إضافِي|التَوت والنُدوب

1.6K 118 25
                                    

تمايَلت حُمرة الغَسقِ بدَلالٍ على السَماءِ المُشرِق بآخِر شُعاعٍ باهتٍ من الشَمسِ الَتي كانَت تَسبح بعَميقِ المُحيطِ البَعيدِ الَذي تراقَص بنُعومةٍ مَع النَسماتِ الساكِنَة الَتي فُعِمت برَحيقِ البِنَفسِج العَذبِ.

كانَ تلاحُم النَصلِين قاسِيًا والعَرق يَرسِم طريقَه عَبر اجسادِهما المَشدودة فِي عراكٍ شَرسٍ بَين بُستانِ الوَردِ القاصِي والصَمت الحادَ ينكَسِر فجأةً بصَيحة نَصرٍ ورَطمة آلمٍ مُتذمرةٍ.

"لقَد أصبَحت ضعيفًا هذهِ الأيامَ،أيها القائِد."سمَع صوتُها المُتشاكِس يكسَر تأوَهه الشاكِي بَينما تنبَطِح على جذعِه المُنبسِط فَوق العُشبِ الرَطبِ بَين الورودِ المُتفتِحة بإرهاقٍ.

طَوى ذِراعَه أسفَل رأسِه بلُطفٍ كَي تُطِل زَرقاوتاه المُشرِقَتان على خَضراوتيها المُتبسِمتين بتلاعُبٍ،وغَمز ببَسمةٍ جانبَيةٍ رامِيةٍ. "هَذا بسَببكِ،أميرَتِي. فأنتِ تستنزفين طاقَتي فِي مَعارِك أُخرى بنهايةِ اللَيلِ."

دَحرجت سـام مُقلتيها بضَجرٍ،مُحاوِلة إزاحَة إحمرارَ وجنتيّها جانِبًا مُلتقِطة ما يَرمِي إلَيه خلف بَسمتِه المُتلوِعة. هِى كانَت تعلَم جيدًا بأنَه يتعَمد الإنهزامَ أمامَها ويَحرِص على عَدمِ إلحاقِ أي أذَىٍ بها رَغم عدم جَهرِه بتِلك الحَقيقة.

فرَغم مِرور العامَ الآن على الحَربِ الأخيرة بوَجهِ أخَريتيا،إلَا وإنَه لم يتخلَ ابدًا عن ذَنبِ ما حَدث. لم يقتَنع قَط بأن كُل شيءٍ وَقع تِلك اللَيلة لم يكُن خطَئه هو.

بَل كانَ خطؤَها هِى.

زفَرت بإستياءٍ لَم ينحَل عن قلبِها الساكِن،رَيثما تشعُر بِه يُقيم جذعَه بلُطفٍ وزَرقاوتاه تتعامَدا بنَظرةٍ مُترويةٍ على خَضراوتيها اللَتين إبتَسمتا برَحابةٍ شَقت الطَريق لقَلبِه الهائِم ببَحرِ العشقِ.

إنتَفض بدنُها بوَلعٍ وهِى تشعُر بأنامِله تَسير عَلى خصرِها بنُعومةٍ ونظراتُهما تتعانَق فِي ضَمةٍ مَتينةٍ رَغم يديه اللَتين بدأتَا ترفَعان قميصَها المُلطخ ببَقايا العُشبِ الرَطبِ إلى الأعلَى ببُطيءٍ،مكللًا بتنهيدةٍ ثقيلةٍ ترَكت صدرَه المُختنِق بحَسرةٍ.

حلَقت عَيناه فِي صَمتٍ إلى النَدبةِ الَتي حفَرت ذِكراهَا المَنكوبة بجانبِ معدتِها وإلتَمعت ياقوتَتاه بنَظرةٍ حَزينةٍ أفشَت بمَكنونِ قَلبِه الغائِر بشَوكِ الإنفطارِ بَينما أصابِعُه تتلَمس آثارَ الجرحِ المُلتئِم بحَذرٍ شَديدٍ،وإمتعاضٍ وَطيدٍ.

رُبما،لَو كان أكثَر إنتباهًا تِلك اللَيلة،لمَ حدَث كُل هذا.
رُبما،لَو لم يكُن ضعيفًا للّغايةِ أمامَها،لكان كُل شيءٍ مختلفٍ الآن. رُبما لَو كان أكثَر حِرصًا على أميرتِه..لمَ شَعر بمَرارةِ النَدمِ الآن.

راقَبت سـام وجهَه الَذي تسطَح بيأسٍ،نظرُه لم يُفارِق ندبتَها المَكشوفة وآنامِلُه تدلِل حوافَها برقةٍ جعلَتها تُحرِر نفسًا حزينًا وإبهامُها يُداعِب وجنتَه بلُطفٍ جذَب تركيزَ عَينيه إلى بسمتِها الَتي نُسِجت بوَنسٍ فَوق شِفَتيها.

حُـب تنكُـرِي.Where stories live. Discover now