الفصل السابع والخمسون:

Start from the beginning
                                    

.............

بعد مُضي ساعة..
كانت جويرية جالسة على الفراش في غرفتها تقرأ في إحدى الروايات حين دلف هو للداخل و في يده صينية الطعام.. وضعها على الفراش بعدها ونظر لها قائلاً بمرح:
-متتعوديش على كدة!
تركت الرواية من يدها، و نظرت للطعام باشتياقٍ و هي تردف:
-تصدق إني كنت جعانة و ناسية!
ثم راقبها هو و هي تمد يدها لتأكل، بعد أن تمتمت بشيءٍ ما مع نفسها، فسألها بروية:
-عاوزة أسألك سؤال؟
رفعت بصرها إليه و ابتسمت في ودٍ ثم أجابته بجدية:
-اتفضل.
صمت قليلاً قبل أن يردف بنبرة مستفهمة:
-أنا بلاحظ حاجات كتير بتعمليها و عاوز أسألك عليها.
-معاك.
-بتقولي إيه قبل ما بتعملي أي حاجة في سرك؟
-زي إبه؟
-الأكل.
-بقول الدعاء
-إيه هو؟
-اللهم بارك لنا فيما رزقتنا و قنا عذاب النار، بسم الله.
-و قبل ما بتنامي؟
-بسمكَ اللَّهم أموتُ وأحيَ.
-و بعد ما بتصحي؟
-الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا و إليه النشور.
-و قبل ما بتطلعي من البيت؟
-بسم الله، توكلت على الله، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
-قبل ما بتركبي العربية؟
-سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين و إنا إلى ربنا لمنقلبون.
-أما بتطلعي من الحمام.
-لما بدخل بقول، اللهم إني أعوذ بك من الخبث و الخبائث
لما بخرج بقول، غفرانك.. غفرانك.. غفرانك.
-بعد ما بتخلصي صلاة؟
-آية الكرسي.. "اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ"
أستغفر الله العظيم.. أستغفر الله العظيم.. أستغفر الله العظيم.
صمت فلم تختفِ ابتسامتها و هي تضيف:
-كتبتهملك في ورقة على فكرة، بس كنت مستنياك تسأل.
ضيق عيناه و سألها بحيرة:
-و مين عرفك إني كنت هسأل؟
-بحس بكدة كل مرة إنك هتسأل بس بتسكت.
-إنتي ما بتفوتيش حاجة؟
-دة على أساس إنت اللي بتفوت!
نظر لها مطولاً، لها، لعينيها، بل لأعماق أعماق عينيها، فبادلته النظرات.. لا تختلسها بل تنظر له بجرأة و كأنها تخبره في كل نظرة أنه و عيناه لها دونًا عن غيرها..
أرأيت نظرة أمٍ لطفلها يوم يولد! أرأيت نظرة أنثى الغزال حين يقترب أسد من صغيرها!.. و حتى إن رأيت فنظراتها تفوقها امتلاكًا، و عطفًا يختلف كل الإختلاف عن نظرات العامة من البشر..
-ماذا أفعل لو أن تفاصيلكِ تهمني! ماذا لو كانت إيماءات، و ابتساماتك، و ضحكاتك، و استفزازك، و حتى برود أعصابك يروقني؟ ماذا لو أنكِ احتللتِ أفكاري، و عقلي، و قلبي!
أما يحق لي الإكتراث بأقل تفاصيلك دقة بعدها؟
ابتسمت، و أجابته ببساطة:
-ماذا لو أنكَ جننت!
ضيق عينيه قليلاً و هو يقترب منها، ثم أردف بخفوت:
-و من أخبركِ أنني عاقل! ثم من أخبركِ أنكِ و العقل تتفقان؟
رفعت حاجباها باستنكار، و هي تسأله بجدية:
-أتظن ذلك حقًا!
-مممم تتمنين الوقوع من الطائرة في منتصف الجو! مممم تحتفظين بالأسلحة التي هي من المفترض كانت أداةً تستعمل ضدكِ في يومٍ من الأيام! تعشقين المغامرة برغم هدوء عيناكِ و سكون نبراتكِ! بلى أنتِ مجنونة بلا شك!
-و ماذا عنك؟
-صدقيني، أضاهيكِ جنونًا.
-هل أخبرتك يومًا أنني أعشق لغتني الأصل؟
سألته بهدوءٍ فأجابها بسكون:
-أعلم.
-كيف؟
-ليس من الطبيعي إرسال رسالة باللغة العربية إلا لهاوي اللغة!
-ممممم هذا لا ينفي أنك منهم؟
-و هذا لا ينفي أنكِ الوحيدة التي تعلمين هذا.
-أنا أعلم عنك الكثير، أعلم عنك أكثر من شخصٍ قد فنى عمره بجانبك.
-و هذا لا ينفي أن معرفتي بكِ مطابقة.
-و هذا لا ينفي أنني جائعة!
ضحك، فابتسمت، ليبدأ كلاهما في تناول الطعام بعدها....!!!

.....................................!!!!!

عصفورة تحدت صقر.......للكاتبه فاطمه رزقWhere stories live. Discover now