الثالِث|مَسألة غَرامِية

2.1K 202 90
                                    

تضافَرت غيومُ السماءِ بتكاتُفٍ،عصُفت الرياحُ وهِى تتقاذَف ثلوچ الشِتاء بالهواءِ مُصدِرة عواءً باردًا يقلِص الأبدانَ المُتربِصة.

نظَر لِوي حوله بجَمودٍ لبراعِم الحدائِق المُتنفِسة،مُرهِفًا لصوتِ الألحانِ المُلحنة بالداخِل بوداعةٍ كانَت ثقيلةً علَى صدرِه المُنزعِج بشَقاءٍ.

كان ناقِمًا على نفسِه وحانِق. كان يشعُر بالغَليانِ وصورةُ تراقُص الشَقراء مَع ذَلِك الرجُل تلدَغ عقلَه الساهِم. يجرؤ على قَولِ أنَه قَد شَعر بالغَيرةِ لتمكُن أحدهُم سواه بأن يَقترِب مِنها بهَذه الطَريقة.

كان هُو الوَحيد الَذي يستحِق أن يكون على هذا القُرب لها،ولَيس أي شَخصٍ آخَرٍ.

قطَف بتلاتَ الوَردةِ المُستكينة بين يدِه بعَصبيةٍ،ودماءُه تتلاقَف بين عروقِه باندفاعٍ من عقلِه المُشحذ بغَضبٍ،ومِن قلبِه المُختمِر بحَزنٍ.

لقَد خاضَ معاركٍ كثيرةٍ وحصَل على العَديدِ من النُدوب والجُروح،لم يكُن يومًا خائِفًا من أيةِ مواجهةٍ ما. ولَكِنه كان خائِفًا مِن التَصريحِ بمشاعِره المُنهكة كَي لا يحصُل على ندبةٍ بقلبِه لَن تلتَئِم أبدًا.

كَم نظَر إلى نفسِه بأحتقارٍ،كَم رأى بنفسِه ضعفًا سخيفًا.

"لَم أعلَم أنكَ تُحِب التسلُل،أيُها القائِد."رمَش متيبسًا وصوتُها المُشاكِس يَنبعِث مِن خلفِه بخُفوتٍ؛ليتنفَس بحملٍ دون أن يُجيب أو يَلتفِت.

هو لَم يكُن بمزاجٍ يسمَح له بمُتابعةِ ألاعيبَهما الَتي تنكَرت وراءهَا رغبتَه في قضاءِ الوَقت معها،وسَماع ضحكاتَها الساخِرَة.

ضمَّت سام حاجِبيها بحَيرةٍ مِن عَدم إستجابتِه؛لتَقترِب لبُقعةِ جلوسِه على إحدَى الصُخورِ المُدببة أمام البُحيرةِ الراكِضة شَرق القَصرِ الملَكِي،وتفَقدت ملامِحَه المتآكِلة بالظَلامِ. "هل أنتَ بِخَير؟"

قلَب الوَردة الذابِلَة ببَتلاتِها المُتشبِثة،وإبتَسم بزيفٍ.
"أجَل،وددتُ إستنشاقَ بعض الهواء وحَسب."

"أجَل،الجَو بالداخِل خانِق ومُزعِج للّغاية."أقَرت بموافَقةٍ،بينما تَعود بذراعيّها للخَلفِ مُلقِية بخَضراوتيّها نَحو سطحِ البُحيرةِ الساكِنة وضوءُ القمرِ المتآكِل يُشرِف على أمواجِها المُتعرِجة بحُبٍ.

"ظننتُكِ تقضِين وقتًا مُمتِعًا.."تحدَث بصوتِه المُراوِغ المُعتاد؛لتَضحك ساخِرةً..ولَكِنها إن أنصَتت جيدًا،لشَعرت بإمتعاضِ صوتِه المُختبِئ بقاعِ نبرتِه الخافِتة.

"لقَد كنتُ أستَمِع إلى حَديثٍ مُذهلٍ عن القَهوةِ وأنواعِها. كانَ الآمر ممِلًا في الحَقيقةِ."علَقت بشَزرٍ،فلَم تسمَع مِنه تعقيبًا ما كمَا إعتادت.

هو لَم يكُن يستطيع أن يُسيطِر على مشاعِره السَيئة،كان غاضِبًا مِن نفسِه،غاضِبًا مِنها،وغاضِبًا على كُل شيءٍ سَبب لَه ذَلِك الحال السَيء،لمَ عليه أن يَكون ضعيفًا أمامها هكَذا؟ هو لَم يكُن يومًا ضعيفًا.

حُـب تنكُـرِي.Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora