منسيّة

6.3K 831 303
                                    


𓆩𔓘𓆪

"جَدتِي ألَا تذكرِين أينَ وضعتِ نظاراتكِ؟ حاولِي التَّذكر، لربمَا وضعتِها فِي مكانٍ مُعين"

نبستُ أثنَاء بحثِي أسفلَ الأريكَة، لكنَّها أطلَقت زفيرًا تعبِّر عَن ضجرِها

"لَا أستطِيع تذكُّر أينَ وضعتُها! توقفِي عَن سؤالِي!"

مِن الواضِح أنِّ خلايَا عقلِها بدَأت تتلفُ وَ تضمُر أكثرَ يومًا بعدَ يَوم، فهِي لَيست مِثل قبلِ شَهر، بَل باتَت تغضبُ بسرعَة مِن أتفهِ الأشيَاء..

وَ تنسَى كثيرًا، وَ أحيانًا نُمضِي اليَومَ كلَّه وَ نحنُ نبحثُ عَن أغراضٍ أضاعتَها.

إنَّه مرهقٌ نوعًا مَّا..

تقدَّمت نحوَها لأجعلهَا تجلِس عَلى الأريكَة أبتسمُ لهَا

"حسنًا لَا بأسَ سنعثُر علَيها فأينَ ستهربُ مثلًا؟ أمَّا الآن فلترتاحِي قليلًا، هَل أعدُّ لكِ بعضَ الشَّاي؟"

"أَجَل، أحِب مذاقَ شايِك"

كنتُ فِي طريقِي للمطبَخ، لكِنني غيرتُ وجهتِي نحوَ البَاب حالمَا تمَّ طرقُه، وَ قَد حفظتُ هذهِ الطَّرقات وَ لِمن تَعود.

"سبقتكَ هذهِ المَرة يَا إيرزَا! نقطَة لِي"

"كنتُ عَلى وشكِ إدخَال المفتَاح!"

ضحكتُ لصدمتِه لأدعَه يدخُل، كَان يحمِل أكياسَ المُشتريَات متوجهًا نحوَ المطبَخ، بينمَا لحقتُه أخرِج الإبريقَ مِن الخزانَة.

"هَل جدتِي نائمَة؟"

"لَا إنَّها فِي الصالَة ترتَاح، فقدَت نظاراتِها العزيزَة وَ لَا تستطِيع تذكُّر أينَ وضعَتها"

"لَا بأسَ، نشترِي غيرهَا"

قالَ يقضمُ مِن التُّفاحَة أثنَاء سكبِه للمَاء فِي كَأس، لكنِني توقَّفت عَن إضافةِ السكَّر فِي الإبرِيق لمَا قالَه.

"الأشيَاء العزيزَة عَلى قلبنَا لَا يوجَد لَها بدِيل، حتَّى لَو كَان البدِيل أفضلُ منهَا، تبقَى تلكَ الأشيَاء ثمينَة لكونِها عاشَت معنَا أيامًا طوِيلة، أَو لِكونِها هديَة مِن شخصٍ نحبُّه"

"هَا قَد بدأنَا.."

ابتسمتُ لأضعَ الإبرِيق عَلى النَّار. إيرزَا أحيانًا يتهربُ مِن الحدِيث معِي بسببِ غرابةِ حديثِي، بَل وَ أسلفَ سابقًا أنَّه يحتاجُ لسماعِ مَا أقولَه مرتَين ليفهمنِي..

هَل أنَا شاذَّة عَن البَشر أَم لأنّ شخصيتُه تناقِض شخصيتِي وَحسب؟

"ليديَا، مَع مَن تتحدَّثِين؟"

جَاء صوتُ الجدَّة آنِي مِن الصَّالة، فتحركنَا أنَا وَ هُو نحوَها، لكنِ تَلاقت حاجِباي حالمَا رأيتُ تحدِيقها المُرتاب نحوَ إيرزَا تلصقُ ظهرهَا بالأريكَة.

أتاراكسياWhere stories live. Discover now