الفصل الثامن والثلاثون "38"

3.4K 207 42
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
استغفروا الله
لا تلهاكم القراءة عن الصلاة..

رواية "الصمت الباكي"
الفصل الثامن والثلاثون "38"
"أسوة المؤمن"

= كثيرًا ما نُريد السير والإبتعاد عن شيء ما ربما نجهلهه من دواخلنا لكن تيارات الحياة تسوقك نحوه لتجد نفسك مُنغمس بداخله ... لا تعلم متى، وكيف؟!
حينها عليك فقط متابعة مجرى سريان الأمور والصمت، لكن عليك الحذر فالصمت لعنة .. عليك تخطيها وإلا ...
لن أُكمل فأنا أعلم أنك لم تفهم ما قلته ..

بعدما آوت الشمس لمخدعها وذهبت بثُبات عميق اتستيقظ القمر باذل قُصارى جهده ليُنير تلك البُقعة المُظلمة ..

أوقف السيارة على جانب الطريق والحيرة قد تمكنت منه، أمرها العجيب، فقد تغير حالها فجأة من الإستكانة للبلاهة.
تبًا لكِ يا إمرأة متى تكُفين عن إثارة تسائلي، فأنا أعجز عن فهمكِ الآن.

_ أيوا هنا بالظبط كدا، ثواني بقى وهرجعلك..
وجاءت لتفتح الباب ليُمسك ذراعها بسرعة، وتسائل بحدة: أيه نازلة على فين، أنا طاوعتك وجيت لغاية هنا، مش عايز أندم وأكيد هتندمي معايا ..

_ أبدعت بتخبئة حزنها الذي ينحر قلبها بنصلٍ ثلم ويكوي شغاف قلبها، وتخطت ذلك بإماءة من رأسها ونسجت البرود على ملامح وجهها، ثم قالت: متقلقش أنا مش ههرب، هنزل بس أجيب حاجة وأرجعلك ..

وجذبت ذراعها بحدة، ثم قالت وهي تفتح الباب بغضب: أنا كنت هجبلك بس كدا مش هجبلك حاجة ..

زوى ما بين حاجبية بتعجب وهو يراها تترجل بعُجالة لتظل أعينه تتبعها حتى رأها تتجه نحو محل عصارة القصب الشعبي ..
زاد تعجبه وفضوله في آنٍ واحد ليترجل من السيارة ويقف مستندًا عليها منتظر إياها حتر تخرج ..

غامت عيناه بالذكريات الحزينة التي تُشبه ضباع جائعة تنهش روحه..
شاب معدوم، نحل جسده وتأكل قلبه إثر حزنه وحسرته..
يقف أمام عصارة قصب يشتهي ولو شربة واحدة ليظل يؤجلها قائلًا "غدًا عندما تمتلك المال تستطيع شراء القصب، أنتَ أولى بهذا المال لا تُهدره هبائًا من أجل أمور تافهه"
وبقى على هذا الحال حتى زهدت نفسه القصب ونسى أنه إشتهاه يومًا.
"قد مَرر القصب مؤمن وأصبح حنظلًا"

_ انتشله من شروده خروجها وهي تحمل كوبين من البلاستيك الخاص ويوجد أعلى كل كوب عصا بلاستيكية مُجوفة لإرتشاف العصير..
تمالك نفسه لئلا ينفجر ضاحكًا وهو يراها مُمسكة كل كوب بيد وترتشف من هذا رشفة وذاك رشفة أخرى ..
والمُضحك أكثر من هذا أنها أدخلت العودين بفمها وارتشفت منهما معًا ..
مظهرها حقًا يُهلك من الضحك..

وصلت للسيارة واستدارت لتركب دون أن تُعره إهتمام..
فتح بابه هو الأخر بقلة حيلة وجلس أمام المقود وهو ينظر إليها بتأمل ومازالت على حالها ..
لاحظت نظراته لها، لتأفأف وهي تُنزل الكوبين، وتقول: في أيه بتبصلي كدا ليه، ريح نفسك مش هتاخد، على فكرا أنا كان نفسي أشربه فجبته قبل ما يحصلي حاجة علشان أرضي نفسي الطفسة، وكنت هجبلك بس إنتَ جنيت على نفسك... يلا مش ليك نصيب ..

الصمت الباكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن