جزء ١٤

5.2K 156 7
                                    

الفصل الرابع عشر ..

أتسعت حدقتاها بصدمة عارمة قبل أن تلفظظ:-
-أنتي اا بتقولي أييه ؟!
أجابتها بسمة ببساطة :-
-اللي سمعتيه ،أومال أنتي فاكره دخلت هنا أزاي يعني وميعاد الزيارة خلص من بدري محتاجه واسطه دي ياروكا ولا أيييه !
وببلهاء مستنكرة هتفت رقيةة:-
-وده جاي اا يعمل أيييه ؟!.
زمت الأخري ثغرها قبل أن تهتف بتهكم ساخره:-
-جاي يطمن عليكي مثلا ؟!.
-أيوة بس ااااا
قاطعتها بسمة بإمتعاض :-
-بقولك أيه مش هنفضل نرغي كده ونسيب الراجل واقف بره مايصحش ..
ثم نهضت من مجلسها بحسم وعلي عجالة:-
-أنا هطلع أقوله يتفضل ..
وقبل أن تسير نحو الباب أوقفتها رقية بصوتها فجاءة :-
-أستني !..
فقد أدركت لتوها أنها بدون حجابها فسرعان ماجذبته من جوارها ودنت منها بسمة تساعدها في إرتدائه بشكل منظم وبعد ذلك تنفست "رقية " الهواء مرتين متتاليتين قبل أن تقول لإبنة خالتها بنزق :
-قوليييله يتفضل !.
أبتسمت الأخري علي هيئتها قبل أن تتجه للباب وتفتحه ببطء ثم تشرف برأسها وبصوت مرتفع نسبيا :-
-أتفضل ياجاسم بيه !.
ثم أتخذت جانبا لتفسح له مجال للمرور ،فخطي بقدمييه الغرفة وبهيبته المعتادة ورائحة عطرة التي ملأت الغرفة علي الفور، تنحنح بخشونة  و:-
-السلام علييييكم !..
ردد كلا منهما السلام لتتابع "بسمة " علي عجالة وهي تجذب أحد المقاعد :-
-أتفضل حضرتك أقعد واقف كده لييه !
وكان قد وضعته بجوار الفرأش بمسافة لابأس بها فراح يجلس بهدوء ومن ثم ثبت أنظاره عليها قبل أن يهتف بإبتسامة خافتة لم تصل لثغره:-
-حمد علي السلامة !
أبتلعت رقية ريقها ثم أبتسمت مجاملة وبهمس :-
-الله يسلم حضرتك !..
فتدخلت" بسمة " في الحوار من أجل مغادرة المكان حتي لايصيببها أي حرج وبتوتر :-
-طب أنا هاروح اا أجييب حاجه لجاسم بيه يشربها وااا
وقبل أن تتم جملتها حدقت "رقية " بها بقوة تمنعها من الرحيل وترجو منها البقاء ولكن دون جدوي حيث غادرت "بسمة " بعدما تمتمت علي عجالة :-
-بعد أذنكم بقا !.
ولم تنس ترك الباب خلفها مفتوح لمنع أي خلوة بينهما ، فتتنهد "جاسم " بصوت مسموع ومن ثم بمزاح :-
-ايه بقا مره تعبانه ومرة حادثة للدرجة دي وشنا وحش عليكي ؟!..
أبتسمت بخفة ثم هتفت بخفوت :-
-أعمل ايه بقا نصيبي كده !..
أومأ برأسه أيجابا ثم سألها بخشونة ونبرة  :-
-قوليلي يارقية ، تفتكري للي خبطك بالعربية كان قاصد ؟!..
طالعته بإستغراب ثم مطت شفتيها بنفي ورفعت كتفيها قليلا قائلة:-
معرفش ، بس هو يعني هيعمل كده ليييه ؟!..
-يعني ممكن يكون في بينكم حاجة أو طار قدييم اصل حكاية أنه مايوقفش دي غريبة أوووي ومثيرة للشك !..
تنهدت "رقية " وبإبتسامة زينت ثغرها :-
-ياجاسم بيه ، أحنا ناس غلابة أوووي ي وفي حالنا يعني عمرنا ما أذينا حد ولا ضايقنا حد لدرجة انه يبقي عاوز يموتنا

طالعها بتفحص رغم عنه وهي تتحدث ببساطة تامة والنقاء في عينيها العسلية فأشاح وجههه عنها بتنحنح:-
-عموما أاا أنا طلبت من الأمن يفرغ كل كاميرات المراقبة اللي حوالين الشركة وأن شاء الله هنوصل للي عمل كده وياخد جزاته سوا كان قاصد بقا او غيره !..
هي بإمتنان حقيقي :-
-أنا بجد مش عارفة أشكر حضرتك ازاي ! جمايلك بقت مغرقاني ومش عارفه هعرف أردها أزاي !.
هو بجمود :-
-أولا مفيش جمايل ولاحاجه ،وبعدين ياستي لو عاوزة تردي الجميل شدي حيلك وأخرجي من هنا قهوتك وحشتنا ولا أنتي ناوية تقطعينا بقا!..
تنحنحت بهدوء ورمقته بحذر :-
-أصل أنا ااا
ضيق عيناه معا بغموض:-
-ايه مش عاوزة ترجعي تشتغلي تاني !؟
طالعته بحرج ثم تطلعت حولها بإرتباك قبل أن تضغط علي شفتيها بقوة و :-
-الصراحة أنا كنت ناوية مارجعش تاني فعلا بعد أخر موقف حصل بس دلوقتي الوضع أتغيير وبقيت مديونه لحضرتك فيعني ااا لو هرجع الشغل هيبقي بشرط !.
هز رأسه بخفه مستفسرا ،لتتابع هي بجدية :-
-أن حضرتك تخصم كل شهر من مرتبي جزء من حق المستشفي دي ..
أحتدت ملامحه بعض الشئ :-
-اييه اللي أنتي بتقولييه ده وو
قاطعته بحزم ولكنها ترجووه:-
-أرجوك حضرتك ماترفضش لاني مش هرتاح وبعدين أيان كان أنا مش بقبل صدقة من حد !
-صدقة !؟
قالها متهكما بقوة لتؤمي هي برأسها أيجابا:-
-ااه صدقة ،ولو حضرتك مصممم متأخدش الفلوس يبقي بتأكدلي شعوري ده..
أستاءت ملامحه من حديثها وبخشونة :-
- طب ممكن نأجل الكلام في الموضوع ده لحد ماتخرجي بالسلامة من هنا !
ثبتت عيناها العسلية عليه دون أن تدري تأثيرها علييه وبهمس:-
-مش قبل ماحضرتك توعدني !..
....................
"أنت بتقول أيييه يامحمد" ..
هتفت بها "رباب " وقد تركت معلقتها علي المائدة فجاءة بينما تابع زوجها ببرود تام وهو يلوك مافي فمه:-
-اللي سمعتيه أختتك هتعيش في شقة أمي مؤقتا لحد مالظروف تتحسن !
أبتلعت ريقها وهي مازالت تحت تأثير الصدمة :-
-أيوة بس شقة حماتي صغيرة اووي ده اللي داخل خارج فييها هتسيع حد تاني أزاي بس !
أمسك بكأس الماء وأرتشف منه القليل وبلا أكتراث أردف :-
-دول يدوبك نفرين يعني أوضة سامر لما تتجهز هتكفي الغرض ،وبعدين بقولك ده وضع مؤقت فيها أيييه دي ؟!..
رباب بإمتعاض وقد أنفلت لسانها رغما عنها :-
-فيها أن أمك متتتعاشرش يامحمد وأختي علي نيتها ومش هتعرف تسد معاها
أتسعت عيناه بغضب جامح:-
-أنتي بتغلطي في أمي ياوليية ،هي حصلت ؟
أبتلعت "رباب" ريقها مجددا بذعر جلي علي ملامحها :-
-أنا مش ااا قصد ااا
فقاطعها بخشونة حادة :-
-بقولك ايييه ده كلام مايخصكيش من الأساس ، صحاب الشأن هما اللي يقولوا كلمتهم ولا حضرتك ناوية تتجوزي بدالهم ؟!
فتابع بسخط :-
-وبعدين أنا مش عارف أنتو عمالين تتفردوا أووي علينا كده لييه وكأنها جوازة عدله ولاتتفتح النفس أووي ده المفروض أنتم اللي تدفعولنا !
رباب بإختناق:-
-أنا مسمحلكش يامحمد دي مهما كان أختي برضه!.
أبتسم متهكما ثم ازاح الطبق من أمامه وبفظاظة :-
-طب ياختي قومي كده لمي الأكل واعمليلي كوباية شاي وأقفلي علي السيرة المهببه دي !
.....................................
عاد من عمله منهمكا فدلف للمرحاض مبأشرة لكي يستحم وينعش جسده بالماء البارد ،وبعد برهة خرج من المرحاض عاري الصدر ويحيط خصره بمنشفة قطنية كبيرة الحجم ،وقد أمسك في يديه منشفة أخري صغيرة يجفف بها خصلات شعره المبتلة ،فتفاجئ بوجود والدته جالسة علي الأريكة المقابلة لفرأشه بإرتياح ،فراح يزفر بضييق تام :-
-خييير يا أمي ؟!
نهضت علي الفور وأتجهت نحوه بإنفعال:-
-جرا اييه ياجاسم من أمتا وأنت بتعملني كده ؟ وبعدين مش تعرف عاوزاك في أييه الأول ؟!.
جاسم بحنق:-
-لاماهو أنا عارف كوييس أيه سبب الزيارة اللي مش معتادة دي..
ثم أحتدت ملامحه وبجمود تابع بعدما القي المنشفه من يده :-
-أنسي يا أمي حازم ملهوش دعوة للبيت تاني !
شهيرة بضجر :-
-اييه هنرميييه في الشارع يعني ؟
مط" جاسم" شفتييه ببرود:-
-ولييه لا مش جايز الشارع يعلمه اللي حضرتك فشلتي تعلمهوله !
هي بإنفعال :-
-هو أنت ينفع تبطل تخليني الشماعه اللي ترمي عليها غلطات أخووك ..
أحتدت نبرته نوعا ما:-
-لا مش هبطل يا أمي لأن في الواقع خلاص أبنك عياره فلت وبعد كده محدش هيقدر عليييه !
تهكمت نبرتها فورا:-
-أنا أبني راجل ياجاسم مش بنت عشان عياره يفلت ونخاف أنه يفضحنا !..
التوي فمه ساخرا وبنبرة تهكميية:-
-ياريته والله كان بنت علي الأقل ديته عندي هتبقي موته !
جزت "مشيرة " علي أسنانها بغييظ ، فراح يكمل بصرامة دون أن يرمش :-
-أمي طالما فشلتي في تربيته يبقي خلاص تسبهولي وأنا جدير أربييه من أول وجديد !
فقالت علي مضض بعدما تنهدت:-
-طيب ياجاسم !
بس قولي ناوي تعمل أييه في الموضوع التاني ؟
مر من جوارها ليقف أمام مرأته يمشط خصلاته المبتله بلا أكتراث:-
-موضوع ايييه ده ؟!.
ضمت حاجبيها معا بتعجب :-
-موضوعك أنت وحنيين ، أنا بصراحة شايفه أنها أنسب واحدة لييك ..
أبتسم بخفة ثم التفت لها وبثقة :-
-أهي حنيين دي لو أخر واحدة في الدنيا أنا أستحالة أتجوزها ..
مشيرة بحنق:-
-ليه بقا هي حنين وحشه ولا فيها حاجة تعيبها دي حتي تربيتك !
أخذ نفسا عميقا وزفره بتمهل ليقول بجدية :-
-ماهي المشكلة أنها تربيتي وده مخليني مش شايفها ولا هشوفها غير بنت عمي الصغيرة !..
ثم أستأنف بضييق :-
-وبعدين بطلوا تزرعوا في دماغها فكرة الجواز مني ،وعشان أريحكم أنا مش ناوي أتجوز خالص ،مش عاوز !
-وأيه اللي يمنعك من الجواز إن شاء الله ولاناوي تترهبن ؟!
فأستانفت حديثها بنبرة أموميية باحته:-
-لا أسمع بقا أنا مش هستني كتير وكلها سنة أو سنتين بالكتير وعاوزة عيالك يملوا عليا البيت!
أبتسم ساخرا :-
-عاوزاه يتملي في سنة أو أتنيين ؟ ليه حضرتك مخلفة هولاكو ولا طرزان ،وبعدين أجيييب صحة منين أنا لده كله !
أبتيسمت بتنهيدة :-
-ياحبيبي العمر بيجري ولا أنت ناسي أنك عديت ال 30 سنة !..
ترك الفرشأة من يدييه ليدنو منها ثم أمسك بكفها ووضعه عند موضع قلبه :-
-ده لسه مادقش يا أمي ،لسه مجتش اللي تقدر تحركه من مكانه !..
-هو أنت مدي نفسك فرصة تحب ولاتشوف حد ،ده أنت دافن نفسك بالحيا في الشغل !..
-ربك بقا لما يريد صاحبة النصيب هتتلاقي !
طالعته بريبة حقييقية  :-
-أه ياخوفي لو دق لواحدة من الشارع ! أو مش من مستوانا
أنكمشت ملامحه فجاءة :-
-ودي فييها بقا ! هو حتي الحب بقا يعرف مستوايات ،ولايكونش عاوزاني أحط ناقوس علي قلبي عشان يختار اللي تناسب..
شهيرة بهلع :-
-فيييها ايييه ، جاسم ياحبيبي أنت طول عمرك عاقل أوعي تقع واقعه زي دي !
طالعها بإستنكار شديد فتلك النبرة الإرستقراطية تأبي أن تفارقها فلم تتخلي عنها يوما،فأنتصب في وقفته حتي برزت عضلات بقوة ،وقد القي عليها نظرة خاطفة غير مباليية قبل أن يمر من جوارها :-
-ماوعدكييش الصراحة ..
..............................
في البناية ..
هتفت "فاطمة " بإستياء شديد وهي تغسل الأطباق :-
-يعني أنتي عاوزاني أبوظ الجوازة يابت بعد ده كله !
هزت " رباب " رأسها نافيية وبقوة :-
-ياماما هو ميبن قال بس تبوظييها ، كل الحكاية أني عاوزاكي توقفيلهم في موضوع الشقة ده وأن لازما وحتما يجيبولها شقة لوحدها وتكون بعييدة عن حماتي كمان ..
ثم طوت ثغرها بحزن :-
-ولا أنتي يامه يرضيكي أن رقية تبقا تحت رحمة حماتي عشان تبهدلها
أغلقت صنبور الماء بلفة واحدة من يدها وراحت تزفر بضييق:-
-وأفرضي ياروح أمك فركشوا الجوازة وركبوا رأسهم ،أختك ترجع بقا تقعد في أرابيزي من تاني !
رباب بإمتعاض :-
-جرا أييه يامه أنتي هتقدري البلاء قبل وقوعه !
غادرت "فاطمة " المطبخ فلحقت بها إبنتها علي عجالة لتقول"فاطمة":-
-انا كل اللي عاوزة أعرفه أييه المشكلة يعني لما تقعد مع حماتها طالما هيبقي في مطرح يلمها أخر الليل مع جوزها !
رباب وقد جاورتها علي الأريكة وبضييق :-
-يامه حماتي ولييه مش ساهلة وغرضها تخلي رقية خدامة عندها أسمعي مني ماهي كانت عاوز تعمل كده معايا بس أنا اللي اصريت علي محمد يجبلي سكن لوحدي !
لوحت والدتها بلا أكتراث وتمتمت :-
-خلاص يبقا أختك ساعتها تقنع جوزها !
لوت "رباب" فمها بتهكم واضح :-
-ده علي أساس انك مش عارفة بنتك وانها لابتهش ولابتنش ومش بعييد توافق علي كده كمان !
زفرت "فاطمة " بقوة وبضييق :-
-طيب طيب انا هخلي ابوكي يكلمهم ويشوف حوارالشقة ده بس يارب مفيش تتخرب في الجوازة دي !
...............
-في الملهي الليلي ..

تمايلت "صافي " بإحترافيية علي الأغاني الشعبية و ببدلة رقصها الكاشفة عن منحنيات جسدها الأنثوية بشكل فاضح ، ومن حولها يتعالي التصفيق والصياح لها وهناك علي طاولة ما كانت عينان تراقبها بشهوة ورغبة وتسبح في تفاصيل جسدها بحرية ، فأرتشف من زجاجة الخمر دفعة واحدة بينما عيناه لم تفارقها حتي جاءه صوت رفيقه :-
-أييه يازوما عجبتك أووي كده !؟..
فإلتفت نحوه وهو مازال تحت تأثيرها :-
-عجباني بس ! دي تنجن ياجدع !..
القي "ياسر " رفيقههم الثالث نظرة عابرة عليها قبل أن يقول ساخرا :-
-بس مش أد أمك حبتيين تلاته كده ياحازم !
رمقه"حازم " بنزق وبإستياء :-
-أقولك أييه ما أنت حمار في الحريم خليك بس في الأفلام بتاعتك دي ..
ثم التفتت نحوها مجددا بإبتسامة خبيثة وبشهوة:-
-دوول حتي بيقولوا الدهن في العتاقي !

..يتبع

لم أكن دميمة يوماحيث تعيش القصص. اكتشف الآن