﴿ الـفـصل الـثـالـث عـشـر ﴾

25.5K 1.3K 167
                                    

«بحر النسيان»
     « الجزء الأول من سلسلة للحب شعائر خاصة»

أغلق يـم الهاتف وهو يحمل ملف القضية و ما أن هم أن يلتفت اصطدم بشخص فجأة لم يكن سوى أكرم لينظر له يـم بعد اهتمام و هو على وشك تخطيه لكن كان لأكرم رأي آخر حينما أمسك ساعده مما جعل يـم يزمجر بقوةٍ كالأسد المتخذ وضع الهجوم العنيف في أي لحظة و هو ينتشل منه ساعده بقوةٍ مما أدى إلى تراجع أكرم خطوتين للخلف رافعًا يده علامة السلام منافية تمامًا لتلك البسمة المستفزة التي تدعوك لتحطيم وجهه من مدى الاستفزاز و عدم القبول بينكما و لكنه تمالك نفسه و وضع البرود سيده خاصةً و هو يعلم أنه الانسب مع شخصية بسمات أكرم حتى لا يخطي فيما بعد لكنه سوف يلقنه درس لن يتناساه جاعلًا أم أجالًا و قال بنبرة رجولية حادة:-
- إنتَ عايز إيه؟

ابتسم أكرم بثقة و وضع يده في جيب بنطال حلته السوداء بغرور ثُم قال بزهو يتنافى مع كرامته التي دهست أرضًا منذ قليل:-
-بص يا سيادة المقدم أنا مش عايز منك حاجة و لا عايز أعرف حاجة عنك أنا مش بيفرق معايا غير حاجة واحدة وهو مكان سلا و أنا بأكد ليك أنها هتبقى في مكان أمن تمامًا و في حمايتي و جوزها أولى بيها. 


أشعل شرارة صعب إطفاءها في صدر يـم من كلماته المعتوهة تلك بالله عليه يتحدث عن الأمان! هي أمانها معه هو فلا أحد يستطع الاقتراب منها في وجوده و مما زاد الطين بلة كلمة زوجها! تلك الدُمية متزوجة من زير نساء!! هذا يعني أنها ملكه يفعل بها ما يشاء و لا يحلو له معها!!  و لكن لحظة لم تأتي له أي معلومات بمثل هذه النقطة هناك شيء خاطئ من أين يقول والده أنها بمثابة شقيقها و هو الآن يقول أنها زوجته أهذا غباء وراثي؟! و لكن صبرًا يا عائلة لا تمتلك شرف إن لم يعلم مع من يتعاملوا و هو أبن من حينها سيكون سمعة دون فائدة و هذا مستحيل. 

أومأ يـم برأسه و دمدم بفتورٍ بعد أن شبك عدة أشياء ببعضهم البعض و قرر اللعب على العامل الانفعالي عند أكرم:-
-  خلصت !! تمام لو خلصت مضطر امشي عشان عندي شغل مش فاضي للعب العيال ده. 

و كما هو متوقع لم يستطع أكرم كبح لسانه قليل التهذيب و قال بانفعال هز جسده مش شدة ما يمر به أثر ضغط في محاولة جاهدة منه كي لا يتشابك مع ذلك المدعو يـم بالأيدي:-
- إنتَ بارد أوي يا اخي. 

ابتسم يـم بكلاسيكية مستفزة و قال:-
- طيب كويس تعرف لو كنت مش بارد كنت خليتك دلوقتي تحصل مرات أبوك و تبقوا مع بعض في نفس التربة حظك بقي إني هادي و مش معني كدا إني هسكت عليك كثير بس زي ما بيقولوا الصبر حلو و سلا أنا قولت اللي عايز يدور عليها يدور بس مش هتلاقي حاجة  ده اللي عندي و مش عندي غيره إذا كان عجبك بقى. 

مسح أكرم على لحيته بكف مرتعش يحاول قد الإمكان السيطرة على انفعالاته تحت نظرات يـم المستمتعة جدًّا بتلك الحالة التي يمر بها:-
-أنا مش فاهم أنت إيه مشكلتك إذا كان دلوقتي و لا بعدين هتخلص القضية و سلا هترجع ثاني و هتبقى معايا هتفرق لو خدتها دلوقتي إيه من بعدين أنا قادر على حمايتها.

ضحك يـم ساخرًا ازدادت من اشعال أكثر و أكثر:-
-قادر على حمايتها! و الله ضحكتني و أنا ماليش نفسك أضحك. 

زفر أكرم بعصبيةٍ حارقة و دقيقة أخرى سيفعل ما لا يحمد عليه لكن يـم لم يسمح بتفويت الأمر سدى و هو يقول بصوت واثب يغمره الحدة:-
- طب أبوك ليه ماكنش قادر على حماية فيروزة و لا والدتك و هي عندها كانسر طب سيبك مراته الأولى ماحدش يقدر يقف قدام أراده القدر وربنا لكن الثانية ماتت مقتولة قدر على حمايتها. 

تشدق أكرم بحدة جذب الأنظار لهما:-
-قصدك إيه؟!

قال يـم بدون أن يهتز له رمش:-
- قصدي يا أكرم بيه إني شاكك فيك أنت و ابوك و مش بعيد أنتوا اللي عامين كل الحوار ده علينا نخلص من أمها بعد ما تخلصوا منها تطلع كل الثروة باسم بنتها خلاص بدل ما تموتها اتجوزها و هي سن قانوني للجواز لكن أداره الاعمال لا يبقى  جوزها المسئول لحد ما تم السن القانوني اللي يسمح ليها تدير نصيبها و الله و اعلم بقى في السنة  ديه ممكن تعملوا فيها إيه.!.

ثُم أكمل بقنوط ساخر:-
-صح و لا أنا غلطان بس مش عايز ردك كله ده الوقت هيبان و خلي بالك من نفسك يا أكرم يا تهامي من نفسك عشان اللي بيدخل دماغ الطوفان مش بيطلع منه عايش. 


قال آخر جملة و هو يرتب على بدلته الثمينة الكلاسيكية و ألقى له نظرة أخيرة تحمل الكثير و الكثير من المعاني ثُم وضع نظارته الشمسية و ذهب خارج المبنى بأكمله و هو يحمل ملف القضية الذي ألقاه في الكرسي المجاور له قبل أنّ يُلقي نظرة إلى أكرم جعلته يستشعر مدى الاحتقار الذي رماه به أن يرتد سيارته تاركًا  الأتربة والغبار المتصاعد عن بدا التحدي و ليس أي تحدي أنه تحدي من أجل واحدة فقط و لكن الطوفان لا يسمح من دخل إلى عرينه بالتحرر منه. 
■■■■■
أطلقت زفرة بطيئة تحاول التماسك حينما وجدت المنزل خالي تمامًا أو بمعنى اصح الممر المتواجدة فيه، نظام غريب في ذلك المنزل يثير ريبته فمنذ متى المنازل التي يكون فيها تمتلك الهدوء!! كانت تعيش مع زياد و أكرم في منزل واحد لفترة معينة جعلوها تكاد تجن من فرط مشاكلهم اليومية المشرفة إذا كان عن العمل أو الجنس الآخر حتى الغوغائية في غرفهم كأنهما مقيمان في مكب نفيات ليس منزل متواجد به عشر خادمات للعرض لا أكثر و رغم ذلك في نفسها خوف يعتريها بشكل لا يصدق رات فقط الجميع بشكل سطحي و كان اسوءهم المدعو يـم و إذا كان هو بذلك التسلط كيف يكون أخيه الأكبر التي سمعت عنه ما لا يسر من جنة و قبل أنّ تستجمع شجاعتها تحاول النداء على جنة كهربتها لمسة غير متوقعة جعلتها تلك صرخة مدوية دوت في ارجاء المكان فسارع ذلك الصوت الرجولي يهديها و هو يقول بتروٍ:-
-أهدي أهدي في إيه؟!


وضعت سـلا كفها على صدرها برعبٍ بات يتحكم بها في الفترة الأخيرة خاصةً مع تحول قدميها إلى هُلام جعلها غير قادرة على الوقوف فاستندت على الحائط و هي تنظر إلى ذلك الرجل بمقلتين خائفتين لم يمنعها من ملاحظة الشبه بينه و بين أخيه يـم فالتقطت بسهولة أنه قد يكون أخيه الأكبر فابتلعت ريقها بصعوبة و هي تقول:-
-إنتَ مين و بتعمل إيه هنا؟!

رفع فهد حاجبه الأيسر بصدمة حقيقية و هو يحاول استيعاب أنه عليه أخذ الأذن في منزله! ليرد بسخريةٍ:-
- أنا المفروض اللي أسأل السؤال ده و الله إنتِ اللي مين و بتعملي ايه هنا ؟؟

ردت سلا بتلقائية:-
-أنا سلا. 

دُهش فهد من اسمها لثوانٍ حينما ذكره اسمها بشخص جد قريب لقلبه فألقى نظرة متفحصة بشمولية  قبل أن يرتسم على وجهه ابتسامة صغيرة من عفوية ردها و هو يتمتم بصوت خفيض:-
- طول عمره بيقع واقف الواد يـم ده وربنا و كل مرة أحلى من اللي قبلها مش خسارة الخناقة اللي حصلت عشانك ده لو أنا اعمل جريمة قتل هنا
صايع وربنا بس زباله بيأخد الحلو لنفسه طب يقسم طيب مع اخوه.  

لاحظت سلا نظرات الاعجاب الذي يُغلفها بها فاتخذت وضع الدفاع و هي تقول بصوت جامد يتنافى مع ارتعاش جسدها من رهبة الموقف:-
-نعم؟!

لم يرد فهد عليها بل قال:-
- لا و باين أنك بنت ناس برضوا.

نظرت له سلا بعدم تصديق و لا تفهم على ما يتحدث هذا إلى أن أتت جنة نجدة من السماء فوجدت سلا تقف مع فهد فقالت بإبتسامة فاترة و هي تنظر إلى فهد بنظراته المصوبة على سلا بإعجاب خاصةً خصلات شعرها التي تصل إلى ما بعد خصرها بشكل خاطف للأعين و قالت:-
- اتعرفتي على الفهد يا سلا؟!

رد فهد بإبتسامة ساحرة أظهرت أسنانه اللؤلؤية:-
- لا أنا بس اللي اتعرفت تقريبًا على  العموم نورتي يا سلا أنا اخو يـم الكبير فهد و البيت بيتك طبعًا. 

تنهدت سلا براحة من طريقة تعامله البسيطة حتى وجدت أن اللقاء معه ابسط من شقيقه المتعجرف بغض النظر على أنه يمتلك مقلتين زائغتين لكنه لطيف ثُم  تحدثت بصوت هادئ : شكرا يا

قال فهد بلطفٍ:-
-تقدري تقوليلي فهد عادي أنا مش بحب الرسمية. 

ابتسمت سـلا بنعومةٍ و أومأت شاكرة بترفعٍ فطري بها عاجزة عن رؤية لمحة الغيرة التي حلت على مقلتي جنة و لكن قطع ذلك اللقاء ثُلاثي الاطراف من مُنى التي همست بقلق…:-
- فهد نجم أنا لقيت الأوضة مفتوحة  و لما دخلت لقيته مش موجود شوف الحرس كدا يمكن خرج

تنهد فهد بيأس من خوف أمه المبالغ به على أخيه لكنه رغم ذلك رد بهدوءٍ:-
- متقلقيش يا حبيبتي نجم معايا في اوضتي فوق متخافيش عليه. 

نظرت له مُنى بصدمةٍ و قالت:-
-هو خرج ! طب يـم وافق أو زين؟!

تعمد فهد الرد قائلًا:-
-كلمني و طلب مني أخرجه و يروح اوضتي و شوية و جاي مُحمد يـم كلمه و هيجي يشوفه و فيه فريق تصميم ديكور جاي يغير أوضته  كلها و طلب الكل يتعامل معاه عادي و ماحدش يضغط عليه و اخلي بالي منه و ابقي أكلمه و أقوله مُحمد قال ايه. 

كانت صدمة مُنى مقدار ذرة من صدمة سـلا و لا تعلم ماذا يحدث هنا كانت تظن أن عائلتها مجنونة فليأتوا و يروا ما هو أصل الجنون من ذلك البحر متقلب المزاج تارة يكون في نعومة الصيف بنسيمه المنعش و تارة يقبل عاصفة لم تكن في الحسبان بالله كيف لشخص واحد يحمل النقضين في نفس الوقت  كيف يكون شخص واحد هو  الداء و الدواء ماذا يريد أن يثبت و لمن!!  ولكن يبدو أنه شخصية  معقده للغاية و التعامل معه سوف يكون اصعب من ذي قبل و هي لا تريد تلك المقابلة معه حاليًا  يكفي ما فيها و ما تتحمله و عند رويته ترتعد من الخوف و لا تقدر على النظر في عيونه نعم كانت المقابلة الأولى سهلة لكن بعد ذلك أدركت أنه ليس الشخص المسالم أو الهادي أنه عكس ذلك تمامًا تشعر أنه مثل لقبه طوفان يقلب حياتك رأسه على عقب كانت تلك الكلمات تتردد في عقل سلا و لكنها أفاقت على  يد على كتفها فالتفت بسرعة و خوف لكنها وجدت جنة  التي نظرت إليه بحزن من تصرفات صديقتها الغريبة اليوم و لكنها تلتمس لها العذر:-
- اهدي يا سلا إنتِ هنا معايا و معانا الكل و ماحدش يقدر يقرب منك متخافيش. 



زاغت  عيناي سلا بالفراغ و لا تعلم حقيقي إنّ كان معها أحد أو لا. 
■■■■■

في المستشفى

يقف خارج الغرفة وهو يسند برأسه على الحائط  مغمض العينين و لم يعطي اهمية لتلك الناس التي تقف بجانبه متمثلين في رجلين و سيدة برفقة ابنتها يظهر أنها في ريعان شبابه و التي بين الحين و الآخر تُلقي له نظرة جانبية تجعله يتأفف بنفاذ صبر فكلما يفتح مقلتيه يجدها تسترق النظر له كأن ينقص حياته المشاكل لتضاف إليه مشكلة أخرى يكفي ما فيه أو في حياته كي تظهر له الثانية التي صدمها بسيارته كأنها لم تجد غيره لا يفهم ماذا يحدث يبدو أنه يوم مشئوم على الجميع. 

تأفف نيروز بغضبٍ عندما تأخر الطبيب في الداخل في نفس الوقت الذي أعلن هاتفه عن اتصال فوجده فهد الذي لم يكن يريد سوى الاطمئنان عليه
و ما أن قرر الابتعاد قليلًا حتى تسنح له الفرصة للتحدث بحريةٍ وجد الرجل يقبض على تلابيب قميصه فأتساعت مقلتي نيروز بصدمةٍ و هو لا يزال مستوعب أن هناك من يملك القدرة على فعل  ذلك لكنه لم يكن سوى إحدى الرجلين يظهر على شعره الشيب مما جعل نيروز يستغفر ربه سرًا لعجز عن تلقين ذلك العجوز درسًا لاحترامه لفارق السن بينهما لكنه  ازاح يده بعنف من عليه و قال بغضبٍ:-
- في حاجة حضرتك ايدك. 

غمغم الرجل بغضب مماثل له:
-إنتَ رايح فين بعد اللي عملته في البنت ده و ضيعت مستقبلها. 

توسعت مقلتي نيروز من مدى الدرامية و هتف بصدمةٍ:-
- يا نهار أسود هو أنا قربت منها اصلًا ده أنا لسه شايفها انهاردة مستقبل ايه اللي ضيعته هو رمي بلا و خلاص هي مش بقت في المستشفى خلاص بقي ليه الحوار ده يعني. 


تدخلت السيدة كعامل اشعال و هي تقول:-
- تصدق أنه عديم اخلاق عشان ترد على حد قد والدك كدا بس نقول إيه جيل زي الزفت. 


ضرب نيروز الحائط بقبضته بنفاذ صبر و قال بصوت على آخره:-
- معلش بقى أصل احنا جيل ماحدش فينا شاف نص ساعة تربية اهلنا كانوا مشغولين


ثُم  نظر إليه الفتاة التي بجانب السيدة و أرتفع جانب فمه بسخرية و هو يقول:-
-مش من نفس الجيل برضوا و لا إيه؟!

نظرت إليه السيدة بغضب فما كان عليه الا أن ألقى لها نظرة مستفزة في وقت خروج الطبيب الذي ذهب له نيروز بهيمنة بعد أن استرد و لو جزء بسيط من حقه:-
- ها يا شهاب هي عامله إيه ؟!

رد شهاب بابتسامة مطمئنة خاصةً بعد ما رأي الأجواء المشحونة:-
-لا متقلقش يا باشا  هي اغمى عليها من الخبطة و لكن هي كويسة جدًا  متقلقش. 

زفر نيروز براحةٍ:-
-الحمد الله.

ثُم تابع و هو يرتب على كتفه بمُجاملة:-
-طيب يا شهاب شكرًا جدًا  تعبتك معايا. 

قال شهاب بـ احترام واضح:-
- العفو يا سيادة المقدم احنا في خدمتك يا باشا و سلم على يـم باشا و فهد بيه كتي و خصوصًا سيادة اللواء و قوله الحج مستني زيارته لينا. 

ضحك نيروز بقلة حيلة من أبيه و هتف:-
-متقلقش سلامك هيوصل للكل شكرا يا شهاب بس اقدر اشوفها اطمن برضوا.

قال شهاب ببساطةٍ:-
-هي فاقت لو عايز تقدر تدخل براحتك بس عن اذنك دلوقتي مضطر امشي ورايا شغل . 


أومأ نيروز بتفهمٍ:-
-اكيد طبعًا ربنا معاك اتفضل. 


ثُمّ ودع شهاب و إجباريًا نظر إلى السيدة و الرجلين كي يرى معالم ملامحها التي لم تكن تحتل سوى الصدمة فظهر على ثغرة ابتسامة واثقة و ذهب إلى إحدى غرف التمريض كي ينظف يده التي جرحت من ضربه للحائط لها
■■■■■

في غرفة من غرف المشفى


يجلس نيروز على فراش بينما امامه فتاة ترتدي زي التمريض و هي تُطهر جرحه و أذنيها تعمل كأجهزة تصنت مرتكزة بكل حواسها على مكالمته الهاتفية تحديدًا عندما قالت بانفعال:-
-بقى بنت الدايخة بتقولي جيل زي الزفت و من غير أخلاق أنا من غير اخلاق.!

قال فهد بسخريةٍ:-
-على أساس أنك متربي أوي ده أنا و أنت عارفين اللي فيها. 

هتف نيروز بغضبٍ:-
-يا عم أنا واحد  فيا العبر لكن تقولي من غير أخلاق ديه لو مش قد أمي اقسم بالله كنت ادتها قلم خلتها في التربة و لا الرجل مسكني من قميصي زي الحرامي و بيقولي ضيعت مستقبلها. 


اعتدل فهد في جلسته فجأة و هتف بريبةٍ:-
-نيروز هي حادثة و لا إنتَ عملت إيه في البنت يخربيتك.

هز نيروز بعدم تصديق و قال:-
- إنتَ مجنون يا ابني ده أنا لسه جاي من السفر من كام ساعة اتعرفت عليها امتى؟!

ضحك فهد:-
- أومال مستقبل إيه اللي ضيعته مش بتقولي البنت كويسة.


أشاح نيروز بكفه بخنقٍ:-
-أنا أعرف بقى لما بيقولي كدا
حسيت أنها قضية اغتصاب مش حادثة مستقبل إيه ده اللي ضيعته هو أنا أصلًا لحد دلوقتي مشوفتش وش امها.

ثُم تابع بعدم تصديق و هو يقص:-
-و بعدين دول دخلوا رجل معايا عشان أنا عربيتي اتنين بس الحمرا ما إنتَ عارفها و ركب معايا عشان يضمن إني هروح معاهم عافية. 

ضحك فهد من كل قلبه و هتف:-
- لا مش قادر ياريت كنت موجود معاك. 

ارتفعت نواقيس العصبية عن نيروز و قال:-
- تصدق انك ******  يالا بقى أنا هتشل من اللي حصل و البيه بيضحك كانت ناقصة العملية هي مش كفاية  راجع من العملية و كنت حاسس أنها فيها موتي لا يطلع قدامي الغندورة كنت ناقصها هي الثانية

هدأ فهد من نفسه تدريجيًا و قال بصوت متحشرج آثر الضحك:-
-طب هتعمل إيه؟!

مسح نيروز وجهه بنفاذ صبر و قال:-
- و لا حاجة هروح اشوف الميته اللي جوا ديه و أغور البيت و اجي ليكم يوم تاني مش قادر اقف خلاص. 

هتف فهد متبسمًا:-
-ماشي يا نيروز سلام. 

طرأ على بال نيروز فكرة جعلته يعتدل في جلسته و هو يقول بمكرٍ:-
- سلم على زين و مُنى لحد ما اجي و روح قلبي جنة و بوسها ليا يا فهد اوعي تنسي بوسها.

التمعت مقلتي فهد بغيرةٍ و قال بعصبيةٍ:-
-اتلم يا **** بدل ما تزعل مني غور جاتك نيلة  في خلفتك عيل **** تموت في قلة الأدب .


و بدون أي مقدمات أغلق الهاتف في وجهه بينما ضحك نيروز بأسى على صديقه فارغ العقل و لا يعلم لما مصمم فعل هذا بنفسه و رغم ذلك هو يدعو له من كامل قلبه كي يجد الراحة سواه معها أو مع غيرها لكن ما جذب انتباهه نظرات الممرضة الحالمة التي جعلته يشعر أنها ترى أحدى ممثلين التلفاز فرفع حاجبه باستغراب:-
-في حاجة يا ماما؟!

نهضت الممرضة بتوترٍ و قالت:-
- أنا خلصت حضرتك بس ياريت تبقى تيجي  عشان تغير عليه بكرا. 

مط نيروز شفتيه بلا مبالاة و قال و هو يتجه للخارج:-
-آه ماشي


تاركًا إياها تنظر في اثره نادبه حظها:-
- هما كلهم كدا ليه؟! إذا كان هو و لا ولاد زين بيه يخلوا الواحدة تكره بقيت الجنس بعدهم يخربيتك حلاوتهم كانوا بياكلوا إيه هما صغيرين سكر أومال ليه برعي اللي عندي في البيت ديه كان بيأكل إيه مسقعه اعوذ بالله يلا كله عند ربنا بحبه برضوا ابن فوزية . 

■■■■■

أزال ذلك الرجل الوسيم بملامح الشرقية سماعته الطبيبة و هو يضحك:-
- لا ده إنتَ ن تمام اوي يا نجم. 

تشدق نجم بوجعٍ:-
- تمام إيه يا مُحمد ده أنا جسمي مش قادر اقف عليه. 

Timeout

مُحمد السالمي / رجل في بداية عقده الخامس لكنه رغم ذلك يمتلك ملامح وسيمة شرقية تجعله مُنفرد، صديق زين و مُراد من أيام الطفولة و إلى الآن، لديه ابنتين الأولى تقيم معه في مصر أما الثانية برفقة والدتها المنفصلة عنه و لا يعلم عنها أي شيء من الأساس و علاقتهما أقرب من السطحية.

Timeout ends

في تلك اللحظة تدخلت جنة يأسه:-
-إنتَ لسه فيك نفس؟

ليكمل فهد بحدةٍ:-
-عقبال رقبتك و نستريح  منك نخلص البشرية. 

عاتبته مُحمد برفقٍ:-
-إيه يا فهد مالك داخل حامي كدا مش شايف الواد عامل ازاي بس بصراحه يـم  عامل شغل جامد اوي عمل جهد فيك شكلك خربتها المرة ديه يا نجم عشان يـم بنفسه يرفع أيده عليك ده لما كان ابوك أو حد  بيزعق بس ليك كان بيقلب البيت عشانك و بتبقى حرب عشان بس ماحدش يرفع أيده عليك. 

ثُم أكمل و هو يضحك رغمًا عنه:-
-بس بصراحة كارثـة إنتَ كارثـة. 

هتف نجم بوجعٍ:-
- و النبي يا محمد يا اخويا مظلوم هو منه تامر ابن الدايخة اللي عمل كدا فيا و جرني للرذيلة و إنتَ  عارف بقى أن الشيطان شاطر بس عملت كدا بشرفي يعني و لا ست قدرت تقرب مني الشرف شرف برضوا و إنتَ عارف شرف الرجل عامل زي علبه التونة لو اتفتحت مستحيل تتقفل تاني. 


نظر له الجميع بيأس بخلاف سلا التي ضمت شفتيها في محاولة منها لكبت ضحكاتها لكن مُحمد ضحك غصبًا و هو يقول:-
-ماشي يا نجم الشباب  هو بس شوية كدمات و عندك تمزق في ايدك اربطها كام يوم و ادهن المرهم ده و استريح و بطل عفرته بقى إنتَ مش ناقص كفاية  اللي فيك و بعدين أنا كلمتلك مادي و هي شوية و جاية.

نهض نجم بحماسٍ غير مُتهم بحالته:-
- إيه ده المزه بنتك جاية عشاني. 

ضحك مُحمد رغمًا عنه  و لا يعلم كيف أحد بشخصية زين ينجب تلك الشخصية لكنه قال:-
- آه يا سيدي المزة بنتي جاية عشانك إنتَ. 

زفر فهد بنفاذ صبر:-
-اموتك و استريح يا اخي إنت يا ابني مش نافعك فيك أي حاجة أعمل فيك إيه، ربنا يتصرف فيك بعدله يا اخي. 

ضمت مُنى  نجم إلى صدرها و قالت بعتابٍ:-
- ما خلاص يا فهد إنتَ شايف عامل ازاي مش ناقص يا عيني.

ثُم رتبت على وجه نجم بحنانٍ و هي تقول:-
-مالك يا حبيبي في إيه مالك يا قلب امك حاسس بإيه؟!

استغل نجم الوضع بسرعة البرق و قال:-
-جسمي يا منون.
   
قبلت مُنى رأسه سريعًا و هي تدعو من قلبها:-
- ألف سلامة يا ابن عمري. 

رمش فهد بأهدابه بعدم تصديق في تلك اللحظة ذلك البرغوثة هو أبن عمرها أمه أنجبت من الذكور أربع لم يراها متعلقة بأحد منهم مثل نجم حتى أكثر من يامن و دائمًا ما كان يأتي يـم في نهاية الترتيب عند تلك النقطة قال بعصبيةٍ:-
- أنا غاير في داهية لو قعدت اكتر من كدا هكمل عليه أنا.


ليخرج تحت نظرات الجميع أولهم زين الذي علم ماذا دار في خلد ولده جعله يتحول بتلك الصورة
مما جعله يزفر بتعبٍ والتفت إلى صديقه:-
-يالا يا مُحمد ننزل نقعد تحت احسن في المكتب و يكون الغدا جهز. 

اعتذر مُحمد بلباقة:-
- لا يا زين بجد مش قادر و الله خليها مرة تانية. 

وضع زين يده على كتف صديقه وقال:-
-يا عم تعالى بقي هنكلم مُراد يجي و معاه نيروز بقالنا فترة مقعدناش سوى و بالمرة تتعرف على سلا. 

نظر مُحمد إلى سلا التي بادلته النظر بتوترٍ ساد على ملامحها لكنه ألقى لها نظرة مطمئنة و قال:-
-أكيد طبعًا،  يالا بينا. 

أومأ زين برأسه و التفت إلى سلا قائلًا بحنوٍ:-
-يالا يا سلا. 

أومأت سلا بتوترٍ و ذهبت تجاه الخارج مقررة انتظارهما في حين التفت زين ينظر إلى مُنى و قال بقنوطٍ:-
- ياريت الغدا يجهز و سيبك من البيه عايش اهو مش عارف أنا فهد ادخل ليه كان سابه بس يالا عليه العوض. 

و اتجه صوب الباب عاجزًا عن رؤية نظرة الحزن التي لاحت في مقلتي نجم و لم يسبق من قبل أنّ تعامل مع أمر يخصه بذلك الجمود و الاعتيادية حتى لم يلاحظ أن والدته قد خرجت بعد أن طبعت قبلة رطبة على رأسه على وعد بالعودة بسرعة كي لا يبقى بمفرده فلاحظ نظرات جنة المعاتبة المصوبة تجاه مما جعله يقول بحزنٍ:-
- هو إنتِ كمان زعلانه مني؟


اقتربت منه جنة و رتبت على خصلات شعره بحنوٍ و هي تقول:-
- لا يا نجم أنا عمري ما ازعل منك أنا زعلانة عليك إنتَ عمرك ما كنت وحش يا نجم ليه تعمل كدا و تخسر اخواتك. 

أقسم نجم بصدقٍ:-
- و الله أنا مروحتش بإرادتي أنا روحت مع تامر و الباقي على  أساس أنها خروجه عادية و لما روحت هناك اتصدمت و كنت همشي بس هما مسكوا فيا. 

قالت جنة بهدوءٍ:-
- كنت تقدر ترفض بس إنتَ المظاهر خدتك و كنت عايز تعمل او تجرب زي ما بيحكوا ليك بس أهو اونكل زين زعلان منك و كمان فهد و الأكبر من ده خسرت ثقة أخوك يـم اللي كان يقف في وش الكل عشانك بس هو دلوقتي مش واثق فيك و إنتَ عارف أن يـم بيكره الكذب ازاي  غير إنك خليت علاقته وحشه مع نيروز كمان. 

أدمعت عيني نجم و هتف بغصةٍ:-
-أنا مش قصدي يـم غالي عندي و صعب أنه يبقى زعلان مني فاكرة أنه سهل عليا يبقى بعيد عني و مش بيتكلم معايا أنا كنت اول لما بتعب و اصحى الاقيه هو قاعد جنبي و ماسك ايدي بخوف كأني ممكن يحصل ليا حاجة لما كنت أبقى في أي مشكلة كنت بختاره هو مش بابا و لا فهد عشان عارف أنه الوحيد اللي بيفهم عليا و مستحيل يعمل ليا حاجة بس لو كنت قولته ساعتها كان مش هيطيق يبص في وشي. 


عقدت جنة ساعديها أمام صدرها و هتفت بتروٍ:-
-على أساس أنه دلوقتي معاك؟! إنتَ مش عارف لما خرج من البيت كان عامل ازاي بعد ما ضربك.

لتتابع و هي تتنهد و قد وجدت أن يمر بما يكفي من الذنب:-
-و على العموم متقلقش يـم قلبه طيب معاك إنتَ بالذات و مستحيل يقرب منك بوحش هو لوحده هيبقى كويس بس لازم تكون ندمان من قلبك عشان يقدروا يسامحوك. 



قال نجم بصدقٍ:-
- والله ندمان و مستعد اعمل أي حاجه عشان يتصالح معايا. 

هتفت جنة برقةٍ:-
- ماشي يا نجم بس الكلام ده مش وقته ارجع و اقف على رجلك و اثبت بالأفعال مش بالكلام عشان المرة ديه غير كل مرة


أومأ نجم بشرودٍ خاصةً و هو يعرف أنها على حق لكن فجأة التفت لها و هو يقول بحرجٍ:-
-جنة. 

ردت جنة بعفويةٍ:-
-نعم. 

ضحك نجم:-
-هو المزة ديه اللي كانت مع يـم صح؟! 


"" خلصت الحلقة ""

إلى اللقاء في الحلقة القادمة




جُ1 بحر النسيان   جُ2 قَيصر قَصرها حيث تعيش القصص. اكتشف الآن