تراخِي وانسِحَاب

6.5K 727 474
                                    


𓆩𔓘𓆪

قدمَاي تَقمّصتا دورَ بندولِ السّاعة وهمَا تتحرّكان ذهابًا وإيابًا، وأصابعِي تكادُ تُمزِّق أهدابَ ثوبِي كصنِيع أسنانِي بشفتَاي.

يَوم.

يومَان.

وثلَاث..

ونحنُ علَى هذَا الحَال والصّفحات لَا تتبدّل، إنّما مُكبّلون بسلاسلِ العَجز وَ الحِيرة وكلُّ مَا يبدُر منّا هُو تبادُل كلماتِ اللّوم والتّراشق بالحَسرةِ والعتَاب.

لأطلِق تنهيدَة منهكَة وأنَا أرمِي بثُقل جسدِي علَى الأريكَة خلفِي حتّى لفتَ رِين انتباهَ عينَاي بعدمَا أطلقَ زفيرًا حادًا ينمُّ عَن مدَى سخطِه.

"سحقًا، مَا كانَ علَي جعلهَا تذهَب وهِي فِي تلكَ الحَال، أو ربمَا كانَ يتوجّب علَي اللّحاق بهَا علَى الأقَل، لَا أن تختفِي وكأنّها انقشَعت"

"ألَم يُهاتفكَ دِيفين بَعد؟"
أخرجتُ تلكَ الجملَة مِن بينِ شفتَاي اللّتان تقوّستا للأسفَل فِي إحبَاط حالمَا نفَى لِي، لأدلِّك جبينِي إثرَ الصُّداع الذِي مَا بارحنِي منذُ أن غادرتنَا أورورَا.

هِي لَم تغادِر المنزِل.. إنّما حياتنَا نَحن.
لَا أصدِّق أننِي عاجزَة عَن معرفةِ المكَان الذِي تقتنُ فِيه شقيقتِي، وكأنّ الأرضَ انشقّت لتُخفيها داخِل أحشاءهَا..

"إليانَا، أيُعقل أنّها فِي مدرستهَا القديمَة؟ أعنِي ربمَا تكونُ هنَاك أليسَ كذلِك؟ سأذهَب لأرَى"

"رِين انتظِر"
استوقفتُه أثناءَ توجُّهه للبَاب يشيرُ لِي بماذَا، لأقضمَ شفتَاي بعدمَا أدرَكت تلكَ السّحابة السّوداء التِي تستقرُّ أسفلَ جفنِه.
"لقَد بحثنَا هناكَ بالفِعل هَل نسِيت؟ نبّشنا عنهَا فِي كلِّ زقَاق وداخِل جُحر، العيادَة وجمِيع مكتباتِ المدينَة، حتّى أننَا بحثنَا فِي السِّجن ولَا أثرَ لهَا. لَا فائدَة ممَا نفعلُه يَا رِين، أكادُ أجزِم أنّ أورورَا قَد غادَرت مانشستِر ولكِن هذَا مستحِيل لكونِها رحلَت مِن المنزِل ولَا نقودَ بيدِها لشراءِ تذكرَة. م مَا يجعلنِي أقشعِر مِن الدّاخل هُو خوفِي مِن أنّ ذلكَ الحقِير هاردِن قَد عثرَ عليهَا وَ.."

"سأُجَن!"
انتَفضت لركلِه لخزانةِ الأحذيَة يصبُّ جمَّ غضبِه عليهَا، لأبللَ حلقِي أطالِعه وهُو يمسحُ علَى وجهِه فِي ضيَاع مُعطيًا إيّاي ظهرَه.
"رِين، أنتَ لَا ذنبَ لكَ بمَا جرَى ولَم تكُن حتّى فِي المنزلِ معنَا، لذَا توقّف عَن جلدِ نفسِك وكأنّكَ المُلام وسببُ مَا يحدُث، بَل هُم هارِيس نفسُهم!"

"أنتِ لَا تفهمِين.."
ضغطتُ علَى معصمِي لتدهورِ نبرتِه وهُو يُرخي بجبينِه علَى صدرِ البَاب، ليُكمل فِي ارتخَاء وكأنّ قواهُ تكادُ تخُور..
"أشعرُ أنّ عمِّي ستيوَارت يقفُ معنَا ولَا يكفُّ عَن توجِيه نظراتِ العتابِ لِي، أتعلمِين ماذَا قالَ لِي قبلَ إلتحاقِه بالجَيش ذلكَ اليَوم؟ قالَ لِي.. لَولا أنّكَ موجُود يَا رِين لمَا ذَهبْت، أنَا ضابطٌ لجيشِ بريطانيَا ولكنّكَ جيشٌ بأكملِه لعائلتِي"

أتاراكسياWhere stories live. Discover now