رياح من الجحيم

1.6K 58 57
                                    

لا تسعد بهذا الهدوء التام الذي تنعم به كثيراً ..من يعلم ربما كان هذا هدوء ما قبل العاصفة والآن حانت العاصفة

نشرت شمس إسطنبول أشعتها البهية مداعبة  عيون عمر التي فتحها بنعاس مبتسماً أستمرت إبتسامته ثواني ثم نهض متوجهاً إلى التقويم وقطع ورقة ضاغطاً عليها
- تبقى 20 يوماً فقط حبيبتي
ألقى الورقة في القمامة ثم بدأ في النزول إلى الطابق الأول  وعند اقترابه من المطبخ بدأت رائحة الياسمين تتغلغل إلى أنفه لتريحه و ترتسم البسمة السعيدة على شفتيه.. دخل بعد استنشاقه عبيرها وبدأ في المشي تجاهها حتى ألتصق بظهرها وضمها إليه
- اوووه ما أجمل يومي عندما يبدأ هكذا
- صباح الخير حبيبي.. الإفطار جاهزاً
- ماذا يحدث إذا أكلتك اليوم ؟!
أنهى كلماته بقبلات على كتفها ورقبتها
لم تجيب دفنه بل لم تتمكن من التنفس حتى وهي تغرق في بحر قبلاته التي تغمرها
أبتسم بخبث وهو يبتعد وأدارها تجاهه
- جمالك يفقدني صوابي
طوقت رقبته وهي تقرب رأسه إليها
- هل أفعل؟!
- نعم.... كثيراً... تصيبني بالدوار
مررت يديها على ذقنه النامية
- الفطور جاهز...تناول قبل أن نتأخر
- وماذا عنكِ؟!
- تناولت طعامي مع جدتي حتى لا تغضب
- الله الله وماذا عني أنا؟!
-  هل غصبت؟!... لا تغضب ولكن هي جدتي أيضاً وعنيدة.. ستقول كلاماً مملاً إذا لم أكل
أرتسمت بسمة خبيثة على وجهه وسحبها إليه  وعندما رأت دفنه إبتسامته دفعته إلى الوراء بخفة
- أكلتني... أكلتني مجدداً
- نعم أكلك إذا لم تتوقفي عن التحدث بشكل جميل هكذا
توردت وجنتيها خجلاً
- هيا تناول  وتوقف عن إصابتي بالخجل
-  أوافقكِ الرأي..فأنا أشتقتُ إلى طعامكِ
توجه إلى الطاولة جالساً ولكن الصدمة تملكته عند رؤية الطعام

فأنا أشتقتُ إلى طعامكِ توجه إلى الطاولة جالساً ولكن الصدمة تملكته عند رؤية الطعام

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

- دفنه ما هذا؟!
- البوريك... ألم تتذوقه من قبل؟!
- لقد تذوقته بالطبع... كنت أحبه
- وهل أصبحت تكرهه الآن؟!
- لم أجد من يطهيه مثلها ولم أتناوله بعدها
-  حسناً تذوقه وأخبرني هل تمكنت من طهيه؟!
تأمل الطعام ثواني ثم وضع جزء صغير في فمه بتردد مما أثار قلق دفنه
- أن كان سيء جداً لهذه الدرجة..
لاحظت أبتسامته و أرتخاء جسده على المقعد قبل أن يغمض عينيه بشوق
- أن أخبرتكِ كم أشتقت إليه لن تصدقين
- نجحت إذاً؟!
- لا يمكنني الوصف أبداً
أبتسمت بفخر وهي تقبل جبينه
- أنا فخورة أنك أحببته
- أحببته كثيراً ..ولكن من أخبرك بهذا الأمر؟!
- أمر البوريك...لا أحد قررت صنع فطوراً مختلفاً فحسب
- لقد صنعتي أجمل فطوراً بالنسبة لي حبي
............................
وصل العاشقان إلى عملهما وبدأ كلاً منهما في عمله حتى قطع عمل عمر طرق الباب
- تفضل بالدخول
- مرحباً شريكي الداهية
- اهلاً بك أخي تفضل
جلس سنان وتحدث بسعادة
- السيد راغب يدعو مدراء باسونيس لحضور حفل افتتاح الفرع الجديد الخاص بشركة راغب للجلود في مانسيا وبالطبع أنا لن أحضر لأنني أتجهز لخطبتي ولذلك..
- حسناً سنان فهمت... متى الافتتاح؟!
بعد ثلاثة أيام في مانيسا
أبتسم عمر وقرر أخذ دفنه بما أنه في مانيسا
- حسناً سنذهب
- حسناً.. دقيقة ماذا تعني بسنذهب..أنت ومن؟!
- ودفنه بالطبع
- هذا مكان عمل حسناً لنأخذ الحبيبة ونتغزل قليلاً ونحب بعضنا قليلاً  أليس كذلك؟!
- اف سنان.. هذا عمل
- بالطبع بالطبع.. ليكن كذلك.. ستكون هناك
- سنكون هناك لا تقلق
خرج سنان عائداً إلى مكتبه وعاد عمر للعمل مجدداً ولكن ساعات وهناك من قاطعه بطرق الباب مرة أخرى
- تفضل بالدخول
- حبيبي
نهض وتوجه إليها وهو يسحبها إلى حضنه
- مرحباً حبيبتي الجميلة..كيف حالكِ؟!
- بخير سيد عمر
- سيد!!  لما عدنا للألقاب؟!
- نعم لقد جئت أطلب أذن بالرحيل سيدي
أبتسم بحب وهو يضمها أكثر ويستنشق عبق رائحتها
- لا.. لا يمكنكِ الذهاب
- لا!!  لماذا سيد عمر؟!
- كيف سأتحمّل العمل بدونكِ؟!
أبتعدت قليلاً و قبلت شفتيه
- حبيبي أنا آسفة يجب أن أذهب
- ولما؟؟!
- إيما ونيهان يريدون بعض المساعدة.. كما أنني أنهيت عملي
- عملك لا ينتهي معي ولكن أذهبي إذا لزم الأمر
أعادت تكرار القبلة برقة
إلى اللقاء حبيبي
خرجت دفنه تاركة وراءها حبيب الألم هو من ينتظره الآن ولكنه لازال لا يعلم
...................
بعد ساعتان ونصف تقريباً من العمل الذي لا يخلو من رسائل العشاق نصية أنتهى عمر من عمله أخيراً سيعود إلى منزله لكي يرتاح أو بمعنى أدق هذا كان ما يظنه هو... وصل عمر إلى منزله أخذ حماماً دافئاً وصنع قدح قهوة وأخذ القهوة إلى الحديقة وبدأ يحتسي القهوة بهدوء حتى بدأ الجرس يرن معلناً قدوم زائر
نهض عمر وأخد قهوته وتوجه إلى الباب فاتحاً إياه ولكنه شعر بنيران تنهش عظامه فور رؤية نجمي وهولوصي على الباب
- مرحباً حفيدي أشتقتُ إليك
حاول هولوصي معانقته ولكن أبتعد عنه عدة خطوات
- ماذا تريد مني ؟!
نجمي هو من أجاب بقلق
- نريد التحدث معك فقط
- وأنا لا أريد
كان عمر يحاول بكل قوته السيطرة على بركان الغضب الذي بداخله حتى سمع صوته يكرهه بكل قلبه
- صغيري..حبيبي.. حفيدي الوحيد.. أنظر إليّ
رفع عمر نظره إلى وجه هولوصي وهو يرتسم عليه أبشع ملامح الغضب ..رؤية هولوصي إلى وجهه بهذا الشكل كانت كالسكين الذي يطعن القلب مئات الطعنات دون رحمة
- أرجوك بني لا تنظر إليّ هكذا..أنا حقاً أحبك
كان عمر يتحرك إلى الأريكة بملامح حارقة  جلس وهو ينظر أمامه و يفرك يديه بقوة محاولاً السيطرة على غضبه توجه هولوصي إليه وجلس بجانبه مبتسماً بألم
- تتزوج عمر.. متى؟!.. ما أسم زوجتكَ؟!
- ليس من شأنك
تلقى هولوصي الطعنة الثانية بألم
- ألهذا الحد لا تريد التحدث معي؟!
- أنا حتى لا أريد رؤيتك او سماع صوتك
رفع نظره إلى نجمي بغضب في نهاية الجملة
- أسمعنى عمر أنا جدك في النهاية وعرسك بعد أيام وستكون عائلة أيمكنك العيش سعيداً وأنت لا تتحدث مع جدك العجوز الذي على وشك الموت
نظر عمر إلى هولوصي نظرات ساخرة وكأنه يستهزأ بهذه الطريقة التافهة حتى يستعطفه
ولكن هولوصي أكمل كلامه
- يجب أن نتصالح عمر يجب أن ننسي الماضي
نهض عمر وتحول صوته إلى الصراخ
- ننسي الماضي!!!  أنسى والداي!!  أنسى أنك كنت تهين أمي أمام الجميع لأنها ليست ثرية اللعنة على المال الذي جعلك تهينها وتدمرها حتى الموت لا يمكن أن نتصالح أبداً عندما أراك أتذكر كم أحزنتها.. كم بكت بسببك... كم كانت تتألم في مرضها.. أتذكر بكاء أبي الذي رأيته لأول مرة حين توفت أمي.. أتذكر نفسي وأنا أحترق شوقاً لأراها أو أسمع صوتها مرة أخرى.. أنا أكرهك كثيراً.. أكرهك أليس هذا مفهوماً ؟!
أدمعت عيون هولوصي ألماً
- حسناً سأرحل الآن ولكن يجب أن نحل مشاكلنا صغيري كفى فراقاً
أرتفع صوت عمر أكثر
- أخرجوا جميعاً... أريد البقاء بمفردي
خرج هولوصي وهو ينظر إلى الأرض وخلفه نجمي الذي كان القلق يرأسه بالكامل حتى سمع هولوصي يتحسر
- أرايت كيف كان يتحدث معي؟!
- لا تحزن أبي.. أنه غاضب فقط
- لقد قال أكرهك
- لا هو بالطبع لا يكرهك.. دعه يهدأ فقط
- من يعلم ربما أخطأت عندما جئت إلى هنا
- لم أفهم
- كان يجب عليّ التحدث من أحبائه أولاً
- أحبائه!!.. أحبائه... وجدتها
ولكن صوت تحطم الزجاج القادم من منزل عمر كان كافياً حتى ينتهي حديثهم ويشهق هولوصي فزعاً
- هل أدخل له ؟!
- سيغضب أكثر أبي دعنا نخبر شكري
ركض نجمي إلى شكري بخوف
- شكري السيد عمر ليس بخير أنه يحطم المنزل
- ماذا؟؟!  ولماذا؟؟!
أخفض هولوصي رأسه بحزن
بسببي أنا
تعجب شكري قبل أن يتحدث
- حسناً سوف أتصرف
- حسناً كن على أتصال بنا
رحل نجمي وهولوصي وركض شكري إلى المنزل دخل من الباب المفتوح بالفعل
- سيد عمر
تأمل المكان من حوله بصدمة وخوف مزهرية مكسورة وكوب القهوة محطم تماماً والأسوء أن يد عمر لا تتوقف عن النزيف ركض إلى الأريكة
- سيد عمر هل أنت بخير؟!
تحدث عمر بغضب وألم
-  أنا مدمر كلياً...لست بخير أبداً..لست كذلك
- كيف أساعدك ؟!..أرجوك أخبرني كيف؟!
- أتركني بمفردي رجاءً شكري
- وماذا عن يدك أنها تنزف
- لا يهم... أن قلبي هو الذي يحترق الآن
- هل أنت متأكد أنك لا تحتاج مساعدتي
هز رأسه نافياً وخرج شكري من المنزل ولكن القلق جعله يقرر التصرف وأخرج هاتفه
- دفنه أرجوكِ تعالي إلى السيد عمر الآن
- لماذا؟!..ماذا حدث له؟! ..هل هو بخير؟!
- ليس بخير أنه غاضب جداً
- غاضب.....ومن أغضبه؟؟!
- تقابل مع جده.. تعالي الآن أنا قلق جداً عليه
- هو في المنزل صحيح؟!
- نعم...هل أتي لأخذكِ ؟!
- لا..أبقى معه... أنا قادمة
أغلقت الخط وهمت بالنهوض
- يجب أن أذهب إلى عمر حالاً
رفعت إيما حاجبيها بخبث
- أحدهم أشتاق على الأغلب
- اوووف إيما عمر ليس بخير
- ماذا؟؟!...ماذا حدث له؟!
- ليس لدي وقت لكيِ أشرح لكِ...إلى اللقاء
خرجت من منزلها وأوفقت أول سيارة أجرة
متوجهة إلى حبيبها المكسور والغاضب
............
بعد عشر دقائق من السرعة الجنونية وصلت دفنه إلى المنزل أخيراً أبتلعت ريقها بخوف وبدأت تأخذ خطوات للداخل حتى وصلت إلى غرفة المعيشة التي تحتوي على الأقداح المحطمة والمزهرية المكسورة وعلى الأريكة يجلس أميرها المحطم تماماً مثل الغرفة
خرجت دمعة من عينيها وهي تراه هكذا ولكنها مسحت الدمعة بقوة وهي تحدث نفسها
- أنا هنا حتى أسانده وليس لأبكي
توجهت إليه ولكنه لم يرفع عينيه من موضعها فقط ينظر للفراغ وشارد في أفكاره
جلست بجانبه ومررت يدها على كتفه
- حبيبي هل أنت بخير؟!
سمع صوتها العذب يدخل أذنه وكأنه بصيص الأمل في أسود ليالي اليأس وكأن صوتها كان ينيره بعد تأكده من حتمية الظلام.. يناديه ليخبره أن مازال هُناك أحد من الممكن الوثوق به ولكنه رغم ذرات الراحة التي تسللت إلى عقله وقلبه لم يجيب مما جعلها تكرر السؤال بخوف
- حبيبي عمر تحدث أرجوك
أغمض عينيه بتعب وغضب وحزن
- أسمعكِ.. تحدثي.. أريد نسيان صوته تماماً
- حبيبي مضى..هو لا يستحق..لا تفكر به
- لقد أغضبني للغاية.. يريد حضور عرسنا
- حسناً حسناً أرتاح ونتحدث فيما بعد
- دعينا لا نتحدث أبداً
- حسناً لن نفعل أرتاح و اهدئ حتى أعود
أمسك يديها بقوة ونظرة إحتياج في عينيه
- إلى أين؟!
- سأوضب المكان هنا وأعود
ولكن عندما وقعت عينيها على جرحه أجتاحها الخوف بل الرعب
- يدك.. يدك تنزف
- دعيها لا يهم
ماذا يعني لا يهم... أنتظر لحظة سأعود
كادت أن تنهض ولكنه أمسكها بقوة
- دفنه أبقي ...أحتاجكِ
- سأعود
أبعدت يديه عن خصرها وتوجهت إلى المطبخ جلبت الإسعافات الأولية وعادت
- هيا سنمضددها.. لا أعلم أن كانت تحتاج تقطيب أم لا ولكن...
- حبيبتي لا تخافي هكذا
بدأت تمضدد الجرح وقامت بتغطية الجرح بعد أنتهائها
- وهذا تم
رفعت رأسها حتى تواجه وجهه وتفاجئت أنه يتفحص ملامح بنظرة الأحتياج ذاتها وقبل أن تتحدث سحبها إلى حضنه بقوة وهو يدفن أنفه في شعرها ويهمس بتعب
- جاء وتحدث كان يحاول كسب تعاطفي.. تحدث بطريقة سخيفة جداً لم أتحمل ذلك وتشاجرت معه ولم أعي ما يحدث سوى بعد تحطيم المكان بهذا الشكل
- لا تقلق حبيبي لا أعتقد أنه سيعود
- أنا متأكد أنه سيعود ولكن إذا عاد وتحدثنا ستكونين بجانبي ولا سأكسر إحدى الغرف مجدداً
أبتسمت بهدوء وهي تضمه أكثر
- حسناً أتفقنا
ثم أبعدته عنها قليلاً
- أسترخي هُنا سأرتب المكان وأعود
- هل تريدين المساعدة.. أنا من حطمهم في النهاية
- لا حبيبي... أرتاح فقط
بدأت دفنه في توضيب المكان وشعر عمر بتثاقل عينيه فأغلقهما هرباً إلى غفوة
أنتهت دفنه من توضيب المكان وتمت إعادته إلى سابق عهده
- أنتهيت حبي
عندما لم يجيب أدارت دفنه جسدها حتى تراه وتلاعبت إبتسامة صغيرة على شفتيها
- آه حبيبي كم هو جميل..نائم بشكل جميل
صعدت دفنه إلى غرفته وجلبت أحدى الأغطية وهبطت ثم وضعت الغطاء فوقه وبدأت تغطيه وهو يساعدها أثناء نومه مما جعلها تبتسم بخفة ..أنتهت من تغطيته ثم نهضت ووضعت وسادة صغيرة تحت رأسه ثم جلست خلف رأسه تعبث في شعره وتقبل جبينه ثم همست
- حبيبي لا أتحمل رؤية هذا الكم من الألم في عينيك يجب أن ينتهي الأمر
.....................

أميري  العاشق.  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن