عفو بطعم الحياة

2.1K 58 31
                                    

الحياة أقصر من أن نقضيها في تسجيل الأخطاء التي يرتكبها غيرنا في حقنا أو في تغذية روح العداء بين الناس كما أننا إذا أردنا الثأر فأشرف أنواع الثأر هو العفو

أسندت الحمراء جبهتها على جبهة زوجها و هما يتنفسان براحة و إبتسامة هادئة تشرق على وجهيهما
- متى علمتي بقدوم المشاكس ؟
- بعد خروجي من باسونيس ذهبت  للمستشفى  عندما لم يهدأ هذا الدوار او الغثيان قلت لأفهم ماذا يحدث...و لحسن الحظ أنني ذهبت لأنني علمت بوجود هذا الملاك الصغير داخلي
توسعت الإبتسامة على ثغر الأميرة أكثر و هي تكمل
- كان يحاول إخباري منذ البارحة و لم أنتبه
إنغلقت عيونه السوداء و إبتسم إبتسامة سعيدة يتخللها الكثير من الدهشة
- مازلت لا أصدق ذلك..نحن ننتظر مولوداً حقاً أومئت البرتقالية برأسها عدة مرات موافقة
- بالضبط هكذا يا روحي ..عضو جديد سينضم إلى عائلة إبيليجيكي بعد تسعة أشهر فقط من الآن
و على ذكر العائلة جاء على عقل البرتقالة أخيراً عائلاتهما الذين لم يعملوا بمجيء الأمير الصغير بعد
- يجب علينا إخبار عائلاتنا..كيف سنخبرهم ؟
شرد الرجل في أفكاره لثواني معدودة ثم أجاب
- برأيي يجب أن نزورهم
- حسناً أتفقنا...لنذهب غداً إذاً
أنتهبت صاحبة الشعر الناري أخيراً أن زوجها المسكين كان قد عاد من عمله للتو و بالتأكيد أنه جائع و متعب فقررت عدم إهمال واجباتها تجاه حبيبها و الإلتفات إلى عملها
- حبيبي أنت متعب بالتأكيد خذ حمام دافئ و أنا سأعد الغداء
- لا تتعبين نفسكِ..لأنني نائم تقريباً
ظهرت إبتسامة عريضة على شفتيها الوردية و بدأت تخطو خطواتها للخارج لتهبط إلى المطبخ
- Olmaz, Bir şey yemelisin..
لحق بها و لكن بخطوات بطيئة و لكنه توجه إلى غرفته و أخذ حماماً سريعاً ثم بدل ملابسه بحثاً عن راحة أكثر و هبط إلى الطابق الأول و كعادة السينيور توجه إلى النافذة يشاهد الخارج و يتأمل كل أحداث هذا اليوم العظيم
سيصبح أباً!! أنه ينتظر طفل صغير من زوجته جزء أخر من روحه !! طفل يحمل نفس شعر أمه الناري و بياضها الثلجي ..طفل يحمل قلبها الأبيض و روحها المحبة المرحة
بعدما فاق عقل الشاب من تخيلاته أدرك كما هو محظوظ ليكون لديه عائلة من دفنه
عائلة تتكون منه هو و دفنه و جزء من روحه
أبتسم براحة و سعادة لم يشعر بهم من قبل استكمالاً لسعادته زار خياله سعادة عائلته عندما يعلمون بقدوم أمير جديد لمملكة إبيليجيكي و لأن اللحظات الجميلة لا تدوم طويلاً أظهر عقله سيفه عالياً و أوقع قلبه في لغز صعب جداً و مجرد التفكير في الحل يحرق قلبه و هو هل يخبر جده أم لا فهذا حقه أن يعلم بمجيء إبيليجيكي جديد إلى الدنيا و من جهة أخرى هو يكره حتى مجرد التفكير فيه فكيف سيشاركه سعادته ؟
- إهدء يا عمر لن تتحدث معه و هو لا يستحق خرج صوت خافت من داخله ليعارضه
- ماذا لا يستحق عمر ؟ هذا حقه.. بل ليس من حقك منعه من الأساس
