ليلة في منزل الطفولة

1.9K 56 38
                                    

أعظم معاني الكمال المطلق في السعادة حينما يجتمع نعيمي الدنيا بين كفيك حينما تحملق عينيك في المكان فترصد كل أحبتك العائلة التي نشأت بينها و العائلة التي تنشأها أنت الآن 

كان الشاب الأسمر صاحب العيون الفحمية واقفاً يحدق بالمضيق الهائج أمامه الذي تتضارب أمواجه بكل عنف و كأنها حرب ملحمية عنيفة
أغمض عينيه الجميلتين و تنهد تنيهدة طويلة الأمد للتهدئة من روعه و هو يستمع إلى صوت المد و الجزر الذي بدأ في الخروج ليداعب قدميه و كأنه يريد سحبه داخله و يغرقه في ثناياه او كأنه يخبره أنه أصبح قريباً جداً جداً أكثر مما يتخيل حتى أصبح يفصله إنشات قليلة على أخذ روحه و الهرب بعيداً
- أميري الصغير
تسلل صوت يموت شوقاً لسماع صوته كشعاع الفجر الذي يشق الليل و بدون ثانية تفكير أدار جسده بلهفة
- أمي..!!
إبتسمت إمينة إبتسامة عريضة تذيب الناظر من جمالها و زاد شعرها الأسود الناعم كالحرير و خصلاته التي تتطاير من حولها شكلها جمالاً و فتحت ذراعيها تتطالب بعناق يخفف و لو قليل من شوق أنهك أرواحهم
لم يبخل الأبن بالعناق بل ركض كطفل صغير يعود إلى دفء أمه بعدما كان مختطفاً و لف ذراعيه القويان حول جذعها الرقيق و تمتم بلوم
- لما إنقطعت عن زيارتي في أحلامي كل هذه المدة ؟
إبتعدت إمينة من حضن عمر و أحتضنت وجهه بين راحتيها و عينيها تدرس وجهه بعناية فائقة و حنو بالغ
- ستصبح أباً يا صغيري و تصالحت مع هولوصي أيضاً 
- لم تغضبي من ذلك أليس كذلك ؟..لم أحزنك
لم تجيب إمينة على أسئلته و همهمت بنبرة هادئة محذرة
- أحمي دفنة جيداً يا عزيزي..أحمي عائلتك
أنتفض قلب عمر بقلق بعدما شعر بأنها جاءت خصيصاً لتحذره
- هل سيصيبها مكروه ؟ لن أتحمل ذلك أبداً
أنتهى تحذير إمينة الذي أخاف عمر أضعاف و بدأت تتراجع حتى أبتلعها الظلام بالكامل

و من ثم فتح عينيه بقوة ليحملق في سقف الغرفة و يدرك أخيراً أنه حلم و كي يطمئن قلبه نقل بصره من السقف إلى حمرائه التي أتخذت من صدره موطناً لها لدرجة رفضها القاطع لنهوض عمر من الفراش
و بعد محاولات عدة تنازلت السيدة دفنة عن حقها و حررت قميصه من قبضتها و لكنها لم تكمل نومها بل أستيقظت مقرنة حاجبيها بغضب طفولي
- لما أنت مصر على الإبتعاد هكذا ؟ أنا أحاول النوم
ٍإبتسم صاحب العيون السوداء و همس معتذراً و هو يعود بجسده على الفراش
- أعتذر يا طفلتي الحلوة لن أتحرك
إبتسمت بعيون نائمة و أرست رأسها على صدره
- جيد ما ستفعله
أنهت الفتاة كلامها و أسرعت إلى أحلامها محدداً
تقوست شفتيه السمراء كإبتسامة على هذه الكسولة الحمراء العاشقة للنوم
و من ثم نقل بصره من قمة رأسها إلى الساعة ليتفاجئ بكونها العاشرة و هذا يعني أن عليهم النهوض فوراً حتى لا يتأخرون عن زيارة الخالة توركان و البقية
أمسك ذراعها البيضاء و رفعها إلى مستوى شفتيه و طبع قبلته الرقيقة على قبضة يدها و بعد ذلك أمسك يدها و جعلها تستقر على الفراش
- عمر..
نادت الفتاة أسمه بنبرة ناعسة و كأنها تلومه على إستمرار التحرك و تخريب نومها المريح
- هيا دفنتي الكسولة أستيقظي
- Yok.., Uyumak istiyorum
- هيا أستيقظي..ألن تذهبي إلى جدتكِ ؟
و أخيراً زار عقلها سبب إصرار زوجها على إيقاظها فهما عليهما الذهاب إلى جدتها و بالرغم من حماسها المميت في رؤية سعادة جدتها عندما تزف لها هذا الخبر و لكن كم من الصعب إجبار جسدها على ترك هذا النعيم و النهوض و بقى عقلها يفكر ملياً حتى رضخت لسيطرة حماسها و قررت النهوض
- Tamam Ben uyandım
نهض الأمير من الفراش و بدأ يخطو إلى الخارج حينما ألتقطت تركيزه صوتها الذي يناديه
- عمر، أنا جائعة جداً
أومى عمر برأسه و هو يتضاحك على تحول دفنه منذ حملها من دفنه التي تأكل بالقطارة إلى عاشقة للطعام
خرج الشاب الوسيم من الغرفة و رمت البرتقالية رأسها على الوسادة مرة أخرى و رفعت ظهر يدها البيضاء تفرك عينيها كالأطفال  و بعد ذلك زحفت يدها إلى بطنها و شرعت في رسم دوائر وهمية
- صباح الخير صغيري، كيف حالك ؟..هل أنت جائع يا ترى ؟ هاه هل صغيري جائع ؟ هيا يا روحي والدك يحضر لنا فطوراً لذيذاً في الأسفل
نحرت إبتسامة عريضة واقعة و منغمسة في الحب بالكامل شفتيها الحمراء و هي تفكر في زوجها المثالي الذي رزقت به فهو في نظرها شخص كامل الأوصاف و مجرد رؤيته تجعلها تتسائل اي حظ تملك هي ؟
مجرد الشرود في إبتسامته الساحرة و ذقنه المهندمة و عيونه الفحمية جعلت نبضات قلبها كالطبل و أصبحت تكاد تسمع من الخارج و حماسها لم يهدأ هنا بل أمتدت يديها تزيح الغطاء لتبدل ملابسها و تنزل إليه راكضة

أميري  العاشق.  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن