المكاشفة والصندوق

50 2 1
                                    


بقيت معه عده ايام شاهدت خلالها كرامه من كراماته يتصل طرف منها بما قبل وفاته ويتصل الطرف الآخر بما بعد الوفاة وأراني مضطراً لأروي ما وقع:

في هذه السفره رأيت أن لدى الحاج ملا أقا جان صندوقا صغيراً كان يخفي عني ما في داخله وحدث مره ان دخلت عليه في الغرفة ما ان اراني حتى بادر بعجلة فاغلق الصندوق الصغير ووفق قاعدة ( الانسان حريض على ما منع) تولدت فيّ رغبة قويه لمشاهدة ما في الصندوق، ولكني لم استطع بأي نحو ان انطق بكلمة واحده .

في أحد الأيام دخلت الغرفة كان الحاج ملا أقا جان في الغرفة الأخرى وكان الصندوق مفتوحا ثمة كراس مفتوح قد وضع فوق سائر مكتوباته، لم امس الصندوق ولا الكراس ولكني قرأت في الكراس وهو على حاله موضوع ذلك الكراس كان شرحاً لمكاشفة قد وقعت له في اليوم الثالث عشر من شهر رجب وكان بدايتها ما كتبه ..

(صباح اليوم الثالث عشر من شهر رجب الذي يوافق يوم ولادة أمير المؤمنين علي عليه السلام وكنت اصلي في أولى ساعات النهار وهي الساعة المخصوصة بالأمام عليه السلام صلاة علي ابن ابي طالب عليه السلام، قرات في الركعة الأولى بعد الحمد (قل هو الله أحد) خمسين مره، وفي الركعة الثانية قرات( قل هو الله احد)بعد الحمد خمسين مره ايضا  .

وفي القنوت تشرفت بزيارة جمال علي ابن ابي طالب عليه السلام، ووعدني ان يعطيني اثني عشر شيئا كعيدية وقال:

اوضح لك هذه الاشياء الاثني عشر بعد اتمام الصلاة، ثم صليت الركعتين الاخريين من صلاة علي ابن ابي طالب عليه السلام على هذا الترتيب ايضآ.... )

وحين بلغت في القراءة بالكراس إلى هذا الموضع دخل الحاج ملا أقا جان الغرفة فأغلق الصندوق على الفور ولم يدعني اقرأ بقية ما حدث له في المكاشفة، حاولت ان يأذن لي بقراءة بقية الموضوع ولكنه لم يفعل وحين وجدني شديد الالحاح قال لي يصل اليك هذا الكراس بعد موتي وتستطيع وقتئذ ان تقرأ الموضوع جيداً

لقد حسم القضية فلم يعد ثمة مسوغ للالحاح فتركت الموضوع وربما قد نسيته بعدئذ، ومرت سنوات على وفاته ولم استطع خلالها ان اذهب الى زنجان وارى مكانه هناك خاليا منه، وبعد مضي اربع عشر سنة على وفاته كنت قد نسيت موضوع الكراس وربما نسيت أكثر القضايا التي وقعت بيني وبينه .

في طريق سفرة لي إلى اذربايجان ذهبت الى زنجان فزرت منزل أبناء المرحوم وطلبت من ولده الكبير محمد عتيق الذي كان من المدرسين المحترمين في زنجان ان يدفع الي ما كان للمرحوم الحاج ملا أقا جان من أشياء مدونه أو كتابات اذا كانت ما تزال  للاستفادة منها .

فقال في جوابه؛ كل ما كان من كتابات المرحوم جمعها أحد علماء ايران واخذها ولم يبق لدينا منها شي في هذه السفره.

خرجت من زنجان خالي الوفاض ولكني ذهبت في السنة التي اعقبت تلك إلى زنجان مرة اخرى لرؤية أبناء المرحوم وقصدت منزل ولده محمد عتيق عندها قال لي:

اذا كنت تتذكر فانك قد طلبت مني في العام الماضي ان ادفع اليك مكتوبات المرحوم ملا أقا جان، وظل هذا الموضوع عالقا في بالي وحين انتقلنا من منزلنا رأيت كراساً واقعا خلف الصناديق فتناولته واحتفظت به إليك، ومن المدهش انه حين وضع الكراس بين يدي وفتحته فقد انفتح على نفس تلك الصفحة التي قرأت فيها يوم كان الكراس في الصندوق المفتوح، وحين وقع نظري على تلك الصفحة تذكرت دفعة واحده كل تلك الحادثة كما لو ان ستارة سينما قد رفعت من امامي فجأه فقرأت بقية المكاشفة بعد خمسه عشر عاماً!

وكم كان حسنا اني لم أقرأ في ذلك الزمان الحكاية كلها في الختام لان في المكاشفة الطافا بهذا الرجل الكبير بحيث لو اني اطلعت عليها في حينها فلربما ما استطعت أن افارقه ولا لحظه واحد، ولكنت قد هجرت الدراسة والعيش وإذ كانت آخر سنوات حياته فأن فقدانه يكون قاتلاً لي أو يجعلني انطوي على نفسي وانزوي عن الحياة الاجتماعيه، إلى جوار ان عمري واستعدادي آنذاك غير مؤهلين لتحمل قضايا من هذا النوع، وهذا المعنى الأخير هو الذي جعلني اعرض عن سرد بقية موضوع المكاشفة هنا فلربما يكون الموضوع ثقيلا على بعض القراء.

معراج الروح  مع رحلات لتهذيب النفسWhere stories live. Discover now