في مانسيا كانت السيدة صاحب الشعر الأحمر والعيون البندقية جالسة تبكي بصمت وتتصفح مجلات الأزياء حتى وقعت عينيها على أبنتها واقفة تعانق ذراع شاب وسيم وتحت الصورة مقال صغير بعنوان
دفنه توبال نجمة جديدة تلمع في التصميم
كان المقال يتحدث عن روعة مجموعة الشتاء الخاصة بشركة باسونيس والتي ظهرت به دفنه كمصممة مستقلة وبالرغم من أنها كانت تجربتها الأولى الا أنها نجحت ببراعة في أذهال الحضور أشتدت دموع السيدة ونزلت بغزارة وهي تهمس بشوق
- حبيبتي أصبحتِ مصممة في أكبر الشركات الأحذية ثم نظرت إلى حذائها الوردي
- أنني أرتدي حذاء من صعنك أبنتي إذن وأكملت القراءة ولكن توقفت عينيها على جملة في المقال وفتحت فمها بدهشة
- كما أعلن الثنائي دفنه توبال وعمر
إبيليجيكي أنهم سيتزوجون قريباً
فتحت السيدة فمها من الدهشة ثم إبتسمت بفخر
- أنتِ ستتزوجين عمر إبيليجيكي رئيس باسونيس.... أنتِ أصبحتِ قوية جداً صغيرتي
أغلقت السيدة المجلة وأمسكت الهاتف
- حبيبي أريد منك أن تحجز لي تذكرة طيران إلى أسطنبول بأقصى سرعة ممكنة
- حبي لماذا تريدين العودة؟!
- أريد رؤيتهم سأموت شوقاً لهم
- حبيبتي ولكن أنا لست لدي وقت للسفر معكِ
- لا يهم سأسأفر بمفردي ولكن يجب عليّ ذلك
- حسناً حبي جهزي حقائبك
أغلقت الهاتف وألقت به على السرير
- أشتاق لكِ ولا أعلم إذا كنت حتىِ تريدين رؤيتي...تركتكِ يا إبنتي ولكن كنت أريد الحياة
بعد دقائق أعلن هاتفها عن
وجود متصل وبدأ بالرنين أمسكت الهاتف وسمعت
- أقرب طائرة في صباح الغد هل مناسب لكِ؟ - مناسب ليكن كذلك
- حسناً حجزت لكِ تذكرة حبي
أغلقت الهاتف مجدداً وذهبت إلى سريرها وهي تتمني أن يمر كل شيء على ما يرام
...........
على الجانب الأخر كان عمر ودفنه ينامون بهدوء حتى شعرت دفنه أنها تختنق وقلبها ينقبض مما جعلها تشهق وتنهض فزعاً وهي تتضع يدها على قلبها وتلهث.. شعر عمر بالفراغ بجانبه وفتح عيونه بنعاس ولكنه عندما رأى وجهها الخائف أعتدل بسرعة
- حبيبتي ماذا حدث؟!
- خائفة جداً ....أختنق
- ماذا يؤلمكِ؟! .. ماذا حدث؟!
- هل أنت بخير؟!.... هل ستتركني؟!
- حبيبتي لن أترككِ..... أنتِ لست بخير
- أشعر بشعور سيء جداً.. يخيفني
ضم عمر دفنه إلى صدره ومسح على شعرها
- أنا هنا لا تخافي يا حبيبتي لن يحدث شيء
أمسكت دفنه قميصه بقوة وقربت أنفها من رقبته
- قلبي يؤلمني.... سيحدث شيء سيء كان يحدث شيء سيء كلما شعرت بهذا... أنا خائفة
- أن حدث سنتجاوزه معاً نامي الآن لا تخافي
بعد قليل شعر بأنتظام أنفاسها وإرتخاء يدها الممكسة بقميصه حاول إبعاد يدها ولكنها قبضت على قميصه مجدداً وهمست بنعاس
- لا لن أتركك أريد قربك ... أقترب أكثر أنني أرتاح أكثر كلما أقتربت
ضمها عمر بقوة وقبل جبينها ثم أستلقي علي السرير مجدداً واضعاً رأسها على صدره دقائق و سرقه النوم هو أيضاً
.............
