( تبعد قرية . كوهستان ، ستة كيلو مترات عن مدينة مازندران ، وهناك كان يعيش رجل اسمه الشيخ محمد الكوهستاني ، الذي كان عالماً مجتهداً وأستاذاً في علم الأخلاق والمعارف الإلهية . رحمة الله عليه) .كان هذا الرجل الكبير مربياً لجمع من العلماء وطلبة العلوم الدينية ، ومن عاينوا الشيخ الكوهستاني كانوا ينجذبون إلى معنوياته وحقائقه وأخلاقه وكمالاته الإنسانيّة ، قبل أن ينجذبوا إلى علمه وفقاهته.
أما أنا فقد شدّتني إليه صلة دامت سنوات، إذ كنت أمكث مُدَداً في قرية كوهستان أستمد من محضره مدداً علمياً ومعنوياً .
في أحد الأيام كنت في غرفة الإستقبال بمنزل آية الله الكوهستاني أقرأ في كتاب نهج البلاغة - خطبة الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام) في وصف
المتقين التي خطبها بطلب من همّام .. فوجدت - دونما مغالاة - أن هذه الخطبة تنطبق تماماً على آية الله الكوهستاني في حركاته وأعماله وسلوكه، باب منزل أية الله الكوهستاني كان مفتوحاً أمام الضيوف، إذ كثيراً ما كان أهل مازندران - وبخاصة أبناء القرى - يحلون ضيوفاً عليه ، فكان عددهم يزيد أحياناً على الخمسين ، وعند الظهيرة ، بعد ما يصلون فريضة الظهر مؤتمين به في المسجد ، يأتون منزله .. حيث يُقدم لكل فرد غضارة من الـ(آشْ)كما هي العادة - ورغيف من الخبز .حدّثني المرحوم آية الله الكوهستاني يوماً عن قدرة الله تعالى ) غير المتناهية ، فبسط الموضوع وبحثه بطريقة تجعل الإنسان مأخوذاً بعظمة الإرادة
الإلهية .واذكر جيداً أني سألته عند ختام ذلك البحث ، فقلت : لم لا يمن الله (تعالى) أحياناً بحاجاتنا المشروعة على الفور ؟
فقال في جوابه : من صفات الله تبارك وتعالى ، أنه خفي الألطاف .
ومن ألطافه ( سبحانه ) الخفية أنك إذا نظرت إلى مجمل حياتك ووجدت أنك كنت تسعى لمرضاة الله وراضياً عن الله فان الله يعطيك ما تريد قبل أن تساله .
ثم قرأ دعاء أيام شهر رجب ، تأييداً لما قال : (يا من يعطي من سأله ، ويا من يُعطي من لم يُسأله ومن لم يعرفه)
وقال : ربما لا تعطى واحدة أو اثنتين من حاجاتك ، ولكنك إذا دققت في الموضوع وجدت أنك - بشكل عام - راض عنه ( سبحانه ) .
والإنسان نفسه يدرك أحياناً أن من مصلحته ألا يكون قد أعطي تلك الحاجة أو الحاجات، فلو
كان الإنسان قد أوتي كل طلباته لوقع في ضرر غير مشروع -حياة المرحوم آية الله الكوهستاني حياة عادية جداً. فثيابه من الكرباس(الخشن)والقطن والقماش المنسوج باليد، وحينما يلتقي به الإنسان
- وخاصة في كوهستان - فإنه لا يحسبه على دراية بأوضاع البلاد السياسية .بيد أنه كان فطناً وَقاد الذهن ، كأنما ينطق عن الغيب ، فكان يجعلنا على بصيرة بمستقبل البلاد وبالسياسة (إن ذكر أفاق من كلماته في هذا الصدد مما لا ينسجم وطبيعة هذا الكتاب ) .
KAMU SEDANG MEMBACA
معراج الروح مع رحلات لتهذيب النفس
Spiritualماذا تثير في نفسك عبارة (معراج الروح) حينما تسمعها اول مرة عنوانا لكتاب أو حينما تقرؤها على غلاف هذا الكتاب؟ المعنوية الروحانية، التحليق إلى عالم الحق والحقيقة قطع العلائق والعروج إلى عالم الحقائق ...هكذا سيكون جوابك بالتأكيد. أما إذا كنت انسانا منف...