الصمت الباكي

By ara90909

542K 19.8K 3.9K

دراميه. أكشن. غموض.حزينه .والباقى هتعرفوة More

المقدمه
الشخصيات
الفصل الأول
الفصل الثانى
💛🌻
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
❤❤
نبذة ❤
إقتبااااااس 💛
الفصل السادس
إقتباس ❤
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادى عشر
الفصل الثانى عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
طلب بسيط😘
مهم جدا
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر💐
نوت 💐
إقتباس....
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
هديه بسيطه 😘😘
سعاده🙉🥳
الفصل التاسع عشر ❤
الفصل العشرون
الفصل الواحد والعشرون
إعتذار😢
الفصل الثاني والعشرون
يا فرحة قلبي💃🙈
إقتباس 🙈
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
أفرحوا معانا 🤩🥳💃
إقتباس..
إقتباس ٢ ..
الفصل الخامس والعشرون
نوفيلا جديد..💃
الصمت الباكي..
الفصل السادس والعشرون ج١
الفراشة البيضاء
الفصل السادس والعشرون ج٢
نوفيلا ..
نوت.
إقتباس من الفصل 27
الفصل السابع والعشرون
الصمت الباكي
الفصل الثامن والعشرون
إعلان
اقتباس
الفصل التاسع والعشرون
إقتباس
الفصل الثلاثون ج ١
الفصل الثلاثون ج٢
#إقتباس
الفصل الواحد والثلاثون
تذكير، وإقتباس
إقتباس 2🔥
إقتباس3 🔥🔥
إقتباس4🔥🔥🔥
إعلان
مـــــــؤمن ...🖤
إعلان 🖤🖇
إعلان الفصل 32 🖇
تذكير بأخر الأحداث والشخصيات😘
الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون 33
الفصل الرابع والثلاثون 34
الفصل الخامس والثلاثون "35"
الفصل السادس والثلاثون "36"
إقتباس الفصل 37
الفصل السابع والثلاثون "37"
إقتباس الفصل "38"
الفصل الثامن والثلاثون "38"
إقتباس الفصل "39"
الفصل التاسع والثلاثون"39"
الفصل 40
إعتذار💔
الفصل الأربعون "40"
عودة 💛🌾
الفصل الواحد والأربعون "41"
الفصل الثاني والأربعون "42"
إقتباس الفصل "43"
إستطلاع رأي 😁
الفصل الثالث والأربعون "43"
إقتباس الفصل "44"
يا مُعين 😌
الفصل الخامس والأبعون "45" ج1
الفصل الخامس والأربعون "45" ج2
إقتباس الفصل 46
الفصل السادس والأربعون "46"
إقتباس الفصل 47
الفصل السابع والأربعون "47"
الفصل الثامن والأربعون "48"
الفصل التاسع والأربعون "49"
إقتباس من الفصل "50"
🖤🍂.
الفصل الخمسون "50"
الفصل الواحد والخمسون "51" ج(1)
الفصل الواحد والخمسون ج[2]
الفصل الثاني والخمسون "52"
إقتباس
آسفة 💔
مهم جدًا جدًا بخصوص الرواية 🖇
مهم جدًا 🖇🙈
إقتباس الفصل 54
الفصل الثالث والخمسون "53"
الفصل الرابع والخمسون "54"
إقتباس "55"
الفصل الخامس والخمسون "55" ج【1】
الفصل الخامس والخمسون "55" ج【2】
نوت.
الفصل الخامس والخمسون "55" ج【3】
الفصل الخامس والخمسون "55"【4】
إعتذار.
نواصل 🌻
إقتباس الفصل "56"
الفصل السادس والخمسون "56" ج1
الفصل السادس والخمسون "56" ج2
الفصل السادس والخمسون "56" ج3
الفصل السابع والخمسون "57" ج1
مهم .. مواعيد الرواية
الفصل السابع والخمسون "57" ج2
الفصل الثامن والخمسون "58"
بُكرا
الفصل التاسع والخمسون "59"
الفصل الستون "60"
إقتباس.🔥
الفصل الواحد والستون "61"
إقتباس ناري من الفصل "62"🔥
🥺💔
الفصل الثاني والستون "62" ج1
الفصل الثاني والستون "62" ج2
إقتباس🔥
مواعيد .. ومهم جدًا..
الفصل الثالث والستون "63" ج1
الفصل الثالث والستون "63" ج2
ياريت الكل يجمع هنا..
نقطة ومن أول السطر.
إقتباس🔥
ما قبل الأخير.☄
الفصل الرابع والستون "64"
مهم 💯 .
مهم🤒
الفصل الخامس والستون "65" والأخـــيــــر.
إقتباس أخير🔥
آخر إقتباس ناري للرواية🔥
الخاتمة
مهم 🥰
الجزء الثاني 🔥
إقتباس ٢💣
مهم جدًا جدًا جدًا جدًا
مهم 👀
مهم جدًا 👀
تعالوا هنا 👀
مفاجأة 🥳

الفصل الرابع والأربعون "44"

3.5K 206 55
By ara90909

بسم الله الرحمن الرحيم
استغفروا الله
لا تلهاكم القراءة عن الصلاة

رواية "الصمت الباكي"
الفصل الرابع والأربعون "44"
«أنا بكرهك»

|قبل القراءة، الڤــــــــــــــــوت يا حلوين|
وعايزة أقولكم مش هتنازل عن 50 لأن التفاعل مش حلو ولا مُنصف ليا ..

= بالليلُ البعيد، أخذ البرقُ يُومِض في الظُلماء، خَلَعَ الإرهاق عليه لِباسه فعاد للمنزل لجَلب بعض الملابس والأشياء قبل العودة إلى العمل مرة أخرى وقبل موعدهم في الصباح الباكر ...
يُقنع قلبه أنه جاء فقط لأجل جلب بعض الأشياء والإطمئنان على والدته .. لا مِن أجل رؤية تلك القاسية التي جافته وإنزوت عنه، أضحى لا يعرفها وكأنها ليست تلك المُستكينة التي قابلها منذ عدة أشهر ..

أصبح هو الأخر عجيب الشأن بتجنُبها ويبيت الليالي بعمله وتارة يأتي بعد مُنتصف الليل فتكون قد آوت لفراشها..
حتى أنه بات يُغاوِر نفسه لئلا يتتبعها فيتبين أمامه الكثير والمستور، فاليبقى المجهول مجهول لكن إلى متى وقلبُه يحثه على إقتحام أسوارها الحصينة..

ولج للمنزل بتباطُء وعينيه تحيدُ بشتى الإتجاهات بعدما غزت رَوْحها بزوايا البيت.
خانته عيناه باحثةً عنها، تسمّر بأرضه حينما وقعت عيناه على هيئتها النارية ..
خصلاتها التي تترائا لعيناهُ الطامعة لمرتها الأولى ..
واللعنة ما هذا اللون الآن؟! بأقصى أخيلته لم يُرادفه هذا اللون، ظل العديد من الليالي يُفكر .. يا تُرى ما لون شعر تلك الغازية؟
أهو أسود، أم بُنيّ، أم بُندقي، حتى أنه تخيله أشقر، لكن خابت جميع ظنونه وهو يرى خصلات تنساب كـ موج البحر الثائر بلونها الأحمر البرتقالي الذي يُشبه الشفق وقت الغروب، مِنْ مَنْ ورِثت هذا اللون، فـ "مؤمن" لا تحمل خصلاته ذات اللون لكن ليلاه فريدة هي من نوعها، وحقًا يليقُ اللون بها ويروق له كثيرًا ...
وآآآهـِ من هذا الرِداء الذي يُماثل لون خصلات شعرها يتمايل عليها بدلال، يضيقُ من الأعلى ويهبط بإتساع إلى كعبيها وتصل أكمامه لمُنتصف ساعديها..

تصاعدت هتافات قلبه تجأر بعشق قد بات يؤرق مضجعه ويسرق النوم من بين جفونه لأجل ليلاه فقط..
بينما قلبها فَـ جملُود صخر لا يشفق عليه قط، لا ترضخ لهواهُ الخفيّ ولا تطرف تجاهه ولو سهوًا ..

نسمة عطرها الذي يُشبه الماء ضربت قلبه، فكانت ناعمة إرتجف لها جسده، ورباه على بشرتها التي تُضاهي الدّمقس بشدة بياضه وصفاءه ونعومته..
تأس "ليث" تلك ليلاكَ فقط ..

تنحنح بصوتٍ مبحوح إثر المشاعر التي إجتاحته ليُعلن عن تواجده، لتُسرع تلك المُتجبرة بوضع قدح الشايّ أمام والدته المُتدثره بدثارها الصوفي ويبدو عليها الشعور بالبرد ..

_ أمسكت "فراولة" بذراع "ليلى" تحثها على البقاء مُردفة: إستني يا ليلو خليكي معايا يا بنتي ..

أزعنت "ليلى" لرغبتها وجلست خلف أكتافها تُدلكهم برفق مُتجنبة النظر إليه .. غيره هو الذي لم يستطع وضع عيناه بوجهه ..

_ نظف حلقه يُحاول إخراج صوته وصبغه بالجدية، وقال بهدوء: أنا هغير هدومي يا أمي وهاخد شوية حاجات وأرجع تاني علشان عندي شغل الليلة وبالمرة قولت أشوفك يا فراولة ..

_ غمغمت "فراولة" بتهكم: والله كتر خيرك يا ليث باشا .. جيت على نفسك يا حضرة الظابط، حقك علينا شغلناك..

_ تنهد بهدوء، وفرك يده من البرودة الطاغية بتلك الليلة، وقال باسمًا يسترضي أمّه وهو يجلس أمام أقدامها المُمددة يسير بيده على رُكبتيها يُدلكهم لعلمه بألمهم أثناء إشتداد البرودة، قَبَل قدميها ينحني عليهم: حقك عليا يا فراولتي حقك على عيني، أنا غلطان يا أمي بس والله بشتغل على قضية مهمة جدًا اليومين إللي فاتوا دول ومشغول جدًا ..  هخلص منها الليلة وأفضى كدا وأخد يومين أجازة أفسحكم فيهم ..

_ شعرت بنغزة ألم بقلبها، وقلق شديد يسيطر عليها، تخشى عليه من أبسط الأمور، وكيف لا وهو ما لها في دُنياها، ما واصلت دُنياها لأجله، قُرة عينها الوحيد، قالت بمرح مُحاولة أن توأد ذاك القلق: كُل بعقلي حلاوة يا ابن فراولة بس طالما فيها فُسح هسامحك يا واد بس بشرط توديني اسكندرية وحشيتني أوي يا ليث أُمك ..

_ رفع راحتيها يُقبلهم بحنان: بس كدا .. عيون ليث.. وماله إسكندرية في الشتا وماله لازم نتجنن شوية ونغامر..

لسعت يديها الدافئتان برودة كفيه لتضعهم بين كفيها الدافئتان واللتان رسما الزمن أثاره عليهما، ثم قالت بحنان: يا حبيبي يا ابني إيدك باردة أوي، أيوا يا حبيب أمك تلاقيك متلج ومكلتش حاجة..

_ سحب كفيه كيلا يأذيها ببرودتهما، وغمغم بمرح: حتة جعان دي مظبوطة، لأن أنا فعلًا واقع من الجوع ونسيت أكل النهاردة ..

_ شرعت تُبعد الغطاء عنها لتستقيم بلهفة لكن أوقفها وهو يقول: مفيش داعي يا ست فراولة أنا هحضر الأكل لنفسي استريحي إنتِ وإياكِ تقومي علشان البرد ورجلك ..

_ حركت رأسها نافية مُعترضة بقولها: لا يا حبيبي أنا كويسة خليك أنتَ مرتاح شكلك تعبان ومرهق أووي..

_ ثبتها بمكانها برفق، وقال بإعتراض أشد: أنا كويس فعلًا يا فراولتي ... حتى أنا بقيت كويس جدًا أكتر من أي وقت ..

قال الجُملة الأخيرة وهو يتطلع حيثُ "ليلى" التي بقت تُشاهد الموقف فقط مُتابعة الحوار بين الأم وولدها ..

_ شقت إبتسامة خبيثة شفتيّ "فراولة" بعدما لاحظت نظراته، بينما تحدثت تلك المرة "ليلى" مُقاطعة "فراولة" التي كانت على وشك الحديث، وقالت: خلاص يا فراولتي خليكِ إنتِ وأنا هحضر الأكل، إنتِ جسمك بردان ومينفعش تقومي، ويلا اشربي الشايّ بتاعك أنا عملتهولك بالقرونفل..

_ ما أرادته "فراولة" قد كان، أمسكت بقدح الشايّ بين يديها قائلة برضا: الله يصلح حالك يا بنتي ويرضى عنك.

استقامت "ليلى" وذهبت للداخل وما زالت مُتجاهلة "ليث" لم تلتفت إليه وكأنه ليس معهم ..
بينما أشرقت الشمس بعسلتيّ "ليث" وهو يُتابعها حتى أفلت عنه للداخل..

_ تنحنح بخشونة وتنفس بعمق ثم نظر لوالدته التي أخذت تتابع أحد البرامج المعروضة على شاشة التلفاز وإبتسامة عريضة على ثغرها، استقام يُخاطبها برفق: بعد إذنك يا أمي هغير هدومي بس علشان متأخرش..

_ أجابته وما زالت الإبتسامة حليفة فمها: وماله يا قلب أمك الله يعينك وييسرلك طريقك ..
رحل للداخل وكلمات والدته المُتوارية لم يفهمها سوى بحسن خاطر، والمُراد منها أعمق مما هو ظاهر ..

= وقف أمام حُجرة المطبخ وبعض التوتر يستحوذ عليه فهُمّ لم يتحدثا مُنذ شهر تقريبًا، وضع يده خلف رأسه مُحاولًا أن يُنفِذ هذا القلق ودخل مُتحججًا بشرب الماء ..

أمّا "ليلى" فقد شعرت بدخوله لمُحيطها لكن لم تُبالي وظلت على حالها تُحضر الطعام بهدوء بارد كأنها بمفردها..
وذلك المسكين ينكوي بنيران قلبه ويذهب هُنا وهُناك مُحاولًا بدء حديث معها ..

▪︎ رفع عددًا من أكواب الماء لا بأس بها يحتسيها، وتشجع أخيرًا، ومن بين محاولاته المُخفقة نجحت واحدة ولم يستطع سوى نُطق كلمة واحدة يعشق حروفها كُلًا على حِدة .. اسمها الذي ينسج أحبال الوِد بين أوتاره: ليـلــــى !

_ لم تُبدي ثمة ردة فعل كأنها صماء عن حديثة بينما هي تسمع، اقترب "ليث" أكثر مُخترقًا حدودها ثم رفع يده ووضعها على كتفها برفق ويُكرر النداء على أسماعها: ليلى!

_ أطبقت على جفنيها بشدة وهي ما زالت مُستديرة  مُوجهة ظهرها له، تنفست عِدة مرات وأجابت بنبرة مليئة بالحِدة والحزم: نعــم !!

_ أخترق صوتها الحاد قلبُه مُحدثًا جرحًا على شغافه، وتسائل بصوتٍ حاني: هنفضل كدا لغاية إمتى يا ليلى؟

_ اشتدت قبضتها على حبة الطماطم التي بين يديها، ونطقت بقسوة مُكررة كلماته: إنتَ نسيت يا حضرة الظابط ولا أيه ... أنا هنا مُجرد ضيفة ومينفعش اتعدى حدودي وهانت خلاص كلها أيام معدودة وأخويا هياخدني..

_ تضرج وجهه بالغضب من ذاته؛ تلك الكلمات خرجت من خلف قلبه وقذفها بسبب غضبه حينها من الأشياء التي تُخبئها عنه وتُدثرها بغموضها لكنه أبدًا لم يقصد جرحها ولا قول هذا الحديث الأحمق ..
اقترب أكثر منها حتى بات لا يفصلهم شيء، وانحنى لمستوى أذنها وهو يستنشق رائحتها العذبة التي غزت قلبه، وهمس بصوتٍ رقيق مُغري: أنا آسف يا ليلاي، حقك على قلبي الغبي، البيت بما فيه ملكك يا مُعذبة الفؤاد، يا صهبائي.

وتابع بصوت يقطُر أشد قصائد الغزل:-
"فُؤادي بَين أضَلاعي غَريب .. يُنادي مَن يُحِبُّ فَلا يُجيب"
                                                    [قيس بن الملوح]

▪︎ وعسى أنّ يكونَ بنبرته المُعذبة ببعدها قد استطاع أنّ يُلين قلب إمرأته ويُضعضع حُزنها منه مُخرجها من إنزواءها عنه..

***************************************

= بين هذا الصباح الأغبش المُمتليء بغُبار الصُبح البكور، كان حيّ "الأعور" مُغلف بالهدوء والصمت بعد وقع تلك الصدمة على قلوبهم وعقولهم، فتلك فاقرة عظيمة فاجأت الجميع، وأخلت حسابات الأعور والنتيجة التي حسبها لم يلقاها..

▪︎ بينما هُناك بالبعيد القريب عند تلك الهامدة البائسة التي كُشِطَ قلبها من جذوره، وما تبقى من قلعتها أطلالٌ نخِرة، وأغطش الصباح بوجهها بعدما حسبت أنّ نجاتها تكمُن به..
جَرّها ثلاث أجساد قذره تسوقهم شهواتهم ومن بينهم هذا الحقير الذي تحرشّ بها بلُجات الظلام..
والآن سيتم ذبحها لأن ناقد العهد، وخائن الميثاق قد تحول إلى ذئب أو أنه هكذا منذُ بداية الأمر وهي من أعمت أعيُنها عن رؤية الحقيقة المُرة..

إنحنى أعلاها إلى أسفلها بزاوية الغرفة التي استعارت ظُلمتها من جُنح الظلام، وثلاث ذئاب يتبارزون أيهم سينالها أولًا ؟! والسعادة تتلبسهم وكأنهم قد فازوا بخُلاص الدُنيا وملذاتُها ..

= أطبق الصمتُ على الأرجاء و"مؤمن" لازال مُتكأً على دراجته النارية يعبث بحلقات مفاتيحه وكأنه ليس من بعثر الوسط وألقى بمفرقعات شتت ما خَطّه الجميع..!

_اعتدل في وقفته، وقرر قطع هذا الهدوء المُمِل، عَلَاَ وجهه سيماء الإشمئزاز، وصاح بملءِ فيهِ: حظكم الهباب وقعكم في إيد مبترحمش، إتجرأت وفكرت إنك ممكن تلوي دراعي ونسيت إن مؤمن الصياد مش بيتهدد لأن معندوش إيد توجعوه بيها لأن من الأخر معنديش غالي ..
وقفت قدامي بتتباهى بخيانتك وشرك إلى أضمرته ليا  وتغني ألاعيبك القذرة، ووصلت بك الجُرأة وتهددني وبمين؟! ... واحدة لا راحت ولا جات ..
دلوقتي خططك بح، بلها وأشرب مايتها، هتعمل أيه بقى؟

_ استشاط "الأعور" غضبًا، وَعَمَدَ ألا يُظهر هذا ويظل ثابتًا، وراح ينطق ويزيد بجملة أخطائه قائلًا: بسيطة يا ابن الصياد مفيش لنا معاك مصلحة، إنتَ على أرضنا أعزل وبين رجالي ... رصاصة في نُص راسك ولا من شاف ولا من دري وأتوي جُثتك في أي قبر ومفيش أكتر منهم هنا .. اصلًا أرضنا تسع من الحبايب ألف ...

_ "مؤمن" هاديء، وما يؤشر على حالة غضبه الدم الذي يصَّاعد إلى وجهه، أردف ببطء خطير من بين أسنانه وهو يُزهق مئارب "الأعور": بس مش هتلحق يا أعور... 

_ عقد "الأعور" حاجباه وهو يضحك بإستخفاف، وتسائل بنبرة يغمرها السخرية: وليه بقى يا باشا .. الأرض هتنشق وتبلع جنابك ..

_ قصد "مؤمن" الرّد بنفس الطريقة، فرفع يده وفرقع بإصابعيه لتخرج رجال الشُرطة من كل حدبٍ وصوب يقودهم "ليث" و"حسام" ويأتي من غرب الحيّ "محمد" يقود فرقة خاصة فأصبحوا مُحاوطين للأعور ورِجاله وعددهم يفوق أعدادهم ثلاث أضعاف..والإشتباك معهم ليس في صالحه بتاتًا..
وقد نجح "مؤمن" بتشتيت إنتباه "الأعور" ورجاله وجمهرهم ببقعة واحدة حتى يتسنَ لِـ "ليث" ومن معه الولوج للحيّ ومداهمتهم ..
فأخذوا ينسلون خارجين من مخابئهم واحدًا تلو الأخر والفضل يعود إلى "أسوة" التي استطاعت كشف جهات الحيّ لهم، ويعود أيضًا لِـ"مؤمن" الذي أرسل خريطة تفصيلية لليث بمجرد دخوله إلى الحيّ  .. وتلك الخُطة المُتفق عليها...

