الفصل الثامن والأربعون

206 13 1
                                    


بقلوب وجلة متضرعة لربها ووجوه شاحبة كان الكل يقف على أمل واحد ..

أن تنهض غاليتهم وولدها بالسلامة

فالأم وإن قست طباعها تبقى أمًا يرتجف قلبها رهبة وجزعًا حين يرتبط الأمر بخسارة أحد أطفالها

والأخ الذي ينتظر منه الجميع أن يظل ثابتًا موضعه بقوة يرسم الصورة المطلوبة منه بامتياز بينما تسري في أعماقه قشعريرة تهزم صلابته وجموده

أما الزوج العاشق فلا كلمات تصف حاله !

لا حديث فيما يخصه ..

فشحوبه وارتجاف جسده الواضح يتحدث عنه

قبضته المضمومة بتوتر ما بعده توتر تتحدث عنه

تشنج كل عصب فيه ورفة عينيه كل حين وكأن جسده يحارب باستماتة ليظل ثابتًا موضعه ولا ينهار من فرط الهلع أو على أبسط تقدير يحطم كل ما تطاله يداه ويدخل لها غرفة العمليات لينال نظرة منها تهدئ من روعه يتحدث عنه باستفاضة .. !

كان الصمت سيد الموقف ، يفرض نفسه وبقوة على جميع الحاضرين

وما هي سوى دقائق ووصلت حليمة تهرول بأنفاس لاهثة تتبعها سمية بملامح قلقة بدورها بعد أن اتصلت بهم ليالي بناءً على طلب زوجها ..

" لا تقلق يا عبد العزيز ، بإذن الله ستقر عينك بهما ولن يضيمك الله فيهما "

لم يعقب عزيز ولو بإيماءة وكأنه لم يشعر بوصول أحد من الأساس

فكَونهِ فارغ بغيابها عنه ، روحه معلقة بوليفته

إن سلمت سلم وإن مُست دُك في أرضه

ربتت حليمة على كتفه بمواساة تدعو ربها أن يرد لأبنها عائلته سالمة ثم ألقت نظرة سريعة نحو سعادات وارادت أن تواسيها أو تطمئنها لكنها تراجعت حين خرج الطبيب أخيرًا فهرول إليه عزيز ينظر له وكأن حياته متوقفة على كلمة منه ووراءه ليث يشد من أزر صاحبه بصمت يخبئ قلقه على شقيقته بشق الأنفس :

" لما كل هذا التوتر يا سيد عبد العزيز ؟!! .. لقد انتهينا والحمد لله وكانت الجراحة ناجحـ...... "

" غالية .. غالية "

يتمتم عزيز اسمها بتسارع وإلحاح وكأنها كل ما يهمه ويفرق معه فيبتسم له الطبيب بسماحة ويغمغم :

" السيدة بخير والطفل أيضًا ، مبارك ما جاءك "

أنهى الطبيب حديثه وهو يربت بخفة على عضد عزيز ثم تحرك وغادر في الوقت الذي دار فيه الكون بالآخر فترنح وكاد يسقط لولا ذراعي ليث الذي دعمه بكل قوته بينما تعالت زغاريد سمية وحليمة وحتى ليالي فأزاحت الحزن والقلق عنهم وبدلتهم بفرحة وسرور ..

ولما تلاقينا .. الجزء الثالث من سلسلة قلوب تحت المجهر Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz