الفصل الثلاثون

212 15 1
                                    

طرقات متتالية على باب غرفتها متبوعة بصوت والدتها جعلوها تنهض من جلستها التي طالت لتفتح باب حجزها الاختياري ، تتطلع بدهشة في ملامح أزهار الصلبة التي بادرتها قائلة بحنق :
" هذا كل ما استطعتِ فعله ! .. قمتِ بحبس نفسك في الغرفة ! "
وقعت عينا صفية على حقيبة الملابس ففغرت فمها ..
أليست تلك حقيبة والدتها القديمة ؟!!
هي تعرفها جيدًا ولن تُخطأها أبدًا
" أجل يا أخرة صبري .. ما تفكرين به حقيقي ، سأمكث معك هنا لآخذ بثأرك من ابن رفعت "
اتسعت عينا صفية ثم انفرجت ملامحها بالتدريج لتلقي نفسها على أمها بشكل أجفل الأخيرة لكن بنية أزهار القوية جعلتها تتماسك ثم تربت على ظهر طفلتها فيما تهمس بوعيد خافت جوار أذنها :
" ابن عمتك تجبر لأنه يرانا امرأتان دون رجل ، لكن وحق الله لأجعله يفكر مرتين قبل أن يقول لأي امرأة تمر أمامه صباح الخير "
بكت صفية في حضن والدتها
بكت وحدتها التي تمكنت منها طوال ساعات الليل
بكت البرد الذي نخر قلبها
بكت الظلمة التي ذكرتها بالظلم الذي تعرضت له
وبكت راحةً
بكت لأنها تدرك أن حبها المريض له سيضعفها مع الوقت إذا ظلت أمامه بمفردها
وأخيرًا بكت لأن الشمس أشرقت بجيئة والدتها الآن لتؤكد لها أن ظهرها ليس عاري وأن درعها لم يُكسر بعد !
" الحمد لله ، الحمد لله "
همست بها دون توقف فأبعدتها أزهار ثم دخلت معها الغرفة وأغلقت الباب ورائها بالمفتاح فيما تقول بنبرة جسورة :
" والآن انصتِ لي جيدًا .. أول شيء ستنفضين هذا الضعف المقيت عنكِ واعلمي أن حربنا أمامه ليست هينة أبدًا "
نظرت لها صفية بتيه ودموعها لا تزال تغطي وجهها فأكملت أزهار ببأس وهي ترفع حقيبتها فوق الفراش :
" سننال منه مرة وسينال منا مرات ، وسيبقى الحال هكذا إلى أن نتمكن منه ونهزمه بالضربة القاضية "
" وما هي الضربة القاضية ؟! "
سألتها صفية بعدم تركيز فابتسمت أزهار ابتسامة شيطانية ثم همست بعد لحظات بغموض وهي تمسح دموع ابنتها عن وجهها وكأنها تحضرها بنفسها لما هن مقبلات عليه :
" اتركيها لوقتها والآن افعلي ما سأقوله لكِ بالحرف "
أومأت لها صفية بطاعة ثم لاحظت أن والدتها لا ترتدي أسوارها الذهبية الغالية عليها والتي لا تفارق يدها فسألتها بخفوت :
" أين أساورك يا أمي ؟!! "
أسبلت أزهار اهدابها ثم قالت بصوت خافت :
" قمت برهنهم عند الصائغ "
" لماذا ؟!! "
سألتها صفية بعدم فهم حقيقي ،فوالدتها ورغم كل الأزمات المادية التي تعرضوا لها إلا أنها ظلت محتفظة بتلك الأساور باستماتة لأنهم الذكرى الأخيرة من جدتها
أما أزهار فابتسمت بحزن سكن عينيها حين تذكرت أن ذكرى والدتها لم تعد معها في الوقت الراهن ثم غمغمت بعد لحظات :
" يجب أن يكون لدي سيولة كافية حتى أستطيع التحرك بحرية أمام ابن عمتك "
نظرت لها صفية بتيه فربتت أزهار على وجهها ثم قالت بصوت ذا بأس :
" لا تشغلي عقلك بتلك الأمور الآن "
لتتبع بابتسامة ماكرة :
" اذهبي وتحممي ثم ارتدي أجمل ما تملكين ، أريدك في أبهى حلة يا صفية .. مفهوم ؟! "
شعرت صفية أنها تتورط أكثر في لعبة لا تدرك أبعادها لكنها سلمت الراية لوالدتها بعد أن فقدت كل طاقتها فتمتمت بعد لحظات بصوت أكثر تماسكًا :
" اتفقنا "
_____________

ولما تلاقينا .. الجزء الثالث من سلسلة قلوب تحت المجهر Where stories live. Discover now