تأفف عمر بقوة و أرتفعت يديه تمسح على وجهه بغضب
في هذه الأثناء خرجت الأميرة الحمراء من المطبخ بإبتسامة
- هيا يا حبيبي الطعام جاهز
و لكن تلاشت إبتسامتها عندما لاحظت شروده التام
- Ömer, Ne düşünüyorsun ?
طرحت الفتاة سؤالها  و هي تريح يدها على كتفه
- Bir şey yok..
- لا، يوجد شيء و من الواضح أنه شيء سيء أيضاً لأن ملامحك تحكي هذا بكل صراحة.. أخبرني
أمسك الأمير بوجه أميرته و مرر إبهامه على وجنتها
- حقاً لا يوجد شيء.. دعينا لا نفكر في أي شيء سوانا
أومئت دفنه متفهمة أنه لا يريد الإفصاح عما بداخله و بالرغم من رغبتها في معرفة ما كان يطوف بعقله إلا أنها أعطته حريته في إبقائه داخله..على الأقل الآن
- هيا الطعام جاهز
جلس الزوجين يتناولون طعامهم في صمت بعدما غرق عمر في أفكاره
- دفنه..أريد أن أسألك سؤالاً
- أسال يا روحي
أمتدت كلتا يديه و ضغطت على يدها ضغطة خفيفة
- هل ستخبرين والدتكِ بقدوم حفيدها
تقوست شفاهها الوردية راسمة إبتسامة متحمسة
- طبعاً سأخبرها..تخيل كم ستفرح..أنه حفيدها الأول
رفع السينيور يدها البيضاء إلى شفتيه طابعاً قبلة رقيقة و من ثم تحدث بإبتسامة
- حبيبتي صاحبة القلب الطيب
أبتسمت ببراءة و أرست شفتيها فوق وجنته الملتحية
- لما تسأل ؟
- هاا لا شيء مجرد سؤال
- Peki...
........................................................................
أضاء ضوء الشمس الوهاج سماء إسطنبول الصافية لتنيرها و تكشف تفاصيل يوم أنتظره البعض و طال إنتظارهم حتى ظنوا أنه لن يأت أبداً
سطعت الشمس على وجه أبيض كالثلج يغرم به كل من يراه و سربت ضيائها إلى عيون الأميرة و حررتهم و تحرر معهم غثيان الصباح الملازم للحوامل لتركض الحمراء إلى الحمام لتتقيأ
دام الأمر مدة ليست بطويلة و من ثم نهضت تغسل وجهها المرهق و تمرر أناملها على بطنها بإبتسامة لم تخلو من أثار التعب
- هذا يؤلم حقاً صغيري و لكن ليكن من أجلك
خرجت الفتاة الثلجية من الحمام لتجد زوجها الأسمر مازال نائماً و لكنه على مشارف الأستيقاظ فتوجت إلى السرير و أستلقت بجانبه و أرتفعت يدها لتحط على قلبه و همست برقة
- Günaydın, sevgilim
تسلل صوتها الناعم إلى كل خلايا جسده ليريحه و يرسم الإبتسامة على وجهه تلقائياً
- Ne güzel bir sabah öyle
قرن الشاب حاجبيه منزعجاً من هذا الصداع الذي يداهمه في الصباح الباكر و كان هذا تحت أنظار زوجته التي أرست قبلة على وجنته و تسائلت بخوف
- Seni ne acıtıyor ?
أبتسم السينيور إبتسامة خبيثة بعدما أنتصر الجانب الإستغلالي بداخله فتداعى الألم أكثر
- رأسي يؤلمني بشدة
حتى و أن كانت البرتقالة تعلم مقالبه جيداً فبإخبارها بأنه يتألم توقف عقلها
وضعت قبلة طويلة على جبينه و هو مغمض العينين و يبتسم براحة كبيرة
- قبلتك تريحني كثيراً يا لها من وصفة طبية رائعة جداً
لكمته في صدره بخفة و هي تنهض خارجة من الغرفة
- هيا أرتدي ملابسك حتى لا نتأخر

أميري  العاشق.  Where stories live. Discover now