= ظلّ "الأعور" يلتفت حوله بزعر بحثًا عن مخرج كفأر وقع داخل الشِباك، فبأقصى أحلامه لم يكُن يتوقع حدوث هذا، كون "مؤمن الصياد" هو الخائن لهم ونصبه كمين مع الشرطة ضده، الأمر مُجرد خدعة فقط، وبناء اسم له بسوق تجارة المخدرات والأفيون مُجرد خدعة ماكرة من وحيّ قلمه وطُعم للشرطة ليس أكثر .. وقد جاء به إلى هُنا لأنه قد حان دوره ليس إلا، لكن تلك الخيانة ستُكلفه الكثير والأكثر من حياته..
ستُقام حربًا شعواء، وفتنة عمياء، يختلط فيها الرامح بالنابل، والدارع بالحاسر، ويُهلك فيها القاعد والقائم، والمظلوم والظالم ..
"مؤمن الصياد" قد فلح بجدارة بإشعال نار شعواء ستُهلك الجميع ..

_ قال "الأعور" بعدما ألقى سلاحه هو ورجاله مُستسلمين بين أيادي "ليث" ورجال الشرطة: يعني طلعت مُجرد كلب من كلاب الشرطة يا ابن الصياد، هتدفع تمن الخيانة دي كتير يا باشا ومتنساش كلامي...

_ حَولَ "مؤمن" أنظاره عنه ثم راحَ يسير تجاهه بتأني وتمهُل حتى وقف أمامه ولم يطيق سكوتًا على ما فاهَ به "الأعور" ورفع يده حتى وصلت مُنتهى العلو وهبط بها على وجهه بقوة فسقط ذليلًا، رفعه مرة أخرى وفعل نفس الأمر، وسدد إليه الكثير من اللكلمات حتى تضرّج وجهه بالدماء..

صاح يجأر بصوت أرعب الواقفين: لا عاش ولا كان إللي يقف يهددني ويلوي دراعي ... مفيش كلاب هنا ألا إنتَ وشوية النسوان إللي معاك، وأعلى ما في خيلك أركبه يا حُرمة دا لو شوفت الشمس تاني.. وطول لسانك ده أنا هحاسبك عليه ..

واستدار بسرعة البرق تاركًا الباقي لليث ورجاله، وبعِدة ثواني كان ينطلق بسرعة البرق على دراجته النارية ..

ليصرخ "ليث" بصوتٍ مُرتفع حتى يسمعه: القوة التالتة بقيادة يوسف اكيد وصلت عند الدكتورة يا مؤمن متقلقش..

وتابع وهو يُشهر سلاحه بوجه الأعور قائلًا بإبتسامة جانبية: والله ووقعت في إيدي يا أعور .. كله يلزم مكانه عندي أمر بضرب النار ..
وبدأ رجال الشرطة بتصفيد أيديهم بل وحريتهم للأبد ..

▪︎ في حين لاقت قوة "يوسف" بعض المُقاومة وحدث إشتباك بالجهة الخلفية لمدخل الحيّ وتسبب هذا تأخرهم وتعثرهم للذهاب لأسوة..

= بينما "أسوة" فبدأ هؤلاء الذئاب بقيادة ذاك القذر يجردونها من ثيابها يمزقونها وهي تُجاهد، تُماضل، ولم تهدأ مقاومتها ولم يقف صراخها الذي شق السكون ويُمزق أنياط القلوب، في نفس ذات الوقت تجلس أمام الغُرفة عديمة الرحمة التي لا تعلم للإنسانية سبيل، ويُسعِدها الصرخات والإستغاثة التي تشُق حنجرة "أسوة" شاعرة بالإنتشاء لكسرها وإذلال تلك الشامخة ..

《قام الرجلان بتكبيل يدها، كُلًا منهما يُكبلها من ذراع، وقدميها مُكبلتان بأحد الحِبال القوية، وعندما تسبب صراخها المُستغيث بإزعاج هذا الحقير قام بتكميم فمها رغمًا عنها بعدما رسمت كَم ليس بقليل من الخرمشات على وجهه..

_مسح هذا الذئب على فمه وهو يرى قُرب تحقيقة غايته وأمنيته، وينال ما سولت له نفسه، قال بشهوة وهو يُمزق ذراع فُستانها ويلطُمها على وجنتها الدامية: خلاص يا ست البنات هانت، وقعتي بين إيديا ومفيش مخلوق يقدر يخلصك منها، والواد إللي كنتِ مُعتمدة عليه فلسع وباعك》

= أوقف الدراجة بحِدة جعلت الغُبار يتطاير بكثافة، سحب سلاحه الناري من خصره وشدّ صمام الأمان بقوة وقد انتفخت أوداجه وبرزت عروق وجهه ورقبته؛ وأصوات نزاعتها وصرخاتها المكتومة تطن بأذنه كأنها لسعات من السعير ..

ضربة عنيفة مُحملة بقسوة شديدة أسقطت الباب أمام "بتول" التي تراجعت للخلف برعب وتتأمل هذا الوحش الكاسر..
ظلت تتراجع وهي تنفي برأسها قائلة بحروف مُتقطعة: أ ..نا مليش د...عوة

_لم يتردد مرتين بإخراس صوتها واستقرت رصاصة غاضبة قاسية بقدمها أعجزتها عن التألم وشهقت بأعيُن جاحظة وسقطت بضعف وخزي ..

وفي غمضة عين كان يُسقط الباب الأخر وصراخها المكتوم لم يُقصر بإرشاده لها؛ رأي هذا المشهد أمامه الذي يُسقط القلب صريعًا..
ثوران استحلوا ملامستُها يُكبلونها، والثالث أعطى الحق لذاته الخبيثة بتعري جسدها شارعًا بإنتهاك وإراقة عرضه وحقه، وذبح روحًا عاجزة بائسة..

فزع الرجلان ووثبا من مكانهما مُستعدين لمهاجمته، وقد كان نصيبهم وحظهم الأوفر استقرار رصاصة بذراعي كلًا منهما ..
وثَب الحقير الثالث وقد هاله وأرعبه وجه "مؤمن" البارز عروقه والذي يقطر شرًا يمكن إبادتهم ولا قِبل له به..
بينما رجفت "أسوة" لسماع الرصاص وزحفت للخلف بجسدها المُحطم وصراخها المكتوم يُثير ضجة قلبه بشدة.

▪︎ راقب الرجل اقتراب "مؤمن" منه ليبتلع لُعابه برعب وتفاجىء به أمام وجهه وما كاد يقف مُستقيمًا حتى تلقى ضربة من قبضة "مؤمن" جعلت وجهه ينزف بغزارة، جرّ مؤمن جسده بوحشية جعلت رأسه ترتطم بالأرض الصلبة أسفله، قاوم الرجل بقوة بينما أقترب "مؤمن" مجددًا يُكيل له اللكمات بقوة وغلّ وهو يُزمجر ويتذكر المعاناة التي تلقتها على يد هذا الحقير..
ترك جسده يتهاوى أرضًا ووقف يلتقط أنفاسه اللاهثة ..
ولم يكتفي "مؤمن" بهذا القدر فقط، انفلتت وحوشه الكامنة وأخذ بسلاحه وأطلق على ذراعيه التي مزق بها ثيابها..جعل الرجل يصرخ باكيًا بخزي ..

_اقترب منه جاثيًا على رُكبة واحدة، وهمس بجوار أذنه: ورب العباد انتَ لسه ما شوفت حاجة، أنتَ والتيران إللي معاك مش هسيبكم ألا ما أخليك إنتَ وهما النسوان أحسن منكم يا أوساخ..

أغمض الثلاث رجال أعينهم ذاهبون بدوامة رُعب لم يروا منها شيءٍ إلى الآن..

= استقام وذهب إلى تلك المسجية بلا حول ولا قوة، رمقها بتشنج وجذوة من الجحيم اشتعلت في عينيه وهو يرى جسدها المكشوف والدماء المُتجلطة عليه بينما هي تأنُ ألمًا
ابتلع لُعابه الجاف واقترب منها ببطء  ..
ارتجف قلبه وانتفخت عروقه ثم سحبها برفق يضعها على أقدامه لينكمش جسدها بخوف وتُغلق عيناها بقوة..

أزال تكميم فمها، وحَلّ وثاق أقدامها، ثم انحنى يضع مُقدمة رأسه على رأسها يحاول التنفس وأصابعه تتحسس وجهها وكدماتها وأعينُه تتأمل هيئتها التي غابت عنه ما يُقارب الشهر أو أقل قليلًا .. وهي ظلت تنكمش على نفسها برعب وإرتعاشتها لم تهدأ..

_ تمالك أعصابه، وهمس بأنفاس لاهثة يُهدأ من روعها: هششش متخافيش إهدي دا أنا ..

أعتقدت أنها بداخل حلم من أضغاث أحلامها، لكن فور أنّ زكمت تلك الرائحة المألوفة أنفها توسعت عينيها المرسومة بالأخضر القاني أمام عيناه المُظلمة ..
وظلت على هذا الحال تتأمل هيئته دون البث ببنت شفة وسرعان ما انفجرت ببكاء عالي ليسحبها داخل أحضانه يُخبئها داخلها وهي قد تركت ذاتها إليه مُلقية بجسدها تحتمي داخل دِفء أحضانه ..
الخائن قد جاء . . قد جاء ولم يخلف وعده ..

_ ضربت ظهره بوهن وهي في غُمرة بكائها وتصرخ بعنقه: يا خاين خلفت بوعدك .. سبتني لهم يا متوحش يا عديم القلب ... أنا مش هرحمك ومش هسامحك يا ناقد العهد أنا عمري ما هثق فيك تاني.. أنا بكرهك أكتر من الأول يا حقير .. كل إللي حصلي بسببك يا وحشي ..

_ ضمها بقوة لأحضانه وكتم أنفاسه في رقبتها وهو يُشدد على جسدها بين ذراعيه، يشعر وكأن أحدهم خمش خنجر مسموم في قلبه وتركه داميًا ... اختنقت أنفاسه ورفع وجهه يرمق وجهها بألم ويتحسس وجنتيها وسائر جسدها يُريد أن يُصدق ويطمئن أنهم لم يستطيعوا الوصول إليها وأنه وصل بالوقت المُناسب ..

_ استكانت بأحضانه مُتعلقة برقبته وهي تتنفس أخيرًا، وهمست بصوتٍ ضعيف: كُنت عارفه إنك هتيجي ومش هتسبني يا متوحش..

أقدام مُسرعة قادمة نحو الغرفة تُهرول ولم يكن سوى "يوسف" ورفقائه الذين وصلوا أخيرًا..
تفحص حال الغرفة والجُثث الهامدة المُبعثرة بداخل المكان، ليتسائل بصدمة: مؤمن باشا .. أيه إللي حصل هنا؟

_ خبأ "مؤمن" "أسوة" داخل أحضانه ودفن رأسها بثناياه بتلقائية، وأردف بقسوة يأمر: هما لسة عايشين .. اسحب الجُثث دي ويلا إنتَ ورجالتك برا ..

_ اعترض "يوسف" يقول بقلق وهو يُشرأب برأسه نحو تلك المُستكينة: بس يا مؤمن با.....
_ صرخ "مؤمن" بنفاذ صبر: قولت برا .. نفذ وبس ..
_ تراجع "يوسف" ومن معه وهم يسحبون هؤلاء المُسجون ارضًا تاركين "أسوة" بأحضان "مؤمن" المُطبق عليها بحرص..

أبعد سترته يخلعها عنه وألباسها إياها برفق وإتقان يواري  أجزاء جسدها الظاهرة من خلف ثوبها المُمزق، ثم جمع خصلاتها بحنان وخبئهم خلف حجابها المُلقى جانبها بإهمال.

_ رمقها مرةً أخرى ليجد عيناها قد فاضت بالأنهار، أزال عبراتها وهمس: خلاص عدت .. أنا وعدتك وعد وعمري ما أخلف وعدي لو السيف على رقبتي، أمّا الأوساخ دول فهدفعهم التمن غالي ..

_ تشبثت بياقته، وهمست داخل صدره بصوت مبحوح مُجهد: أنا بكرهك ...

_ كتم تأوه بصدره، وأطبق على جسدها يُحكم تغطيتها ثم وضع ذراع أسفل قدميها وذراعه الأخر أسفل ظهرها وحملها برفق وعناية فائقة..
وخرج من تلك المغارة حيثُ ضوء النهار الذي إنتثر في كَبِد السماء يُطارد وحوش الظلام ..

تكاثر الجميع أمام موقعهم، رجال الشرطة و"ليث" الذي أتى يسعى من أجل "مؤمن" يطمئن على "أسوة" وأنه تم تخليصها بعدما تمكن من السيطرة على "الأعور" وجماعته وسحبه مُكبلًا إلى الوكر الذي حبس به "أسوة" ..

_ وضعها "مؤمن" على إحدى الأحجار العريضة وأجلسها برفق، وقال وهو يمسح على وجنتيها: استنيني وأرتاحي هنا ثواني وأرجعلك وهنروح..

_ أماءت برأسها دون حديث وظلت تتأمل النور الذي يُمتد طُولًا وينبسط عرضًا وتشعر بالطُمأنينة تحفها وهي تُشاهد رجال "الأعور" مُكبلين ورجال الشرطة تنتشر بالأرجاء..

رماها "الأعور" بنظرة ساخطة غاضبة وقد دبت في نفسه حرارة الإنتقام من خيانتهم وإستغفالهم إياه..
لكن لم يكن بوسعه سوى أن يكون مُراقبًا ..
احتضنت جسدها بحماية وأحداث الساعات الصارمة تُطاردها بلا رحمة أو شفقة ..

_ اقترب الضابط "يوسف" منها وهو يتفحصها، ثم تسائل مُطمئنًا عليها عندما رأى أماراتُ الخوف ترتسم على وجهها: دكتورة أسوة، إنتِ كويسة؟
_ أماءت برأسها فقط، ليمُد يده إليها بزجاجة ماء، وقال بهدوء: اتفضلي، اشربي وإهدي كل حاجة تمام وتحت السيطرة..
_ تناولتها منه وتمتمت بكلمات الشكر وأخذت تروي ظمأها وتُبلل شفتيها القاسية وحنجرتها القاحلة..

= زعق "مؤمن" بصوتٍ مٌجلجل وهو يُحدث "ليث" بحزم: الكلاب دول سيبهم ليا .. أنا ليّا حساب معاهم ..
_ أبدى "ليث"  إعتراضه قائلًا: مينفعش يا مؤمن سيبهم للشرطة والقانون هياخد مجراه و...
_ قاطعه بقسوة: هما داسوا على طرفي أنا مش الشرطة، وأنا إللي هاخد حقي بإيدي .. مفهوم..

= [بينما في الخفاء، أشار "الأعور" لأحد رجاله المُتواري بأحد الزوايا مُستغلًا إنشغال رجال الشرطة بفحص المكان، والحوار الدائر بين "ليث ومؤمن" ..]
_ ثم صاح وهو يُحدث "مؤمن" يلفت أنظاره إليه: شوفت يا مؤمن باشا، توقعي طلع صحيح إزاي وواضح أووي قصة الحُب إللي بينك وبين الدكتورة يعني طلع توقعي صح ..
بس خُد بالك أنا بحب أخد حقي بنفس الطريقة، بحب أووي احارب بنفس السلاح ..

_ اجتاح الغضب صدر "مؤمن" وهو يُخلص ذراعه من يد "ليث" ليهدم وجه هذا الحقير ..
لكن صرخة عالية شقت الأرجاء، وألتفتت تجاهها الجميع ..

"أسوة" تركض بلهفة قاصدة "مؤمن" الذي يقف مدهوشًا لا يفقه ما يحدث وهي تجأر بكلمة واحدة طالت لعنان السماء: لاااااااااااااااااااااااااا..

ووقفت أمامه وحجبت الهدف عن جسده لتخترق تلك الرصاصة الغادرة جسدها وتمنع عنه الهلاك وتلتقفه لذاتها..

= أطبق الصمتُ والظلال على القلوب ينظرون بعدم إستيعاب، بينما هذا المصعوق تخشب جسده دون حراك شاعرًا بأن وميضٍ صاعق اصتدم به فهوى صريعًا، وعيناه كأنهما طُمسا .
أفاق من وخمته حينما استندت بظهرها تترنح على صدره ليكسر تخشبه ويُطبق بذراعيه على خصرها وترتوي راحتيه بدماءها المُنبثقة ..

عيناه تبرُقان، وجَمرٌ وقع على قلبه البائس؛ دارت بجسدها نحوه بتأني ورفعت عيناها الذابلة إلى وجهه المُهاجر لعالم أخر .. إبتسامة ضعيفة نمت على ثغرها المُرتعش وتمسكت به بهوان وأنفاس مُتثاقلة ..
بينما ذهب هو يصول داخل المروج الخُضرِ خاصتها والذي ساد الصمت بجنباتهما ولم يُقابله سوى الخفوت والإنطفاء..
استوطن الرعب بين سيماته، وابتلع ريقه بصعوبة وكأن أحدهم أسقط الحميم على رأسه وانتزع قلبه..

_ خرج صوتها لاهثًا، وأنفاسها تُهاجر صدرها فخرج مُتقطعًا: أنا .. بــ.. ردانة، وبـ خاف من الوحدة،  أنــ.... ا هفضل لوحدي بس  ...  بس متنسانيش..

_ تحرك رأسه بنفي شديد ويُجاهد لخروج صوته بكلمات غيرُ مُترابطة: لا .... لا .. مستحيل، ليه؟ ليه؟

_ تهاوى جسدها وسقط على جسده، وشعرت بأن البرودة تغزو أوصالها والخمول يستولى على جفنيها تُثقلانه، وسقط رأسها على صدره وهي مازالت تتمسك به وكأنه زورق نجاتها ..
ولفظت أنفاسها الأخيرة وهمست: عرف يزيد إنّ ... أن..ا بحبه ... ومسبتهوش .. وكنت هرجعله .. خُد بالك منه .  يزيد أمانة... في رقابتك..

وثقلت رأسها على موضع قلبه، ثم أغلقت جفونها وأسلمتها لنومٍ أبدي ..

= غَالَ المَشهد الجاثم أمامه ما تبقى من أطلالُه، الرَزَايا تلحقة أينما شَاءَ لكن تلك كغيرها، شلالُ الشَجَى والفزع يَنصب فوق رأسه بغزاره ليُغرقه من غير عودة، فاجعة تَصْفرُ منها الأنامل وقعها عليه كان بقسوة مطرقة سقطت فوق رأسه..
وأخيرًا أستطاع الخروج من كَبوة صمتُه وبرودته التي تسربت من مساربه تحت حِدة مكاتيب القدر، ضربة الدهر تلك المرة قاسية عاتية أصابت قلبه بمقتل فخَرّ صريعًا بميدان الألم،
هل تنتهي كذلك دُنياه المرسومة بالأخضر داخل عيناها؟!

سقطَ على رُكبتيه جاثيًا على حُطامهم بضعف وتخاذُل وهي مازالت بين أحضانه مُستقرة هامدة، وتمُر عيناه الغائبة عن الدُنيا وما فيها وبما فيها تكشف جسدها المكشوف، والدماء المُتجلطة عليه، وضع إصبعُه على عِرقها الخامد فلم يجد صدى لنبضاتُها أسفله، تفجع واهتز بدنُه، يشعُر وكأنه بعالم موازي وما يراهُ الآن أمام ناظريه ليس سوى ضبابٌ ذاهب، وطيفٌ كاذب..

_ خرجت حرُوفه ضعيفة بعدما إزدرد ريقُه الجاف بصعوبة: لا .. لا مستحيل يحصل ..

لا أَعبث ولا أُبالغ .. هُناك قسورةٌ كاسر يُمزق روحي الآن، إنتهى كُل شيء، وانتهيتُ أنا أيضًا؛ فالترقُد أنتَ أيضًا بسلام "مؤمن" لَعَل في العالم الأخر حياة بعد أن كان المُستقر بالدُنيا بين أودية الحُزن والأوجاع ...
ولتُطوىَ صفحة حكايتنا التي لم تبدأ بعد..!

_ ونفذت من صميم قلبه المذبوح صرخة تستغيث وجعًا وجلجلت القلوب: لاااااااااااااااااااااااااا...

يُتبع......
الصمت الباكي ..
"أسوة المؤمن" ..

▪︎|بمِداد:- ســـارة نيـــل|▪︎
  «عاشقةُ الضــــــــــادِ»..



Continue Reading

You'll Also Like

10.2K 386 14
أنا هي تلك الفتاة التي فقدت أعزّ شيء تمتلك، أنا هي تلك الفتاة التي كانت سعيدة وصوت ضحكاتها تملأ المكان، أنا من أصبحت حياتها بائسة الآن، أنا من ينظر إ...
40.9K 1.5K 41
كانت تحلم دائما كأنها إحدى بطلات الروايات التي يخطفها الفارس على الحصان الأبيض، فيقوم بطل الرواية بتعذيبها قليلا، ثم يقع في حبها ويتزوجها كعادة الكثي...
25.7K 2.5K 9
(هذه الرواية من وحي الخيال، ولا تمت للواقع بأي صلة، وأي تشابه قد تجده ضمن الأحداث من قبيل الصدمة أو الصدفة، على حسب ..) مواعيد النشر أسبوعيًا
56.4K 5.6K 16
عزيزي القارئ، أنت على موعد دخول المِزْلَقَةُ التابعة لكوكب زحل، فكن على أهبة الاستعداد لخوض رحلة فريدة من نوعها، وعساك ترغب في التدحرج على المِزْلَقَ...