مَا قبلَ الفَجر

9K 860 1.7K
                                    


𓆩𔓘𓆪

تَقلّبت علَى جانبِي الآخَر بعدمَا انعَكست الأدوَار وَأضحَت الوسادَة مَن تعتلِي رأسِي، لأطلِق زفيرًا ينمُّ عَن نفادِ صبرِي لكمِّ الأصوَات التِي يتعمّد آيدِن إصدارهَا وهُو يتجهّز للذهابِ لعملِه.

لقَد فتحَ السّتائِر والنّافذة لتخترقَ الأصواتُ الخارجِية أذنَاي! والآن هُو لَا يتوقّف عَن فتحِ بابِ الخزانَة وإغلاقهَا كلّ دقيقَة..
حاولتُ إجبارَ حواسِي علَى تجاهلِه علّ النّوم يعودُ لزيارتِي، غيرَ أننِي عاودتُ فتحهمَا بعدمَا أغلقَ بابَ الحمّام مُصدرًا صوتًا جعلَ مِن آخرِ ذرةِ نعاسٍ أن تُفارقني.

لأقضمَ شفتَاي بقوّة اضطجعُ فِي شيءٍ مِن التّرنح حتّى قذفتُ وسادتِي نحوَه أطالِعه فِي شيءٍ مِن السّخط
"أهذهِ المرّة الأولَى التِي ترَى أبوابًا فِيها بحياتِك يَا آيدِن؟ مجردُ لوحُ خشبٍ يتحرّك ذهابًا وإيابًا! ثمّ منذُ متَى وأنتَ تتصرّف كأميرَة تعشقُ الطّبيعة وتحِب الاستيقاظَ علَى زقزقةِ العصافِير لتفتحَ السّتائر والنّافذة؟ أليسَ لديكَ حساسيَة مِن الشّمس كدراكُولا؟"
نبستُ فِي شيءٍ مِن القَهر وهُو يصبُّ اهتمامَه فِي تفقُّد كومةٍ مِن الأوراقِ داخِل ملفّه الجلدِي، ليُغلقه يوجِّه نحوِي نظراتٍ غيرِ مُكترثة وسطَ نبرتِه الثّقيلة

"أنتِ مَن رمَت بنفسِها علَي وصرّحت أمامَ الجمِيع أنّكِ زوجتِي، كونِي شاكِرة لكونِي لَم أنكُر الأمرَ أمامَهم وتظاهَرت أننِي بالكادِ أذكُر اسمكِ حتّى، أي تحمّلي مشاطرتكِ لغرفتِي يَا عزيزتِي"

"هناكَ آدابُ التّعامل مَع النّائم أيهَا السّيد الفاضِل! أتعلَم، مِن الواضِح أنّ عقلِي قَد سقطَ منِّي فِي إحدَى أحلامِي ونسِيت أننِي أتعامَل مَع كائنٍ يتجرّد مِن الأخل.."
هُو قاطعنِي بإعادةِ الوسادَة نحوِي حتّى عادَ جسدِي للإستلقَاء وسطَ تصنُّمي، لأضغطَ عليهَا بيدَاي فيصلنِي صوتُه السّاخر قبلَ خروجِه مِن الغرفَة
"لَا ينقصنِي أن أضيِّع خمسَ دقائِق مِن وقتِي لأغنِّيَ لكِ تهويدَة أو أسردَ لكِ قصّة، تداركِي وَضعك"

الوَغد!
إذ زفرتُ فِي استسلَام أبعِد الوسادَة مِن فوقِ وجهِي، لأسارِع بالنُّهوض أغادِر الغرفَة علَى عَجل حالَ إدراكِي لشيءٍ مَا. وقبلَ أن أسمحَ لَه بالوصُول للبَاب وجدتُ جسدِي يقفُ فاصلًا بينهمَا وأنَا ألهثُ بأنفاسِي إثرَ نزولِي للدّرجات فِي همجِية.

وقَد رفعَ حاجِبه لِي لأعيدَ خصلاتِ شعرِي الفوضوِية للورَاء أنبِس بنبرةٍ قاطعَة
"لَا يَصح أن تذهبَ للعمَل بمعدةٍ خاوِية يَا آيدِن، علَى الأقَل خُذ شيئًا لتأكلُه حالمَا تصِل لهنَاك، لَن تندلعَ الحربُ العالمِية الثّانية إذَا مَا قضمتَ تفاحَة الآن"

"وأنتِ مَا شأنُك؟ ابتعدِي"

"لَن أتزَحزح مِن مكانِي حتّى تجلِس معنَا علَى الإفطَار أو تأخذَ شيئًا مَعك يَا آيدِن، ولَو بقيتُ هنَا طوالَ اليَ.."
حدقتَاي قَد جحظتَا فِي إرتبَاك ليدَيه اللّتان عانقتَا كلتَا كتفَاي حتّى رفعنِي مِن أمامِه ليضعنِي أرضًا بجانبِ البَاب. لأطرِف بعينَاي بغيرِ وعيٍ لمَا حدَث حتّى أيقظنِي صوتُ إغلاقِه للبَاب خلفِي.

أتاراكسياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن