الفصل الحادي والعشرون

206 11 1
                                    

يقود سيارته إلى المطار وهو يستمع إلى مقطوعة ( كارمينا بورانا ) باستمتاع وانسجام بالغ ..
ابتسامته الظافرة لا تفارق شفتيه بعد أن أنهى خصمه بضربة قاضية واطلق بنفسه صافرة النهاية معلنًا اكتساحه لعدوه وهدمه دون رجعة .
ومضت عيناه بلذة الظفر حينما عادت صورة آل وهو يستوعب ما اقترفت يداه تغزو مخيلته من جديد ..
فينتشي من جديد ..
ينسجم مع موسيقاه من جديد ..
يحتفل بفوزه المستحق من جديد !
لقد كان هناك ..
معه خطوة بخطوة
يشاهد ويستلذ بسقوطه !
ذلك الأبله الذي ظن أنه سيعبث بذيل النمر ثم يخرج دون خدوش .. !
عاد ينقر على المقود بمتعة وهو يصفر بتناغم مع تصاعد النغمات الموسيقية بينما يستعيد رؤيته لدموع الآخر فيبتسم بحماس
لقد قضى عليه ..
أوفى بوعده حين اخبر والده أنه سيجعله يبكي كما النساء وهذا بالضبط ما قام به .. !
رآه بأم عينه هائمًا كالمجذوب في الطرقات يحمل جسد طفلته باكيًا دون حول ولا قوة
شكر سفيان حظه الذي جعله يكتشف وجود تلك الطفلة في اللحظة الأخيرة .. !
فخطته الأساسية كانت تعتمد كليًا على شقيقته التي علم رجاله بوجودها بعد وقت طويل من تتبع آل ..
ليس شقيقة فحسب .. بل عائلة كاملة وأقارب أيضًا !
إنه ماهر ومراوغ لا ينكر ..
لكنه ليس أبدًا بمهارته أو بمكره !
يتحكم به غضبه ويعميه بينما هو ملك السكون والانتظار ..
يترصد فريسته بصمت ، يترقبها بصبر ثم يلدغ في الوقت الذي يقرره من حيث لا يدري عدوه !
ابتسم من جديد حينما تذكر تلك اللحظة التي فقد فيها آل القدرة على المناورة أكثر تحديدًا في تلك الليلة التي اصابه رجاله فيها في كتفه عن عمد ..
أجل ، أوامره واضحة .. إصابة سطحية لا أكثر !
إصابة تُثير جنونه ، تضاعف سخطه .. تُجبره أن يُخطئ
ولقد فعل .. !
أخطأ آل ونسي متتبعيه وعاد مباشرة دون مناورات إلى بيت الجبل الذي يخبئ فيه كنزه الثمين حتى يعالج جروحه وبالتالي استطاع هو الآخر الوصول لأكبر نقطة ضعف لديه وأكبر نقطة قوة اُضيفت له هو .. !
طفلة عاجزة بحجم كف اليد لكن السحر فيها ..
خلطة سحرية داخلها ترياقه وسم عدوه 
جمرة وضعها في حلق والدها ثم أغلق عليها فقتلته .. !
جوكر اللعبة الذي أنهى كل شيء لصالحه
لأنه وعلى حسب معلوماته العلاقة بين آل وإخوته شديدة السوء حتى إنه وضع الأسلحة في مخازن أخيه وأبلغ عنه السلطات ..
لذا تيقن أن مقتله لن يكون إلا في طفلته فألهاه بأمر شقيقته وللحق لم يكن موقنًا أنه سيستجيب !
حتى أنه أخبر رجاله أن لا يقتربوا من شقيقته لأنها وسيلة إلهاء لا اكثر وهو لا يريد أن يقع في مشكلة جديدة دون سبب مُجدي
ومع ذلك قرر تجربة الأمر وفي النهاية استطاع أن يفعلها وجعل آل يعاقب نفسه بنفسه .
وصل سفيان أخيرًا ثم أخرج حقائبه ودخل إلى المطار بخطوات ملك ظافر قد عاد منتصرًا من أكبر غزواته ..
فعدوه انتهى ولم يعد هناك ما يربطه بهذه الأرض لذا سيرحل إلى حيث ينتمي متمنيًا لآل حياة مليئة بالتعاسة والجنون .

__________________
" I killed my daughter "
يتمتم بها بهذيان تام وعيونه تذرف دمع الخسارة بجنون ..
جاثيًا على عقبيه أمام الباب ، رأسه منكسّة بانهزام وانكسار وحسرة .. أما عيناه فلا ترى سوى صغيرته التي أنهى حياتها دون جريرة !
عالمه انهار فوق رأسه وكل سفنه احترقت ..
والجاني الوحيد ... هو !
جثى بِشر جواره بسرعة وحاول أخذ الطفلة منه لكن آل تشبث بها باستماتة وهو يهز رأسه برفض متتالي ، يضمها لصدره بعنف وقد ذهب عقله دون رجعة ..
" أعطها لي ، لا تخف .. فداااااااااااااء "
يدعو بِشر شقيقته بعلو صوته فهرول الجميع على صوته المرتفع لتشهق سميحة بصدمة وهي تراه من جديد بعد أن كادت تجن لتعثر عليه مرة أخرى ..
ركضت بسرعة ثم جلست جواره تحاول فهم ما يدور وهوية الطفلة التي يحملها بهذا التشبث !
لحظات وظهرت فداء بوجه شاحب ثم هرولت بدورها إليه محاولة التغلب على الصدمة التي عاشتها الساعات الماضية وبِشر يهمس لها بما يعرفه علها تستطيع المساعدة وما أن رآها شقيقها المكلوم حتى كرر لها بصوت باك مرتجف ، يستنجد بها علنًا :
" I killed my daughter "
حاولت فداء أخذها منه لتفحصها لكنه تمسك بها مرة أخرى فهمست له بتروي بينما وقفت كلا من فضة وسندس يراقبن الموقف بذهول ورعب :
" أعطها لي يا علي .. لا تخف ، أعطها لي "
حملق فيها آل للحظات ثم فك اسر طفلته ببطء شديد فوضعتها فداء ارضًا وبدأت تفحصها بسرعة ثم قالت بعد دقيقة كاملة وهي تحملها من جديد وتنهض بها بسرعة :
" لقد أصيبت بطلق ناري ونبضها ضعيف جدا .. لكنها حية "
نظر آل إليها بعدم تصديق وصوته خرج باكيًا بحسرة ما بعدها حسرة :
" قلبها لا ينبض .. I killed her "
لكن فداء وجهت حديثها إلى بِشر إذ أن الآخر كان يبدو في اسوء حالاته :
" يجب أن نذهب إلى الطوارئ بأقصى سرعة ، ليس لدينا وقت "
همهم بِشر بصوت خفيض وهو ينظر لها بتحذير :
" لا تعطيه الأمل يا فداء إذا كانت الطفلة ستـ....... "
قاطعته فداء بقوة تتنافى تمامًا مع ارتجاف أطرافها :
" دائمًا هناك أمل "
وقف علي يترنح وهو يهمس دون توقف كالمخبول :
" كيف ؟؟! .. ليندا قلبها لا ينبض "
جذبه بِشر بخشونة ثم أمسك بوجهه بين كفيه وقال بصوت قاطع وهو يحدق في عينيه الباكيتين وكأنه يقحم الحديث داخل رأسه :
" ابنتك لا تزال حية .. تحرك لننقذها "
أومأ له علي بطاعة واهتزاز ثم هرول ثلاثتهم للخارج بينما دخلت سميحة إلى غرفتها بسرعة حتى تبدل ملابسها وهي توجه حديثها إلى سندس المفزوعة مما يدور :
" سأبدل ملابسي و أوصليني إليهم يا سندس "
نظرت سندس إلى فضة ثم همست بعدم تصديق :
" ما هذا ؟!! "
هزت فضة كتفيها بجهل تام فسألتها سندس بحذر :
" هل حدثك عنها من قبل ؟!! "
رمقتها فضة بتجهم ثم قالت بسخرية :
" إنه ليس ابن خالتي أنا "
وقبل أن ترد عليها سندس خرجت سميحة من غرفتها وهي تعدل حجابها بسرعة فتحركت سندس وتبعتها فضة بينما كانت سميحة تبكي بخوف وصدمة لا قبل لها بالسيطرة عليهما .
إنها لا تفهم .. ولا أحد يفهم !
متى أنجب هذه الطفلة وأين هي أمها ؟!!
أجلت سميحة استفساراتها لوقت اخر فكل ما يهمها الآن هو عودته إليها مرة أخرى .
مرت عدة دقائق اتصلت فيها سندس بزوجها وسألته عن اسم المستشفى التي قصدوها لتصف بعدها سيارتها جوار سيارة بِشر التي تركها أمام المستشفى في هذا الوقت من الليل ثم نزلوا جميعًا واتبعوهم إلى داخل المستشفى فوجدوا آل يجلس على أحد المقاعد بظهر محني وجواره فداء تضمه إليها بمواساة كيفما اتفق بينما يقف بِشر أمامهما بملامح غير مقروءة ..
اقتربت سندس من بِشر ببطء ثم سألته بخفوت :
" ما وضعها الآن ؟!! "
" الطبيب يفحصها في الداخل "
نظرت سندس نحو آل بشفقة ثم رمت نظرة عابرة نحو فضة فوجدتها تقف جوار سميحة التي لم تجد الجرأة لتقترب من ولدها خوفًا من رفضه لها من جديد .. !
مر بعض الوقت وخرج الطبيب فانتبهوا له جميعًا بينما همس آل بخوف :
" How is she ??! "
نظر الطبيب إليهم ثم قال بعملية :
" الطلق الناري لم يصيب أي مكان حيوي ولله الحمد ، سيتم نقلها إلى غرفة العمليات لإخراج الرصاصة منها "
همهم آل بصوت مرتجف :
" لكن نبضها كان ضعيفًا جدًا ، كانت باردة كالثلج "
" أجل ولا يزال .. الطفلة تم حقنها بعقار أثر على انقباض عضلة القلب ونحن الآن نحاول حل الأمر بعقاقير أخرى تنشطها وتثبط مفعول العقار الآخر "
شتم آل بعنف بينما غادر الطبيب فاقتربت منه سميحة بخوف حقيقي ظهر في نبرة صوتها :
" لا تخف "
أولاها آل ظهره بصمت وكل تفكيره منحصر في طفلته التي تواجه الموت بمفردها في الداخل بسببه
أما سميحة فامتقع وجهها بإحراج بالغ ثم انزوت فوق أحد المقاعد تراقب الموقف بصمت وكمد بينما يرمقهما بِشر بجفاء شديد .
اقتربت فداء من شقيقها ثم همست له بارتجاف واضح :
" ستكون بخير يا علي .. لا تخف "
نظر لها آل للحظات ثم همهم بصوت خفيض متحشرج :
" I'm sorry .. are you okay ??! "
مسحت فداء على ظهره بمواساة ثم قالت بزيف بالغ :
" أنا بخير لا تقلق "
رمقها آل بعجز ثم سألها بخفوت غاضب :
" ماذا فعلوا بكِ ؟!! "
رغمًا عنها دمعت عيناها بضعف ثم أجابته بحرص :
" لا شيء .. لقد احتجزوني على الطريق داخل سيارتي لوقت طويل وبعدها وصل مجموعة من الرجال اشتبكوا معهم فاستغليت الأمر وحاولت تشغيل السيارة من جديد لكنهم كانوا قد حاصروها فاختبأت داخلها والحمد لله ظهر بِشر بعدها وأخرجني من هناك ثم أعادني إلى المنزل "
ربت علي على وجنتها ثم كرر بخفوت بالغ :
"I'm so sorry  .. I'm sorry sister  "
ابتسمت له فداء بارتجاف ثم أسندت رأسها على كتفه السليم بحرص ودعم دون أن تسمح  لنفسها بلحظة وهن ..
فشقيقها بحاجتها أكثر من أي وقت وهي لن تخذله أبدًا مهما تكلف الأمر .

___________
( بعد وقت )

يجلس على طرف المقعد بملامح غير مقروءة وكل تركيزه بل كل كيانه منغمس في معاناة طفلته ..
يقبض كفيه بتوتر لا حد له وأنفاسه تخرج من رئتيه بصعوبة وكأن عملية التنفس قد أصبحت عملية مستعصية عليه !
عيناه لا تتحرك من على نقطة معينة على الأرضية وساقه تتحرك بعصبية وتوتر في انتظار اللحظة التي سيرحمه فيها قدره أو سينهيه تمامًا .. !
تغصن وجهه بالألم والضيق حين باغته وجه چين على حين غفلة وظهرت أمام عينيه تنظر له بشماتة وخيبة في آن واحد بينما تضع كفيها فوق بطنها بإشارة واضحة كانت صفعة جديدة لوعيه !
أهذا عقابه على ما اقترفت يداه ؟!!
أيكون هذا هو ثمن قتله لچيانا وطفلها ؟!!
هل موت ليندا هو جزاؤه .. هو القصاص العادل ؟!!
ومضت عيناه بالخوف الشديد وكأنه للتو يستوعب الأمر وأبعاده الحقيقية ، يستوعب أن لكل فعل رد فعل .. أن لكل شيء ثمن
لكل روح قصاص ولكل جائر نهاية !
تحركت حنجرته بتوتر شديد والتصقت عيناه بباب غرفة العمليات يود لو يقتحمها ليرتاح قلبه وللمرة الأولى في حياته لهج لسانه برهبة ما بعدها رهبة ..
" يا رب "
ارتعد جسده برجفة سيطرت على كافة حواسه ..
للمرة الأولى يفكر في حاجته إليه
للمرة الأولى يلجأ إليه
يسأله ويتوسل إليه أن لا تكون ليندا القصاص !
لكن هل له من عودة بعد كل ما حدث ؟!!
هل له من مكان ؟!!
لا يعرف ..
على الأغلب لا !
ومع ذلك سيجرب هذا الطريق عله يفلح هذه المرة .. !
نهض من جوار فداء ووقف عند النافذة في نهاية الرواق ثم نظر إلى السماء بتيه وتشتت ..
من اين عليه أن يبدأ ؟!!
ماذا عليه أن يقول ؟!
وبأي وجه يطلب شيء وهو الذي لم يؤمن يومًا بعدله ورحمته ؟!
بأي عين يتوسل الرحمة وهو لم يرحم ؟!
دمعت عيناه وهمس بغير هدى وقلبه يقرع بين جنباته بخوف تمكن منه :
" I'm sorry , please .. I need her  .. Please help  "
نظراته شاخصة نحو السماء باستغاثة عاجز لم يعد بيده شيء ، واطرافه باردة ملطخة بدماء صغيرته فتذبحه رؤية الدماء بين أصابعه وتدمر تماسكه أكثر وأكثر .. !
مر الوقت طويل عليه وعلى الجميع إلى أن فُتح باب غرفة العمليات أخيرًا وخرج الطبيب فركض آل إليه يتبعه البقية وكلهم أمل في نجاة الطفلة ..
" لقد أخرجنا الرصاصة وسيتم نقلها للرعاية حتى تبقى تحت الملاحظة ، ادعوا لها "
زفرت سميحة براحة كبيرة بينما ابتسمت له فداء بدعم فنظر لها بتشتت ظهر في سؤاله المرتجف :
" ماذا يقصد هذا ؟!! "
خرجت الإجابة من بِشر بنبرة ذات مغزى :
" يقصد أنه فعل ما عليه وما بقي بيد الله "
توترت حدقتي آل ثم وقعت نظراته على فضة الساكنة جدًا فتوتر أكثر وكاد أن يهمس لها بشيء لكنه تراجع وصمت تمامًا ثم عاد إلى جلسته الأولى على طرف المقعد يفكر فيما عليه فعله لإنقاذ حياة ابنته بأي ثمن .
مر بعض الوقت ثم قال بِشر موجهًا حديثه إلى النساء :
" هيا لأعيدكن إلى المنزل .. الوقت تأخر بما يكفي ووجودكن هنا لا فائدة منه "
اقترحت سندس بعملية :
" سأوصلهن أنا يا بِشر "
هز رأسه برفض ثم قال بحسم :
" الوقت تأخر يا سندس .. سأوصلكن جميعًا ثم أعود "
همهمت فداء بصوت خافت :
" ألا يمكنني البقـ..... "
قاطعها بِشر مكررًا بحزم :
" فدااااااء .. الوقت تأخر ، تستطيعين العودة في الصباح "
كادت سميحة أن تعلن احتجاجها بدورها لكن نظرة بِشر الصارمة الزمتها الصمت تمامًا فنهضت هي الأخرى وتحركت نحو آل ثم قالت بصوت مهتز خوفًا من رد فعله :
" سأعود في الصباح "
ظل آل على جلسته دون رد فزفرت بعجز ثم غادرت وراء البقية فأخرج آل هاتفه ثم بحث عن رقمها وظل يحدق فيه للحظات قبل أن يقرر قول ما أراد في رسالة نصية ..
( سيلفر ، لا تطلبي من الله أن يعاقبني على ما فعلت معك فيها .. I have no one but her )
أرسل لها رسالته ثم وضع هاتفه جواره دون اهتمام وظل على المقعد البارد بمفرده ينظر حوله بملامح تملك منها القلق بينما قلبه يناجي ربه بين جنباته دون توقف .

______________

( الوادي / صباح اليوم التالي )
ألقت ليالي هاتفها بملل شديد ثم نهضت من فوق الأريكة ووقفت أمام النافذة لبعض الوقت تحدق في السماء كما باتت تفعل الفترة الأخيرة ..
راقبت أسراب الطيور بنصف ابتسامة ثم تنهدت بسأم وتحركت بغير هدى في الغرفة لا تدري ماذا عليها أن تفعل لتجعل وقتها يمر .. !
اخذت هاتفها ثم اتصلت بوالدتها وهي على يقين إنها ستستمع إلى نفس سيل الشفقة التي تمطرها به والدتها منذ ما حدث ..
و بالفعل بدأت والدتها المحادثة بسؤالها عن حالها وحال جنينها لتهمس بعد لحظات بصوت خافت :
" كيف حال زوجك معكِ ؟!! "
تنهدت ليالي ثم أجابتها باختصار بالغ :
" الحمد لله يا أمي "
" آه يا ابنتي .. ليت بيدي شيء أساعدك به ، ليتني أفديكِ بعمري يا حبيبة أمك ولا أتركك لحظة مع سعادات وابنها "
تجهم وجه ليالي فور أن بدأ موال والدتها المتكرر ثم رددت ببلادة شديدة :
" الحمد لله على كل حال يا أمي .. كيف حال غالب وأبي ؟!! "
زفرت والدتها بحزن شديد ظهر في لهجتها حين قالت بفضفضة :
" غالب يتشاجر مع والدك كلما تحدثا ، المنزل بات لا يطاق بسبب شجارهم المستمر .. أصبحت انتظر الايام التي يغادر فيها والدك للعاصمة حتى أحظى ببعض الهدوء "
وجم وجه ليالي بينما استطردت والدتها :
" والدك سيسافر إلى العاصمة غدًا لأجل أعماله .. وأنتم متى ستذهبون ؟!! "
تنهدت ثم أجابتها بعد لحظات :
" يومين أو ثلاثة لأن ليث مشغول هذه الأيام وبعدها سيصطحب غالية إلى العاصمة ليعرضها على الطبيب ولا أعلم إذا كان سيصحبني معهم أو لا ! "
زمجرت والدتها في الهاتف بغضب مفاجئ :
" ولما لا يصحبك معهم ؟؟! .. ألستِ حامل كشقيقته ؟! "
أجابتها ليالي بتعقل :
" لأن حالتها الصحية تستدعي الاهتمام أكثر مني يا أماه "
استمرت والدتها في الهذر بكلمات حمائية فزفرت ليالي بقنوط ثم قالت كاذبة :
" أحدهم يناديني يا أمي .. سأحدثك لاحقًا "
أغلقت هاتفها ووضعته على الفراش ثم مسحت وجهها بإرهاق وضيق وخرجت من غرفتها تستجدي بعض الصحبة في ظل غياب ليث المتكرر في عمله ..
طرقت على باب غرفة غالية ثم دخلت باستحياء فوجدت غالية تقرأ في المصحف بملامح ساكنة
كادت ليالي أن تنسحب لكن غالية أغلقت المصحف ونادتها ثم قالت بصوت هادئ وكأنها ليست على موعد مع الموت :
" هل تحتاجين إلى شيء يا ليالي ؟! "
هزت رأسها نفيًا ثم قالت بابتسامة محرجة :
" أنا آسفه على ازعاجك "
ابتسمت لها غالية بسماحة ثم أشارت لها أن تجلس فيما تقول :
" أي إزعاج ؟! .. لقد كنت أقرأ وردي اليومي من القرآن وانتهيت الحمد لله "
ابتسمت لها ليالي ورمقتها بانبهار من صمودها ثم همهمت بعد لحظات بسيطة بحياء :
" لقد جئت أسألك عن حالك واطمئن عليكِ "
" أنا بأفضل حال ولله الحمد .. ماذا عنكِ ؟! "
تورد وجه ليالي بحرج وقد شعرت أنها تتطفل عليها بشكل ما فقالت بعجالة :
" أنا بخير .. بالإذن منكِ "
رمقتها غالية بتعجب لكن ما إن نهضت ليالي حتى سقط شيء ما من فوق الفراش فمالت ثم أمسكت به لتجده ألبوم صور بينما تولت غالية مهمة الرد على سؤالها غير المنطوق :
" هذا ألبوم صور لعائلتنا .. هل ترغبين بإلقاء نظرة عليه ؟! "
ظهر الحماس على وجه ليالي ثم قالت بحرج :
" كما تشائين "
" اجلسي يا ليالي وتوقفي عن تلك الحساسية المفرطة "
جلست ليالي ثم قالت بخفوت :
" لا أريد التطفل عليكِ "
ابتسمت غالية ثم قالت ببساطة شديدة :
" لو لم أرغب بوجودك لم أكن لأسمح لكِ بالدخول إلى غرفتي من الأساس "
هزت ليالي رأسها بابتسامة خفيفة ثم بدأت بتصفح الألبوم بعينين غائمتين بالدفء ..
تشاهد ذكريات تعرف بعضها من حكايات فضة التي لم تكن تنتهي وتجهل بعضها الآخر !
تتأمل حنانه على شقيقتيه خاصةً فضة التي يحملها على كتفه في معظم الصور بينما يضم غالية إليه بالذراع الآخر ..
إنه فخر عائلته وحارسها الأول والأخير !
اعتلت ابتسامة حانية شفتيها حين وصلت إلى صورة فردية له كان يبدو فيها أصغر عمرًا من الآن ..
تأملت وسامته المفرطة والتي ازدادت الآن عن ما قبل
تأملت ابتسامته الواثقة ونظراته التي تنضح بالكبرياء والعزة
أسد حارس كما تصفه والدته على الدوام !
" تستطيعين الاحتفاظ بها "
أجفلت ليالي على صوت غالية الهادئ فنظرت نحوها بخجل شديد قابلته غالية بابتسامة متفهمة فانتبهت ليالي لشحوب وجه غالية البالغ فقالت بقلق حقيقي :
" هل أنتِ بخير يا غالية ؟!! "
رفعت غالية حاجبيها بعجب ثم ضحكت بخفة وقالت ببساطة :
" بأفضل حال كما أخبرتك "
" لكنكِ تبدين متعبة "
همست بها ليالي بتوتر فطمأنتها غالية وقالت :
" هذا بسبب الغثيان المستمر "
نظرت لها ليالي بعدم تصديق بينما ابتسمت غالية وقالت بممازحة :
" والآن لديكِ نصف دقيقة لتحتفظي بالصورة التي أعجبتك قبل أن استعيد ألبومي منكِ "
جارتها ليالي فيما تفعله ثم أخذت الصورة بالفعل واستأذنتها بعدها ثم عادت إلى غرفتها بينما تغصن وجه غالية بالألم الشديد لكنها عاندت نفسها وأمسكت بالمصحف من جديد لتكمل قراءتها .
أما ليالي فما أن عادت إلى غرفتها حتى خبأت الصورة جيدًا بالدرج المجاور لها وجلست تنتظر عودته حتى تحثه على الإسراع لإنقاذ حياة شقيقته قبل فوات الأوان .
__________________
( العاصمة )

دخلت صفية إلى المنزل بملامح شديدة التحفز ، تحمد الله أن والدتها قد عرجت إلى جارتهم ولم تدخل معها إلى المنزل في تلك اللحظة حتى تستطيع أن تتحدث مع كارثتها المجسدة سعد كما تشاء ..
فهذه الزيارة الثانية التي تقوم بها هي ووالدتها لأجل خاطر عمتها المسكينة وهيئة سيف وهو يسأل عن سعد للمرة الثانية قد زادت من شكوكها حول تورطه في تلك المصيبة التي لا تعرف كيف ستخرجها منها إذا صدق توقعها .. !
بحثت عنه صفية فوجدته مستلقيًا في غرفة الجلوس يعبث في هاتفه بلا مبالاة فتصاعد الحنق داخلها
رباه إذا كان بالفعل له علاقة بما حدث للسيد رفعت فسيف لن يرحمه وقد يدخله إلى السجن هذه المرة ..!
" هل أنهيتم أداء الواجب ؟!! "
ألقى سعد سؤاله بتهكم وسخرية واضحين فرمت صفية حقيبتها على الأريكة المجاورة لها ثم سألته بشكل مفاجئ :
" هل لك علاقة بما حدث للعم رفعت يا سعد ؟!! "
رفع سعد عيناه عن هاتفه للحظات ثم عاد إلى ما يفعله ببرودة أعصاب جعلت صفية تهتف فيه بغضب واضح :
" اجب على سؤالي أيها الغبي "
احتدت نظرات سعد حين نعتته بالغبي ثم تحولت نظرته إلى شيء آخر أشبه بالظفر والشماتة في آن واحد ليرد بعد ذلك بسخرية وعين وقحة :
" طوال عمرك لماحة ولا يفوتك فائتة "
لطمت صفية وجنتها مصعوقة من رده ولا مبالاته ثم هتفت فيه بصوت خرج كالولولة :
" خرب الله بيتك .. ألا تدرك ما اوقعت نفسك فيه هذه المرة ؟!! .. سيف لن يتركك في حالك وسيجعل حياتنا جحيمًا بسبب جنونك "
نظر لها سعد باستهانة بينما استطردت صفية بعصبية مطلقة :
" هذه المرة لن يرضى بأقل من سجنك ولن يرحمك مهما حدث .. أتسمعني لن يرحمك مهما توسلت له "
زئر سعد بشكل مفاجئ :
" ومن أخبرك انني قد أتوسل له ؟!! "
كزت صفية على أسنانها وهالها مدى رعونته وغباءه فصرخت بجنون :
" كيف لا تدرك ما أوقعت نفسك فيه ؟!! .. لقد أصيب الرجل بجلطة وأعمالهم تأثرت بشكل كبير .. ألا تظن يا اذكى إخوتك أنه لن يرد لك الضربة بأقسى منها ؟! "
ظهرت نظرة مخيفة في عيني سعد ثم تمتم من بين أسنانه :
" أنا من رددت لهما الضربة هذه المرة "
قطبت صفية بعدم فهم حقيقي فابتسم سعد باستهزاء للحظة ثم قال بحرقة :
" أنسيتِ ما فعله معي رفعت باشا ؟!! .. أنسيتِ اتهامه لي بالسرقة ؟! "
اعتلى الفهم ملامح صفية بينما استطرد سعد بنبرة خائبة :
" وجميعكم صدقتموه .. حتى أمي "
احتدت نظرة صفية ثم قالت :
" وأخرجنا الخاتم من جيبك يا سعد "
ومضت عيناه مرة أخرى بالاستهزاء ثم رد عليها بنبرة ذات مغزى :
" وأخرجتم الراقصة من شقته الخاصة أيضًا يا صفية "
زفرت صفية بضيق ثم قالت دون تراجع :
" حتى وإن كان ما تقوله حقيقي ، أنت فضحته في الجرائد يا أحمق وتسببت في مرضه بعد أن جعلت سيرته على كل لسان وهذا ما لن يمرره سيف مرور الكرام "
توترت حدقتي سعد للحظة قبل أن يغمغم بمكابرة جعلتها تود لو صفعته حتى يستوعب ما أوقع نفسه فيه :
" هذا إذا استطاع النهوض من كبوته من الأساس "
اتسعت عينا صفية من مدى صفاقته فاستغفرت ربها ثم قالت بعد لحظات ببلادة :
" أنت لا تدرك أبعاد ما أوقعت نفسك به .. أليس كذلك ؟! "
ومرة أخرى اهتزت نظراته وكأن هالة الانتصار التي يحيا بها انقشعت شيئًا فشيئًا فسألها سعد بملامح عابسة :
" أنتِ كيف علمتِ بالأمر ؟!! "
فتحت صفية ذراعيها فيما تتمتم بسخرية سوداء :
" كيف برأيك ؟؟! "
" من سيف ؟!! "
سألها بعدم ثقة فأومأت له بتهكم ثم قالت بعدها :
" ولك أن تتخيل ما سيفعله بك "
" لن يستطيع فعل شيء ، فهو لا يملك أي دليل ضدي "
همهم سعد بجملته بانعدام ثقة تام ومكابرة فارغة فنظرت له صفية بصمت مما زاد من توتره فشعرت صفية بالشفقة لأجله خاصةً حين شتم بخفوت ثم هتف بعجز :
" لقد كنت أسترد حقي منهم "
أسدلت صفية اهدابها بضغط شديد ثم أخذت حقيبتها ومفاتيحها وهي تقول بصوت بارد :
" اخبر أمي بأي عذر ريثما أعود "
" إلى أين انتِ ذاهبة ؟! "
سألها سعد بنبرة يسودها التوتر فالتفتت له وهي أمام الباب ثم قالت بصوت مرهق :
" سأحاول اصلاح ما أفسدته حتى لا أخسر أمي إذا حدث لك شيء "
وغادرت صفية بينما تجهم وجه سعد وقد دب الخوف في أعماقه شاعرًا أنه محاصر ولا نجاة له هذه المرة .
________________

( بعد وقت )

يجلس منهمكًا بين كومة من الأوراق في عمله .. أمامه حاسوبه وبعض الملفات التي يحاول دراستها من جديد حتى يستطيع تعويض بعض الخسائر التي طالت المجموعة بعد الفضيحة الكبيرة التي استغلها منافسيه اسوء استغلال ..
ذقنه نامية على غير العادة ووجهه مرهق من قلة النوم ، رابطة عنقه محلولة وملابسه مجعدة بإهمال ودون اهتمام فعلي منه ..
عيناه تموج بالغضب وعقله يعمل في أكثر من اتجاه محاولًا قدر استطاعته إعادة ترتيب أوراقه ليخرج منتصرًا ، رابحًا كما اعتاد ..
ارتشف قهوته ليزيد من تركيزه وكأنه في صراع مع الوقت الذي كلما مر عليه كلما زاده خسارة !
طرق الباب فسمح لمساعدته بالدخول بوجه مقلوب من فرط الضغط الذي يحيا به :
" سيد سيف .. توجد آنسة في الخارج تطلب مقابلتك وتقول انها ابنة خالك "
نظر لها سيف للحظات وكأنه لم يستوعب ما قالته ..
هل أتت إليه حقًا ؟!!
هل تنازلت أخيرًا عن موقفها العدائي منه ؟!
لا ، مؤكد هناك شيء خلف تلك الزيارة الكريمة خاصةً وأنهما تقابلا في المستشفى منذ أكثر من ساعة .. !
أم لعلها أدركت تورط شقيقها فيما حدث لوالده فأتت لتتوسط له عنده !
همس سيف وكأنه لم يصدق بعد أنها أتت له بقدميها :
" صفية ! "
أومأت له المساعدة بالإيجاب فقطب ثم قال بعد لحظات :
" أدخليها "
استقام بعدها محاولًا تعديل هيئته ثم جلس مرة أخرى بثقة فرضها على نفسه بينما طرقت صفية الباب ثم دخلت بخطوات مترددة ..
رمقت المكان حولها بتعمد وكأنها أصدرت فرمانًا على عينيها أن تتجنب الالتقاء بعينيه مهما كان .. !
رمقها سيف بتمهل بتنورتها التي تصل إلى ما بعد ركبتيها بلونها العاجي يعلوها قميص بلون البنفسج بينما أطلقت خصلاتها البنية كما تحب أن تفعل عادةً .
كانت جميلة ، متوهجة .. تسرق أنظاره بأقل مجهود ممكن
حمقى من يقولون البُعد جفاء ..
يشهد الله ما زاده البعد إلا شغفًا بها !
" مرحبًا يا صفية "
خرجت نبرته خشنة تفضح تأثير حضورها عليه فترددت صفية للحظة وكأنها تُعيد حساباتها قبل أن تهمس بتلجلج :
" كيف حالك يا سيف ؟! "
أشار لها بالجلوس فيما يقول بسخرية مستترة وهو يشير إلى الفوضى أمامه :
" كما ترين "
ابتلعت صفية ريقها ثم غمغمت بارتباك من تدقيقه الملحوظ بها :
" احم .. أعانك الله "
" ماذا تشربين ؟!! "
سارعت صفية بهز رأسها رفضًا فيما تقول :
" لا ، لا .. لا شيء "
ابتسم لها سيف بلين مفاجئ ثم ضغط على زر جواره وقال ببساطة :
" أحضري عصير فراولة من فضلك "
" لا أريد يا سيف "
همست بها صفية بعجز فلم يهتم برفضها ثم استند بذراعيه على المكتب قائلًا بشقاوة اربكتها :
" والآن أخبريني بسر هذه الزيارة الغالية "
توترت حدقتيها أمامه للحظة وقد شعرت أنه يلاعبها بمكر لا ينقصه فحاولت فرد ظهرها ثم سألته بمواربة :
" ما الذي بينك وبين سعد ؟!! "
للحظة ومض شهاب خاطف في عينيه لكنه أسدل اهدابه ثم تراجع يستند بظهره إلى ظهر المقعد الضخم الذي يجلس عليه وحرك نظراتها عليها بدفء شديد ثم أجابها بكلمة واحدة :
" أنتِ "
ارتد جسدها واتسعت عيناها وقد باغتها بتلك الصراحة المفرطة ..
احتاجت إلى عدة لحظات استجمعت فيهم قواها من جديد ثم غمغمت بجهل حقيقي :
" لا أفهم "
دخلت المساعدة ووضعت كأس العصير أمامها ثم خرجت فسألها سيف بابتسامة ملتوية :
" ما الذي لا تفهمينه يا صفية ؟!! "
تنهدت ثم قالت بنفاذ صبر :
" ما علاقتي أنا بما يدور بينك وبين سعد ؟! "
ومرة أخرى ركز نظراته عليها بطريقة جعلت جسدها يتعرق ليهمس سيف بعد أن أخذ وقته كاملًا في تأملها :
" أنتِ كل العلاقة يا صفية "
كادت أن تتحدث لكنه أكمل بشرود وكأن ارهاقه الملحوظ قد أثر على تركيزه :
" أنتِ من سأبقى عليها رغم كل شيء "
كرهت صفية احساس الضعف الذي بدأ يتسلل إليها بخبث فقالت بصوت جامد :
" ما الذي يدور بينك وبين سعد يا سيف ؟!! "
رفع سيف نظراته إلى عينيها ثم سألها بدوره وإن كانت نبرته اختلفت وكأنه استفاق مما ألم به :
" ما الذي أتى بكِ الآن بالتحديد يا صفية ؟!! "
" أريد أن أفهم "
ابتسم سيف باستهزاء ثم قال :
" لو رأيتِ نفسك كيف تبدين الآن لما تكبدتِ عناء إخفاء الأمر "
" ماذا تقصد ؟! "
سألته صفية بتحفز فقال سيف بصراحة تامة ولهجة مخيفة رغم خفوت نبرته :
" أقصد أنكِ بتِ تدركين جيدًا أن سعد خلف ما حدث لأبي وهذا ما أتى بكِ ركضًا إلى مكتبي بعد كل هذه الفترة من الانقطاع عن كل ما يخصني "
توترت حدقتي صفية بشكل واضح ثم سألته بعد لحظات :
" ماذا تريد يا سيف ؟؟! "
من جديد علت الابتسامة الساخرة شفتيه قائلًا دون تراجع :
" الأولى أن أسأل انا هذا السؤال بما أنكِ أنتِ من أتيتِ الي "
تنهدت صفية محاولةً استجماع كل طاقات الصبر والتروي داخلها ثم قالت بعد عدة لحظات بغير ثقة :
" حسنًا .. أريد منك أن لا تؤذيه "
ومضت عينا سيف بغموض أخافها خاصةً حين سألها بصوت شديد الهدوء :
" هل هذا طلبك أنتِ ؟!! "
ترددت صفية قبل الإجابة على سؤاله شاعرةً أنه يسحبها إلى فخ ما ومع ذلك اومأت له بغير ثقة فظهرت ابتسامة على وجهه بشكل تدريجي ثم قرب رأسه منها ببطء وسألها بعينين وامضتين بالخبث :
" وماذا ستعطيني في المقابل يا صفية ؟!! "
" لا أفهم "
همسة خرجت منها دون انتباه فنهض سيف ولف حول مكتبه ثم جلس على الكرسي المقابل لها ثم تمتم بمقايضة :
" أقصد أن لي شرط حتى لا ارفع عليه قضية تشهير وأسجنه كما خططت مبدئيًا "
ابتلعت صفية ريقها ثم سألته رغم احساسها باقتراب الخطر :
" وما هو شرطك ؟!! "
صمت سيف تمامًا ثم تكفلت عيناه بالإجابة قبل أن ينطق بسلاسة جعلت قلبها يهوى بين قدميها :
" تزوجيني "
اتسعت عينا صفية بصدمة ازدادت أضعافًا مضاعفة حين أكمل سيف حديثه بكل هدوء :
" الآن "

ولما تلاقينا .. الجزء الثالث من سلسلة قلوب تحت المجهر Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora