفسك كثّيرر يا وهاج .. كثييير
رفع رأسه على صُوت كايد المبتسم واللي مدّ له قطعة الخبز وهو يقول : فطور بحضورك عليم الله تهنأ لنا كل كلمة تنأكل !
رفع يدينه وهو يأخذها ومن غمسّها بصحن الفُول الحار وعيُونه يملأها الحنِين .. هي لقمة هنيّة فعلاً دام إنها من يدين أمه .. قرب بيأكلها وحس لو بتمر من حلقه بتكون بطعم مرارة دموعه الي حاجزه نفسها بعيونه .. كان إحسّاسه مابين" ماتسّتاهل حتى قطعة من يدين أخوك ياوهاج .. إستحقها أول "
لذلك نفضها من يدينه بعجل شديد .. ووقف وهو يبعد غصن من حضنه ويتركها جنب كايّد .. وقبل ما يمشي خطوتين وصله همس ساخِر : كنت أدري إنه ضعيف
غمض عيونه بتشدِيد وهو يكتم ضيقه .. المُفترض أول شخص يفهم موقفه " أمه " ليه مصرة توقف ضده دااائماً !
ألتفت لهم وهو يناظرها وكأنه يأكد لها إنه هنا باقي ولارح يبتعد من جديد : لك خمس دقائق تأكل فيها اللي تقدر .. وبعدها أنتظرك بالسيارة !
كايّد ماكان حاب يروح معه للمدرسة لذلك قال : رح دُوني
ناظره بطرف عينه وقال : تفهم ولا لا ؟ خمس دقائق وبعدها لو ما جيت .. جيتك أنا
قال آخر كلامه ومشى وهو يطلع من البيت وكايّد تنهد بينما حلِيمة رجعت تكمل فطُورها بهدوء
ركب سيارته وهو يمسح على وجهه .. نزل المرِاية الصغيرة وهو يناظر وجهه وقال : خطيّت أول الخطاوي .. من الي عنده قدرة يردعك يا وهاج ؟ أنت قوي وترددك ماهو بمحله
شد على أطراف السِبحة وهو يناظر لحبّاتها السُوداء بإمعان شديد.. بينما الحبَة الذهبية الي تحتوي إسمه مُضيئة بمعنى إسمه
تنهد وهو يجمعها بين كفِينه .. ولكنه سرعان ماعقد حواجبه وهو يناظر من المِراية .. للي مستندة على طرف الباب بقامتها الصغيرة وتتأمله ويدينها تحت خدها .. وكأنها تحفظ تفاصيل وجهه .. أو متلهفة لملامحه أو تعرفه من مدة طويلة
أول ما لمحته ناظرها .. ضحكت بفرحة وبدأت تأشر له بيدينها وهي ترسل له قُبلات بيدينها الصغيرة
بلع ريقه بصعوبة وهو يتأملها .. كان وده يصد لأنه مو منظر يتحمله قلب وهّاج .. ولكنه ماقدر يبعد نظراته عنها
إلتفت غصُن لخروج كايّد الي أنحنى لها وقبّل رأسها وهو يأشر لها بمعنى مع السلامة
-
-
عُيونه متعلقة بطِيفها .. هز رأسه وكأنه يحاول يشتت نفسه عن النظر لها .. ورجع يناظر لقدام وهو يسوق بأقصى قدرته .. ألتفت لكايد وناظره للحظات
ورجع يكمل طريقه بصمت .. لولا صوت كايّد اللي بتر هالصمت بكلامه : تتسائل أكيد .. من وين نبّتت شجرة حبك بقلب غصن .. كيف صرت مِتجذر بقلبها بالطريقة ذي وكأنها تعرفك من سنين طويلة
صد عنه وهاج وكايّد أبتسم بهدوء ..
كان يدَعي عدم الإهتمام .. مشغل نفسه بالدِريكسُون وعيُونه على الطِريق بينما كُل حواسه تصُب كل تركيزها مع كلام كايّد الي يقوله على مسامعه " من وعت على نفسها وصورتك بيّن يدينها .. تصبح بك .. وتمسي على خير مع صورتك
تتكلم لك .. تسولف معك .. تضحك كثير وكأنها تكلمك
كُنت أقولها هذا خالك أخو أمك .. وهاج
يحبك كثير .. ولازم تحبينه وتسولفين معه لحتى تحن خطاويه وتِدله علينا .. كنت أرويها فيدوهاتك قبل تروح عننا .. كانت لابِكت أقولها وهاج لاجاء بيضربهم لا تبكين .. كنت دائماً أوصِيها تنتظرك .. لأنك أولى فيها مننا .. هي أكثر واحدة حافظة تفاصيل وجهك .. وهي أكثر وحدة مننا برغم صغر سنها تتلهف عليك يا وهاج .. هذي قطعة من ضلعك لو فكرت تقسى على الكل .. لاتقسى عليها تراك أبوها "
ضحك كايّد بقهر وغبّنة وهو يقول : أبوها بدال الخسِيس اللي ماسأل عنها.. أنت صح غبت عننا بس هو من درى باللي صار أختفى عن الوجود وكأنه يقول مالي من صُلبكم بنت
وهاج شّد على قبضة يده بضيق أستكن بكل جوارحه وهو يسمع كلام كايّد
واللي أردف وقال : ولكن لأني كنت متأكد إنك بترجع عرفتها على حنِانك يا وهاج .. لا تظهر لها قسوتك أبد
ما رد عليه بينما كايّد ألتفت للجهة الثانية وهو يتنهد .. ولما وصلو لأعتاب المدرسة وقبل ما ينزل كايد ألتفت له وهاج وهو يمد كفه له وقال بهُدوء :هاك المصروف لا تنساه
ألتفت له وناظر للفلُوس الي بين كفين وهاج .. رمش بهُدوء وهو يتأملها للحظات معدُودة ورفع عيونه وناظر لوهاج .. كان يتأمل تخبُطاته وهو يحاول بكل ما أوتي من قوة يرجع لعهده السابِق
يرجع عشان يكون حِصن منيع .. لذلك قرر ما يتعبّه أكثر سحب الفلوس من يدينه ومشى على طول وهو يدخل للمدرسة
بينما وهاج ناظر براحة لكايّد ونزل وهو يمشِي وراه
وأول ما عتبّت رجوله الفصل تأمل نظرات الإستنكار
وكأنهم ينتظرون عدم حضوره وغِيابه .. ولكن ما أهتم
مشى وسحب الكرسي وهو يشد على طرفه بقوة لدرجة إن صوت صِرير سحبّه من الأرض صدع بكل الفصل جلس وهو مبسوط على نظرات القهر بعيُونهم .. بينما لافِي الي كان مغطي رأسه على الكرسي رفعه وناظر له بحدة : كسر الله يدّينك

لابد يا سود الليالي يضحك حجاجكWhere stories live. Discover now