نصر وهزيمة (3)

Start from the beginning
                                    

" هذا أمر آخر سنحدثك فيه في وقت لاحق ، الوقت تأخر الآن "

ودفعتاها خارج الغرفة بعدما رأين خوفها وضمنّ عدم حديثها ..

استيقظ جاك خارجا من غرفته القريبة من سور القصر ، يربط حزام سلاحه وبدلته كالعادة ، وركب العربة مصطحبا معه إحدى الخادمات لإيصالها لمشغل مارجريت حتى تطّلع على مغزولات الصوف كما أمرتها روز قبل بدئ الشتاء ..

نزلت الخادمة وبقي جاك يراقب حركة الناس في الزقاق ، كان جاك وسيما لذلك كان يحظى باهتمام من حوله وخاصة من العاملات في مشغل روز ، ولكنه لم يلفت نظره غير تلك التي كانت تحمل طبقا ما في يديها ويعلو وجهها الحزن والكآبة ، ترجّل عن الحصان وانتظر اقترابها قليلا ، وقبل أن تدخل بادرها بسؤال :

" عفواً آنستي ، هل تدخلون هذه الصحون المتسخة التي تفوح منها تلك الروائح لمحل الأقمشة هذا ؟! ، لا أظن أن هذا طعام للبشر أصلا "

كانت كئيبة لدرجة أنها ردّت بغير اكتراث :

" بالفعل هذا طعامٌ للقطط ، ثم أخذت بمنع نفسها من البكاء وتجاهلته ودخلت للمشغل "

اعتقد جاك أنها على الأقل ستكترث به ، ولكنها تجاهلته وكأنه لم يحدّثها ، بل وجعلها كلامه تبكي ، لذلك توجّه لداخل المشغل حتى يعتذر لها :

" أعتذر أنني تسببت ببكائك ، هل يسعني معرفة اسمك آنستي "

" لا بأس ، جولي  هو اسمي يا سيد ، لا دخل لك ولكنني تذكرت صديقتي التي كانت تطعم القطط ، ولكنها لم تعد موجودة الآن ! "

وكادت أن تعاود البكاء ، وجد جاك على أيّة حال موضوعا يتحدث به مع جولي ، فاستمرّ بسؤالها :

" أين هي الآن إذا ؟ "

" اختفت ! ، ألم تسمع باختفاء ابنة فيليب ذي الرقعة ؟! "

وعندها انخطف لون وجهه بسرعة ، فمن أكثر منه على علم بكل ما يحدث ، وهو الذي يسمع صوت صراخها يوميا ، تماسك حتى لا تبدو انفعالاته وأجابها مقتضبا :

" أوه ، لا أنا فقط أقوم بعملي "

" وما هو عملك ؟ "

" كبير مساعدي قصر روز مارتن "

عندها بدا على وجه جولي كم هائل من الغضب ، استدارت وتركته دون أيّة كلمة ، شعر هو بالإحراج الشديد ، وبخاصة بعدما انتبه أن جميع من في المشغل كنّ يراقبنهما ويتهامسن ، فترك المكان بهدوء وخرج ، حتى تبعته الخادمة بعد مدّة قصيرة ..

همست إحدى العاملات لجولي :

" أنتِ غبية ! ،لقد بدا أن ذلك الفتى معجبٌ بكِ "

ضحكت جولي باستهزاء :

" ومن الأحمق الذي سيعجب بي ، صدقيني لم يفعل أحد ما ذلك من قبل "

آريس الحورية الهاربةWhere stories live. Discover now