571

100 22 3
                                    


بعينه. فإنه لم يكن يريد إلا شيئاً واحداً هو أن يدخل المكاتب. فلما طاف بمختلف الدوائر عرف أن فاسيا موجود عند جوليان ماستاكوفيتش وأن كثيراً من الموظفين هناك، وأن أسبر إيفانوفيتش قد ذهب إلى هناك أيضاً. وسأله واحد من كبار الموظفين إلى أين هو ذاهب وماذا يريد، فنطق ببضع كلمات ذاكراً اسم فاسيا، واتجه رأساً إلى غرفة الرئيس الكبير.

كان صوت جوليان ماستاكوفيتش يصل إلى سمعه. سأله أحدهم أمام الباب :

- إلى أين أنت ذاهب؟

وإنه يتهيأ لأن يرجع القهقرى، إذ هو يلمح فاسيا المسكين من خلال الباب المشقوق، فلا يسعه إلا أن يدفع المصراع، فيتسلل إلى الغرفة بغير قليل من العناء.


كان جو مضطرب يسيطر على الغرفة : إن جوليان ماستاكوفيتش يبدو منزعجاً أشد الانزعاج، يحيط به جميع أصحاب الرتب العالية من الموظفين، وهم جميعاً يتناقشون ثم لا يصلون إلى اتخاذ قرار.

وكان فاسيا منتحياً جانباً. انقبض صدر أركادى حين رآه على هذا الحال.

كان فاسيا أبيض الوجه من فرط الشحوب، منتصب القامة رافع الرأس مشدود الساقين ضاماً ذراعيه إلى الفخذين، تماماً كما يفعل المجندون أمام رئيسهم.

وكان شاخصاً ببصره إلى عيني جوليان ماستاكوفيتش.

وسرعان ما لوحظ وجود نيفيديتش. فإذا بواحد يجهل أن الصديقين يسكنان معاً، يقترب من صاحب السعادة فيلفت نظره إليه.

فاقتيد أركادى إلى الرئيس.


وفيما كان أركادى يتهيأ للإجابة على الأسئلة التي يطرحها عليه جوليان ماستاكوفيتش، نظر إلى وجهه فلاحظ أنه يعبر عن تأثر وعطف صادق.

فإذا هو يشعر بقشعريرة تسري في جسمه، ثم إذا يأخذ يبكي منتحباً كـطفل. بل لقد فعل أكثر من ذلك : وثب نحو الرئيس الكبير، فتناول يده وحملها إلى شفتيه يقبلها ويغرقها بالدموع فاضـطر

BRO |✔| اقرأ 1Where stories live. Discover now