في صيف السنة الأولى

73 6 2
                                    


في أولى سنوات تعرفي عليه كنا في ليلة صيف على سطح المنزل انا وحبيبي المرحوم الشهيد السيد هاشمي نجاد ووالدي.

كنا جالسين في محضر الحاج ملأ أقا جان، كان يحكي لنا عن المعاني المعنوية والترقيات الروحية ولكنه بغتة قطع كلامه ونظر إلى السيد هاشمي نجاد وقال:

الرواية الفلانية في الكتاب الفلاني (وهنا قرأ الرواية حفظآ على ظهر قلب وذكر اسم الكتاب)

أما أنا فما كان لي إطلاع على الموضوع وظننت ان بينهما كلامآ مسبقآ حول الرواية، ولكني رأيت السيد هاشمي نجاد قد تغيرت حالته وقال:

أيها الحاج المحترم كيف عرفت إني اريد ان اسالك عن هذا الحديث؟

عندئذ علِمنا أن المرحوم الحاج كان على علم بما خطر في قلب السيد هاشمي نجاد!

#وفي_تلك_السنة_ايضأ

خرجنا يومآ من منزل السيد النوري في مشهد، حيث كان الحاج ملأ أقا جان قد نزل ضيفآ، لاحظته انه قد انفرد بالسيد هاشمي نجاد خلال المسير.

اما انا وبعض الأصدقاء فقد كنا نمشي على مقربة منهما.

كان يقول أشياء للسيد هاشمي نجاد وكان يجيبه ان شاء الله تغيرت حالته.

ولما استفهمت بعدئذ من السيد هاشمي نجاد عما قال له حتى تغيرت حالته اجاب:

كنت قد طلبت من الإمام علي ابن موسى الرضا عليه السلام ثلاث حاجات لم أخبر بها احدآ ولكن الحاج ملأ أقا جان قال لي:

يقول لك الإمام علي ابن موسى الرضا عليه السلام لقد اعطيتك حاجاتك الثلاث

وأعجب من هذا اني انا نفسي رأيت بعد بضعة أشهر ان هذه الحاجات الثلاث التي ذكرها الحاج ملأ أقا جان قد تحققت بعد أن كانت في نظري وحتى في نظر السيد هاشمي نجاد مما يبعد مناله ...

كتبت يومآ رسالة من قم إلى الحاج ملأ أقا جان ابلغته فيها سلام شخصين كانا قد اوصياني بإبلاغ سلامهما

كتبت مثلا (الف)يبلغك السلام و(باء)يخصك بالسلام ايضآ ولم اذكر شيئآ عن اوضعاعهما الخاصة.

فكتب في جواب الرسالة :(الف) سيكون صديقآ دائما لك ولكن (باء) لا دوام لصداقته ولن يستمر معك في الرفقة.

كان ظاهر الأمر حينذاك على خلاف ما ذكر فقد كانت صداقة باء اقوى بكثير وكانت محبته لي أشد من محبة (الف) قلت في نفسي ربما يتوهم الرجال الصالحون في بعض الأحيان ولكن وقتا طويلا لم يمر على نسياني الموضوع حتى رأيت(باء)قد ارتبط بطائفة من الصوفية وانقاد إلى قطبهم فلم أستطع عندئذ ان استمر معه في الصداقة، واذا قطعت صلته بي، ولكن علاقتي ب (الف) قد توثقت لأمر غير عادي قد حدث واصبحت علاقة من الصميم .

عاودت في أحد الايام قراءة رسالة الحاج ملأ أقا جان التي كان كتبها قبل سنين فعجبت كثيرآ من قدرته على التنبؤ المذهل ومن صواب رأيه في هذين الرجلين.

كان الحاج ملأ اقا جان حين يرتقي المنبر لا يحب على الإطلاق ان يرى أحد يدخن(سيجارة)

وحدث يومآ ان عُقد مجلس كبير في منزل المرحوم اية الله العظمى الميلاني في مشهد وأُطلب من الحاج ملأ أقا جان ان يصعد المنبر فصعد المنبر استجابة لطلب اية الله الميلاني كان جميع العلماء الحاضرين مبهوتين من حديثه العلمي.

لكنه اذ كان مسترسلا في الحديث قطع كلامه فجأه ونظر إلى زاوية من المجلس حين كان أحد العلماء قاعدآ هناك ويدخن سيجارة نظر إليه الحاج ثم قال:

اذا قدر الانسان ان يتوجه بكل حواسه إلى المعاني الروحية فانه سوف يستفيد أكثر.

لقد كان يميز الروح في كلامه عند الجسد تمييزا واضحآ، فالروح هي الشخصية الواقعية للإنسان.

وما الجسد في تصوره الا وسيلة للركوب .

واذا حدث ان أكتفي في مجلس بالطعام المادي والغذاء الجسدي فأن المرحوم الحاج ملأ أقا جان كان يعترض ويقول:

مثل هذا الحال كمثل فارس اتى منزلك فقدمت التبن والشعير للفرس وتركت الفارس جائعا لم تعبأ به.

فما اسوء هذه اللعبة!وكذلك المجلس الذي يتزود المرء فيه بغير الطعام والشراب المادي ولم يجر فيه حديث العلم والمعرفة، انما هو مجلس طالح جدآ .

من أجل هذا فأن ذلك المرحوم نفسه حيثما كان في محضر عدة افراد كان يحول المجلس إلى مجلس خطابة ووعظ يبين فيه أكثر ما يبين فضائل اهل العصمة عليهم السلام ويقول في بيان فضائلهم عليهم السلام

نتزود بإلزاد الروحي ونعمل بتعليماتهم.

واذا كان قلب الإنسان واقعيآ فأنه تحقيقا للمتابعة والمشايعة ينبغي أن يؤدي تكاليفه باعتباره مسلمآ

معراج الروح  مع رحلات لتهذيب النفسWhere stories live. Discover now