في صباح اليوم التالي في مانسيا أستقيظت السيدة بنشاط ونظرت إلى نفسها بالمرأءة
- سأعود إليكم عائلتيّ.... أنا عائدة للمنزل الآن
وسحبت أحد فساتينها السوداء
وبدأت بالبحث عن حذاء أسود وهي تقرر أنها تريده أن يكون لشركة باسونيس كمحاولة لجذب ولو القليل من تعاطف أو إنتباه ابنتها وبعد ثواني إبتسمت وأمسكت أحد الأحذية
نظرت إلى الحذاء مطولاً وإبتسمت بفخر
ثم أرتدت ملابسها وأتجهت إلى المطار وقلبها يخفق بشدة من الفرح والحزن والشوق والخوف الكثير من الأفكار تحتل عقلها وقلبها وتتمنى أن ينتهي هذا العذاب على ما تريد في النهاية رغم شكها من هذا
............
كانت دفنه قد أستيقظت أخيراً عند الساعة الثامنة صباحاً تنفست براحة ونهضت دفنه ووقفت خلف عمر وضمته بقوة
- صباح الخير حبيبي
ألتفت عمر إليها وإبتسم عندما رأي إبتسامتها
- صباح الخير دفنتي
ثم سحب كلتا يديها وقبلهما
- كيف حالكِ ؟! هل تحسنت؟!
- لا أنكر أنني مازلت خائفة ولكن سنتجاوزه معاً اليس كذلك؟!
- سنفعل لا تقلقي....حبيبتي قوية....قوية جداً
نظرت دفنه داخل عيونه بضعف
- لا أظن أنني بهذه القوة ابداً ...سوى بجانبك
- حسناً إذن تعالي إليّ عندما تشعرين بالضعف دفنتي القوية
- أنا قوية صحيح ؟! ستمر اليس كذالك؟!
- أعدكِ أنه سيمر يا حبيبتي أنتِ شجاعة
ضمت دفنه عمر ويدها تتحرك بين خصلات شعره السوداء الناعمة
- أحبك كثيراً.....حبيبتك شجاعة سيمر اي كان
أغمض عيونه وهو يبتسم من يدها التي تحترك بين خصلات شعره
- توقفي دفنه عن فعل هذا بي
- ماذا أفعل؟!
- أنتِ تأخذين عقلي مني هكذا... أحترق
إبتسمت دفنه وسحبت نفسها من حضنه
- إبتعدت ....هيا لنذهب
............
وصلت السيدة إلى إسطنبول وأخذت سيارة أجرة إلى باسونيس وعند دخولها أتجهت إلى داريا ونازلي جان
- مرحباً أريد مقابلة السيدة دفنه توبال
- لم تأتي بعد
اين مكتبها إذن سأنتظرها؟!
- ومن أنتِ سيدتي؟!
- أنا تولين توبال والدة السيدة دفنه توبال
نزلت جملتها كالصاعقة على داريا ولم تنطق سوى بالإشارة إلى مكتب دفنه
أتجهت تولين إلى المكتب فتحته ووقفت تتأمل المكتب والورود المرصوصة على النوافذ و الاوراق حتى وجدت أحد الرسومات لعمر مما جعلها تبتسم
- أنتِ عاشقة يا أبنتي... لقد كبرت كثيراً
.............
دخلت دفنه الشركة ممسكة بيد عمر وفور أن رأتهم داريا ركضت إليها
- دفنه هناك سيدة تريد رؤيتكِ
تركت دفنه يد عمر وهمست
- أنا قادمة
دخلت دفنه إلى مكتبها ورأت سيدة رشيقة القوام تملك شعر أحمر متوسط الطول ترتدي فستان أسود يصل إلى ركبتيها وحذاء أسود ذو كعب عالي
همست دفنه بهدوء
- مرحباً من أنت ِ؟!
التفتت تولين للوراء وأتجهت نحو دفنه التي فتحت فمها بصدمة والدموع تتجمع في عينيها
- تولين توبال والدتكِ
ضحكت دفنه بسخرية
- أمي!! لست أملك أماً
- دفنه ابنتي اسمعيني
- هل تذكرت الآن أن لديك أبنة ؟!
- لا أنا لم أنساكِ أبداً
- ولكنني فعلت أنا نسيتك
إبتلعت تولين ريقها بحزن
- إبنتي أنتِ
- أنتِ لست أمي وأنا لست إبنتكِ لا توجد أماً تترك ثلاثة أطفال وحيدون كي تتزوج... كنا نرجوك كي تبقي ولكنكِ رحلت ...رحلت وتركتني أعول عائلة كاملة بمفردي لم أعش طفولة أو مراهقة سعيدة... لم أكن أستطيع الراحة بل لا يُمكنني حتى المرض لأن هناك عائلة تنتظر هذا المال ...تركت حلمي وهو على بعد خطوة واحدة بسببكِ أنتِ....
- ولكنكِ الآن تتزوجين وتعملين كمصممة
- ليس بفضلكِ.... أن القدر إبتسم لي وأعطاني الشخص الذى يستحق أن يكون عائلتيّ ولكنكِ كيف علمتي بزواجي
- من الجرائد والمجلات مثل الغرباء ..كيف لم تخبريني؟!
- لم أكن أريد... ومن فضلك لا تأتي إليّ مجدداً وقبل أن تسمح دفنه لأمها بالتفوه بحرف أخر
خرجت مسرعة من المبنى وهي تبكي بحرقة رفع عمر رأسه لكي يتأمل أميرته ولكنه لم يجدها تعجب قليلاً ثم ترك القلم وخرج من مكتبه وذهب نحو نازلي جان
- نازلي اين دفنه
- لا أعلم كانت تتحدث مع أحد ثم خرجت مسرعة وهي تبكي
- حسناً فهمت
خرج عمر من المبنى وأخذ يبحث عن أميرة حمراء في الأرجاء وبعد بحث دام ثواني لاحظ وقوفها وسمع صوت شهقاتها أنزل عمر رأسه وهرول ناحيتها
- دفنتي
دارت دفنه ناحيته وعانقته بقوة
- أمي عمر....... أمي عادت
لم تكمل حديثها وشرعت في البكاء بقوة وضع عمر رأسها على كتفه
- هششش لا تتحدثي .....أرتاحي فقط
- كنت أشعر أن هناك شيء سيء سيحدث ولكن لم أتوقع رؤيتها مجدداً ابداً.. لا أريدها
- دفنتي توقفي أرجوكِ دموعك تحرقني
- بعد تدميرها لأسرتها تعود ببرود ...دمرت حلمي وعادت تقول إبنتي
مسح عمر دموعها وقبل عيونها ويدها
- أنسي الأمر دفنتي..... أنتِ شجاعة وقوية
رمت نفسها في حضنه
- عودتها مؤلمة جداً جداً عمر
أطالت دفنه العناق قدر الإمكان وكأنها تعالج قلبها المجروح
- أنا متعبة
- هيا سنرحل
ركبت دفنه بجانب عمر في سيارته وتوجه إلى بيت الجبل
.............
في مكتب دفنه في باسونيس مازلت تولين واقفة منكسرة لم تكن تتمنى أن يحدث ذلك... هي كانت تتمنى جمع العائلة مجدداً ولكن واضح جداً أن الجرح الذي في داخلهم مازال ينزف إلى الآن
- حسناً إبنتي ربما أنتِ غاضبة مني الآن ولكن أنا لم أتراجع أبداً يجب عليّ إعادة الأمور إلى سابق عهدها
............
تفتكروا ايه هي محاولة تولين التانية؟!