﴿الفَـصـل الـخَامـس﴾

ابدأ من البداية
                                    

عدل الطبيب من وضع نظارتـه بتوترٍ من جديته في الحديث كأنه لا يهتم بـ حتى رد التحية بعد الترحيب الجليل الذي القاه على مسامعه ليحاول تبرأته نفسه من أي تهمة قد تسبب في ضرر سمعته لاعنـًا حظه العتر عندما وافق على تلك الحالـة:-
-و الله يا باشا إحنا عملنا كل ما في بوسعنا عشان حمايتها بس من الواضح

قوس يـم شفتيه ساخرًا و قال:-
-اظن أنا سألتك حالتها إيه لو مختلطش عليا الأمر

جذب الطبيب منديل ورقي يجفف حُبيات العرق التي تكونت على جبينه ينظر إلى تلك الزرقوتين المعكرة و هتف بتلجلج:-
-و الله يا سيادة المقدم هي بخير ده من ستر ربنا أنها كانت واخده علاجها بتاعها و نايمة و العلاج ده بيعمل ذي عزل عن الواقع لمدة معينة و بيرخي الاعصاب فهي بخير

رمقه يـم بنظرة ثابته قبل أن ينهض من مجلسه يجذب مفاتيح سيارتـه و هاتفـه و غمغم بجمود:-
-ياريت تكتب ليا أسماء دوا الانسة و المواعيد عشان هتخرج من هنا و ده أمر من القيادة عندنا

أومأ الطبيب بدون نقاش ليجده حتى لم ينتظر رده بل ذهب خارج المكتب كأنه يخبره و عليه قول السمع و الطاعـة ليزفر بضيقٍ يدمدم في تزمتٍ:-
-مستحيل ده يكون أبن زين الراوي اعوذ بالله إيه ده

■■■■■

في إحدى الاحياء الراقية الخاصة بالطبقات المُخملية
تقدمت تلك الفتاة التي في ريعان شبابها ترتدي جيبتها السوداء القصيرة مع قميص أبيض ملتصق عليها كـ جلد ثانٍ لها تضع قدح القهوة على طاولة الإفطار لـ يظهر رجلان إحدهما في منتصف عقده الثالث وسيم من الدرجة الأولى بأعين بندقية مع خصلات شعر بُنية ناعمة مصفوفـة بـ عناية و جسده المتناسق مع طولـه الفارع
أما الثانٍ في اواخر عقده الخامس و لا يقل وسامـة عن ولده و لكنها متأثرة بالشيب لتأكد أنه كان رجلًا وسيمًا في الماضي رفع قدح القهوة يرتشف منه لتتحدث الخادمة برسميةٍ:-
-تؤمروا بحاجة يا بهوات

أومأ حسن التهامي برأسه نافيـًا بينما ولده أكرم لم يكلف نفسه عناء رفع رأسه حتى و عقله مُنشغل مع حبيبة الفؤاد التي تبتعد عنه بسبب تلك المدعوة والدتها، لا يعلم لِمَ تحبها من الأساس الحسنة الوحيدة التي فعلتها أنها انجبتها ضوء ناعم آتى في هيئتها و صدق من أسماها سـلا و هي كذلك بالفعل
لتنسحب الخادمة بهدوءٍ كما دلفت ليزفر أكرم بضيقٍ ملقيًا الشوكـة في الطبق ليرفع والده مقلتيه يطالع والده بهدوءٍ قبل أن يهتف بنبرة هادئة:-
-أهدى يا أكرم أهدى

أطبق على أسنانه بعنفٍ قبل أن يميل بجزعـه على السفرة يضع كفيه عليها يغمغم بنبرة غاضبة:-
-أهدى!! أهدى إيه تاني لحد امتى هتحمل اللي أنا فيه ده وعدتني أنك تجوزها ليا بس مراتك المبجلة الله يجحمها وقفت ليا ذي اللقمة في الزور و دلوقتي غارت في داهية و قولنا استريحنا منها لكن برضو واقفة ليا حتى بعد ما ماتت منعاها عني

جُ1 بحر النسيان   جُ2 قَيصر قَصرها حيث تعيش القصص. اكتشف الآن