إنفصال الروح

1.7K 44 12
                                    

أشعر بحزن يعتصر قلبي..جسدي يتداعى من شدته شيء يحيرني يقلقني..أشعر بفراغ كبير في قلبي..إحساس بدأ يتسرّب إلى أعماق ذلك القلب العليل.. إحساس بالخوف.. و القلق
أشعر بأن روحي إنشطرت لحظتها

و هربت حياتي كالطيف راكضة ورائها
و غيمت سحب الإختناق فوق رئتي
و هربت نعمة الإبصار من عينايّ
لم أكن حياً و للاسف لم أكن ميتاً
إنفصلت الروح و الجسد حياً

في صباح لا يُسمع فيه صوت تغريد البلبل الخافت المندثر بين أصوات فحيح الأفاعي الذي يصم الآذان
لا تُرى زهور الربيع إلا و هي تسحق تحت أقدام المارة و تنقضى بهجة لونها و رائحتها العطرة
لا تُلاحظ تلك الحمامة البيضاء المحلقة بين سرب الغربان السوداء أرتفعت أشعة الشمس المتوازية الضعيفة في سماء إسطنبول و بعثرت ضوئها على أهالي المدينة و قد كان لمنزل السينيور إبيليكيجي نصيب لا بأس به من تلك الأشعة المنهكة و كأنها تهرب خلسة إلى غرفتهم خائفة من أن يتبلعها سواد العالم الخارجي
وفى هذه الغرفة يمكث زوجين كانا قد أخذا عهداً على أنفسهم ألا يصيبهم الحزن يوماً حتى تنسى الدموع طريق عينيهم و مهما تلوث هذا العالم بشرور البشر سيبقان هما رمز الحياة النقية الصافية الخالية من شوائب الحياة و الآخرين

كنت تتابع وجهه النائم بعينيها البُنية البريئة و يدها البيضاء الناعمة تلامس خصلات شعره الأسود القصير تتأمل ملامحه و تحفظها للمرة المليون..!
من يراها يستحيل عليه تصديق فكرة أنها جاءت لإيقاظه ليتناولا الفطور و لكن و كالمعتاد بمجرد رؤيته تنسى الدنيا و ما فيها حتى و أن كان نائماً
و بعد مدة طويلة من المتابعة أخفضت الفتاة صوتها حتى أصبح همساً خافتاً يبدو عليه الميوعة و الدلال
- Ömer...sevgilim...Hadı kalk
" عمر...حبيبي...هيا أنهض "
لم تتلقى منه أي إستجابة سوى بعض الغمغمات الغير مفهومة و تحركت يده ببطء تحاول إسترداد أملاكها و إعادتها إلى أحضانه
و لكن حركتها هي كانت اسرع و أبتعدت عنه فهي أتت لإيقاظه و ليس تقع أسيرة دفء أحضانه و تنام هي أيضاً و بسبب بُعدها عنه لم تجد يده المرفوعة إلا أن تعود إلى سرير خالية الوفاض و حين إنتبهت البرتقالة أن محاولتها الأولى لإيقاظه باءت بالفشل تنهدت تنهيدة خافتة و أنحنت واضعة قُبلة طويلة فوق شفتيه السمراء و في الحقيقة كانت طويلة بما يكفي لنشل السينيور من عالم الأحلام إلى أرض الواقع فبدأ يفتح عينيه المتعبتان رويداً رويداً و حينما أستعاد تركيزه ظهرت إبتسامة نائمة فوق شفتيه تزامناً مع إبتعاد دفنة عنه بعينيها العاشقتان و وجنتيها ذات اللون الأحمر
و بقيا العاشقان على هذا الحال كلاً ِمنهما يحدق بالآخر في صمت يعلمان جيداً أنهما حتى بعدما صمتت ألسنتهم عن الكلام فأن لغة أعينهم اللامعة ببريق الحب فصيحة جداً كي يمطرون بعضهما بكل كلمات العشق الموجودة في العالم
و حتى أن فشلت نظراتهم العاشقة في الإفصاح عن مدى حبهما لبعضهما البعض رغم إستحالة حدوث ذلك فأن نبضات قلوبهم المتسارعة و المتطابقة بالمرصاد..!
- الطعام جاهز...هيا قبل أن نتأخر
سمع حديثها و لكنه يبدي أي ردة فعل تؤول إلى أنه سينهض أو أنه أنتبه لكلامها حتى بل أستمرت عينيه تتنقل بين إنشات وجهها يتأمله بعشق طاغي يشوبه الكثير من الإرهاق يتأمل وجهها بشكل دقيق و مبالغ كالمريض بمرض مميت و وجد ترياقه الشافي أخيراً
- yemeğe falan istemiyorum..!
" لا أريد تناول الطعام أو أي شيء..! "
و قبل أن تبدي إستيائها من إضرابه عن تناول الطعام و تبدأ وصلة طويلة توبخه بها عن إهماله في صحته و عن إضرار تناول القهوة على معدة فارغة تابع هو حديثه بعدما رفع يده مرة أخرى ليأخذها بين أحضانه مجدداً و لحسن حظه نجحت يده في إختطافها هذه المرة و قربتها من حضنه كثيراً
- ماذا سيحدث يعني لو أنني أحتضنك هكذا و أعود للنوم ؟!
و بالرغم من إستحالة تنفيذ هذا الطلب إلا إنها لم تجادله بتاتاً فليلة البارحة لم تكن سوى
ليلة أخرى يعاني فيها عمر من الأرق و لم يزور النوم الهادئ عينيه إلا عند بزوغ الفجر

أميري  العاشق.  Where stories live. Discover now