العفو المأمول

ابدأ من البداية
                                    

أما في داخل مكتب الإبليكيجي كان وَأَدَاً وجهه بين كفيه يسعى بكل طاقته إلى التهدئة من غضبته و ضيقته و في آن واحد متمنياً ألا يكون قد حدث صدام أو حتى مجرد تلاقي بين الأب و الإبنة
و بينما هو على هذا الحال غارقاً حتى أذنيه في بئر أفكاره العميق إنتشله رنين هاتفه المحمول من كل هذا مُعِيداً إياه قسراً إلى أرض الواقع
- مرحباً سودا ، كيف حالكِ ؟
سأل صاحب الشعر الأسود عن حال إبنة عمه كبداية لتلك المكالمة بعد محاولات عديدة لضبط نبرة صوته حتى لا تخرج متأثرة بما حدث منذ دقائق
- بخير...بخير جداً في الحقيقة...ماذا عنكما ؟
نطقت الشقراء بصوتاً مبتهجاً و حماسة كبيرة جعلت حاجبي عمر ينعقدان في دهشة طالباً التفسير و لكنه قرر تجاوزه و إجابة سؤالها أولاً
- نحن أيضاً بخير..
و قبل أن يطرح الشاب سؤاله و قبل أن يضيف حرفاً واحداً آخر قاطعته الشابة بعرضها الحماسي و الذي كان واضح جداً من صوتها إنه غير قابل للرفض البتة
- سأنتظركما مساء اليوم...سأعد حفلة صغيرة ولا مكان للأعذار يا كاره الحفلات
أضافت سودا جملتها الأخيرة كابتة محاولاته للهرب من ذلك العرض فوجد نفسه يتنهد مستسلماً قبل أن يقول مبتسماً بيأس
- حسناً، حسناً، سنأتي...
حصلت سودا على مرادها فودعته بلطف منتهية من المكالمة إلى هنا ليعود هو إلى الإنخراط في أفكاره
أما في خارج مكتبه فبعد إنتهائها من مراجعة بعض أمور السوقيات و عودتها إلى المكان تكفلت وكالة الأنباء المتحركة المدعوة داريا بإخبارها بإن ضيفاً ما قد جاء إلى مكتب عمر منذ دقائق و تشاجروا شجاراً حاداً حتى أن بعض الموظفين قد سمعوا أصواتهم تتعالى و إن نفس ذلك الضيف قد سأل عنها بعد خروجه من مكتب عمر و في الحقيقة لم ينتابها الفضول كثيراً لمعرفة هوية الشخص الذي سأل عنها بقدر ما إنتباها الفضول لمعرفة من هذا الرجل الذي يستطيع أن يخرج شلال الجليد عن هدوئه دون أن ننسى رغبة قلبها في الإطمئنان على عاشقه
لذا لم تردد فتاته الحمراء في أن تدلف إلى المكتب في خطوات مسرعة إلى أن وقفت أمامه دون أن يشعر هو بها!!
إذاً لهذه الدرجة هو منخرط في التفكير..!
و بعد ثواني معدودة فقط لمست أصابعها الناعمة خصلات شعره مُعلنة بذلك عن وجودها و على الفور رفع رأسه لينظر إليها طويلاً بعدما تحولت نظراته إلى نظرات عاشقة في لمح البصر
- gel, sev beni biraz..
" تعالي ، أحبينني قليلاً.. "
همس بنبرة عابثة و هو يعتقل خصرها بين ذراعيه في سجن مشدد
من يراه الآن سيتأكد حتماً إنه مصاب بإنفصام الشخصية أو أن تلك الساحرة الحمراء قد أصابته بلعنة سحرية ما فكيف يمكن أن تهدأ عاصفته العاتية و تخمد نيرانه المتأججة بهذا الشكل العجيب فور رؤيتها ؟!
- داريا أخبرتني بأنك كنت تتحدث غاضباً مع ضيف ما...ماذا حدث ؟...من زارك ؟
همست ذات الشعر الأحمر بنعومة لتلاحظ تضايق ملامحه من تلك الثرثارة داريا فهو لم يكن ينوي إخبارها بالطبع و لكن بفضل ذكاء مساعدته الخارق للطبيعة ها هو مضطر أن يختلق كذبة ما تخرجه من ذلك المأزق فهو لن يحزنها و يحدثها عن شخص يكره كلاهما الحديث عنه لإي سبباً كان و عندما راقب وضعهما و مدى تقاربهما همس في أذنها برقة بالغة و هو يضمها إلى صدره أكثر
- işler...boşver
" الأعمال...لا تهتمي"
أطاعته الجميلة الحمراء بكل خشوع و وضعت كلتا ذراعيها حول ظهره لتبادله العناق بنفس درجة الحب مقررة عدم المبالاة لإي شخص آخر سواهما
و بعد لحظات أبعد الرجل نفسه عنها على مضض بعدما تذكر مكالمة سودا و قرر إبلاغ دفنته بذلك فحمل بين أصابعه السمراء خصلة من شعرها الأحمر و تكلم و هو يلمسها بلطف
- سودا دعوتنا لمنزلها مساء اليوم...تقول حفلة و ما شابه...لا أعلم لمَ و لكن يبدو صوتها ضاحك و متحمس جداً
و لم تكن البرتقالة أقل منها حماسة في الحقيقة فبرغم جهلها عن سبب الزيارة إلا أنها كانت دائماً مُحبة للزيارت العائلية و الجلوس للحديث مع الآخرين إلى جانب فضولها لمعرفة ما تخفيه سودا في جعبتها لذا أومئت البرتقالية برأسها عدة مرات موافقة على فكرته بل و لم تكتفي بالإيماء فقط و قالت متحمسة
- Hadi gidelim o zaman!
" هيا لنذهب إذاً! "
........................................................................

أميري  العاشق.  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن