جزء ٤٥

1.8K 119 26
                                    

الفصل الثالث والأربعون ..

لم يتحرك أحد ساكنا سوي "راضي "بعدما تتطلع حوله بعدم فهم وراح يدنو منهما:-
_في أيه يا بيه؟!
جاسم بشراسة وعيناه لم تحيد عن فاطمة :-
_أنا اللي بسأل دلوقتي ؟!
ثم أشار ل"رقية" التي تتتشنج وتحتضن ذاتها بإرتجاف ليكمل :-
_أيه سبب حالتها دي ؟!
ثم قست ملامحه ونبرته بينما أصابعه تشير نحو"فاطمة"  بالإتهام :-
_أنتي أتعرضتيلها تاني ؟!
تحولت أنظار الجميع نحو "فاطمة " التي تفاجئت باشارته بينما توترت هي في وقفتها وراحت تبتلع ريقها بصعوبة وكأن الحديث قد هرب منها ، بينما "راضي" كذب شعوره وبضيق:-
_دي بنتنا يابيه يعني عمرنا ماهنأذيها !..
_وانا مش هسمح بأذيتها ..
فأنطلقت شرارة الغضب من مقلتيه بوعيد :-
_مفيش أيد مهما كانت هتتمد عليها بأذي بعد كده ، ولا هسامح في أذي طالها وهي مش علي ذمتي !
ومع نهايته جملته شهقت "سارة " بهلع وهي تري رفيقتها فاقدة لوعيها وحركتها علي الأريكة ثم لفظت بأسمها :-
_رقيييية ...؟!.
سرعان مالتفت لها بقلق بالغ يتفحصها ويراقب شحوبها بقلب واجل فصرخ فالجميع ليمنعهم من قربها ولم تمر ثوان إلا وهو ينتشلها بين ذراعيه هاربا بها من بينهم ومنفردا بها فهو أحق بها الأن ، حالة من الهرج سادت في الغرفة بعد رحيلهما فظنت "فاطمة " أنها نجت بفعلتها اليوم  فجاءها "راضي" كالمرصاد يقبض علي رسغها وبجمود جعلها تتسمر مكانها :-
_أخدتي البت وروحتي بيها فين بالليل يافاطمة ؟!..
.................................
_وفي مساء يحمل في طياته الكثير وحينما أنطلق الهواء يداعب نهر النيل ،فأنطلقت  نسمات الهواء تنتعش الروح ومابجوفها من كمد , وفي حشد من البواخر والسفن وخاصة في يخت خاص بقبطان عائلة الراوي فتحت عينيها ببطء لتجد ذاتها في غرفة صغيرة مهندمه ولكنها ذات طابع فخم ، أعتدلت علي عجالة وبإندهاش زاغت مقلتيها في المكان ليقع بصرها عليه! جالس قبالتها بضخامته سترته ملقاة علي الأرض وقميصه كاشفا عن صدره وقدميه تستتند علي حافة فرأشها ، وأخيرا خرج صوتها بصعوبة وبهلع:-
_أنا فين ؟!
منحها إبتسامة قبل أن ينهض من مجلسه ويجاورها في الفرأش محتضنا كفها:-
-أنتي معايا ماتقلقيش!
لم تكن إجابة لسؤالها ولكنها كتفت بالتحديق له بصمت مروع! فاخترقت أذنيها صوت تلاطم  امواج الماء فراحت تهمس في حذر:-
-بحر ؟!...

_لا ده نيل مش بحر ..أحنا في اليخت بتاعي ..
يخت؟! العديد من علامات الإستفهام في رأسها الذي بدأ يؤلمها ،فأخر ماتتذكره ماذؤن ودفتره ثم غضبه وصياحه الذي جعلها تهرب من صداه في غيبوبتها ، سحبت كفها وامسكت برأسها متساءلة في ريبة :-
_ ه ه آآآ هو أيه اللي حصل ؟!
_أنا اللي المفروض أسأل ..ايه اللي حصلك؟!..
كانت نبرته جادة وجامدة الأهتمام طاغيا عليها ، فعاد الشحوب لوجهها كما عادت الأحداث لذهنها فكادت تمسك رأسها بكلتا يديها إلا أنها أدركت أخيرا غياب حجابها !.
فأنتفضت بفزع تبحث عنه وهي تواريه بيديها عنه ، كان ملقي بجوار الفرأش فأنتشله بكل يسر وراح يقبض عليه بكفه وبإتسامة جانبية بها خبث:-
_أظن ملهوش لازمة بينا بقيتي مراتي خلاص !
أخفضت بصرها أرضا وبحرج مدت كفها :-
_معلش أنا عايزاه ؟!..
_ولو قولت لا ؟!.
تصنع الجدية في حديثه بينما هي كادت أن تبكي من فرط إحراجها حتي أحمرت وجنتيها ، فتفاجئت به يلبسه إياها ورارح يطمئنها:-
_طالما ده هيريحك يبقي خلاص..
ثم أكمل غامزا:-
_بس ده وضع مؤقت بعد كده عايزك تاخدي راحتك خالص معايا ..
أتسعت مقلتيها بشده وشرعت أن تنهض إلا أنه أمسكها يمنعها وبتوتر:-
_أنا آاا عاوزة أمشي ..
_أنتي خوفتي مني ولا أيه ؟!.
مازالت مقلتيها تتراقص بارتباك حتي همست:-
-آآا كلامك ده يخوف مادام أحنا لوحدنا
جاسم ببساطة جادة :-
_بس أحنا مش لوحدنا ؟!
عقدت مابين حاجبيها بتعجب :-
_اومال أي؟!
ملأت الابتسامة وجهه هامسا لها :-
_ثالثنا الشيطان !.
قتلت إبتسامتها بأنها نهضت بالفعل وبنبرة فزعه :-
_يبقي أنا أمشي وخليه هو قاعد  ..
ضحك بصوته ونهض ليقف قبالتها بطوله الفارق عنها ليكمل مزاحا :-
_هيقعد يعمل أي طول ما أنتي مش موجوده ؟!
نصف إبتسامة حرجه ظهرت علي وجهها فتنهد وراح يلامس وجهها :-
_أخيرا حنيتي عليا بإبتسامتك النهاردة ..ياشيخه كفارة  !
طالعته بعينيها الباكية دون نبت شفة فشعرت بأنامله تتحرك ببطء علي وجهها وبخاصة حروقها دبت القشعريرة في أوصالها فراحت تغمض عينيها بقوة حتي لاتري أي تعبير شفقة أو أشميئزاز كما أعتادت ، وبنبرة مهزومة من الحياة :-
_قرفان آآآآ مش كده ؟!
أبد أنامله عن وجهها وتنهد بصوت مسموع فكادت تلفظ قلبها الذي يتعالي نبضاته بخوف ، كما تمنت  أن تكون عمياء حتي لاتراه الأن تمنت أيضاً الصم والبكم  تمنت تعطيل كل حواسها الأن كي لاتتواصل معه ، وقبل أن تسيل دمعة حارقة علي وجههاا أبتلعتها بمرارة في حلقها علي أثر صدمتها حينما شعرت بشفتيه تتجول بحرية علي وجهها مقبلا إياها بنهم كل أنش في وجهها أقتحمته شفتيه دون رحمة حتي وصل لجانب شفتيها فتوقف حتي تأذن له، أندمجت أنفاسهما معا ففتحت عينييها ببطء وخفق قلبها وهي تنظر له ، فهمس بحروفه :-
_أنا بحبك !
مازلت علي مقربة منه فراقبت مقلتيه بخوف  :-
_مش ااهيجي يوم وتندم  ؟!..
_هندم لو ضيعتي من أيدي بعد مالقيتك !
بدأ الظلام ينزاح من عقلها ومع كلماته أدركت أن قلبها مازال حي ...ومازالت حيه !!..

لم أكن دميمة يوماWhere stories live. Discover now