الفصل الثاسع

223 11 1
                                    

الحطام
كان يومًا كيان
هشمه القدر وحوله لقربان
***

" اخلعي ملابسك ، الآن "
رمشت بعينيها عدة مرات وزاغت نظراتها ثم همست بتوسل وبإدراك موجع أن لا فرار لها من بين براثنه :
" ليث ، أرجوك لا تفعل هذا بي "
رفع حاجبيه بسخرية ناسبت سؤاله المتهكم :
" وماذا فعلت أنا الآن ؟؟! "
ثم غامت نظراته بالمقت فجأة وتساءل بصوت مخيف :
" برأيك هل كانت تتوسله هي الأخرى حتى يرحمها ؟!! "
شهقة بكاء غادرت صدرها وجعلت جسدها يرتج فعبس ليث بقسوة ثم قال بلا رحمة :
" ابكي كما تشائين ، ستنفذين كل ما آمرك به .. هيا "
هدر بآخر كلمة فارتجفت برعب ليلقي هاتفه ثم ينهض وعيناه تحدق فيها دون أن تراها بحق
يقترب منها وهي مكبلة بخوفها منه ليقف أمامها ويجردها بنعومة مخيفة من وشاحها الذي كانت قد نسيته على رأسها فيما يغمغم بنبرة كالثلج :
" والآن أخبريني .. كيف قمتِ باستدراج أختي ؟!! "
" ليث "
تهمس اسمه في توسل ودموعها تغرق وجهها فتنزل عيناه بشكل تدريجي نحو أول زر في عباءتها ويمد أصابعه ويبدأ بفكها وهو يكرر سؤاله بشكل آخر بنفس النبرة الخفيضة :
" كيف أخرجتها من المنزل ؟!! .. هيا أنا أسمعك "
نهنهت في البكاء ثم همست على حين غرة :
" لقد أحبها "
جمدت أصابعه كما ملامح وجهه للحظات قبل أن يعاود ويكمل ما يفعله بحركة شديدة البطء مستلذًا بإذلالها ليهمس حين عادت للصمت :
" وماذا أيضًا ؟!! "
شعرت ليالي أن لا فرار أمامها إلا بإخباره بكل ما تعلم فهمست وهي تحدق في وجهه الذي كان خاليًا من أي تعبير أو انفعال، تحدده القسوة ويعلوه الجمود :
" كان يأتي أحيانًا إلى الجامعة حتى يراها وهي ...... "
شعرت ليالي بتصلبه فصمتت برعب لكن ليث رفع عيناه إليها مطبقًا فكيه للحظات قبل أن يردد من بين أسنانه :
" وهي ؟!! "
ابتلعت ريقها بحركة متوترة ثم همست بصوت متقطع :
" وهــ...ــي كانــ....ــت تبــ...ـادلـ..ــه مشـ...ـاعره "
وفي لحظة خرج المارد من قمقمه فلفت أصابعه بقسوة حول عنقها وصوته يصدح بجنون :
" بماذا تهذين أنتِ ؟!! .. هل تحاولين إقناعي الآن أن أختي كانت على علاقة بالنجس شقيقك ؟!! "
هزت ليالي رأسها بذعر تنفي ما وصله ثم أسرعت تنفي بصوت  مفزوع مختنق وهي تحدق في ملامح وجهه التي اتشحت بالسخط الشديد :
" لا ، لا لم تجمعهما علاقة حقيقية اقسم بالله "
" إذًا ماذا تقصدين ،انطقي "
صرخ فيها فبكت بفزع وتمتمت بتسارع :
" لقد مالت له وهو .. هو كان يحبها ويحاول مراسلتها من حين إلى آخر لكنها لم تكن تجيبه ، كان يخبرني دائمًا أنه يرغب في الارتباط بها وجعلني أسألها في مرة عن رأيها في الأمر وهي وقتها صمتت بخجل ولم ترفض بشكل صريح "
اتسعت عينا ليث ثم هز ليالي بين ذراعيه وهتف بتهكم ونفور :
" شقيقك النجس زير النساء ، كيف جاء في مخيلته الاقتراب منها بل وطلب الارتباط بها ؟!! "
مازالت دموعها تسيل على وجهها الشاحب من شدة الخوف وأجابته ببكاء مرير :
" لقد أخبرها أنه سيتغير لأجلها لكن ....... "
ألصقها ليث في الحائط يدفعها بخشونة شديدة نحوه فتئن بألم وهو يهتف بجنون مطبق :
" لكن ماذا ؟!! .. لا تتوقفي حتى آمرك "
تعالت شهقات بكائها وهي تجيبه :
" لكنها رأته بعد ذلك بالصدفة مع إحداهن وقطعت كل صلاتها به واختفت من أمامه تمامًا لتخبره بعد ذلك عن طريقي أن يبتعد عنها لأنها لن ترتبط به مهما حدث "
" فقرر الانتقام منها ! "
هزت رأسها نفيًا وهي تنتحب :
" لا ، لقد كان يبكيها بصدق .. أنا رأيته تلك الليلة ، توسل لي باكيًا حتى أجعله يراها .. أخبرني أنه نادم على كل ما فعل وأنه مستعد لبذل كل ما في استطاعته حتى يصلح الأمر بينهما ويجعلها تتقبله من جديد ، لقد بكى يا ليث .. بكى وتوسل لي ولم استطع فعل شيء إلا ...... "
" مساعدته "
همهم بها بنبرة ميتة ليتركها بازدراء ويوليها ظهره فتسقط أرضًا تلملم طرفي عباءتها حول جسدها كما اتفق وتنهي ما بدأته وكأنها صعدت إلى طاولة الإعدام :
" اتصلت بها بعد إلحاح شديد منه وأخبرتها أنني تشاجرت شجارًا عنيفًا مع والدي وهربت من البيت وانني بحاجة إلى مساعدتها "
" وهي صدقتك ، أعطتك الأمان وأنتِ ...... "
ضربت ليالي رأسها في الحائط وصرخت بخزي :
" ليتني مت قبل أن افعلها ، ليتني لم أكن ضعيفة أمامه لهذه الدرجة ، ليتني لم أطاوعه ..لكن .. لكن من اين لي أن أعلم أن الأمر سيتطور بينهما إلى هذه الدرجة ؟!! .. اقسم بالله فعلتها بحُسن نية ولم يخطر ببالي أبدًا أن يجن اصيل ويؤذيها بتلك الطريقة البشعة أبدًا "
جلس ليث على طرف الفراش واضعًا رأسه بين كفيه بقهر ما بعده قهر فزحفت ليالي نحوه ثم جلست أمام ساقيه تكرر بتوسل :
" والله لم أكن أعلم نيته ، والله لم اقصد ايذائها "
تجرأت وأمسكت بكفه تقبله بتوسل وانتحبت تستجديه الصفح :
" بالله عليك سامحني ، أنا أموت كل يوم ألف مرة بعظم ذنبي .. أنا أحببتها واعتبرتها أختي ومن غبائي تمنيت لو يجتمعا مرة أخرى .. والله يا ليث لم أتوقع أن يرتكب أصيل تلك الكارثة، أنا حتى لا أعلم ما دار بينهما أوصله لهذا الجنون " 
رفع ليث رأسه فتقابلت أعينهما للحظات وهمست بصوت شديد الخفوت شديد التوسل :
" سامحني ، أرجوك "
" وأين حددتم مكان اللقاء ؟!! "
كادت أن تتحدث لكنه قاطعها متوقعًا الإجابة بشكل مسبق :
" خلف حظائر الماشية التي تملكونها .. أليس كذلك ؟!! "
نهنهت ليالي وقالت بهمس متوسل شديد الخفوت :
" لم أكن أدري بمخططه "
ابعد ليث عينيه عنها وسحب كفه من كفها بقرف ثم نهض هاربًا منها ومن عجزه الذي يكبله فلا يتركه يذيقها ولو بعضًا مما اذاقت شقيقته .
_____________

ولما تلاقينا .. الجزء الثالث من سلسلة قلوب تحت المجهر Where stories live. Discover now