4

24.1K 229 164
                                    

ضِرار أرتبك من حِدة صوته العالي .. ولازاد إرتباكه إلا نظراته الحرارية اللي ضاق به الكون بسببها
تنحنح بإحراج وهو يرجع خطوة لورى وناظره بهدوء : يامرحباً يا وهّاج .. أشتقنا لك ياخوي !
تتابع الغضب بنبرته وهو يبتعد عن غصن ويتقدم لضرار وهو يقول : أنا ماني بأخ لشخص مثلك !
إبن القاتل وش يسوي في بيت للآن ما نشف دم أختي من أعتابه ؟ إنطق تكلم ولا والله لأفرش بجلدك الأرض
توتر من كلامه وناظر لكايد اللي صاد بضيق من كلام وهّاج ولكنه سحب غصن اللي كانت على وشك البكاء من صوت وهَاج !
ضرار أبتسم وهو يحاول يسحب الغضب منه وقال : ريّح قلبك من هالحكي يا وهاج .. خلك وسيع خاطر
قاطعه وهو يلف يدينه حول عنقه ، وكأنه ينثر غضب السنين المكبوت على ياقة ضِرار وقال بسخرية : وسيع خاطر ؟ هذا مصطلح ما يشملني أنت ماعندك قلب ؟ تخطي برجولك لبيّت أبوك قتّال أصحابه ! والله لو ماني أخاف الله لأسفك بدمك باللحظة هذي ، وأزيّح الهم عن قلبي
ما حاول ضرار يفك يدين وهّاج اللي تضيّق الخناق على عنقه وكان يناظره بهدوء ، ولا تركه إلا بسبب يد أمه .. اللي ضربت ذراع وهّاج بكل قوتها
وهي تناظره بحدة .. نفض عنق ضرار من بين كفينه وهو يناظر بذهول لأمه .. ولكنه قال بعجلة : إبن القاتل في بيت الضحيّة يايمة .. هذا العشم فيك ؟
تلى كلامه ضحكة ساخرة من ثغر أمه ولكنها ماردت عليه وألتفت لضرار وهي تتحس رقبته .. نطقت بحنيّة : أنت بخير يايمة ؟
هز رأسه بإيجاب وهو يبتسم لها بهدوء : بخير لا يلحقك هم !
تصاعد الجنون برأس وهاج من معاملة أمه لضرار .. وقال بصدمة : لا تجننيني بهاليوم وإبعدي عن السفّاح قبل أزهق دمه
ورجع يناظر لضرار وهو يتنفس بشكل عالي .. ويحس إن حالته العصبية بدأت تحضره بشكل سيء جداً : وأنت أخرج من هالبيت .. إبتعد عن ريحة الموادع الي مازالت تفيض من هالبيت .. فارق لأبعد نقطة عننا قبل أنهيك يا ضرار .. ووالله إن عندي إستطاعة !
ضرار ناظره بهدوء وهو يعطيه كامل الحق على تصرفه ثم هز رأسه بطيب وتقدم وهو يبُوس رأس حليمة .. وألتفت وهو يخطي أول خطوة لورى وكأنه بيخرج بس وقف مكانه بضيق .. ومن كان بيخطي خطوته الثانية سمع صوت حليمة اللي قالت به : ضرار يا ولِدي .. أنت محلك جنبنا
لا يضيق لك خاطر .. وتعال أشرب القهوة معنا
ألتفت بسرعة لها ووهّاج وسّع حدقات عيونه بصدمة منها .. وكأنه ينطق للهواء .. وكأنه يقول كل هالحكي عبّث .. كان بيتكلم بس قاطع عليه  تقدم أمه له .. ووقوفها الشامخ قدام عيونه وهي تناظره بهدوء .. بينما عواصف كثيفة نشرتها من ثغرها : تدري يا وهّاج .. من جيت وأنت تناظر للباب وكأنك منت برجال هالبيت .. من جيّت وأنت تبي تهرب من عندنا .. خطواتك تعودت على الرحيل
وعقلك وقلبك يبغون الوحدة .. ماعادهم بحاجة أهل
بينما إحنا نحتاج رجال يبقى معنا .. يدارينا
نحتاج شخص مثل ضرار ، لامّن الظروف حدته يتركنا تزعزع خطواته بقهر من فكرة موادعنا
آرتخت حواجبه وسكنت جوارحه بعدم إستيعاب لكلام أمه ، بينما مازال غاضب من حضور ضِرار فنطق بتشديّد وهو يدعي اللامبالاة من كلام أمه : إبّن القاتل مارح يبقى لحظة وحدة داخل أسوار هالبيت ، يخرج بسلامته قبل أحمله رقبته بين كفينه
لما لاحظ هدوء أمه وعدم إهتمامها لجأ لكلامه الثاني وقال : يا وهّاج.. يا إبن سطّام يمة !
ولكنه رمش بصدمة .. وذهول وهو يرجع خطوة لورى لرد أمه اللي مافكرت فيه وهي تأشر على الباب : إرجع للمكان اللي جيّت منه .. أنا مو بحاجة لك .. ولا تحط نفسك مع ضرار بنفس الكفة !
ضاق تنفسه وهو يحس بغشاوة صلبة على عيونه
رفع كفه يتحسس .. لو كانت عيونه وأخيراً سربّت دموعه من شدة قسوة رد أمه .. ولكن ماكان إلا ضيق وإرتفاع بمعدل الهم بقلبه .. بلع ريقه بصعوبة وهو يحاول ما يناظر بعيون ضِرار لأجل ما يلاقي الشماتة بعيونه .. ما يدري ليه حكت هالحكي اللي زلزل كيانه .. ولا يدري ليه هو بنظرها مجرد دخِيل .. للحظة حس بأنه مو ولدها ولا من صلبها
وهالإحساس لازمه دائماً من كان جنبها .. ولكن هالمرة بشكل كثيْف .. بشكل مُجحف وموجع .. كلماتها ماكانت إلا السكين اللي تصوب على الجرح وزاده مرارة ووجع .. حاول يلملم شتاته .. وينطق بإستفسار لأجل هالمرة عالأقل يروي فضول وجعه : إبن القاتل الغريب يرجح عليّ يايمة ؟ كنت أحسب إني ما أهون
ردود حليمة كانت جاهزة .. وكإنها تترقب حضوره من سنين طويلة .. وكأنها كل ليلة تقرأ هالسيناريو لدرجة إنها حفظته عن ظهر قلب .. جرحها مازال طري من غيابه وتركه لهم وحيدين في عتمة الليالي .. من غيابّه الي خلف عقبه فقر شديد .. بينما لو حضر كان تغيّر الحال فيهم ... أنانيته مازالت تنهش ضلوعهم وتأكل من أفراحهم : أحنا هنّا عليك .. ليه أنت ما تهون؟ أنت أخترت تبعد وتتركنا دونك .. أنت تركت أم مكسورة وأخ يعاني من أوجاعه .. تركت أب وأخت مكسييّن بالدم بدال اللبّس ! أنت أناني وغدّار والدنيا خانتني بولد مثلك ، وولد القاتل خذى محلك يا وهاج ، دارانا تحمل همومنا
نزلت دموعها بحرقة وهي تقترب أكثر منه : من تحسب صرف علينا ؟ من تولى بواجبنا ؟
من تردد للمستشفيات ليل ونهار عشاننا وصحى من عز نومه لأجلنا وترك شغله وإلتزاماته عشان يكون معنا ؟ كيف أكلنا ؟ كيف نمنا من شدة البكاء ؟
كيف وصلنا للمواصيل هذي دونك ؟
رفعت كفوفها وهي تقربها من عيون وهّاج .. وأشرت عليها بعيونها وهي تشهق بصعوبة : كيف عشنا بالوجع هذا بدونك ؟ وكيف تحملناه وأنت بعيد ؟
نزل عيونه وناظر لأصابع أمه اللي موجوعة بقوة .. وآثار الإبرة تخترق كل أصابعها بكثرة
أردفت بصعوبة وهي تقول : أكلنا الهم .. وشربنا الضيق قبل يكون من كأس الدنيا .. شربناه من كأس ولد سلطان .. بكيَنا الأموات يا وهاج .. وخليتنا نبكيك وأنتي حيي .. والحين علمني وش أبي واحد راح ونسانا عايفنا ويدور له مهرب مننا ؟ وش نبي واحد تاركنا للوعات الزمان ؟ واحد بلانا بالقطاعة وابتلانا ؟ ما يحق لك تفرض حكيك علينا .. أنت من صلبي وخنتني .. واللي تسميه غريب صانّي من جور الأيام
نورك ماعاد يشملنا يا وهاج .. أنت منت إلا سود الليالي مثل ما أنقال ..
كان يحاول يتدارك نفسه وما يخر على الأرض من شدة الوجع اللي أشتد عليه .. عشرات السنين مرت ولا سمع هالكلمة من ثغر أمه .. ولكن من نطقتها ضاق الكون على ضيقه ! كان يحاول يلمس التكذيب بكلامها .. وبأن هالكلام ماكان إلا بسبب بعده عنهم وتعاتبه لأنها موجوعة من بعده .. ولكنه لمح الجديّة بعيونها .. وكأنه فعلاً ماعاد تبيه .. بعده عنهم بأشد الليالي عتمة وأكثر الليالي اللي كان يحتاجون فيها نوره .. كانت ضريبته هالجروح
زادت حدة تنفسه وهو يشوفها تمشي متجاهلته وهي تمسح دمُوعها بعشوائية شديدة وتناظر لضِرار بحنية : ضرار يا ولدي .. تعال للقهوة وأنا أمك
تردد ضرار للحظة .. ولكنه عزم ومشى وهو يلحقها بينما وهَاج مازال واقف بمكانه .. أبتلأ بناس يتفننون بوجعه .. بناس يجهلونه ، يجهلون إنه كان يموت باليوم عشرات المرات !
كان يحاول يبلع ريقه ولكن من شدة غصته ماقدر .. دائماً تخونه وتجتمع بشكل مهلك بحنجرته .. كان بيدعي على عيونه .. لو لها القدرة على تسريب الوجع منها لأجل تكون له الطاقة الكافية لتحريك رجله والهروب من هالمكان قبل ينهار قدامهم .. ولكنها كالعادة تخونه !
مرت لحظات معدودة وهو قابض على كفوفه بكل شدة .. وبدأ يخطو خطواته المكسورة من هالبيت
آخر خطاويه كانت هروب من الوجع .. والحين خطاويه هروب من الكسّر
أبتعد أمتار قليلة عن البيت وهو يستند على أقرب جدار قدر يوقف جنبه .. وأنحنى على ركبته وهو يتنفس بصعوبة شديدة .. غمض عيونه بتعب وهو يحاول يترجم مواجعه هاللحظة ولكنه ماقدر .. صعبة عليه ، كلام أمه كان مثل الخنجر اللي مستحيل ينزاح من قلبه ، كانت دائماً تلتزم الصمت معه ، ماكانت حنونة ولكنها ماكانت على هالقدر من القسى !
جلس وهو يستند برأسه على ركبه ويهز نفسه بضيق ، يحاول يهرب من وجع قلبه لأجل ما يتصاعد هالوجع وينخر بمخه ويتركه يصارع الموت من جديد .. مازال يتنفس بصوت عالي ، مازال يسمع صوت أنين قلبه ، كثيرة حيل هالهموم ، كان يهدّ حيل جبال ولا ينهد له حيل حتى بإنكساراته
بينما الحين ماعاد له القدرة حتى يرفع رأسه لأجل يتأمل وجعه ضحك بسخرية وهو يرفع رأسه وناظر للسماء بإستهزاء على حاله " الوضع يبكيّ ولكن وهاج يضحك .. الكسر بظهري والوجع بقلبي والضحكة على وجهي .. يييااااارب "
ماعاد له حيل يختار ردة الفعل الصحيحة لوجعه .. فكانت ضحكاته تتعالى بسخرية على حاله " تغربلت حيل ، الكل يأخذ من إسمه نصيب .. ولكني والله ما شفت النور بحياتي أبد .. أنا بالعتمة أنا أنتمي للقلب اللي لبسّني إياه سلطان .. أنا ظلمة ووبقى ظلمة "
توشح بوشاح ماهو من شيمه ، تلحف بالشتات وأختار الإنهيار على المنازعة .. كان يتمنى لو يقدر ينفض صدره مثل ما ينفض لحافه ، أو يكون له القدرة على يخلع عالشعور مثل ما يخلع ثوبه .. ولكنه عاجز .. عاجز تماماً عن الشعور والإلتقاء بنقطة قوته .. كان دائماً يلمس نقاط الضعف  ودائماً يلقى الوجع بتفاصيله
عقد حواجبه وألتفت بإستنكار لصوت الصراخ العالي .. ولكنه صوته يفقهه حيل .. ومازال يعرفه حتى رغم بعده كان يركز بنظره على الشخص الي أستقر قدام كايّد وهو يرمي على وجهه الأوراق بعصبية لدرجة إن حدة الورقة خدشت وجهه كابد وصد بضيق لما بدأ يطلق صراخه العالي عليه : دائماً مفشلنا الله ياخذك يا غبي .. أنت متى بيكون عندك عقل عشان تفكر فيه ؟ متى بتستخدمه بالطريقة الصحيحة ؟ متى بتحس على عمرك وتفكر زين ، مامليت من نفسك وأنت غبي وما تفهم ؟ ماعندك كرامة لأجل تحس وترفع من نفسك ؟ ما يكفيك التهزيء دائماً قدام الطلاب ؟ ماباقي مكان فيك ما كسرته ماودك تتوب
قرب وهو يناظره بقرف وهو يقول : تحب الإهانة يا كايد ؟
كايد رفع عيونه الذابلة واللي يحاول بشدة يكتم دموعه فيها وتنحنح وهو وده يقول " ليلة الإختبار سهرت لأن غصن مريضة" ولكن وقاص بتر عذره قبل يبداه وقال : أعذارك ما تهمني.. وإسمك يومنّه ينتهي بآل سهيل وجب عليك تكون كفو مهب رخمة
لاحظ كايد اللي تسلل من بين الظلام وكان يتقدم صوبهم بنظرات حارة ..ووجهه مظلم من شدة العصبية ولكنه رفع كفه بدون ما ينتبه وقاص ، وأشر له بمعنى " لا تتدخل ، خلك بعيد"
ناظره وهاج بصدمة من ردة فعله ووقف بمكانه وهو يسمع إرداف وقاص : تدري إنك الوحيد اللي أصحح ورقة إختباره بتدقيق لأجل ألقى لك خطأ وأستمتع بكسرك .. والوحيد اللي أجي لين عتبة بيته لأجل أهمشه وأهينه .. لأنكم داائمااا ياعيال عمي تحبون الإهانة لنفسكم وتدورون لشخص يستصغركم .. وأنا لكم .. أنا اللي بهينكم بكل فرصة .. مارح أترك هالفرصة للغريب أنا أولى بوجعكم
كايد ناظره بهدوء وقال : ان شاء الله الإختبار الجاي أجيب الدرجة اللي ترضيك إستاذ وقاص .. والحين إسمح لي عندنا ضيوف ببيتنا ماودي أتركهم لحالهم
مشى عنه ووقاص ضحك بعدم إهتمام .. وقال بإستصغار : مارح يكون لهم نصيب من الحياة أبداً
ألتفت وكان بيمشي لولا الضربة اللي أخترقت أمله بكل شراسة لدرجة إنه غمض عيونه بصدمة ووجع وهو ينحني ويثبت يدينه على وجهه .. بعد لحظات فتحها تدريجياً وناظر للشخص الي واقف قدامه وهو عاقد حواجبه بصدمة : سود الليالي !
وهّاج كان ثابت بمكانه .. ولكن ثباته زعزع الأمان بقلب وقاص اللي تنحنح ووقف وهو يحاول يدعيّ القوة .. كانت نظرات وهاج مُربكة بشكل فضيع
عشان كذا ماكان عنده القدرة يناظر بعيونه .. بل ركز نظراته على الجُرح العميق اللي بجبهته .. أبتسم بسخرية وتلى الإبتسامة ضحكة ساخِرة نابعة من جوفه قال بعدها : تغيّر بك الحال ، وصرت من القاع لأسفل السافلِين ، وجهك معاده بوجهك ، وإسمك منسِي ولقبك حاضر .. ولكن بصمتي عليك مازالت واضحة وضوح الشمس للملأ .. رافقتك علامتي سنين من دوني يا سود الليالي !
ناظره ببرود .. وهو يرجع يضربه ببطنه بكل قوته ويناظره بنفس النظرة : من أنت لأجل تحكي عن كايد بالطريقة ذي ؟
أستقام بوجع وهو يضحك ويقول : أنا وقاص .. أنا شخص أتكلم بلساني وأفهم مية عقل غبي مثلك ومثل أخوك .. بينما أنت رجعيّ فارغ عقل وغبي يستخدم يده عشان يدافع عن نفسه
وهاج كان يناظره وهو مستغرب من نفسه .. كيف قادر باللحظة ذي يكظم غيظه بالشكل الكبير هذا ؟ كيف للآن ما قتله ؟ هذا أول لقاء لهم بعدما قتل أبوهم أخته .. كيف ما تعلق برقبته للحين وخنّقه ؟ وليه مازال يناظره بكل هالهدوء .. نطق ببرود وهو يدخل يدينه بجيبه : إبـن القاتل .. له وجه يحكي ؟
كتف وقاص يدينه بضحكة .. وهو يقول : خبرك قديم يا سود الليالي .. أنا إبن قاتل ولكني أعلى شأن منك ..

أردف بسُخرية : أنا صرت فوق لمكان ما يطوله شخص مثلك ، أنا وأنا إبن قاتل حظيت بحياة أنت تشوفها بأحلامك بس ، بينما أنت يالضحيّة كنت سود الليالي ولك بعض من الشأن من قبل واللي كنت تطوله بيدينك .. بينما الحين أنت نكرة وشخص ردي وتافة وغدّار تارك دم أهله وهارب .. أنت شخص محذوف من قاموس الحياة ، شخص بيبقى ناقص طول عُمره ! صدقني لو بتحرث الأرض بيدينك ورجلينك بتبقى على حالك .. ردي وناقص ونكرة .. وبذكرك !
قال كلامه وسارع بخطواته وهو يترك المكان .. بسبب نظرات وهاج اللي أربكته
بينما وهّاج كان واقف بمكانه .. ويناظر للمكان بهدوء !!


دُجى كانت تِمسّح بهدوء على وبر كاندي .. وتفكر بسرحان بينما مرت من جنبها خيَال وهي تضرب رقبتها بدفاشة : وش تسوين ؟
ناظرتها بعصبية وقالت : كسر الله يكسر يدك يا غبية
شهقت خيال وناظرت لأختها معاني بصدمة : معاني .. تسمعين بنت أخوك وش تقول لعمتها ؟ بالله عليك هالبنت متى بتتعلم الإحترام ؟
ناظرتها بطرف عينها وقالت : عمة بعينك .. وبعدين لا يكثر هرجك ترى ما بيني وبينك إلا شهرين بس ! يعني لا بيننا إحترام ولا هم يحزنون
خيال : أكبر منك بيوم .. أعلم منك بسنة .. وأنتي عاد إحسبي كم يوم أنا أكبر منك فيه .. وبعدين ترى لسانك صار طويل تبغـ...
أشرت لها بلامبالاة وهي تقول : قومي قومي بس اقري رواياتك وحرِريّنا من كثر هرجك
ناظرتها بطرف عينها ووقفت وهي تناظر معاني : وأنتي بتبقين ساكتة عن قلة أدبها ؟
معاني ماردت .. وعيونها على شنطتها .. تفرغ ملابسها منها بهدوء
تأفتت خيال بعصبية ومشت وهي تقول : أروح لعالمي الخيالي .. بدال عالمكم الخايس هذا واللي كله ضيق وهم
مشت عنهم ودُجى ناظرتها بلامبالاة وهي توقف وتطلع من الغرفة .. وعلى طول خرجت لحوشهم
ألقت نظرة سريعة للمكان وهي تتفحصه وهزت رأسها بعشوائية وعدم إعجاب للمكان ولكنها سرعان ما ألتفت بسرعة وهي تسمع حركة غريبة بالجهة الخلفية للبيّت .. تركت كاندي بالأرض وهي تأشر لها تسكت ومشت بخطوات هادية وهي تترقب الشيء اللي بتشوفه .. شهقت بصدمة وتقدمت بخطوات مهزوزة وهي تقترب من لافِي وتسحب الدخان من يده بكل شراسة
رمتها على الأرض بقوة ودعست عليها وهي تحس إن يدها تِرتجف قالت بعصبية : لجئت للسم يا لافِي وأنت باقي بالصغر هذا ؟
لافِي وقف بهدوء .. وناظرها ببرود وكان بيمشي
بس أستوقفته يدينها اللي ألتفت حول ذراعه وتقترب منه والدمُوع تفيّض بعيونها : لمتى بتبقى كذا ؟ ماودك ترجع للحياة ؟ أشتقت للافي اللي يضحك ويمزح .. لافي اللي يهاوش حتى الذبانة اللي تطير على رأسه ..
أردفت بنبّرة مُلتهبة من شِدة الوجع :
لمتى بتبقى أسير للحزن هذا ؟ ماكفاك سنين كثيرة ؟ جسدك معنا وعقلك بعييد حيل عننا ؟ كلنا موجوعين .. كلنا نعاني بس لازم نستمر بالحياة ولارح نموت من الحزن يالافي .. والله بنموت
مسك كفها بهدوء وأبعدها عن ذراعه وناظرها : أنا ما أحتاج أسمع هالحكي .. هالحكي ينقال لك
أنتي الي تعانين .. أنتي اللي تتوجعين ووجعك يظهر بكل تصرف تتصرفينه .. أنا بخير يا دُجى ولكن أنتي لا
مشى بخطواته الباردة وهو يتخطى معاني اللي واقفة وتناظرهم ورجع يدخل البيت وهي بقت ثابتة بمكانها .. بلعت ريقها بصعوبة من كلامه اللي وعاها بكل شراسة من عالمها الوهمي اللي تدعيّ فيه القوة .. كانت تظن نفسها ثابببتة والفقد مو شيء بتقدر تتخلى عن حياتها عشانه .. لأنها بتضطر تستمر بحياتها بشكل من الأشكال .. بينما هي كانت تعاني .. تعااااني بششدة ولكن ما أنتبهت لنفسها
جلست بمكان لافي وهي تغطي وجهها بضيق .. وتنهدت وهي تحاول تتناسى كلامه
بينما معاني زفرت بصعوبة وهي تتأملها بوجع ، حالهم تغيّر وتبدل بشكل مُفجع وخطيير ، شخصياتهم أنقلبت بشكل مريب بعد الفقد اللي عاشُوه .. دُجى الشخص الهادي البسيط واللي تسمع الكلام من أول كلمة .. وأقصى حكيها سمي وأبشري صارت سليطة لسان وعصبية ومستحيل تعديّ كلمة أو تمرر موقف مرور كِرام !
بينما لافي اللي كان يشب النار مع أي أحد يناقشه ويسمع صوت صراخه بكل مرة ما يعجبه شيء .. صار إنطوائي وهادي وما ينسمع له حس ، عازل نفسه كلياً عن الناس .. تغيرهم كان من شدة الوجع لأن كل شخص منهم كان يعبر عن حزنه بالشكل اللي يناسبه ، سمعت صوت خطوات فهد وألتفت بسرعة وهي تناظره .. وقف جنبها وناظر لدُجى اللي باقي على حالها وتنهد بضيق
بينما معاني قالت : مازالو عيالك ينعصفون بوجع من كل كلمة يا فهد .. مرت سنين وهم على نفس العهد .. ويزيدون بقوة بشراستهم وهدوءهم .. الحلول مافادت .. وش بتسوي معهم ؟ وش خطتك يوم أقبلت للمكان هذا وغيرت نظامهم للمرة الثانية وأنت تعرف وجهة نظرهم الحادة بالموضوع هذا
لف بنظره لمعاني بعدما تنحنح وحاول يخفي إرتباكه من نيتهم بجيتهم لِهنا .. وقال بهدوء : هالمكان بيطبطب على جروحهم اللي ما قدرنا نلمسها .. هالمكان بيغيرّهم غصب عنهم ! دامهم رافضين نساعدهم خليهم يخرجون من قوقعة الحزن هذي بنفسهم
معاني قالت بعدما لمست الإرتباك بنظراته : وليه هالحي بالذات ؟ ليه هالمنطقة من بد كل المناطق !
صد بنظراته عنها بتوتر .. ومشى وهو يقول : مافيه شيء مميز يا معاني .. لا تقرين كتاب مافي سطوره حكي !
تنهدت بضيق وهي تكتف يدينها .. ومشت وراه وهي تمنى عالأقل تعرف وش مكنون نية فهد !


" أنت نكرة وبأسفل السافلين "
" الدنيا خانتني بولد مثلك " " ماعاد نورك يشملنا"
" خلك بعيد " " خسارة بشحاذ مثلك ريال واحد "
بدأ الكلام يتردد برأسه بشكل مهلك ، وصدى كلماتهم تقرع طبولها بحنكة بوسط عقله ، هالتقليل اللي يصير بحقه كبير على شخصية مثل شخصيته ، كان يتأمل كلماتهم ويفردها بعقله حرف حرف والأهم جملة غصن اللي مازالت باقية بين حنايا عقله " صرت أشبهك " خيّم السكون على كل خلاياه وهو يتأمل حاله وبعد دقائق طويييلة صارع فيها نفسه ، أقام حرب كارثية بين عقله وقلبه قال بكل صرامة : مستحيل تخليّها تشبه شخص مُعتم مثلك .. لازم تِتشرب النور لأجل تلِيق بشخص مثلها .. لازم تتغير يا وهّاج عشانك وعشانها !
ماكان موقف .. ولا كلمة .. ولاجملة وحدة
كانت تراكمات كبيرة كثيفة على قلب عانى كثير .. على قلب تجرع المُر لسنين طوِيلة
كلام أمه كان يكفي ويوفيّ يصحيه من غيبوبة إستمرت لسنين طويلة .. مازال صدى صوتها يرِن بمخه بشكل مُفجع .. فكيف بمن يستهزأ به ؟ فكيف بيكون بعد موقف وقاص مع أخوه ؟ أشتعلت النيّران بصدره لدرجة إنه رفع يده وفتح أزارير ثوبه وهو يحاول يتنفس بشكل كبير لأجل تخمد النار اللي بجوفه
تغرب من نفسه سِت سنين .. مرت حياته بلا جدوى قدام عيونه بدون ما يقدم فيها خطوة وحدة للأفضل .. كان كلام وقاص فعلاً صحيح ، مازال نكِرة
مازال بنقطة صفر من بداية حياته .. وش قدم لأجل يجادِل عشانه ؟
مسح على وجهه وهو يحس إن صدره بدأ ينقبض بوجع لما بدأ يستوعب خطه الفادِح في حق نفسه قبل ما يكون بحق أهله .. خمس سنين ذاقو العذاب بدونه ؟
شدّ على رأسه بعصبية وهو يغمض عيونه بقوة " ويييينك عنهم يا وهاج .. وينك عنهم يالأناني !
ماكانت أختك لحالك .. ماكان الهم يزورك لوحدك .. كانوا يعانُون ضعف معاناتك .. وتركتهم للهم
تِستاهل الغربة اللي تتغربها حتى وأنت بينهم .. تِستاهل الوجع يومنّك رضيت بعذابهم وتركهم للغريب "
بدأ يلتفت وهو يناظر لِسيارته .. مشى وجلس فيها وهو يحاول يلملم فُتات أفكاره الضايعة
يحاول يلملم شتات روحه .. لأجل يكون وهّاج
لأجل يكون الفيّ لأهل عاشو بالظلال كثير !



يوم جِديد ..
رفع رأسه من على الدريسكون وهو يطبطب على عيونه بخفة لعله يخف وجعها .. طول الليل ما زار جفونه النوم .. يحاول يبحث عن طريقة يرمِم بها حُطام أمتد لسنين طويييلة
فتح باب السيّارة ونزل وهو يناظر لسوق الحيّ المعروف .. للِدكاكين اللي تقابل بعض .. بدأ يتلفت وهو يتذكر كل ذِكرياته هنا .. أبتسم بسخرية وهو يقول : كل ذِكرياتي بالمكان هذا مليانة هم .. الله يبيحك يا يبة كأنك خذيت مني هالوهج اللي سميتني به !
دخل يدينه بجيبه وهو يمشي بخطوات هادِية وعلى طول خطر بباله " العم عُمر " سارع خطواته وهو مليان وله للرجل اللي شاطره أغلب همومه .. وأنقضت طُفولته تحت جناحه .. ما يعرف كيف مرت هالسنين بدون يسأل عليه .. فوق الندم زاد الضعف .. كونه أبتلأ بالقطاعة مع ناس ما يستاهلون هالإبتلاء
وقف قدام الدُكان وهو عاقِد حواجبه بإستنكار .. مرت لحظة وهو يحاول يستوعب اللي يشوفه
أقترب بعصبية وهو يمسَك أطراف السِلم ويهزه
بكل قوته لدرجة إن اللي يعلو درجاته ألتفت بذهول
للشخص اللي ناوي يرميه بدون ما يكون عنده سبب .. ما تكلم وبقى يناظره بإستنكار وهو يحاول يلاقي له سبب على فعلته ولكن !
وهاج اللي كانت عيونه تنطق ضيق لأن هالشخص كان يتعدى على ذكريات طفولته .. ماكان باقي إلا هالدُكان .. ليه ناوي يأخذه منه ؟ ليه ناوي ينزل واجهة تحمل إسم الدكان اللي أستقر تحتها لسنين طويلة !
نطق بعصبية وهو يقول : من أنت ؟ ليه تنزل واجهة دكان عمر ؟
تنحنح للحظات وهو يعدل عُصبة رأسه وقال : رجل الكهف يطل علينا ؟ كم لبثّت لأجل توصل عندنا؟
قطبّ حواجبه بعدم إعجاب من إجابته وقال بعدم إهتمام : لا تسلك درب ما سألتك عنه .. ولا لك باب فيه لأجل تدق عليه .. علمني ليه تنزل هالواجهة !
نزل بهدوء وهو ينفض ثوبه الأبيض ويوقف قدامه : هالمحل صار بإسمي ولي !
آرتخى حاجبه وتنحنح وهو يبعد يدينه عن السِلم
ويحاول يستوعب الوضع .. هالمحل صار له أكثر من ثلاثِين سنة بالمكان هذا .. ليه الحين بينهجر حس العم عمر عنه ؟
وقبل ما يستوعب ويرتب أفكاره أردف وهو يقول : ولو تسأل عن صاحبه القديم .. فللأسف توفى قبل عاميّن .. وولده اللي باعني هالمحل قبل شهرين !
رفع كفه وهو يمسح رقبته من ورى وكأنه يحس بأن عروقه تنبض من خلفه بشكل كارِثي .. مـتى ! كيف ! مية سؤال يحاول يستوعبها ولكن ماقدر .. كان بيروح لبيته .. يعزي فيها ولو بعد سنين
هذي أبسط حقوق العشرة بينهم .. هو أخلفها وخانها ببعده
ولكن قبل يتحرك رد عليه بهدوء : أهله تركو هالبلد بعدما نقلو الملكية لي
رجع يلتفت له وهو عاقِد حواجبه وهو رفع كتوفه بعدم معرفة .. ورجع يدخل المحل
بينما وهّاج مسح على وجههه وهو يتنهد تنهيدة عمييييقة ولكن كالعادة تبقى هالتنهيدة مع بقيّة خواتها لتكبر الغصة .. أكبر وأكبر !
جلس قدام محل أبو الدكتورة وهو يحاول يتذكر أيامه مع عمر قدام هالعتبة .. وأبتسم بضيق وهو يتمتم بالدعاء الكثِيف للشخص اللي تحمله أيام وليالي طويلة : سامحني يا عم عمر .. عيوني ما بِكتك .. ولا فاض الدمع بخبر وفاتك اللي قِلتني .. ولكن يشهد الله قلبي الي ينتحب ويبكي !
غمض عيونه للحظات وهو عازِم النيَة .. إن ورى هالرماد اللي أحاط فيه بينبني بشكل يذهلهم كلهم
من ليلة أمس يفكر شلون يشيّد نفسه بنفسه .. ويحاول يحسب حساب الخطوة الصح لحركته .. ورغم الجرح اللي يطغى على الجرح وقف بحزم وهو يقول : أنا ماني بمنطفِي .. أنا جمر كنت أحتاج عاصفة لأجل أحرق ظنونكم
وقف وهو عاقد النيَة إنه يتغير تماماً .. وكل الي يردده ببالي " يكفي السنين اللي مرت .. يكفي اللي فات يا وهَاج "
مشى بهدوء وهو يحاول يتِذكر مكان " الحلاق " اللي كان يزوره من قبِل .. لأن أول تغيير مفروض يقدم عليه .. هو حلق كل هالشعر اللي يفيض من كل جهة بوجهه فيه .. لأنه موقن إن كل شعرة عبارة عن " دمعة ، عبّرة ، شهقة ، غصة " تحملها لسنين طويلة .. ووجَب عليه يتخلص منها لأجل يقوى !
وقف قدام محل الحلاق وهو يدخل ، وجلس بمكان الإنتظار لما لمح الرجل اللي بكرسي الحلاقة
كتف يديّنه وهو يناظر بعدم إعجاب لما طول .. يكره الإنتظار ويسبّب له توتر .. فوقف وهو يناظر بعصبية : ماودك تخلص علينا ؟ ترى ماعنده إلا كم شعرة لو حلقها له بزر بمقص خلصها.. وأنت لك يوم عليها
ماوصله رد وعصب أكثر وكان بيهاوش ولكنه ألتفت بسرعة للصوت المعروف اللي داهمّه : وهااج !
عقد حواجبه بإستنكار .. وإستغراب شديد
لوجود هالشخص بعد مرور هالفترة كلها .. بوسط ديرته .. والأهم بوسط حيّه : فهد !!
أبتسم له بشوق وقرب وهو يحضنه بينما وهاج كان ثابِت بمكانه ويحاول يفهم الوضع .. أبتعد فهد وهو يضحك بخفوت : ماعليك تراني ما ألاحقك تطمن .. الموضوع كله صدفة بصدفة
وهاج اللي أستنكر معرفة فهد له رغم تغيره الشديد كان بيتكلم بس أردف فهد : وعرفتك من صوتك .. للحين تهاوش ذبان وجهك ؟
مازال مقطَب حواجبه وفهد أبتسم وقال : حق الجيّرة عليك تبتسم لضيفك يا وهاج .. إفردها يا ولدي
تنحنح وهو يعتدل بوقفته وقال : حيَاك وأعذرني .. ولكن علمني كيف جيت هنا ؟؟ ووينك أختفيت
رجعت بعد ثلاثة أشهر ومالقيتك بمحلك
أبتسم بهدوء وهز رأسه وقال : توفت زوجتي ب الفترة الي جيت فيها .. وأضطريت أنقل لمنطقة ثانية لأجل عيالي يا وهّاج لا يلحقهم الهم بسبب ذكرياتهم معها
تنهد بضيق وهز رأسه وناظر للي وقف وهو ينفض الشعر من على ثوبه .. وقف قدام فهد للحظات وناظر لوهاج ببرود وأشر لأبوه إنه بينتظره برى وهو يمشي بخطوات هادية
بينما وهاج ناظره بصدمة وذهول .. معقولة ؟ هذا لافي اللي كان يدور له زلة لأجل يتلاسن معه .. ويحسب عليه كل حرف عشان يتهاوش معه؟؟؟
زفر فهد بضيق وقال : تشوف ؟ معاده بلافي اللي تعرفه !
وهاج هز رأسه بضيق .. هو بنفسه يعرف الفقد وش يسوي .. يعني بيلوم لافي ؟ : والحين وش بتسوي ؟
فهد رفع كتوفه بعدم معرفة وقال : للحين أحاول أخطي خطوة صح بتساعِدهم .. اليوم بروح أشوف مدرسة هالحي .. وأول خطاوييّ أعودهم عليه
ناظره وهاج بهُدوء وهز رأسه بطيّب بينما فهد أستأذن
ووهاج مشى وهو يجلس على الكرسي .. ويدينه تحت ذقنه ويناظر لوجهه بهدوء !


دُجى اللي كان تهز رِجلينها بتوتر .. وتناظر للحوش بعدم إعجاب .. وصوت تنفسُها كان يكفي أصلاً ليوضح كمية ضيقتها
ألتفت لخيّال اللي جلست جنبها وبيدها كتابها
ناظرتها بعدم إهتمام وهي تسمع خيال تقول : دجى .. تراك صرتي تقهرين بشكل ؟ ليه تعصبين على أخوي ؟ ليه تكسّينه هم فوق همه ؟ ما يكفي إنه تارك حياته ويركض ورى همومك .. يركض لأجل تكونون بخير !
دجى قالت بحدة : أحد وكلك محامي له ؟ بعدين من ضربه على يده وقال يركض وراناا ؟ خيال لا تطلعيني من طوري .. ترى من ألمحك تجلسين جنبي يزورني ميّة جني !
بعدين أخوك هو اللي جنى على حاله .. ليه يتعبنا وليه يحملنا هم ركضه ورانا ؟ ليه يعودنا على شيء وينتزعه مننا ؟؟ إحنا مو أتباعه لأجل يعودنا على مكان ومتى ما زانت له قال مشينا .. وحنا لنا حيرة
لنا خيارات نعيشها !!
خيَال كشرت وقالت : بسم الله .. على طول جوابك الهمجي جاهز
ناظرتها بعصبية وقالت : إلتفتي لعمرك تراك تغثين الواحد .. بعدين ما بقى إلا أبوي يركض ورانا
خليه يركض مضايق عليك بشيء ؟ عندنا لك شيء ؟
خيال عصبت من كلامها ووقفت وهي تتكتف : إيوة .. لأنه مو لك أب وبس .. تراه أخوي
ضحكت وهي تقول : ندري .. لو هو أبوك كان حكم عليك بأشياء وفرض عليك رغباته غصب عنك .. مثلاً على وزنك اللي تعدى حجم الباب .. وعلى وظيفتك المهمشة مثلك والي فرضتوها علي بعد ! تارك لك حرية الإختيار لأنك مو بنته .. ولكن صدقيني كل شيء بيصير نفس ما أبي من هاللحظة .. لا أنتي ولا هو ولا شخص ثالث معكم برضى يتدخل ولو بوزن حرف واحد بحياتي !!!

نطقت بآخر كلامها وهي تدخل للبيت ، تارِكة خلفها شخص يحمل بقلبه قلب أشبّه بورقة بالرِقة .. لدرجة جُملها اللي تظنها عابرة عبرت بكل وحشية على هالقلب وحمّلته ضيق مو قليل
جلست بمكانها وهي تجمع كفوفها حول الكتاب وتقربه لصدرها وهي تضغط عليه بهدوء .. وتحاول تكتم دموعها الللي تجمعت بمحاجِر عيونها !


وبينما حسّب حساب الخطوة الأولى وتِداركها
وقف على أعتاب مبنى بعيد عدة أمتار عن دكاكِين الحي .. ولكنه بمكان ممتاز !
كتّف يدينه وهو يدعِي بأن كل الأمر يمضي بتسيير .. وإن كل الخطة اللي فكر فيها تمشي بسلاسة ولا يتعب كِثير !
صار يتلفت بأنظاره وهو يحاول يلاقي الشخص اللي يبحث عنه .. واللي دلوه عليَه
من لقاه يطلع من المبنى .. تقدم بخطوات مستعجلة وهو يوقف قدامه وبنفس اللحظة وقفت قريب منهم .. بنت متحلفة بالسواد من كل جهاتها وتناظره بإستنكار
عقد حواجبه وهو يكتف يدينه وصاحب المبنى ناظرهم بنفس النظرة وهو يحك جبهته بإستغراب
وقبل ما يتكلم وهّاج نطقت قبله وهي تقول : السلام عليكم .. صاحب المبنى ؟
هز رأسه بإيجاب : تفضلي أختي .. كيف أقدر أخدمك ؟
كملت دُجى بفرحة بأنها لقته على طول وقالت : مكتوب عليه للإيجار .. قبل لحظات كنت بدق على صاحبه .. بس الحمد لله لقيتك .. كيف نكمل إجراءات العقد؟
وهاج اللي يناظرها بسخرية ومازال مكتف يدينه قال : أظن إن مكانك خطأ .. وتمشين على درب خطأ .. وأظنك بنفس الوقت عمياء ما تشوفيني قدامك ؟
ناظرته بطرف عِينها وقالت : ظنونك تمشي عليك بس .. تقدر تنصرف لأن هالمبنى بيصير لي
أبتسم بإستهزاء ومارد عليَها ورجع يكلم صاحب المبنى : علمني وش المطلوب لأجل يصير هالمبنى لي ؟
وقبل ما يتكلم صاحب المبنى دُجى عصبِت وقالت : جيته قبلك .. وقصدته قبل يطرأ على بالك .. هالمبنى نقطة بدايتي لا تسرقها من بين كفيني !
وهاج ناظرها بهُدوء .. ووده يقولها إنه يخطي خطوته الأولى نفسها .. وإن هالمبنى بيكون نقطة تحول له هو بعد !
مع ذلك قال بضحكة ساخرة : ما ظنتي اللي باع دنيته وكانت نيته ينتحر له نيّة يخطي خطوة للحياة !
سكتت دُجى بخوف وبلعت ريقها بصدمة من كلامه .. ناظرت فيه لعلها تلاقي توضيح لسبب معرفته للشيء هذا ! ولكن كانت ملامحه متغيرة عليها .. ولكن الجرح باقي نفسه .. وكان الشيء اللي ممّيزه ومخليه ملفت .. وأول ما عرفته عقدت حواجبها بضيق وهي تِتذكر موقفها معه على حافة الجبّل .. قشعريرة جسدها لما كانت بتلقيه من على الحافة وهو ما أهتزت له شعرة .. وكان مستسلم للموت .. لو تحلف إنه باقي بعقلها هالموقف من حصل ما كذبت
كانت خايفة وماتركت ملامسة يدينها لظهره في ذاك اللقاء إلا من ذهولها وخوفها من هالشخص .. خايفة حيييل من فكرة إن شخص ما يهاب الموت واقِف قدامها
مع ذلك .. وكعععااادتها تدّعي القوة وهي تخفي خوفها تحت هالحِصن قالت : وشخص أمنيته كل الليلة إن الموت يزوره وش يسوي قدام مبنى للإيجار !
قطّب حواجبه بإستنكار من كلامها وهي أردفت وقالت : مستحيل أسمح لك تخطي خطوة فوق حلمي .. مكانك مو هِنا
وقبل يتكلم صاحب المبنى قال : رقم جوالي على اللوحة .. اللي يعطي سعر أفضل يأخذ المبنى
تركهم وراح ووهاج عصب ولكنه كتّم غيظه بكل ما أستطاع من قوة .. وقال ببرود : الله بلاني بنقاش مع شخص عقيم تفكير مثلك .. فارقي من قدامي
ناظرته بطرف عينها .. ولاردت عليه إحتراماً لنفسها
وتركت المكان وهي تِرفع جوالها وتتصل بصاحب المبنى متجاهلة وهاج .. وبنفس الوقت قدرت تعطيه السعر اللي يرضيه !

أما وهاج ترك المكان وهو معصب إنه ماقدر يستغل هالنقطة.. وناظر للساعة وكانت ٩ الصبّاح .. وهالوقت كان بصالحه يخلص باقي خطوته قبل ينتهي هاليوم .. على طول توجه للمجمع اللي ضمه بحناياه ١٣ سنة .. كأول شخص بالعائلة يعيّد أول متوسط مرتِين بسبب الضغط اللي تعرض له من أبوه !
دخل المدرسة ويدينه بجيبه .. ويناظر للمكان بهدوء ولكن .. بداخله معركة .. كبيييرة !
لذلك توجه على طول لمكتب المدير .. لقى عمال النظافة يرتبونه فعلى طول غير وجهته لمكتب الوكيل
دخل وهو يسلم وأول ما أستقام قدام الوكيل اللي مازااال هو نفسه من سنين قاحلة عقد حواجبه وهو يوقف ويناظره بنظرة تفحُصية وبلا وعي .. وكما تعودت مسامعهم على هالإسم : سود الليالي ؟
تراكم الضيّق بقلب هالمسكين .. وين ما توجه لوجهه لقاها تضرب وجهه بكل قوة .. وين ما مشى خطوه لقى هاللقلب يتبعه .. وش مناسبة حضوره بوسط مكتب الوكيل ! يبي الغضب اللي يتبع سماع هالإسم يدمر كل شيء بناه !!
تفجَرت العصبِية بكل أنحاء جسده .. لدرجة إنه ملامحه إشتدت ووضح عليها الحِنكة .. نظرة عيونه كانت تكفي وتوفي للتعبير عن شدة خيبته باللحظة هذي .. سِنين قاحلة مرت ، ليه للآن يذكرونه بهاللقلب ؟ وليه بالذات حضر هِنا ! باللحظة اللي قرر يتغير فيها ؟ وبوسط مكتب الوكيل !
الموضوع مُتعب بالنسبة لشخص يدور مكان يستريح فيه .. وبكل مرة يظن نفسه لقى راحته
تضيق عليه كل الجدران لدرجة تخنقه للممات .. لطالما حس إنه إحساس التعب ودمعة الضيق على مخدة .. ولكن وش الخطوة الجايّة بعد هالهم اللي تملكه ؟
يكسر المكتب ؟ ولا يرفع الصوت ؟ ولا يفجر هالعصبية بشكل يهلك اللي قدامه مثل ما تعود ؟
يرجع للنقطة الصفر ويصارع اليأس بعدما لمح بصيص أمل ولو إنه خافت وباهت ؟
يترك كل الأصوات اللي تبكي وراه ويتخطاها دون إهتمام ؟
سحب نفس وهو يحاول يخرجه من صدره .. ولكن كالعادة يبقى عالق بنص صدره .. ولكنه تدارك نفسه قبل ما تثّير قريحته ويوصل لمكان يدمره أكثر من هالدمار ونطق بهدوء .. يخفي تحته براكين غضب وبتشديد كبير : وهاج !
أستقام وهو يرجع يدينه خلف ظهره ويناظره : إسمي وهاج
تنحنح الوكيل ووقف وهو متشائم من حضوره .. لأنه ماكان شخص يذكرونه بالخير بوقت دراسته .. كان شخص مكانه دائماً بالقائمة السوداء لذلك قال : إية إية وهاج آل سهيل .. فيه أحد ينساك ؟
ولكن علمني وش تسوي هنا ؟
سكت للحظات وهو يتأمل نظرات الوكيل .. مع ذلك كمل بعدم إهتمام له : جاييّ أكمل السنة اللي أنحرمت منها !
ضحك الوكيل بسخرية وجلس على طرف الطاولة وقال : الله يصلحك يا وهاج .. هذي نكتة تنقال على الصبّح ؟
لمح الجدية بعيون وهاج وعقد حواجبه وهو يحاول يستوعب كلامه " يرجع يدرس ؟ " هم ماصدقو على الله تنتهي السنة الي ضمت إسمه بأحد ملفاتها
الحين يبي يرجع إسمه ينزرع فيها وببداية سنة !
يعني شهور طويلة تضم في حناياها وجود وهاج بالمدرسة هذي ؟ الفكرة لوحدها كانت مربكة
لدرجة إنه وقف ووضّح عليه التوتر .. وهو يناظره بضيق : للأسف يا وهاج .. كان ودي أفيّدك أو أخليك تكمل هالسنة .. ولكنك جاي متأخر .. هذا وأنت لك ست سنين هاج عن المدرسة .. مستحيل يرضى النظام يرجعك .. لأنه ما يمشي على هواك
قطّب حواجبه بإمتغاض شديد وقال : هذا حق من حقوقي .. من تكون لأجل تسلبه مني ؟
أبتسم وهو يحاول يخفف توتره : محد له حق غيرك .. وأنت اللي سلبته منك ودمرت نفسك بيدينك .. لا تلقي اللوم على أحد غيرك .. للأسف مقدر أفيدك بشيء .. لو لك نية تكمل تعال السنة الجاية .. هالسنة مالك محل
كتم غيظه الشديد وهو يناظره بسخط وهو يحاول يكبح رغبته في تهشيَم وجهه .. هو ناوي يخطي خطوة في الإتجاه الصحيح .. ليه رياحهم تجبره على الرجوع للخطأ ؟
عرف إنه هاللحظة مارح يلقى الحل ، لذلك قرر يترك المكتب ويرجع له مرة ثانية ولكن قبل يروح ألتفت وناظر للوكيل وأبتسم بسخرية وقال : لنا لقاء ثاني .. قريب حيل لأجل نتعرف على الحقوق اللي تنسلب .. واللي تبقى لك لين تموت
خرج من المكتب وأتجه للساحة الخارجية وهو يلقي نظرات سريعة للمكان بلا إهتمام .. ولكنه سرحان ما ألتفت بقوة وهو عاقد حواجبه لإنقبّاضة قلبه المُفاجئة .. وللقلب اللي تردد بعقله وكأنه ظن إنه يعرف صاحبه
ومن أستقرت عيونه على الشخص اللي واقف بالشمس ويناظر للأرض بإنصياع ويدينه خلف ظهره وهو يهز رأسه لكل أمر ينقال له .. وقدامه شخص يضربه على جبهته
حتى حس برجفة تسرِي بكل أنحاء جسده !


دجى اللي أنتهت من مكالمة صاحب المبنى وبعدما عقدت النيّة تصب كامل إهتمامها في تحقيق حلمها اللي تظنه أنسلبّ منها وبشدة بسبب رغبات أهلها .. بدأت تمشي بشوارع الحي بلا وجهة
مرت على الدكاكين وأسترقت النظر بفضول عل الي تحتويه .. مرت على أماكن كِثيرة وهي تحاول تضيع وقت لأجل ما ترجع البيت باللحظة هذي .. وتبدأ دوامة النزاعات مع عمتها
ولكنها توقفت بمكان ما .. وهي عاقدة حواجبها بإستنكار للشخص الي ينزل من يخرج من بيته .. ويتجه نحو سيارته بخطوات مُستعجلة .. توقفت عن التفكير الكثيف للحظة .. وهي تحاول تستوعب الموقف اللي تمر فيه .. ومن بدأت تستوعب حتى أستشاطت كل خلاياها غضب عاارِم ترك عنها القدرة على التفكير .. وركضت بكل طاقتها وهي تصرخ بإسمه بعنجهية كبيرة : ضِرااار !
وهو ألتفت بصدمة لصاحبة الصوت اللي أستقامت قدامه وصارت تضربه كل مكان توصله يدها وهو متجمد مكانه .. يحاول يستوعب اللي يصير .. يحاول يفهم الهُجوم الكاسِح عليه اللي لو كاان بيدها الموت كان قِتلته !

واقِف على الجدار ويدينه خلف ظهره .. ويناظر للأرض بربكة .. رفع رأسه لما سمع صوت الضحكة الساخرة : هاه إن شاء الله إنشويّت من الشمس .. تبي ترجع الفصل خلاص ؟
ناظره كايّد بتوتر وهو يتفحص نظراته ونظرات أخوياه اللي وراه وبلع ريقه وهو يهز رأسه بلا
تقدم هالولد وهو يضرب جبهته بأصابعه وهو يضحك : لايكون خايف ؟ إسمع ترى عندنا حرية رأيي .. قل لي إنك تعبت وأنا أفكك
تأمله للحظات وهمس بضيق : تعبت أبغى أرجع الفصـ...
سكت بوجع وهو يمسك بطنه من الضربة اللي داهمته قبل ما ينتهي من جملته .. غمض عيونه وهو يحاول يلتقط أنفاسه ولكنه سُرعان ما أعتدل بوقفته وهو يسمعه يقول : إعتتتدل قبل أعصب
ناظره وهو يحاول يجمع شجاعته ولكنه ما قِدر .. أبتسم خالد وقال : الرخمة يبقى رخمة ..المهم الفطور على حسابك مثل العادة .. كم معك فلوس ؟
كايد ما تكلم وخالد قرب منه وهو يدخل يده بجيبه
عقد حواجبه وهو يشوف الخمّسة ريال بمحفظته بس .. وضحك وهو يهز رأسه بسخرية : رجال طول وعرض .. بالنهاية بمحفظتك خمسة ريال بس ؟ وش فايدة لقب رجال لك ؟ خله للي أكبر منك
كايد ما تِكلم والقهر ممتلي بصدره.. وباقي يناظره بتوتر رماها خالد بوجهه وطاحت على الأرض قبل يلتقطها كايّد .. مشى عنه مع أخوياه وهو يقول : إجمع ريالاتك وهات لنا بها موية .. ولا ياعيال تبغون شيء زيادة؟
اكتفو بهز رأسهم بلا وخالد رجع يناظر لكايد اللي باقي مكانه وصرخ بعصبية : ييالأعررررج !
ألتفت له كايد بخوف وهو يرن بمسامعه اللقلب اللي صارو يسخرون فيه منه .. من إخترق جلده رصاصة عمه
وخالد أردف بعصبية : جمّع ريالاتك يالكلب وإلحقني .. قبل أجيك أتوطى ببطنك !
هز رأسه بإيجاب وأنحنى وهو يجمعها بسرعة .. ولكن سرعان ما رفع رأسه بصدمة وهو يسمع صوت السبّ اللي وصل لمسامعه من الشخص اللي بدأ يتقدم نحوهم بخطوات غاضِبببة .. وقف كايد بخوف وهو يشوف وهّاج يتقدم بغضب يكاد يقتلع الأرض .. وأيقن إنها نهاية خالد هاليوم !
بينما خالد رجع خطوة لورى بخوف من هجوم وهاج .. ولكنه سرعان ما عقد حواجبه بإستنكار .. لما أنقضّ وهاج على ياقة كايد !
-
-
ضِرار كان يحاول يفهم كلامها .. أو يتفادى ضرباتها ولكن لافرار منها
كانت تضربه بكل وحشية تملكها بقلبها .. بكل مُقت وغضب
ورغم الدموع اللي حجبت عليها الرؤية .. إلا إنها كانت مستمرة تنثر شراستها على جسد ضرار المهلك .. كانت تمتم بكلمات مُبهمة .. من شدة بكاءها وشهقاتها ماكان قادر ضرار على فهمها
خفت حدة بكاءها .. ولكنها باقي تتكلم
وصل لمسامعه مغزى كلامها : ماايييكفي أمي خذيتها مننا بأنانيتك؟ ما يكفي إنك دمرت حياتنا بدخولك لها ؟ وش ناوي عليه من جديد ؟ ليه هالدرب أنتهى بشوفتك فهمني !!
أنقض بكل عصبِية على ياقة كايد .. وهو يناظره بحدة وكأن نظراته ناويه تقتله !
أما كايد كان يرمش بعدم إستيعاب .. لدرجة كان عاجز عن التنفس .. مو بسبب يد وهّاج اللي تضغط على رقبة .. كثر ماهو بسبب صدمته للموقف اللي يتعرض له بالوقت هذا !
خالد ضحك بعدم تصديق : من هالأعور اللي ناوي يقتل الأعرج ؟ والله نكتة الموسم !
ألتفت له وهاج وهو يناظره بحدة وخالد أرتبك وتلاشت الإبتسامة بسرعة وهو يبتعد عن المكان
أما وهاج رجع يلتفت لكايد وهو يرمقه بكل عصبية .. يكاد صدره ينفجر من شِدة غضبه للموقف اللي حصل قدام عيونه : أنت رجال ؟
فهمني ، علمني شخص مثلك له صلة بمصطلح الرجولة ؟
ناظره كايد بصدمة بسبب كلامه ووهاج أردف وهو متجاهل نظرات كايد : الله يأخذها هالرجولة لامن لك عرق واحد فيها .. أنت رخمة ولا هو بس كذا
أنت الرخامة كاسّيتك من رأسك لأصغر أصابعك
شد أكثر على ياقة ثوبه وكأنه يحاول يفرغ غضبه على القماش الأبيض وهو يصر على أسنانه : يهينك وأنت ساكت له ؟ يكسّر بك وأنت معطيه هواه؟
تأمله وهاج بعصبية وهو يحاول يوازن تنفسه اللي بدأ يفقد سيطرته عليه .. كعادته كلما يفقد أعصابه
نفض ياقة كايد من يدينه وهو يرجع خطوة لورى .. ورفع سبابته وهو يأشر عليه : الموقف مارح يعدي كذا .. صدقني ياكايد مارح يعدي .. ولارح يمر مرور الكرام
ألتفت ومشى عنه .. تارِك كايد وراه محتار ، متضايق ، مدهوش ، ومنذِهل من الموقف اللي حصل له .. !
كان يظن إن وهاج فرّغ عصبيته بالشخص الخطأ كعادة وهاج القاتِلة .. بينما كايّد مُخطئ تماماً .. وهاج كان معصب عليه هو .. وكان متضايق عليه أكثر !
مسح على وجهه بضيق وتنهد وهو يعدل ياقة ثوبه : ماهيّب بأول مرة لأجل ينتفض قلبك يا وهاج .. عدت سنين وأنا شخص محط التنمر .. عدّى كل شيء من قبل .. وبيعدي الحين ياوهاج
صدى ومشى وهو متضايق ووهاج للآن يحس العصبية تنفض قلبه .. كيف قدر يكبّح غيظه وما ينهال على خالد ويقتله ؟ خطُواته كانت مستعجلة ومليانة غضب بنفس الوقت .. ولكنه ألتفت لصوت فهد اللي أستوقفه بذهول ووقف قدامه : الوضع مهب طبيعي .. وش تسوي هنا بعد ؟
تأفف وهاج وهو يناظر لفهد بملل : أنت اللي وش تسوي هنا ؟
-
فهد عقد حواجبه وقال : جاايي أسجل لافي ، تعرف آخر سنة ثانوي ولا أبيها تضيع عليه .. وأنت؟
وهاج قال بلا مبالاة : وأنا جااي أسجل عمري ، لأن ماعندي أب يركض ورى دراستي ، عاد من سوء حظي وكيل الفلس للآن موجود ورفض أكمل
آرتخى حاجبه بإستنكار وهو يسأل بذهول : للآن ما كملت دراستك ؟
هز رأسه بإيجاب : السنة اللي ألتقيتك فيها .. كانت السنة الأخيرة لي .. حصلت لي ظروف وأضطريت أترك الدراسة ، ولا حصلت لي فرصة إلا الآن .. ولكن مثل ما وهاج متعود دائماً يسحبون الفرص من يدينه .. ويتركونه بدون أحلام
منه لله هالشايب ، والله لأسود عيشته
فهد ناظره للحظات ، وكان بيتكلم لولا جواله اللي رن ناظر للرقم الغريب بإستنكار وقبل ما يرد ناظر لوهاج وقال : تعال بكرة مع بقية الطلاب ، محد له حق يأخذ حلمك من بين كفينك
عقد حواجبه بإستغراب : وشلون أجي ؟
أبتسم له فهد بهدوء وقال : تعال والحل عندي ، أهم شيء يكون هدفك الدراسة يا وهاج
قبل ما يرد عليه وهاج قفى ومشى عنه وهو يرد على الرقم اللي دق للمرة الثانية : فهد العمّار ؟
أستغرب معرفة هوية المتصل له ورد بإستغراب : تفضل ، من معي !
-
-

لابد يا سود الليالي يضحك حجاجكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن