🌸 الطلاق🌸

838 45 24
                                    

كان خالد يجلس خلف مكتبه  منهمكا في عمله منعزلا تماما عن العالم يرتدي نظارته التي يستخدمها للقراءة  التي اصبح يرتديها مؤخرا لفترات طويلة  لم يدري كم الساعة اصلا و لم ينظر اليها لكنه كان يعلم انه وقت متاخر جدا لبقائه هنا شعر بالتعب فاغلق حاسوبه و جمع بعض الاوراق و اطفاء النور الوحيد في مكتبه بعد خروج الجميع منذ فترة طويلة و خرج .. لم يتوقع ابدا ان يرى زهرة كانت مفاجاة مبهجة جعلت اساريره تنفرج لاول مرة منذ اسبوعين و تغير نبض قلبه .. كانت تجلس على كرسي في الرواق الخارجي للانتظار  كانت الساعة تقريبا الحادية عشر مساء كانت هي فعلا بشعرها الاشقر المموج الذي طالما عشقه تتكي براسها للخلف و عيناها مغمضة ضوء البهو الخافت ينعكس على وجهها .. يدت له ساكنة جدا و جميلة كالعادة او ربما اجمل بكثير اهو الفراق من يجعلها اجمل ام الشوق ... انه الحب هو مايجعلها اجمل كل مرة رغم شحوب وجهها و شعرها الذي يبدو اقل لمعانا و اهتماما رغم جسدها الذي بدا انحل وملامحها المتعبة لم يدرى كم مضى عليها و هي تنتظره هنا دون ان تهاجم مكتبه كعادتها ..حتى غلبها النعاس و نامت
مضى اسبوعان كاملان تقريبا على اخر مرة راها فيها بهذا الهدوء عدا عدة مرات كانت تهاجم مكتبه و تصرخ به في اروقة المحكمة مهددة بان تفضحه اذا لم يوقع اوراق الطلاق  يا ترى لماذا جاءت اليوم؟و لماذا بقيت تنتظر كل هذا الوقت..
خالد منذ ان قكرت  زهرة برفع دعوى طلاق ضده اخبره  برفضه صراحة في اول مرة  و لم يوقع على اي وثيقة و تهرب منها بكل الطرق و كان قراره نهائا و قاطعا انه لن ينفصل عنها مهما حاولت و سينقذ هذا الزواج مهما كلف الامر ..  كان يقول لها في كل مرة و بنفس الهدوء .. تعالي الي و انت هادئة و اخبريني بشيء جديد و حاولي اقناعي عندها فقط ساوقع وثيقة الطلاق ..
خالد كان محاربا لا يؤمن بالخسارة  فتجاهل كل الامه و مشاكله وركز على عمله فقط بالاضافة للتهرب من زهرة نجح احيانا لكنها امسكت به احيانا اخرى كان ما يريده واضحا كان يريد زهرة برغم كل الاخطاء و كل العوائق كان يؤمن بوجود حل يريحه من عذابه   ..
اقترب منها مبتسما لمس شعرها ثم  هزها بلطف ففتحت عينيها بصعوبة كانت تشعر بثقل راسها كانت منهكة تماما فقد اصبحت تعمل في دكان خاص ببيع الانتيكا يملكه رجل عجوز اشفق عليها ووظفها كانت تعمل ثمان ساعات متواصلة بكل طاقتها بالاضافة لدوامها الجامعي ارادت ان تبدا حياة جديدة من الصفر و تنسى كل الامها و تخرج خالد من حياتها كانه لم يكن ..كانت على عكس خالد تركض باتجاه مالا تريده .. قلبها مع خالد و عقلها معها
كانت تفكر في العودة الى الاردن بشدة فهذه المدينة الضبابية الباردة لم تعد تسعها كل الاماكن دونه سجون و كل اللحظات بدونه دهور تلك الحملة التي قالها " اذا تركتني تاخذين قلبي و اموت " كانت تمثل حرفيا ما تشعر به منذ انفصالها عنه تشعر اانها جسد يهم في الارض دونما وجهة هو قلبها و بوصلتها و سعادتها و كل شيء لكن كيف لها ان تغفر له كيف لها ان تبني حياتها على تعاسة طفل  ..كانت تسال نفسها من تكون تلك التي كان خالد معها من هي والدة ابنه .. لم يخبرها احد و لم تعرف لكن قلبها يعرف كلما نظرت في عيني الانا محاميتها كانت تستشعر ذاك الكره و الغيرة الضئيلة في عينيها و ذاك الموقف العدائي الذي لم تعرف له سببا .. و لم تعرف لماذا تنازلت الانا عن اتعابها كاملة و اصرت على استضافتها كل تلك المدة ..
كل حياتها كانت تتوقف على امضاء خالد لتلك الوثيقة اجلت كل شيء حتى تحصل على الطلاق و تغادر لكن خالد لا يسمح لها فاضطرت للبحث عن عمل و تركت الانا وقامت بمواصلة دراستها علها تشغل عقلها و تقلل من وجع قلبها و تشتت عقلها.
.كانت في اعمق اعماق قلبها تعذره لكنها لا تريد حياة كهذه ...
لذلك ظلت بين حيرة قلبها و عقلها بين ما تريده و بين الصواب بين الموت حبا .. او الموت بعدا
...

كان يبتسم بكل وقاحة في وجهها ابنسامته الساحرة التي مازالت تجعل من قلبه خائنا منقلبا على المباديء .. اعتدلت جالسة و تفقدت هيئتها حاولت ان تهدئ نفسها فهو رجل عنيد جدا عندما يرغب بجعل الامور مستحيلة و يستطيع ببساطة جعلها تفقد اعصابها و تصرخ ككل مرة تلتقيه
بقيت صامتة تحدق به بسام .. جلس بجوارها الصق جسده بها تماما شعرت بموجة حارة الهبتها فابتعدت قليلا و هي تلمح ابتسامته الساخرة تزداد اتساعا
و سألها بابتسامته تلك التي لا تفارقه و بحة صوته الجذابة .. اصبحت لديك عادات سيئة كثيرة غير الصراخ في اماكن غير مناسبة الان اصبحت تنامين في اماكن غير مناسبة ..
بينما كل الاماكن المناسبة تنتظرك بيتك و سريرك و كتفي وانا كلنا نشتاقك  .. ختم جمله هذه بابتسامة مثيرة .. عيناه اكتستا لمعة رغبته الوقحة وحملتا من شوقه الكثير   .. تجاهلت شعورها بالحنين ذاك و الذكريات التي ثارت في عقلها بمجرد سماعها لكلماته تلك  و نبضها الذي لم تستطع السيطرة عليه ازدردت بريقها و هي تتسائل متى سيقل تاثيره هذا عليها..
كانت تكره مزاجه الساخر الذي عاد لاظهور بقوة مؤخرا و عاد لاساليب الاغواء .. لابد انه يشعر بالملل كانت على الرغم من معرفتها باستفزازه لها تستعر نارا
تنهدت بضيق و قالت بهدوء تقصد اغضابه .. لك كل الفضل في تلك العادات السيئة يجب ان تشعر بالفخر .. تضايق جدا مما قالته لكنه جرب حظه مجددا و هو يعلم انها سترفض ان توافق على عرضه قائلا مارايك لو اقبلك الان و احملك و نذهب لبيتنا و ننسى ما حدث كان يضع كفه على فخذها بوقاحة .. ابتسمت له ساخرة  و هي تقول هل تصدق ان ذاك يمكن ان يحدث ..
كان يعلم انها لن توافق لكن اغضابها و التحرش بها كان ينقذه من الظلام الذي سيسقط به لو فكر بجدية في خروجها من حياته كان يؤجل تلك الفكرة حتى لا ينهار امامها راجيا رفع كفه عنها بهدوء و اعادها الى مكانها   و اكتفى بالصمت كان يعلم انها هادئة هذه المرة و انها ستكون محقة شعر بانقباض قلبه و التمسك بهذه اللحظة التي تجلس زهرة بجواره ربما ستكون اخر مرة .. قطعت الصمت بهدوء و سالته هل ستفعل ذلك لابنك ايضا .. لم يكن ينظر اليها لكنه يعلم من نبرة صوتها المرتجفة انها لى مشارف البكاء .. اكملت هل ترغب ان يعيش ما عشته انا او ما عشته انت .. تعلم ابي تخلى عني ايضا .. مثلك تماما .. انا لا اريد ان اكون سببا في ذلك نهضت و تركته و هي همت بالمغادرة رفع عيناه لينظر اليها و هي تبعد  وكان روحه تغادره فقال بنبرة مرتجفة حسنا انا موافق احضري لي الاوراق و ساوقعها
لم تلتفت اليه لكن صوته زلزل كيانها اكملت طريقها في تلك اللحظة و كانها تسقط في الفراغ و لطةل انتظارها سماع تلك شعرت ان حملا ثقيلا قد ازيح عنها  وفي نفس الوقت كان قلبها قد انتزع منها .. لم تدري كيف اكملت طريقها بعيدا
اما هو فدفن وجهه بين كفيه و هو يستمع لخطواتها المبتعدة لاخر مرة
او كما اعتقد انها اخر مرة
الحقيقة انهما لم يفترقا ابدا ....

.......................

ماذا لو تشاركنا السهر ..
عيناك لي و لك القصائد و القمر

زهرة اللافندر -  مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن