الفصل الثامن عشر

218 12 1
                                    

نفس الحرب
نفس الصراخ
نفس الكابوس تعايشه من جديد لكن هذه المرة التفاصيل حية أكثر ، حارقة أكثر
كفه الذي وضعه على فمها مكممًا صرخاتها
عيناه التي تحولت لعينا شيطان يجرجرها نحو جحيمه
جحيمه الذي ستُخلد فيه لما بقي من عمرها
مدنسة
مدنسة
كل ما مرت به يعود ويغزوها بشراسة
ينهشها ببدائية
يسلبها حتى قدرتها على التنفس بشكل طبيعي !
انتهاكها من أصيل ،صراخ أمها وركلاتها لها ، انكسار ليث
مدنسة
مدنسة
جسدها ينتفض أسفل منه بجنون فباتت كما لو أنها ممسوسة وللعجب تلك الانتفاضات المتتالية جعلت مارده يتراجع للحظة واحدة ..
لحظة واحدة كانت كفيلة لعقله حتى يعود إليه صافعًا إياه بما يفعله والحقيقة تتضح أخيرًا أمامه !
القطعة الأخيرة من الصورة غير المكتملة وجدت مكانها حين رفع كفه ببطء عن فمها فخرجت صرختها من عمق روحها المنهارة لتتبعها بأخرى وأخرى وهي تضربه بكل قوتها تصفعه دون توقف ثم تضرب نفسها بكفيها فوق رأسها بشكل هيستيري دون توقف عن الصراخ باسم بِشر وكأنه طوق نجاتها الوحيد
وكأن اسمه هو تعويذتها الخاصة لحرق كل الشياطين التي تكاتفت ضدها في تلك اللحظة وأولهم ذلك المارد الأزرق الذي يحملق فيها بعينين متسعتين .. !
لم تدعو شقيقها ، لم تبحث عن سكينها المختبئ اسفل رأسها
وكأن تكرار الحدث أكبر من قدرتها على الاستيعاب والتحمل .. !
كل شيء إنهار فوق رأسها
زلزال ضرب عالمها الهش دون شيء فدمره وبات ركامًا
دمعاتها انفجرت على وجنتيها بانهيار تام ورأسها تتحرك يمينًا ويسارًا بنفي لا واعي لما يحدث لها من جديد
وكأن روحها المهشمة تنسحب منها ببطء فتنتفض كما لو أنها تعاني سكرات الموت تنشد راحة لن تطالها أبدًا !
جسدها الموشوم بندوب بشعة كان أبلغ جواب عن كل تساؤلاته التي لطالما أرقته بشأنها كُشف أمامه فابتعد عنها كالملدوغ وصراختها تختلط بصرخات أخرى ضربت كل كيانه على حين غرة فجعلته يرتد للوراء بعينين جاحظتين ثم يسقط ارضًا محدقًا في الحقيقة بفزع ما بعده فزع ..
( أنت ابني .. مهما تنصلت مني دمائي تجري في عروقك )
صوت زاهر الكريه يتردد حوله ويضربه كسوط من نار فيهذي برعب دون أن تنزل عيناه من على جسد فضة :
" لا ، لا "
يحملق في وجهها فيتبدل وجه فضة في عينيه إلى وجه سيدرا فيزداد الجزع ويرتعد الجسد و صوت زاهر يعلو ويعلو :
( أنا أسكنك )
يرتجف من الرعب وهو ينظر لجسدها المنتفض كطائر ينازع ثم يزحف نحوها كيفما اتفق إلى أن وصل لها مدركًا أنه قد فعل ما لا يُغتفر ووجه سيدرا لا يفارق عيناه وكأنها قررت أن تمده بالقوة في اللحظة الأخيرة فلملم الوشاح حولها من جديد وهو يهذي اسمها بخوف لكنها لا تستجيب على الاطلاق بل تصرخ وتصرخ ، تحارب كبوتها بكل بسالة حتى بح صوتها فتهتز حدقتيه وتسري رعشة باردة على طول عموده الفقري ويهذي باعتذار شديد الخفوت عشرات المرات ثم يحملها ويركض بها إلى سيارته دون أن يتوقف عن الهمس بأسفه بينما قد تهاوت فضة بين يديه وقد سقطت في بئر ظلمتها دون رجعة .

ولما تلاقينا .. الجزء الثالث من سلسلة قلوب تحت المجهر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن