قصة رائعة حكاها والدي

52 4 2
                                    

في تلك السفرة ... دعا والدي ملأ أقا جان ليلة إلى منزلنا وجلسنا نتجاذب اطراف الحديث.

وخلال ذلك التفت ملأ أقا جان وقال :

طوبى لكم أيها السادات فانكم دائما في طليعة الثورات ولكن فضيلة السبق المادي والمعنوي على الدوام، وهذا من من بركات الوراثة ونوع الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت في قلوب الناس ولفروعها تأثير الجماهير.

قلت :ومن اين يعرف اني سيد ؟

قال :انت سيد وعندي دلائل ربما تتضح لك فيما بعد .

التفت ابي إلى الحاج ملأ أقا جان وقال لديه قضية افتسمح لي بذكرها لكي يعلن انه سيد ؟

قال : لا مانع.

قال ابي :كنت شابا في السادسة عشره من عمري حتى توفي والدي كانت اختي الكبيرة المتزوجة قد ذهبت إلى مصيف في اطراف مشهد يقال له(مايون الاعلى) .

الجو في مشهد كان حارا انذاك .ولهذا رغبنا نحن الذهاب الى(مايون الاعلى ) كذلك. واذ لم تكن في ذلك الزمان وسائل نقل حديثة توصلنا الى هناك فقد استاجرنا ثلاثة بغال ركبت امي أحدها والآخر لأختي التي تصغرني.

أما الثالث فكان لحمل وسائلها واحيانا كنت امتطيه حين أشعر بالتعب من السير .

صاحب هذه البغال الذي كان شابا ايضا كان يمشي برفقتنا على قدميه ولكنه لم يكن مؤدبآ  كان قد بقي ثلاث كيلومترات تقريبا للوصول إلى نهر مايون حين التقى في الطريق بشخص وانشغل معه بالحديث.

أما نحن فقد صعدنا نحو مايون الاعلى فصاح بنا من بعيد ان نهبط إلى مايون الاصغر ولكننا لم نكترث له وواصلنا المسير لأننا كنا قد اخبرناه سلفا ان مقصدنا هو مايون الاعلى في ذلك الوقت كان ما تزال ثلاثة كيلو مترات من اول مايون إلى مايون الاعلى الوصل نفسه قربنا بمشقة من خلال طريق لدى النهر كثيف الاشجار واعترض سبيل البغال وانزلنا ورغم أن الظلام كان ينتشر فأنه ربط البغال في جانب وقال لابد أن تدفعوا بقية الاجرة وتذهبوا مشيآ على الاقدام .

وكلما طلبت منه امي ان يوصلنا إلى مايون الاعلى لقاء ما يريد من اجر اضافي فأنه لم يقبل وإذ كانت معنا امرأة وفتاة فمن المحتمل انه كان يتربص حلول الظلام ليرتكب جناية وأدركت امي المعنى فاضطربت بشدة.

اظلم الجو حتى صار احدنا لا يرى الاخر فبلغ اضطراب امي إلى حد انها ضربتني واختي بشده وقالت الستما سادة؟ فلماذا لا تناديان جدكما ؟! بكينا وكنا نصيح يا جداه...! وعلى حين غرة رأينا.

سيداً مديد القامة قد أقبل من اسفل النهر بحيث اننا رغم الظلام قد ميزان ثيابه ولونها ولا ننسى انه  كان يعتمر عمامة خضراء ويرتدي جبة مخططه.

التفت السيد من دون أن يستفسر منا عما جرى إلى ذلك الشاب وقال له يا عديم الشرف تجعل ذرية النبي في وسط النهر حيارى مرتعدين ؟!

في ظاهر الامر ان هذا السيد لم يكن يعرفنا وما ثمة علامة تدل على اننا سادة.

ذلك الشاب غير المؤدب وقد عرفنا فيما بعد انه لا يعبأ بأحد في  مايون وكان يؤذي الجميع قام فورا وولى هاربا دون أن ينطق بكلمة عندئذ لحق به السيد وقبض عليه وقال له اذهب وأحضر البغال واركبهم واوصلهم إلى مقصدهم فاذعن له ولم يقل اي شي.

قالت امي أيها السيد حين تذهب يعود فيؤذينا
قال سأكون معكم حتى تصلوا.

بقي هذا السيد معنا في الطريق كله كنا آنئذٍ  في غفلة عن ظلمة الليل وكنا نبصر طريقنا وكأننا في النهار، كان منزل اختي في موضع منفرد خلل من الشجر والبناء وحين بلغنا باب المنزل قال لنا وصلتم؟

قلنا نعم وشكرا لك أيها السيد...قالت لي امي ادع السيد إلى المنزل ليستريح.

قلت السيد غير موجود والجو مظلم وكلما ناديت أيها السيد لم يجبني أحد بقينا نتساءل فينا بعد كيف استطعنا عند النهر ان نتبين خصوصيات هيئته من خلال الظلام؟

وكيف عرفنا سادة؟ وكيف عرف ما جرى لنا؟ ولماذا تركنا فجأه ولم يبق له من اثر؟

كان هدف ابي من نقل هذه الواقعة ان يثبت سيادتنا لان هذا السيد كان قد قال لذلك الشاب يا عديم الشرف تجعل ذرية النبي في وسط النهر حيارى مرتعدين؟

-والخلاصة فان الحاج ملأ أقا جان بقي في مشهد عدة ايام ثم رجع إلى زنجان في المدة التي كنت فيها بقم كان يرشدني بوساطة رسائله وفي هذه السنه أصر علي كثيرا الا اتصل بالذين يدعون العرفان والإرشاد وربما كان يعلم ماذا سيحدث لي .

معراج الروح  مع رحلات لتهذيب النفسWhere stories live. Discover now