حذار اذن ان يفارق ربك قلبك...تغدو كميت

45 2 0
                                    

كان الطريق من قم إلى مسجد جمكران يمر فيما مضى بمرقد علي بن جعفر عليه السلام، وكانت في طرف المدينة طاحونة حولها عدد من الشجر، وكان الجو هناك على جانب من اللطافة .

فهذا المكان ملتقى لعشاق الإمام بقية الله عليه السلام إذ يجتمع فيه صباح كل خميس عدد من أصدقاء  المرحوم الحاج ملا أقا جان ليذهبوا جميعا إلى مسجد جمكران .

في صباح أحد أيام الخميس كان اول من وصل إلى المكان المرحوم حجة الإسلام والمسلمين الميرزا تقي زركري وكان في حالة روحية عذبه إذ قال في نفسه:

إذا انتظرت حتى يصل اصدقائي فلربما لا استطيع ان احافظ على حاله التوجه الروحي هذه ولهذا سار بمفرده صوب مسجد جمكران ومن وفرة استئناسه الروحي انه لم يفطن إلى وجود عدد من طلبة العلوم الدينية الذين لقوه في الطريق وهم عائدون إلى قم من مسجد جمكران بعد الزيارة  .

اصدقاؤه الذين وصلوا إلى المكان قرب الطاحونة ظنوا أن الميرزا تقي لم يصل بعد ثم انهم سألوا اولئك الطلبه العائدين من مسجد جمكران، هل رأيتم الميرزا تقي ؟

قالوا نعم رأيناه برفقة سيد محترم باتجاه مسجد جمكران وكانا يتحدثان حديثاً حميماً بحيث انهما لم يشعرا بنا .

سار اصدقاؤه باتجاه مسجد جمكران ولما دخلوا المسجد وجدوه ممدداً على الارض قبالة الحرم غائباً عن الوعي سعوا لاعادته إلى وعيه، ثم سألوه لماذا وقعت في حالة إغماء؟

وما كان أمر السيد الذي رافقك ؟

قال حين وصلت إلى الطاحونة رأيتني في حالة روحيه طيبه فمضيت وحدي إلى مسجد جمكران لم يكن معي أحد ولكني كنت اكلم الإمام بقية الله ارواح العالمين لتراب مقدمه الفداء كنت اناجيه حتى وصلت قبالة المحراب وانا انشد هذه الاشعار واذرف الدمع إلى م ... اجالس يا ايها الاعظم
اولاء الذين يريدون لقيا الاله فلا يبلغون لقاك؟!

وما دمت أبصر وجهك  ... لا كافر انا لا مسلم
لقد اذهلتني طرة وجهك عن ذا وذاك!!

فيا هذه الطلعه الجنة احترقت بنار الصدود
ولست اريد بدونك حتى نعيم الخلود

هنا مطرب عن يميني وساق هنا عن شمالي

سكرت وصرت أميل لذات اليمين وذات الشمال
ويهمس في سره إن اردت لتنظر يومآ إلى العاشق الحائر

عليك ابتياع الدلال من النرجس الساحر
فيا للغزال الذي لم يقع لحظه في شباك لصائد!

واني على رغم علمي بفن التصيد ما فزت يوماً بصيده!

فليس بجور اذا انستني ولو لمحة من سنا مبصرك
فأني يحق لكفي اخذ ولو قبضة من غنى بيدرك

الا يا نسيما اتئ من ديار المحبين اقبل ومر بقربي
البصر سحائب دمعي وحرقة زفرات قلبي !

فأجاني صوت ارتفع من جهة المحراب.   ... فاعطاني ما اردت لم تعد لي طاقة وغبت عن الوعي

لا شك انه كان خلال الطريق في رفقة امام الزمان عليه السلام لو ان احداً سمع صوت الإمام عليه السلام فأنه يفقد الوعي فكيف تبقى له طاقة لرؤيته عليه السلام؟

ولهذا فأن الناس الذين لا يعرفون الإمام عليه السلام ربما يلاقونه في الطريق ولا يميزونه
ولكنه وحده رحمه الله قد استمتع بلذة مناجاة الحجة ابن الحسن عليهما السلام.

قلت لزوجته المحترمه، هل كنت موجوده لدى وفاة المرحوم الميرزا تقي؟

قالت نعم وكل ابنائه كانوا حاضرين ما عدا محمد باقر، لقد كان في حالة حسنه حين ناداني فجاة وقال تعالي ثم التفت إلي وقال باللسان التركي
_لقد حضروا لقد حضروا.

نظر إلى الباب اراد ان يقوم من مكانه سلم ومع اني لم ار شيئا فقد وضعت يدي على صدري وسلمت، ادركت انه في حالة الاحتضار فقلت له قل:

"لا إله إلا الله"

ولكنه تبسم وكانما كان يريد أن يقول لي اتعلمينني؟!

كل وجودي من راسي حتى قدمي يصيح لا إله إلا الله  وكل خلايا بدني تقول محمد رسول الله علي ولي الله.

ثم ناولني منديلاً معقوداً وقال:

لا تعطه لاحد.

وضعت زوجة المرحوم المنديل امامي فرأيت فيه مسبحه من نوع اليسر وكراساً واحداً.

فتحت الكراس فرأيت فيه كتابات من علوم (الرمل والجفر) وبضعة أبيات من الشعر اكتب هنا بعضا منها كتذكار لهذا المرحوم:

اذا فارق الفم مزماره...سيلقى ويغدو جنازة صوت

حذار اذن ان يفارق ربك قلبك...تغدو كميت
                     .....   ..........
اذا ما ذهبت ..... سكبت سحاب الدموع
تمهل قليلا  ....... إلى أن يكف المطر !

وكانت في الكراس ايضاً هذه المدونه
                         
✍🏻بسمه تعالى:

كان المرحوم الميرزا علي القاضي  تلميذ في عهد الشبيبه، فلاحظ الأستاذ يومآان تلميذه يزداد شحوبا ونحولا يوماً بعد يوم، سأله الأستاذ ماذا تفعل حتى صرت هكذا؟

أجاب كل ليلة اضافة الى أداء اعمالي المألوفه اختم القرآن مره واكاد لا انام.

قال له الميرزا علي القاضي منذ الليله تصور اني جالس امامك حينما تقرأ القرآن، بعدئذ جاء التلميذ وقال لم استطع ان أقرأ أكثر من جزء واحد من القرآن، بعد أيام قال له تخيل انك تتلو على مسامع امام الزمان عليه السلام  أو النبي أو علي عليهما السلام، فجاءه في الغد وقال كلما حاولت فأني لم استطع ان أقرأ أكثر من حزب واحد من القران .

بعد أيام قال له تخيل انك تتلو على الله يقال ان ذلك الشباب ابتدأ يقرأ من اول القران ولكنه لم يتجاوز في قراءته(اياك نعبد واياك نستعين )

وظل عندها وفي صباح اليوم التالي فارقت روحه الدنيا.

ربما كان هذا سر ما ورد في كتاب(فقه الرضا عليه السلام)

من قوله اذا فتحت الصلاة فاجعل واحدآ من الائمه نصب عينيك.

معراج الروح  مع رحلات لتهذيب النفسWhere stories live. Discover now