573

102 22 8
                                    


فكرة تحاصر ذهنه. كان كمن يبذل جهداً كبيراً من أجل أن يتذكر شيئاً خطير الشأن، بل لا بد منه ولا غنى عنه في هذه اللحظة. وكان في بعض الأحيان يطوف ببصره على الحضور كأنه يأمل أن يسعفه أحدهم فيذكره بما كان يحاول أن يتذكر.


وتوقفت نظراته على أركادى. فإذا بشعاع من أمل ينير وجهه فجأة. وإذا هو يتقدم إلى الأمام خطوة بقدمه اليسرى، ثم يسير بضع خطوات سيراً عسكرياً، لا يفوته حتى أن يقرع الأرض بكعب قدمه اليمنى كما يفعل الجنود حين يقتربون من ضابط ناداهم. فأخذ الجميع ينتظر ما سيعقب ذلك. قال فاسيا بصوت متقطع :

- يا صاحب السعادة، إن بي عاهة جسمية، فأنا ضعيف وقصير القامة ولا أصلح للخدمة العسكرية.

فشعر جميع من في الغرفة بإنقباض في قلوبهم، حتى أن جوليان ماستاكوفيتش نفسه لم يملك أن يحبس دمعة سالت من عينه رغم صلابة طبعه وقوة إرادته. قال وهو يشير بيده :

- خذوه ..

قال فاسيا بصوت خافت :

- إلى الجبهة ...

ثم استدار إلى الوراء يسرة. وخرج من الغرفة.

أسرع جميع من يهمهم مصيره يجرون وراءه. وتبع أركادى الآخرين. أجلس فاسيا في قاعة الانتظار، وأخذ المختصون يعدّون أمراً بقبوله في المستشفى، ويسألون عن العربة التي ستحمله إليه.

إن فاسيا صامت لا يتكلم. إنه يبدو مشغول البال إلى أقصى حد. وهو يحيي جميع من يعرفهم بانحناءة يسيرة كأنه يودعهم، وينظر إلى

BRO |✔| اقرأ 1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن